حكاية ناي ♔
12-03-2024, 06:20 PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا كَمَا أَمَرَ، وَنَشْكُرُهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى سَائِرِ النِّعَمِ، وَنَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْبَشَرِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللَّهِ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، فَهِيَ وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؛ ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النِّسَاءِ: 131]. عِبَادَ اللَّهِ: الصَّلَاةَ -كَمَا تَعْلَمُونَ- عِمَادُ الدِّينِ، وَرُكْنُ الْإِسْلَامِ الْقَوِيمُ، مَنْ حَفِظَهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ أَضَاعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ، وَحَدِيثُنَا لَيْسَ لِبَيَانِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهَا، وَلَا لِعُقُوبَةِ تَارِكِهَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَخْفَى عَلَى شَرِيفِ عِلْمِكُمْ، وَلَكِنَّ خُطْبَةَ الْيَوْمِ رِسَالَةٌ أَبْعَثُهَا مِنْ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ لِأُولَئِكَ الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ وَلَكِنْ صَلَاةً بِلَا خُشُوعٍ وَلَا سَكِينَةٍ، وَلَا خُضُوعٍ وَلَا طُمَأْنِينَةٍ، فَلَا يَتَأَدَّبُونَ بِآدَابِهَا، وَلَا يَلْتَزِمُونَ بِأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا.
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: الْخُشُوعُ أَمْرُهُ عَظِيمٌ، وَمَنْزِلَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَالِيَةٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخُشُوعُ، حَتَّى لَا تَرَى فِيهَا خَاشِعًا» صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَقَالَ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه:"أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ، وَرُبَّ مُصَلٍّ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَيُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَلَا تَرَى فِيهِمْ خَاشِعًا". وَالْمَقْصُودُ بِالْخُشُوعِ: هُوَ لِينُ الْقَلْبِ وَخُضُوعُهُ، وَرِقَّتُهُ وَسُكُونُهُ، وَحُضُورُهُ وَقْتَ تَلَبُّسِهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَإِذَا خَشَعَ الْقَلْبُ خَشَعَ السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ.
عِبَادَ اللَّهِ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ عَلَامَةٌ لِخُشُوعِ الْقَلْبِ، وَهُوَ يَتَفَاوَتُ فِي الْقُلُوبِ بِحَسْبِ تَعْظِيمِهَا لِعَلَّامِ الْغُيُوبِ، وَالصَّلَاةُ الَّتِي لَا خُشُوعَ وَلَا حُضُورَ لِلْقَلْبِ فِيهَا، لَيْسَ لِصَاحِبِهَا مِنْ ثَوَابِهَا شَيْءٌ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْهَا، وَتَأَمَّلُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدْسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلَاتِكَ إِلَّا مَا عَقِلْتَ مِنْهَا"، وَسُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَسْوَأِ النَّاسِ سَرِقَةً فَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: «لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا»، أَوْ قَالَ: «لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
كَمْ مِنْ مُصَلٍّ مَا لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ
سِوَى رُؤْيَةِ الْمِحْرَابِ وَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ
يُرَى شَخْصُهُ فَوْقَ الْحَصِيرَةِ قَائِمًا
وَهِمَّتُهُ فِي السُّوقِ فِي الْأَخْذِ وَالدَّفْعِ
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: اهْتَمُّوا بِصَلَاتِكُمْ، وَأَتِمُّوا رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا، وَحَافِظُوا عَلَى أَذْكَارِهَا، وَاحْرِصُوا عَلَى الْخُشُوعِ فِيهَا، فَبِهِ تُغْفَرُ الذُّنُوبُ، وَتُكَفَّرُ السَّيِّئَاتُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرَةٌ، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ:
أَوَّلًا: الِاسْتِعْدَادُ لِلصَّلَاةِ وَالتَّهَيُّؤُ لَهَا قَبْلَ الْأَذَانِ بِوَقْتٍ كَافٍ، وَالتَّبْكِيرُ فِي الْمَجِيءِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ عَوْنٌ لِلْعَبْدِ عَلَى حُضُورِ الْقَلْبِ، بِخِلَافِ مَنْ يَأْتِي وَقَدْ فَاتَهُ بَعْضُ الرَّكَعَاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ثَانِيًا: مِنَ الْأَسْبَابِ لِلْخُشُوعِ أَنْ يَسْتَشْعِرَ الْمُصَلِّي عَظَمَةَ وَهَيْبَةَ الْوُقُوفِ أَمَامَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَأَنْ يَتَلَذَّذَ بِمُنَاجَاتِهِ، وَأَنْ يَتَدَبَّرَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ، وَأَنْ يُنَوِّعَ بَيْنَ الْآيَاتِ الَّتِي يَقْرَؤُهَا، وَالْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَلَا يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَرْفَعْ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. ثَالِثًا: مِنْ أَسْبَابِ الْخُشُوعِ: أَنْ يُصَلِّيَ الْعَبْدُ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ بِقَلْبٍ خَاشِعٍ، وَأَنْ يَسْتَشْعِرَ بِأَنَّ صَلَاتَهُ هَذِهِ لَرُبَّمَا هِيَ آخِرُ صَلَاةٍ لَهُ، وَأَنَّهُ قَدْ يُفَارِقُ الدُّنْيَا بَعْدَهَا، فَاجْتَهِدُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- فِي صَلَاتِكُمْ وَأَدُّوهَا بِخُشُوعٍ وَسَكِينَةٍ، وَأَحْسِنُوا وُقُوفَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ، وَتَأَمَّلُوا فِيمَا تَقْرَؤُونَ فِيهَا مِنْ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ فِي سُجُودِكُمْ، فَهُوَ مَظِنَّةٌ لِإِجَابَةِ دُعَائِكُمْ. اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَلَاتَنَا، وَارْزُقْنَا فِيهَا الْخُشُوعَ وَالطُّمَأْنِينَةَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّهَا فِي قُلُوبِنَا، وَيَسِّرْ بِهَا أُمُورَنَا، وَاجْعَلْنَا مِنَ الطَّائِعِينَ الْخَاشِعِينَ. قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْفَضْلِ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، وَخَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ، عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي حَالِ الْمُصَلِّينَ الْيَوْمَ يَرَى الْعَجَبَ مِنْ قِلَّةِ الْخُشُوعِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ تَكْثُرُ حَرَكَاتُهُ وَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَصْبَحَتِ الصَّلَاةُ لَدَيْهِ مُجَرَّدَ عَادَةٍ، وَلَيْسَتْ عِبَادَةً، وَلِهَذَا فَلَا غَرَابَةَ -وَالْحَالُ مَا سَمِعْتُمْ- أَنْ نَجِدَ مِنَ الْمُصَلِّينَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْ يَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَمَنْ يَسْعَى بِالْإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَكْذِبُ وَيَلْعَنُ وَيَغُشُّ، وَلَوْ خَشَعَ هَذَا فِي صَلَاتِهِ لَكَانَتْ نَاهِيَةً لَهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ...هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَأَزْكَى الْبَشَرِيَّةِ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ:56] وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا». اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ؛ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ الْآلِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ احْصِهِمْ عَدَدًا وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَرِنَا فِيهِمْ قُوَّتَكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ انْصُرْ مَنْ نَصَرَ دِينَكَ، وَاحْفَظْ كُلَّ مَنْ دَعَا إِلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ، وَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْهُمَا عِزًّا لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ؛ ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 45].
أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللَّهِ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، فَهِيَ وَصِيَّتُهُ لِعِبَادِهِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؛ ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النِّسَاءِ: 131]. عِبَادَ اللَّهِ: الصَّلَاةَ -كَمَا تَعْلَمُونَ- عِمَادُ الدِّينِ، وَرُكْنُ الْإِسْلَامِ الْقَوِيمُ، مَنْ حَفِظَهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ أَضَاعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ، وَحَدِيثُنَا لَيْسَ لِبَيَانِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهَا، وَلَا لِعُقُوبَةِ تَارِكِهَا؛ فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَخْفَى عَلَى شَرِيفِ عِلْمِكُمْ، وَلَكِنَّ خُطْبَةَ الْيَوْمِ رِسَالَةٌ أَبْعَثُهَا مِنْ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ لِأُولَئِكَ الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ وَلَكِنْ صَلَاةً بِلَا خُشُوعٍ وَلَا سَكِينَةٍ، وَلَا خُضُوعٍ وَلَا طُمَأْنِينَةٍ، فَلَا يَتَأَدَّبُونَ بِآدَابِهَا، وَلَا يَلْتَزِمُونَ بِأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا.
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: الْخُشُوعُ أَمْرُهُ عَظِيمٌ، وَمَنْزِلَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَالِيَةٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخُشُوعُ، حَتَّى لَا تَرَى فِيهَا خَاشِعًا» صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَقَالَ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ رضي الله عنه:"أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ، وَرُبَّ مُصَلٍّ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَيُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَلَا تَرَى فِيهِمْ خَاشِعًا". وَالْمَقْصُودُ بِالْخُشُوعِ: هُوَ لِينُ الْقَلْبِ وَخُضُوعُهُ، وَرِقَّتُهُ وَسُكُونُهُ، وَحُضُورُهُ وَقْتَ تَلَبُّسِهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَإِذَا خَشَعَ الْقَلْبُ خَشَعَ السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ.
