الخليل عليه السلام (3) ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ ﴾ - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 342
عدد  مرات الظهور : 8,624,960
عدد مرات النقر : 322
عدد  مرات الظهور : 8,624,957
عدد مرات النقر : 215
عدد  مرات الظهور : 8,624,996
عدد مرات النقر : 172
عدد  مرات الظهور : 8,624,996
عدد مرات النقر : 303
عدد  مرات الظهور : 8,624,996

عدد مرات النقر : 17
عدد  مرات الظهور : 2,143,115

عدد مرات النقر : 40
عدد  مرات الظهور : 2,137,704

عدد مرات النقر : 15
عدد  مرات الظهور : 2,138,228

العودة   منتديات احساس ناي > ๑۩۞۩๑{ القسم الاسلامي }๑۩۞۩๑ > › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-19-2024, 11:13 AM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » اليوم (06:16 PM)
آبدآعاتي » 3,699,300
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2249
الاعجابات المُرسلة » 787
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
 آوسِمتي »
 
افتراضي الخليل عليه السلام (3) ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ ﴾

Facebook Twitter


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: الِاخْتِيَارُ وَالِاصْطِفَاءُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيَصْطَفِي مِنْ خَلْقِهِ مَنْ يَحْمِلُونَ رِسَالَاتِهِ إِلَى الْبَشَرِ ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الْحَجِّ: 75]. وَلَمَّا اعْتَرَضَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الِاصْطِفَاءِ وَقَالُوا: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ﴾ كَانَ الْجَوَابُ عَلَيْهِمْ: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 124].

وَاصْطَفَى اللَّهُ تَعَالَى خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ إِلَّا نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكْثَرَ ذِكْرَهُ فِي الْقُرْآنِ، مُبَيِّنًا مَوَاقِفَهُ مَعَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالضَّلَالِ، وَأَوْصَافَهُ الَّتِي اسْتَحَقَّ بِهَا أَنْ يَكُونَ أُمَّةً كَامِلَةً وَهُوَ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ مَا اجْتَمَعَ فِي أُمَّةٍ مُؤْمِنَةٍ مِنَ الْكَمَالِ الْبَشَرِيِّ اجْتَمَعَ فِي الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَوُصِفَ بِأَنَّهُ وَحْدَهُ أُمَّةٌ ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 120]. وَالْأُمَّةُ هُوَ الْقُدْوَةُ الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ، «قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «الْأُمَّةُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْخَيْرَ». وَهُوَ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ، وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ صِفَاتٍ مِنَ الْخَيْرِ تَفَرَّقَتْ فِي غَيْرِهِ.

وَمَنْ قَرَأَ سِيرَةَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْقُرْآنِ وَجَدَ أَنَّ أَعْمَالَهُ الَّتِي قَامَ بِهَا أَعْمَالُ أُمَّةٍ كَامِلَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَهُوَ كَانَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَالنَّاسُ كَانُوا عَلَى الْكُفْرِ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ فِي وَقْتِهِ سِوَاهُ وَزَوْجُهُ، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَّةُ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي، فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِي وَغَيْرَكِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَزَوْجَهُ مِنَ الْجَبَّارِ الظَّالِمِ.

فَحَمَلَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِيمَانَ وَحْدَهُ، وَدَعَا إِلَيْهِ وَحْدَهُ، وَهَاجَرَ فِي سَبِيلِهِ، وَجَادَلَ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ، وَأُوذِيَ بِتَمَسُّكِهِ بِهِ؛ فَنَاظَرَ عُبَّادَ الْكَوَاكِبِ، وَنَاظَرَ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ، وَنَاظَرَ الْمَلِكَ الَّذِي ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، وَحَاوَرَ أَبَاهُ وَنَصَحَهُ، وَهُوَ فِي كُلِّ مُنَاظَرَاتِهِ رَابِطَ الْجَأْشِ، مَاضِيَ الْعَزِيمَةِ، ثَابِتًا عَلَى الْحَقِّ، لَمْ يَغْتَرَّ بِزُخْرُفِ قَوْلِهِمْ، وَلَمْ يَطْمَعْ فِي تَرْغِيبِهِمْ، وَلَمْ يَرْهَبْ مِنْ وَعِيدِهِمْ، فَدَحَضَ حُجَجَهُمْ، وَبَيَّنَ لَهُمْ شِرْكَهُمْ، وَأَعْلَنَ تَوْحِيدَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ: ﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 78-79]. وَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى إِحْرَاقِهِ لَمْ يَضْعُفْ وَلَمْ يَهِنْ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ، وَتَسْفِيهِ أَحْلَامِهِمْ ﴿ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 95 - 98].

