قدم مرشح الائتلاف الحاكم للانتخابات الرئاسية في السنغال أمادو با أمس «تهنئته» للمرشح المناهض للنظام باسيرو ديوماي فاي، بعد تقارير تفيد بتقدم هذا الأخير في نتائج الاقتراع الذي جرى الأحد في أجواء هادئة. ودعي نحو 7,3 مليون ناخب إلى الاختيار بين 17 مرشحاً بينهم امرأة. وكان رئيس الوزراء أمادو با (62 عاماً) قد شغل عدة مناصب وزارية أخرى، من بينها حقائب الخارجية والاقتصاد والمالية. ومثل في هذه الانتخابات ألوان الغالبية الرئاسية والرئيس ماكي سال. وكان قدم نفسه كمرشح الاستقرار والاستمرارية في مجال السياسة الاقتصادية التي اتبعها الرئيس سال. وكان الوقت المتاح أمام باسيرو ديوماي فاي (44 عاماً) للقيام بحملته الانتخابية أقل بكثير مقارنة بالمرشحين الآخرين. والسبب أنه كان معتقلاً في السجن. ويسعى فاي إلى إنهاء التعامل بعملة الفرنك الأفريقي الموروثة من الاستعمار وإصدار عملة وطنية جديدة. وفي قطاع التربية يريد تعميم تدريس اللغة الإنجليزية في بلد لا تزال اللغة الفرنسية فيه لغة رسمية. وينوي أيضاً إعادة النظر في العقود التي أبرمتها السنغال مع دول أخرى في مجال المناجم والتعدين والمحروقات إضافة إلى اتفاقيات الدفاع. كما يخطط لإصلاح المؤسسات السنغالية وإدراج منصب نائب الرئيس إضافة إلى وضع ضوابط صارمة للحد من صلاحيات منصب الرئيس. وجرت العملية الانتخابية من دون أي حوادث تذكر، في مشهد مناقض للاضطرابات التي شهدتها البلاد بعد القرار الرئاسي بإرجاء الانتخابات. وشهدت البلاد منذ 2021 فترات من الاضطرابات نتيجة الصراع الشرس بين المعارض عثمان سونكو والسلطة، فضلاً عن التوتر الاجتماعي والغموض الذي أبقى عليه الرئيس ماكي سال لفترة طويلة حول احتمال ترشحه لولاية ثالثة. وكان مقرراً أن يدلي السنغاليون بأصواتهم في 25 فبراير، لكن تأجيلاً في اللحظة الأخيرة أثار أعمال عنف خلفت أربعة قتلى. وشكلت بلبلة استمرت عدة أسابيع اختباراً للديمقراطية في السنغال، إلى أن تم تحديد موعد 24 مارس. ورغم هذا التأخير، لاحظ مراقبو الاتحاد الاوروبي أن العملية الانتخابية تجري «بهدوء وفاعلية وفي شكل منظم»، على قول رئيسة البعثة مالين بيورك. كما أنها المرة الأولى التي لا يترشح رئيس منتهية ولايته لإعادة انتخابه. وفي ضوء التهنئة والنتائج الموقتة، نزل أنصار فاي إلى شوارع العاصمة للاحتفال. ويعلن فاي أنَّه «مرشَّح تغيير النظام» و»الوحدة الإفريقية اليسارية»، ويركِّز برنامجه على استعادة «السيادة» الوطنية، معتبرًا أنَّها باتت مرهونة للخارج. ووعد بمكافحة الفساد وتوزيع الثروات بصورة أفضل، ومعاودة التفاوض بشأن اتفاقات المناجم والغاز والنفط المبرمة مع شركات أجنبية. والانتخابات محل متابعة دقيقة، إذ تُعتبر السنغال من أكثر الدول استقرارًا في غرب إفريقيا، فيما شهدت المنطقة انقلابات. كذلك ترتبط دكار بعلاقات وثيقة مع الغرب، بينما تعزِّز روسيا مواقعها في الجوار. أمَّا «با» رئيس الوزراء حتى قبل بضعة أسابيع والذي اختاره الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال ليخلفه، فطرح نفسه كضمانة للاستقرار.