12-21-2022, 10:33 AM
|
|
SMS ~
[
+
]
|
|
|
|
تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْ
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾[البقرة: 172 - 176].
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾.
أمر الله عز وجل في الآيات السابقة الناس عمومًا بالأكل مما في الأرض حلالًا طيبًا، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم، ثم امتن على المؤمنين خاصة بأمرهم بالأكل من طيبات ما رزقهم الله، مبينًا لهم ما حرم عليهم؛ لأنهم هم الذين يمتثلون أمر الله ويجتنبون نهيه شكرًا له، ولهذا قال: ﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾.
قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ سبق الكلام عليه.
﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾: الأمر للامتنان والإباحة، وقد يستحب في بعض الأحوال، وقد يجب حفاظًا على بقاء النفس.
﴿ مِنْ ﴾: لبيان الجنس، وقيل: للتبعيض.
والمراد بالطيبات: الحلال في ذاته وعينه، بحيث لا يكون نجسًا ولا مستخبثًا ضارًّا بالبدن أو العقل، والحلال في كسبه بحيث لا يكون مسروقًا أو مغصوبًا أو من كسب حرام، كالربا والقمار والغش، ونحو ذلك.
والطيبات أيضًا ما يستطاب ويستلذ وينفع، كما قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157].
﴿ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ «ما»: موصولة، أي: من طيبات الذي رزقناكم، أي الذي أعطيناكم وأمددناكم.
﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ ﴾ معطوف على ﴿ كُلُوا ﴾، وفيه التفات في التكلم إلى الغيبة، فلم يقل: «واشكرونا».
كما أن فيه إظهارًا مقام الإضمار، للإشعار بعظمة الله عز وجل، وأنه الإله المستحق للشكر وحده دون سواه.
والأمر هنا للوجوب؛ لأن شكر الله عز وجل واجب، بل هو أعظم الواجبات وأهمها وأوجبها.
والشكر الاعتراف بنعمة المنعم، والثناء عليه بها، والاستعانة بها على رضاه، قال الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة
يدي ولساني والضمير المحجبا [1]
وشكر الله تعالى يكون بالقلب، بالاعتراف بنعم الله باطنًا، ويكون باللسان بالاعتراف بها ظاهرًا والثناء عليه بها ونسبتها إليه، والتحدث بها، قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11].
ويكون بالجوارح بالاستعانة بها على طاعة الله تعالى والعمل الصالح، كما قال تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13].
وقام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، وقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا»[2].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله عز وجل أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون ﴾[البقرة: 172][3].
وأمر عز وجل بالشكر بعد الأمر بالأكل من الطيبات؛ لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة، ويجلب النعم المفقودة، كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].
وقد أحسن القائل:
إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بشكر الإله
فإن الإله سريع النقم [4]
﴿ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾: قدم المفعول «إياه» للحصر والاختصاص، أي: إن كنتم إياه تعبدون، وتعتقدون حقًّا تفرده بالعبادة وحده، فاشكروا له وحده؛ لأن عبادتكم له عز وجل تستلزم شكره، بل هي الشكر نفسه.
قال ابن القيم[5]: «الذي حسن مجيء «إن» ههنا الاحتجاج والإلزام، فإن المعنى: إن عبادتكم لله تستلزم شكركم له، بل هي الشكر نفسه، فإن كنتم ملتزمين لعبادته داخلين في جملتها، فكلوا من رزقه واشكروه على نعمه».
قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[البقرة: 173].
ذكر عز وجل في الآية السابقة إباحة الطيبات، ثم ذكر تحريم الخبائث، فقال: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ، كما قال تعالى في سورة النحل: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 115].
وقال تعالى في سورة المائدة: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾ [المائدة: 3].
وقال تعالى في سورة الأنعام: ﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 145].
قوله: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ﴾ قرأ أبو جعفر «حُرِّم» بالبناء للمفعول، وقرأ الباقون ﴿ حرَّم ﴾ بالبناء للفاعل، أي: إنما حرم الله عليكم الميتة، و«إنما»: أداة حصر.
والحصر: إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه، أي: ما حرم الله عليكم إلا هذه الأشياء المذكورة.
وذكرها بطريق الحصر وعدَّها ليدل على قلة المحرمات، وليدلل بمفهوم ذلك على كثرة الطيبات.
كما أن في ذلك تعريضًا بالمشركين الذين حرموا على أنفسهم كثيرًا من الطيبات، وأحلوا الميتة والدم، وما ذبح لغير الله.
ومعنى: ﴿ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ﴾: أي منع، وحظر عليكم، والتحريم: الحظر والمنع.
﴿ الْمَيْتَةُ ﴾ قرأ أبو جعفر «الميّتة» بتشديد الياء، وقرأ الباقون بتخفيفها، وهما لغتان كما قال الشاعر:
ليس من مات فاستراح بميت
إنما الميْت ميِّت الأحياء [6]
و«الميتة» مفعول «حَرَّم»، والمعنى: إنما حرم عليكم أكل الميتة، يدل على هذا قوله في الآية قبلها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾[البقرة: 172]، ثم قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ ﴾، فهذا أشبه بالاستثناء من قوله: ﴿ كُلُوا ﴾، أي: إلا هذه الأشياء فلا تأكلوها، وفي الحديث: «إنما حرم من الميتة أكلها»[7].
و«أل» في «الميتة» تفيد العموم، فكل ميتة حرام، يحرم أكل أي جزء منها.
والميتة في اللغة: ما مات حتف أنفه.
وفي الشرع: ما مات بغير ذكاة شرعية ولا اصطياد، سواء مات حتف أنفه، أو ذبح على غير اسم الله، أو ذبح ولم يذكر اسم الله عليه، أو ذكاه من لا تحل ذبيحته كالمجوسي والمشرك والمرتد، ونحو ذلك.
﴿ وَالدَّمَ ﴾: معطوف هو وما بعده على الميتة، أي: وحرم عليكم الدم، أي: أكل الدم، والمراد به الدم المسفوح، وهو الذي يُسفح عند التذكية دون ما يتبقى في اللحم والعروق، ودون دم الكبد والطحال والقلب، فليس محرم.
وإنما نص عز وجل على تحريم الدم؛ لأن بعض العرب كانوا يجعلون الدم في الأمعاء، ثم يشوونها بالنار ويأكلونها، ويسمون ذلك الفصد.
وحكمة تحريم أكل الدم أو شربه أنه يورث ضراوة في الإنسان فتغلظ طباعه فيصير كالحيوان المفترس.
قال ابن تيمية[8]: «وحرم الدم المسفوح؛ لأنه مجمع قوى النفس الشهوية الغضبية وزيادته توجب طغيان هذه القوى، وهو مجرى الشيطان من البدن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»[9]».
﴿ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ﴾، أي: وحرم عليكم أكل لحم الخنزير، سواء ذكي أو مات حتف أنفه، وهذا يشمل لحمه وشحمه وجميع أجزائه، إما تغليبًا أو إن اللحم يشمل ذلك كله.
وحكمة تحريمه - والله أعلم - تناوله القاذورات بإفراط وقذارته، وما فيه من الأوصاف الذميمة التي تضر بالنفس والبدن، قال الأطباء: إنه يورث الدودة الوحيدة التي تؤدي إلى أعراض وأمراض كثيرة.
﴿ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴾: معطوف على ما قبله، و«ما»: موصولة، أي: وحرم عليكم الذي ﴿ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴾، وهو ما ذكر عليه عند تذكيته اسم غير الله، من الأنصاب والأصنام والأوثان، أو قصد به التقرب لغير الله، حتى ولو ذكر اسم الله عليه.
و﴿ أُهِلَّ ﴾: مبني للمفعول، أي: وما أَهل عليه المهلُ لغير الله، وضمن «أُهل» معنى: «تُقرب»، فتعدى إلى المتعلق بالباء وباللام مثل: «تُقرب».
وفائدة هذا التضمين تحريم ما تقرب به لغير الله سواء ذكر اسم المتقرب إليه أم لا.
والإهلال في الأصل: رفع الصوت، قيل: مأخوذ من رفع الصوت عند رؤية الهلال، وقيل غير ذلك، ومنه الحديث: «إذا استهل المولود ورث»[10].