وَلَمَّا اسْتَبَانَ لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُفْرُ قَوْمِهِ وَصُدُودُهُمْ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ بَيَانِهِ لَهُمْ؛ فَارَقَهُمْ وَاعْتَزَلَهُمْ وَهَاجَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلَاءً لَهُ سُبْحَانَهُ، وَبَرَاءَةً مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ، وَقَالَ لَهُمْ: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 48]، ﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 26]، ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 99].

وَابْتُلِيَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي نَفْسِهِ وَأُسْرَتِهِ، فَتَأَخَّرَ إِنْجَابُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ، حَتَّى رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْوَلَدَ مِنْ هَاجَرَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَمَا كَادَ يَفْرَحُ بِالْوَلَدِ حَتَّى تَرَكَهُ وَأُمَّهُ فِي مَكَّةَ وَكَانَتْ وَادِيًا غَيْرَ ذِي زَرْعٍ، وَلَا مَاءَ فِيهَا، «ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ». ابْتِلَاءٌ عَظِيمٌ ثَبَتَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ، وَامْتَلَأَ قَلْبُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَتَرَدَّدْ أَوْ يَتَوَانَ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَمْرِ الرَّبَّانِيِّ. ثُمَّ لَمَّا شَبَّ الْغُلَامُ أُمِرَ بِذَبْحِهِ وَكَانَ ابْتِلَاءً أَعْظَمَ مِنَ ابْتِلَاءِ تَرْكِهِ فِي وَادٍ مَهْجُورٍ، فَامْتَثَلَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفَدَاهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَسَمَّى مَا مَرَّ بِالْخَلِيلِ ابْتِلَاءً مُبِينًا ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 103 - 107]، وَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُمَّةً كَامِلَةً وَهُوَ وَاحِدٌ إِلَّا لِأَنَّ ثَبَاتَهُ هَذَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ مِنَ النَّاسِ، حِينَ تَرَكَ وَلَدَهُ فِي وَادٍ مَهْجُورٍ، ثُمَّ بَاشَرَ ذَبْحَهُ بِيَدِهِ لَوْلَا الْفِدَاءُ.

وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ الَّذِي ابْتَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامَ، وَحَجَّ هُوَ وَإِسْمَاعِيلُ إِلَيْهِ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ؛ فَتَبِعَهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَكَانَ أُمَّةً فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَكَانَ أُمَّةً فِي دَعْوَةِ النَّاسِ لِلْحَجِّ، تَبِعَهُ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي أَعْقَبَتْهُ ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الْحَجِّ: 27]، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ قِيلَ لَهُ: ﴿ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ قَالَ: رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي؟ قَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ، فَنَادَى إِبْرَاهِيمُ: أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فَحُجُّوا، قَالَ: فَسَمِعَهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَفَلَا تَرَى النَّاسَ يَجِيئُونَ مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ يُلَبُّونَ؟» رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