عِبَادَ اللَّهِ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ عَلَامَةٌ لِخُشُوعِ الْقَلْبِ، وَهُوَ يَتَفَاوَتُ فِي الْقُلُوبِ بِحَسْبِ تَعْظِيمِهَا لِعَلَّامِ الْغُيُوبِ، وَالصَّلَاةُ الَّتِي لَا خُشُوعَ وَلَا حُضُورَ لِلْقَلْبِ فِيهَا، لَيْسَ لِصَاحِبِهَا مِنْ ثَوَابِهَا شَيْءٌ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْهَا، وَتَأَمَّلُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلَّا عُشْرُهَا، تُسْعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدْسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلَاتِكَ إِلَّا مَا عَقِلْتَ مِنْهَا"، وَسُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَسْوَأِ النَّاسِ سَرِقَةً فَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: «لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا»، أَوْ قَالَ: «لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
كَمْ مِنْ مُصَلٍّ مَا لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ
سِوَى رُؤْيَةِ الْمِحْرَابِ وَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ
يُرَى شَخْصُهُ فَوْقَ الْحَصِيرَةِ قَائِمًا
وَهِمَّتُهُ فِي السُّوقِ فِي الْأَخْذِ وَالدَّفْعِ
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: اهْتَمُّوا بِصَلَاتِكُمْ، وَأَتِمُّوا رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا، وَحَافِظُوا عَلَى أَذْكَارِهَا، وَاحْرِصُوا عَلَى الْخُشُوعِ فِيهَا، فَبِهِ تُغْفَرُ الذُّنُوبُ، وَتُكَفَّرُ السَّيِّئَاتُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرَةٌ، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ:
أَوَّلًا: الِاسْتِعْدَادُ لِلصَّلَاةِ وَالتَّهَيُّؤُ لَهَا قَبْلَ الْأَذَانِ بِوَقْتٍ كَافٍ، وَالتَّبْكِيرُ فِي الْمَجِيءِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ عَوْنٌ لِلْعَبْدِ عَلَى حُضُورِ الْقَلْبِ، بِخِلَافِ مَنْ يَأْتِي وَقَدْ فَاتَهُ بَعْضُ الرَّكَعَاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ثَانِيًا: مِنَ الْأَسْبَابِ لِلْخُشُوعِ أَنْ يَسْتَشْعِرَ الْمُصَلِّي عَظَمَةَ وَهَيْبَةَ الْوُقُوفِ أَمَامَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَأَنْ يَتَلَذَّذَ بِمُنَاجَاتِهِ، وَأَنْ يَتَدَبَّرَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ، وَأَنْ يُنَوِّعَ بَيْنَ الْآيَاتِ الَّتِي يَقْرَؤُهَا، وَالْأَذْكَارِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَلَا يَلْتَفِتْ فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَرْفَعْ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. ثَالِثًا: مِنْ أَسْبَابِ الْخُشُوعِ: أَنْ يُصَلِّيَ الْعَبْدُ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ بِقَلْبٍ خَاشِعٍ، وَأَنْ يَسْتَشْعِرَ بِأَنَّ صَلَاتَهُ هَذِهِ لَرُبَّمَا هِيَ آخِرُ صَلَاةٍ لَهُ، وَأَنَّهُ قَدْ يُفَارِقُ الدُّنْيَا بَعْدَهَا، فَاجْتَهِدُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- فِي صَلَاتِكُمْ وَأَدُّوهَا بِخُشُوعٍ وَسَكِينَةٍ، وَأَحْسِنُوا وُقُوفَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ، وَتَأَمَّلُوا فِيمَا تَقْرَؤُونَ فِيهَا مِنْ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ فِي سُجُودِكُمْ، فَهُوَ مَظِنَّةٌ لِإِجَابَةِ دُعَائِكُمْ. اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَلَاتَنَا، وَارْزُقْنَا فِيهَا الْخُشُوعَ وَالطُّمَأْنِينَةَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّهَا فِي قُلُوبِنَا، وَيَسِّرْ بِهَا أُمُورَنَا، وَاجْعَلْنَا مِنَ الطَّائِعِينَ الْخَاشِعِينَ. قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْفَضْلِ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، وَخَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ، عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي حَالِ الْمُصَلِّينَ الْيَوْمَ يَرَى الْعَجَبَ مِنْ قِلَّةِ الْخُشُوعِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ تَكْثُرُ حَرَكَاتُهُ وَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُحْسِنُ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَصْبَحَتِ الصَّلَاةُ لَدَيْهِ مُجَرَّدَ عَادَةٍ، وَلَيْسَتْ عِبَادَةً، وَلِهَذَا فَلَا غَرَابَةَ -وَالْحَالُ مَا سَمِعْتُمْ- أَنْ نَجِدَ مِنَ الْمُصَلِّينَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْ يَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَمَنْ يَسْعَى بِالْإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَكْذِبُ وَيَلْعَنُ وَيَغُشُّ، وَلَوْ خَشَعَ هَذَا فِي صَلَاتِهِ لَكَانَتْ نَاهِيَةً لَهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ...هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَأَزْكَى الْبَشَرِيَّةِ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ:56] وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا». اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ؛ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ الْآلِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ احْصِهِمْ عَدَدًا وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَرِنَا فِيهِمْ قُوَّتَكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ انْصُرْ مَنْ نَصَرَ دِينَكَ، وَاحْفَظْ كُلَّ مَنْ دَعَا إِلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ، وَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْهُمَا عِزًّا لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ؛ ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 45].