ومنه الإهلال بالتلبية، أي: رفع الصوت بها.
قيل: كان العرب في الجاهلية إذا ذبحوا أو نحروا للصنم صاحوا باسمه عند ذلك، فقالوا باسم اللات أو باسم العزى، ونحو ذلك.
قال السعدي[11]: «وهذا المذكور غير خاص للمحرمات، وجيء به لبيان أجناس الخبائث المدلول عليها بمفهوم قوله: ﴿ طَيِّبَاتِ ﴾، فعموم المحرمات تستفاد من الآية السابقة، من قوله: ﴿ حلالًا طيبًا ﴾ كما تقدم».
﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ ﴾ قرأ عاصم وحمزة بكسر النون لالتقاء الساكنين، وقرأ الباقون بضمها، وقرأ أبو جعفر «اضطِرَّ» بكسر الطاء، وقرأ الباقون بضمها.
و«من»: شرطية، و«اضطر» فعل الشرط، أي: فمن ألجأته الضرورة إلى الأكل من هذه المحرمات، كأن خاف على نفسه التلف بسبب جوع، أو أكره.
﴿ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ ﴾؛ أي: حال كونه غير باغ ولا عاد، أي: ﴿ غَيْرَ بَاغٍ ﴾، أي غير طالب لأكل المحرم، بلا ضرورة، ﴿ وَلَا عَادٍ﴾ أي: ولا متجاوز حد الضرورة في الأكل، كما قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 3]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 7].
﴿ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ جواب الشرط «مَنْ»، قرن بالفاء؛ لأنه جملة اسمية، و«الإثم»: الذنب، أي: فلا ذنب عليه ولا عقوبة.
﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: تعليل للحكم قبله، فنفى عز وجل الإثم عمن ألجأته الضرورة إلى الأكل من هذه المحرمات من غير بغي ولا عدوان؛ لأنه عز وجل غفور رحيم.
و﴿ غَفُورٌ﴾ على وزن «فعول» صفة مشبهة أو صيغة مبالغة يدل على سعة مغفرته عز وجل وكثرتها، فهو عز وجل يغفر لكثير من عباده، ويغفر الذنوب الكثيرة، بل يغفر الذنوب جميعًا، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [النجم: 32]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
و«المغفرة»: ستر الذنب في الدنيا عن الخلق، والتجاوز عن العقوبة عليه في الآخرة، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدني الله العبد المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه وستره، فيقرره بذنوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: أي رب، فيقول الله تعالى: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»[12].
ومنه سمي «المغفر» وهو البيضة التي توضع على الرأس؛ لأنه يستر الرأس ويقيه السهام.
﴿ رَّحِيمُ ﴾ أي: ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء وعمت كل حي.
والمعنى: إن الله غفور لمن أكل من هذه المحرمات حال الضرورة ﴿ رَّحِيمُ ﴾؛ حيث رخص له الأكل في هذه الحال إبقاءً على نفسه.
قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾[البقرة: 174].
قوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ «إنَّ»: حرف توكيد ونصب، «يكتمون»: يخفون، و«ما»: موصولة.
و«أل» في «الكتاب» يحتمل أن تكون للجنس، فيشمل جميع ما أنزله الله من الكتب؛ التوراة والإنجيل وغيرهما، ويشمل ذلك اليهود والنصارى وغيرهم، فيكون المعنى: إن الذين يخفون الذي أنزل الله على رسله من الكتب، كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].
ويحتمل أن تكون «ال» للعهد، فيكون المراد بـ«الكتاب»: التوراة؛ لأنه أعظم الكتب قبل نزول القرآن، فيكون المراد بـ﴿ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ﴾ أهل الكتاب، وبخاصة اليهود، والأول أعم، لكن أهل الكتاب لا شك هم أول من يدخل في هذا لكتمانهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم وما في كتبهم من الشهادة بصدق رسالته، وما جاء به من الحق.
﴿ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾: معطوف على ﴿ يَكْتُمُونَ ﴾، أي: ويأخذون ويعتاضون ﴿ بِهِ ﴾، أي: بما أنزل الله من الكتاب وبكتمانهم له.
