مشاهدة النسخة كاملة : من تواضع لله رفعه


حكاية ناي ♔
12-03-2024, 06:23 PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ..وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْبَشِيرُ النَّذِيرُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ:

مَنِ ابْتَغَى غِنًى مِنْ غَيْرِ مَالٍ، وَعِزًّا بِغَيْرِ جَاهٍ، فَلْيَتَّقِ اللهَ جَلَّ فِي عُلَاهُ، فاتَّقُوا رَبَّكُمْ جَلَّ وَعَلَا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]


عِبَادَ اللَّهِ:

خُطْبَةُ الْيَوْمِ عَنْ خُلُقٍ كريم، مَنْ تَعَامَلَ بِهِ مَعَ النَّاسِ عَاشَ عِيشَةً طَيِّبَةً، وَأَحَبَّهُ الْخَالِقُ وَالْخَلْقُ، وَكَانَ سَبَبًا فِي رِفْعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. حَدِيثُنَا عَنْ خُلُقٍ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ شِيَمِ الصَّالِحِينَ الْمُخْبِتِينَ حَدِيثِي لَكُمْ -أَيُّهَا الْفُضَلَاءُ- عَنِ التَّوَاضُعِ الَّذِي فِيهِ رِفْعَةٌ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ففِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ حَبِيبِكُمْ صلى الله عليه وسلم أنه قال:« مَا نَقُصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ ».



عِبَادَ اللَّهِ:

التَّوَاضُعُ خُلُقٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ وَشِيَمِ النُّبَلَاءِ .هذا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ذُو النَّسَبِ الرَّفِيعِ صلى الله عليه وسلم . كَانَ مِنْ تَوَاضُعِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ يَجْلِسُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَيَأْتِي الْغَرِيبُ فَلَا يَعْرِفُهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَمُرُّ عَلَى الصِّبْيَانِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ،


وَكَانَ مِنْ تَوَاضُعِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَامَ عَلَى الْحَصِيرِ حَتَّى أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، وَابْتَسَمَ فِي وَجْهِ مَنْ أَوْجَعَهُ، وَشَرِبَ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بَلْ كَانَ آخِرَهُمْ شُرْبًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَكَلَ مَعَ الْفُقَرَاءِ مَنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ. وَكَانَ يَمْشِى فِي الْأَسْوَاقِ وَالنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ يَأْكُلُ مِمَّا يَأْكُلُونَ، وَيَشْرَبُ مِمَّا يَشْرَبُونَ بِأَبِي هُوَ وَأُمُّي صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.


وَتَحَلَّى بِالتَّوَاضُعِ الصَّحَابَةُ مِنْ بَعْدِهِ؛ فَهَذَا الصِّدِّيقُ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ: كَانَ يَحْلُبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ، فَلَمَّا بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الْآنَ لَا تُحْلَبُ لَنَا مَنَائِحُ دَارِنَا، فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: (( بَلَى وَاللهِ، لَأَحْلبَنَّ لَكُمْ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ )) فَكَانَ رضي الله عنه يَحْلُبُ لَهُمْ وَهُوَ خَلِيفَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ: خَرَجَ يَوْمًا إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَتَوْا عَلَى مُسْتَنْقَعٍ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ وَطِينٌ- فَخَلَعَ خُفَّيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ وَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فَخَاضَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ رَأَوْكَ على هذا . فَقَالَ: عمر إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَهْمَا نَطْلُبُ الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللهُ. وَمِنْ تَوَاضُعِ عُثْمَانَ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يَلِيَ وَضُوءَ اللَّيْلِ بِنَفْسِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمَرْتَ بَعْضَ الْخَدَمِ.. فَقَالَ: لَا، إِنَّ اللَّيْلَ لَهُمْ لِيَسْتَرِيحُونَ فِيهِ )، يا ترى .. أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ فِي زَمَانِنَا مِنْ هَذَا الْخُلُقِ الرَّفِيعِ وَالتَّوَاضُعِ الْعَجِيبِ. أَيْنَ مَنْ يُتْعِبُونَ خَدَمَهُمْ وَعُمَّالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؟! وَعِلَاوَةٌ عَلَى ذَلِكَ يَتَكَبَّرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيُؤَخِّرُونَ رَوَاتِبَهُمْ وَحُقُوقَهُمْ.


أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: أحذروا من الْكِبْر فهو ذَنْبٌ عَظِيمٌ، وَعَاقِبَتُهُ وَخِيمَةٌ. وَقَدْ تُعَجَّلُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ فِي الدُّنْيَا فَقَدْ شُلَّتْ يَدُ رَجُلٍ بِسَبَبِ الْكِبْرِ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، يَقُولُ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: أَكَلَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ, فَقَالَ لَهُ:« كُلْ بِيَمِينِكَ». قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: « لَا اسْتَطَعْتَ ».مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.


وَمِنْ خُطُورَةِ الْكِبْرِ: أَنَّ الْمُتَكَبِّرَ فِي الدنيا يعاقبه الله في الْآخِرَةِ، بأن يَطَأُهُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ، يَقُولُ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم « يُحْشَرُ الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّروُنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُوَرِ الذَّرِّ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَرْجُلِهِمْ » وَمَنْ حَمَلَ فِي قَلْبِهِ وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنَ الْكِبْرِ والتعالى على الخلق فهو على خطر عظيم يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ » وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: « قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْعِزُّ إِزَارِي وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازِعُنِي فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ ».


بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَجَعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ..

♦♦♦♦♦♦♦♦♦


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا الْهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَمَنْ وَالَاهُ.


أَمَّا بَعْدُ:

فاعْلَمُوا -أَيُّهَا النَّاسُ-: أَنَّ الزَّمَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَى حَالٍ كَمَا قَالَ اللهُ: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 140] والسَّعِيدُ مَنْ حَرِصَ بَعْدَ التَّقْوَى عَلَى التَّوَاضُعِ مَعَ النَّاسِ فَهَذَا الَّذِي يُزَيُّنُهُ وَيَبْقَى مَعَهُ . فَرَبُّوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى التَّوَاضُعِ مع الناس مَهْمَا بَلَغَ الْمَنْصِبُ، أَوْ كَثُرَ الْمَالُ، أَوْ عَلَا الْجَاهُ،
تَوَاضَعْ تَكُنْ كَالنَّجْمِ لَاحَ لِنَاظِرٍ
عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهُوَ رَفِيعُ
وَلَا تَكُ كَالدُّخَانِ يَعْلُو بَنَفْسِهِ
عَلَى طَبَقَاتِ الْجَوِّ وَهُوَ وَضِيعُ



عباد الله:

صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ الْمُتَوَاضِعِينَ وَقُدْوَةِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، فقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا »

همسات الحب
12-03-2024, 06:25 PM
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك

رحيق الورد
12-03-2024, 06:25 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

ساكن الروح
12-03-2024, 06:25 PM
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك

اعشق ملامحك
12-03-2024, 06:25 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

سيف
12-03-2024, 06:25 PM
جزاك الله خير الجزاء
دمت برضى الله وحفظه ورعايته

صمتي شموخي
12-03-2024, 06:25 PM
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك

نجمة السماء
12-03-2024, 06:25 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

الوافي
12-09-2024, 06:14 AM
بارك الله فيك وجزاك الله خير
واثابك ونفع بك

عاشق الليل
12-28-2024, 05:59 PM
http://sl.glitter-graphics.net/pub/1065/1065810a8qyq0xxmk.gif



..




جزَآك آللَه خَيِرا
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله


http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14025248457.gif















http://forum.mn66.com/imgcache2/597844.gifhttp://forum.mn66.com/imgcache2/597844.gifhttp://forum.mn66.com/imgcache2/597844.gifhttp://forum.mn66.com/imgcache2/597844.gif

مہلہك الہعہيہونے
01-28-2025, 09:52 PM
جزاك الله خير..