لَقَدْ كَانَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُمَّةً فِي تَوْحِيدِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ أُمَّةً فِي دَعْوَةِ قَوْمِهِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَمُنَاظَرَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ أُمَّةً فِي هِجْرَتِهِ وَمَا لَاقَى فِيهَا مِنْ مَصَاعِبَ وَابْتِلَاءَاتٍ لَمْ تَحُدْ بِهِ عَنْ تَوْحِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَعِبَادَتِهِ، وَكَانَ أُمَّةً فِي بِنَائِهِ الْبَيْتَ، وَفِي أَذَانِهِ بِالْحَجِّ إِلَيْهِ، فَكَانَ وَحْدَهُ أُمَّةً فِي زَمَنِهِ، وَكَانَ لِمَنْ بَعْدَهُ قُدْوَةً وَأُسْوَةً ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 4].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ثَمَّةَ ارْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بَيْنَ الرَّجُلِ الْأُمَّةِ، وَبَيْنَ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مِنَ الرِّجَالِ هُوَ الْإِمَامُ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ، وَيُقْتَفَى أَثَرُهُ، وَتُتَّبَعُ سُنَّتُهُ، وَتُقْرَأُ سِيرَتُهُ. وَإِبْرَاهِيمُ قَدْ جَاوَزَ الِابْتِلَاءَ فَاسْتَحَقَّ الْإِمَامَةَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 124]. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا ابْتُلِيَ أَحَدٌ بِهَذَا الدِّينِ فَقَامَ بِهِ كُلِّهِ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ» ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [النَّجْمِ: 37].

وَلِأَتْبَاعِهِ مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَهُ نَصِيبٌ مِنْ إِمَامَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا لَهُمْ بِالْإِمَامَةِ: ﴿ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 124] فَنَالَهَا الصَّالِحُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَحُجِبَ عَنْهَا الظَّالِمُونَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعْطِي الْإِمَامَةَ فِي الدِّينِ عَلَى النَّسَبِ، وَإِنَّمَا يُعْطِيهَا عَلَى الدِّينِ، فَكَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ مَنْ نَالَ الْإِمَامَةَ فِي الدِّينِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْخَلِيلِ، وَقَدْ خَصَّهُ جَدُّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِدَعْوَتِهِ فَقَالَ: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 129]. فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دَعْوَةَ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَعَثَ خَلِيلَهُ مُحَمَّدًا رَسُولًا إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، فَكَانَتْ مِلَّتُهُ هِيَ مِلَّةَ الْخَلِيلِ، وَكَانَ أَتْبَاعُهُ هُمْ أَتْبَاعَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُمْ حَمَلَةُ دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَكَانَ الظَّالِمُونَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْخَلِيلِ الَّذِينَ حُجِبُوا عَنِ الْإِمَامَةِ هُمْ مَنْ خَالَفَ دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67- 68].

فَتَمَسَّكُوا -عِبَادَ اللَّهِ- بِمِلَّةِ الْخَلِيلَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ مَنْ يُرِيدُونَ إِدْخَالَ مَنْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا فِيهَا؛ فَإِنَّ عَمَلَهُمْ مَرْدُودٌ، وَسَعْيَهُمْ غَيْرُ مَحْمُودٍ وَلَا مَشْكُورٍ، وَمَآلَهُ إِلَى فَشَلٍ وَاضْمِحْلَالٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ عَمُودَ مِلَّةِ الْخَلِيلَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحُبُّ فِيهِ، وَالْبُغْضُ فِيهِ، وَمُوَالَاةُ أَوْلِيَائِهِ، وَمُعَادَاةُ أَعْدَائِهِ، وَبِذَلِكَ يُسْتَكْمَلُ الْإِيمَانُ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...



 توقيع : حكاية ناي ♔

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 03-19-2024, 11:14 AM   #2



 
 عضويتي » 38
 جيت فيذا » Dec 2022
 آخر حضور » 11-14-2024 (05:24 PM)
آبدآعاتي » 313,078
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » رحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond reputeرحيق الورد has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 107
الاعجابات المُرسلة » 132
مَزآجِي   :
 آوسِمتي »

رحيق الورد متواجد حالياً

افتراضي



جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمت
دمت برضى الله وإحسانه وفضله


 توقيع : رحيق الورد

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.