﴿ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾، أي: عوضًا زهيدًا حقيرًا من المال والرشوة والرياسة والجاه، ونحو ذلك، فكل ذلك قليل وحقير زهيد بالنسبة لما في الآخرة، ولو كان ذلك الدنيا كلها بحذافيرها.
وفي قوله: ﴿ قَلِيلًا﴾ إشعار بدناءة نفوسهم حيث رضيت بالقليل.
﴿ أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ﴾ الإشارة للذين ﴿ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾، وأشار إليهم بإشارة البعيد: ﴿ أُولَئِكَ ﴾؛ إشارة لانحطاط منزلتهم وتحقيرًا لهم، وتشهيرًا بهم.
و«ما»: نافية، وتخصيص الأكل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه المقصود الأهم من جمع المال.
وقوله: ﴿ فِي بُطُونِهِمْ ﴾ للتأكيد والمبالغة؛ لأن الأكل لا يكون إلا في البطون، وهذا كقوله تعالى: ﴿ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 4]، وقوله تعالى: ﴿ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾ [النور: 15]، وقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].
وكقول القائل: «سمعت بأذني، وأبصرت بعيني».
وفي قوله: ﴿ فِي بُطُونِهِمْ ﴾ تنبيه على شرهم وتقبيح لصنعهم، حيث كتموا ما أنزل الله واعتاضوا عنه بالثمن القليل من أجل بطونهم.
﴿ إِلَّا النَّارَ ﴾ «إلا»: أداة حصر.
﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾: النفي هنا ليس نفيًا لمطلق الكلام، بل نفي للكلام المطلق، أي: لا يكلمهم تكليم تكريم، ورضا ورحمة؛ لغضبه وسخطه عليهم، وهذا عذاب معنوي ينصب على قلوبهم، لا يقل عن العذاب الحسي بالنار.
ولا ينافي هذا تكليمه لهم تكليم مساءلة. وتوبيخ وتقريع وغضب، كقوله تعالى: ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 92 - 94]، وقوله تعالى: ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 6]، وقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 107، 108].
﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ﴾، أي: ولا يطهرهم، ولا يثني عليهم، وهذا فيه كناية عن ذمهم.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي: عقاب ونكال.
﴿ أَلِيمٌ ﴾ على وزن فعيل، بمعنى «مفْعِل»، أي: مؤلم موجع، حسيًا للأبدان، ومعنويًا للقلوب.
فقابل اشتراءهم بما أنزل الله الثمن القليل وطمَعهم بالوعيد والإخبار أنهم ﴿ أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ﴾.
وقابل كتمانهم الحق وعدم نطقهم وتكلمهم به بالوعيد والإخبار بنفي تكليمه لهم يوم القيامة، فقال تعالى: ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾.
وقابل ذلك كله بعدم تزكيتهم، وبالعذاب الأليم، فقال تعالى: ﴿ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾[البقرة: 175].
ذكر الله عز وجل في الآية السابقة الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلًا من الدنيا، وذكر ما أعد لهم من النار والعذاب الأليم، ثم أتبع ذلك بيان أنهم بهذا العمل اختاروا الضلالة بدل الهدى، والعذاب بدل المغفرة، فما أصبرهم على النار.
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ الإشارة للذين ﴿ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾، وأشار إليهم بإشارة البعيد- كما سبق- تحقيرًا لهم.
﴿ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ أي الذين اختاروا الضلالة لأنفسهم ولغيرهم، واعتاضوا بها وأخذوها بدل الهدى في الدنيا، بسبب كتمانهم الحق، للمطامع الدنية والأغراض الدنيوية، فضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم.
﴿ وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ ﴾، أي: واختاروا العذاب واعتاضوا به، وأخذوه بدل المغفرة والستر والتجاوز عنهم في الآخرة، بما تعاطوه من أسباب العذاب، فخسروا بسبب ذلك الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال:
﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾ الفاء: استئنافية، و«ما»: نكرة تامة، ومعناها التعجب، والتقدير، أي شيء عظيم أصبرهم، كما قال تعالى: ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ [عبس: 17].
