شرح حديث: ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: "لاَ يَنْفَعُهُ. إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْماً: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ".
ترجمة راوي الحديث:
عائشة رضي الله عنها، تقدمت ترجمتها في الحديث مائة وعشرين من كتاب الإيمان.
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث "214"، وانفرد به عن البخاري.
شرح ألفاظ الحديث:
• " ابْنُ جُدْعَانَ ": بضم الجيم وإسكان الدال، واسمه عبدالله، قال النووي رحمه الله:" قال العلماء: وكان ابن جدعان كثير الإطعام، وكان اتخذ للضيفان جفنة يرقى إليها بسلم، وكان من بني تيم بن مرة أقرباء عائشة رضي الله عنها، وكان من رؤساء قريش واسمه عبد الله" [شرح مسلم (3 / 82)].
• " فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟: أي هل ذلك مخلصه من عذاب الله المستحق بالكفر؟
• " يَوْمَ الدِّينِ": أي يوم الجزاء والحساب، لأن الدين يطلق على أمرين: أولاً: يوم الجزاء كقوله تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة:4] ويطلق على العمل كقوله: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [سورة الكافرون: 6].
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم "إنه لم يقل يوماً رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" أي أنه لم يصدق بالبعث.
من فوائد الحديث:
• الفائدة الأولى: الحديث دليل على أن الكافر لا تنفعه أعماله الصالحة ولو كثرت، لأن الكفر مانع من قبول العمل، قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّـهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾[سورة التوبة: 54]، وقال تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ﴾ [سورة الفرقان: 23].
قال النووي رحمه الله:" معنى هذا الحديث: أن ما كان يفعله من الصلة والإطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة لكونه كافراً، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم " لَمْ يَقُلْ يَوْماً: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ". أي لم يكن مصدقاً بالبعث، ومن لم يصدق به كافراً ولا ينفعه عمل" [شرح مسلم (3 / 82)].
أما إن أسلم الكافر، فإن ما فعله من الأعمال الصالحة قبل إسلامه يكتب له أجره على الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم" لحكيم بن حزام – وتقدمت مباحث الحديث –"أسلمت على ما سلف من خير"
• الفائدة الثانية: في الحديث دليل على مشروعية طلب المغفرة، وأفضلية هذا الدعاء " رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ".
• الفائدة الثالثة: الحديث دليل على عظم منزلة التوحيد فهو شرط في قبول العمل، وفي الحديث دلالة على فضل صلة الأرحام، وإطعام المساكين.
• الفائدة الرابعة: الحديث دليل على إثبات يوم القيامة والحساب والجزاء.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|