دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس يومها المئة أمس على الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في النزاع الذي أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة في قطاع غزة. فيما تصر إسرائيل على «تحقيق أهدافها» قبل إنهاء الحرب - على حد لغتها المستخدمة في مواصلة القتل الدمار وموجات الاعتقال. وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده قتلوا تسعة مسلحين فلسطينيين على الأقل خلال عمليات في قطاع غزة. وأضاف أن القتال وقع في مدينة خان يونس بجنوب غزة وكذلك في مناطق أبعد إلى شمال القطاع حيث تقول إسرائيل إنها فككت الكثير من القدرات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). واستشهد 127 فلسطينياً، وأصيب المئات في القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، لليوم الـ 100 على التوالي. وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية، أن طواقمها انتشلت عشرة شهداء من تحت ركام المنازل التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، مشيرة إلى أن القصف الإسرائيلي المستمر على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة خلف عشرات الشهداء والجرحى. وفي سياق متصل، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منع تدفق المواد الغذائية والأدوية لنحو نصف مليون فلسطيني، محاصر في شمال قطاع غزة، ويعيش هؤلاء وفق منظمات حقوقية فلسطينية في حالة مجاعة وجفاف منذ أكثر من شهرين. واعتقل الجيش الإسرائيلي فجر أمس شقيقتي القيادي في حركة حماس صالح العاروري الذي اتهمت حركة حماس إسرائيل باغتياله في لبنان مطلع الشهر الجاري، كما أعلن نادي الأسير الفلسطيني وأكدت عائلتهما. وقالت المتحدثة باسم نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة لوكالة فرانس برس أن الجيش الإسرائيلي «اعتقل دلال العاروي (52 عاماً) من منزل والدتها في قرية عارورة شمال رام الله، وفاطمة العاروري (47 عاماً) من منزلها في مدينة البيرة». وأكد الجيش الإسرائيلي اعتقال شقيقتي العاروري «بعد قيامهما بالتحريض على الإرهاب ضد دولة إسرائيل». وكان العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس ومؤسس كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية. إلى ذلك، أكدت مؤسستان فلسطينيتان إن القوات الإسرائيلية اعتقلت الليلة الماضية 25 فلسطينياًً على الأقل في الضفة الغربية من بينهم شقيقتا صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية ببيروت في مطلع الشهر الجاري. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني في بيان مشترك إنه جرى أيضا اعتقال «15 مواطناً من عمال غزة في بلدة بديا بمحافظة سلفيت» بالضفة الغربية وهم من العمال الذين كانوا في إسرائيل قبل الهجوم الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر. وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده تبادلوا إطلاق النار مع مسلحين كانوا يحاولون التسلل من لبنان إلى إسرائيل وقتلوا أربعة منهم. وذكر الجيش الإسرائيلي أن جنوده كانوا يقومون بدورية في منطقة جبل روس (التي تسميها إسرائيل هار دوف) حول مزارع شبعا المتنازع عليها عندما رصدوا المسلحين الأربعة الذين فتحوا النار على القوة الإسرائيلية. وأوضح الجيش «خلال تبادل لإطلاق النار، صوبت قوات الجيش الإسرائيلي نيران المدفعية وقذائف الهاون باتجاه المنطقة». سياسياً، شدد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيثس على ضرورة رفض أي محاولة لتغيير التركيبة الديمغرافية لقطاع غزة، معرباً عن القلق البالغ إزاء التصريحات الأخيرة لوزراء إسرائيليين بشأن خطط لتشجيع النقل الجماعي للمدنيين من غزة إلى بلدان ثالثة، الذي يشار إليه حالياً باسم الانتقال الطوعي. وأكد أن تلك التصريحات تثير مخاوف جدية بشأن إمكانية النقل الجماعي القسري أو الترحيل القسري للسكان الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو أمر محظور تماماً بموجب القانون الدولي، مشدداً على أن أي شخص نازح في غزة يجب أن يُسمح له بالعودة، وفق القانون الدولي. وأوضح غريفيثس أن جهود إرسال قوافل إنسانية إلى الشمال قوبلت بالتأخير والرفض وفرض الشروط المستحيلة، مشيراً إلى أن توسيع الهجوم على رفح من شأنه أن يمثل تحدياً خطيراً للعمليات الإنسانية «المنهكة بالفعل» التي تتطلب اتخاذ تدابير استثنائية لتقديم المساعدات الهزيلة. وأمام مجلس الأمن قالت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إلزا براندز كيريس :» إن التهديد بالتهجير القسري يحمل صدى خاصاً بالنسبة للفلسطينيين - فهو محفور في الوعي الجمعي الفلسطيني من خلال «النكبة» التي حدثت عام 1948 عندما أُجبر ملايين الفلسطينيين على ترك منازلهم. وأضافت أن عمليات الإجلاء القسري التي لا تستوفي الشروط اللازمة قانونياً، قد ترقى إلى مستوى النقل القسري- وهو بمثابة جريمة حرب، مؤكدةً ضرورة معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراءها من أجل التوصل إلى حل دائم لهذه الأزمة. بدوره، وقال رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الذي يزور المنطقة الساحلية، إن «جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن في الأيام المئة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة». وأكد أيضاً أن جيلاً كاملاً من أطفال غزة يعاني من «صدمة نفسية»، والأمراض مستمرة في الانتشار و»المجاعة» تلوح في الأفق. من جهتها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن إسرائيل -القائمة بالاحتلال- تستخف بانعقاد محكمة العدل وبالإجماع الدولي على حماية المدنيين، وذلك باستمرارها في ارتكاب المزيد من المجازر الجماعية بحق الشعب الفلسطيني أثناء جلسات المحكمة في اليومين الماضيين. وأوضحت في بيان أن تمادي إسرائيل -القائمة بالاحتلال- في حربها المدمرة على الشعب الفلسطيني دليل عدم احترامها لجميع المناشدات، والمطالبات الدولية لحماية المدنيين، وإدخال المساعدات وتأمين احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، والسماح للنازحين بالعودة إلى شمال قطاع غزة. وبيّنت أن ما يجري هو دليل متواصل على أن تلك المطالبات وصيغ التعبير عن القلق والمراهنة على أخلاقيات جيش الاحتلال باتت فاشلة، ولا تجد آذاناً صاغيةً أمام عقلية الانتقام العنصرية التي تسيطر على قادة الاحتلال، الأمر الذي يستدعي من جديد استمرار التحرك الدولي الإنساني على مستوى مجلس الأمن الدولي، وإصدار قرار بوقف حرب الاحتلال الهستيرية على الشعب الفلسطيني.