وقال بعضهم: «ما» استفهامية فيها معنى التعجب، والتقدير: فما الذي أصبرهم على النار؟! قال أبوبكر بن عياش: «هذا استفهام ولو كانت من الصبر قال: (فما أصبرُهم) رفعًا قال: يقال للرجل: ما أصبرك؟ ما الذي فعل بك هذا؟»[13].
والآية إرشاد منه عز وجل للمخاطبين أن يتعجبوا من صبر هؤلاء على النار، وهي تعجب من ارتكابهم ما يوجب لهم النار من كتمان ما أنزل الله، فكأنهم صبروا عليها أو يدَّعون الصبر عليها.
قال قتادة: ﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾، يقول: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار»، وقال: «والله ما لهم عليها من صبر، ولكن ما أجرأهم على النار»[14].
ويحتمل أن يكون العجب من الله عز وجل يعجب من ارتكابهم ما يوجب لهم النار، كما في قوله تعالى: ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾ [الصافات: 12].
على قراءة حمزة والكسائي وخلف بضم التاء.
وفي حديث أبي رزين: «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره»[15].
والعجب من الله هو بالنظر إلى حال المتعجب منه في خروجه عن نظائره، وعما ينبغي أن يكون عليه، وليس لخفاء أسباب الشيء المتعجب منه عليه جل وعلا، فهذا مستحيل في حقه سبحانه لأنه عز وجل لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
وعلى كل فليس في الآية ما يقتضي أنهم يصبرون على النار، وقد ذكر الله عز وجل عن أصحاب النار قولهم: ﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ﴾ [المؤمنون: 107]، وقولهم: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 49] وقولهم: ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77]، وغير ذلك.
قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾[البقرة: 176].
توعد الله عز وجل في الآيات السابقة الذين يكتمون ما أنزله من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلًا بالنار وحرمانهم من تكليم الله وتزكيته لهم، وبالعذاب الأليم، ثم أتبع ذلك ببيان سبب ذلك وهو كتمانهم الحق الذي أنزله الله عز وجل واختلافهم فيه ومشاقتهم لله تعالى.
قوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ﴾ المشار إليه- كما تقدم- هو ما توعد الله به المذكورين من النار والعذاب، وحرمانهم من تكليم الله لهم وتزكيته لهم.
وجيء بالإشارة ﴿ ذَلِكَ ﴾ لربط الكلام اللاحق بالكلام السابق.
﴿ بِأَنَّ اللَّهَ ﴾ الباء: للسببية، أي: بسبب أن الله نزل الكتاب بالحق الذي يجب اتباعه، وبيانه، وعدم كتمانه، فلما كتموه واشتروا به ثمنًا قليلًا استحقوا هذا الوعيد، وهذا مقتضى ما أنزل الله به الكتاب من الحق والعدل.
و(ال) في «الكتاب» للجنس، فيشمل جميع كتب الله عز وجل التوراة والإنجيل والقرآن وغير ذلك.
﴿ بِالْحَقِّ﴾ الباء للملابسة، أي: متلبسًا بالحق، والحق: الأمر الثابت البين، فهو حق، وطريق وصوله حق، وهو مشتمل على الحق، أخباره صدق، وأحكامه عدل، كما قال تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام: 115].
﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ ﴾؛ أي: الذين اختلفوا في الكتاب الذي أنزله الله بالحق، فلم يتبعوا ما أنزله الله في كتبه، بل آمنوا ببعض كتب الله تعالى وكفروا ببعض، والواجب الإيمان بجميع كتب الله تعالى إجمالًا، والإيمان بالقرآن واتباعه تفصيلًا.
﴿ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾، الشقاق: الخلاف والمنازعة، مأخوذ من الشق، وهو الجانب؛ لأن كل واحد من المتنازعين يكون في شق وجانب غير شق وجانب صاحبه، والمعنى: وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي جانب بعيد عن الحق والصواب وعن الوفاق، كما قال تعالى: ﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-21-2022, 10:41 AM
|
#2
|
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-21-2022, 08:43 PM
|
#3
|
\
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-28-2022, 08:28 AM
|
#4
|
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-04-2023, 08:13 AM
|
#5
|
جزاكِ الله خيرًا
وجعله في ميزان حسناتكِ
ونفع بك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:50 AM
| | | | |