صناعة الشوكولاتة تعيش أزمة خانقة .. نقص في الكاكاو وشح في السيولة
يواجه عالم الشوكولاتة نقصا هائلا في الكاكاو لدرجة أن تداولاته الجامحة اجتذبت لاعبا غير متوقع، وهو بيير أندوراند، مدير صندوق تحوط معروف برهاناته على النفط.
بحلول أوائل مارس، أصبحت الأسعار ضعف ما كانت عليه قبل 12 شهرا. في تلك المرحلة، كان كثير من المضاربين يستسلمون ويخفضون رهاناتهم الصعودية، عندها رأى أندوراند فرصة للشراء.
كانت كل العوامل اللازمة لحدوث عجز هائل متوافرة، حيث كان العالم يستمتع بالشوكولاتة بسعر رخيص لعقود، كما كانت أعمار الأشجار تكبر، وأمراض المحاصيل متفشية في بلدان غرب إفريقيا التي تزود السوق بنصف احتياجاتها تقريبا.
وكان الطقس السيئ نوعا ما هو نقطة التحول في الإنتاج في ساحل العاج وغانا، في حين يخشى عديد من التجار الآن أن يكون الإنتاج في المزارع قد دخل في فترة تراجع طويل الأجل. ومنذ بداية مارس ارتفعت العقود الآجلة 70 % تقريبا ووصلت إلى مستوى قياسي الأسبوع الماضي.
تأثرت شركات صنع الشوكولاتة حول العالم، واضطرت مصانع عديدة إلى إغلاق أبوابها، وتورط بعض الشركات في دعاوى قضائية. نقص السيولة الآن يعني أيضا أن المرحلة التالية في السوق ستكون على الأرجح مليئة بتقلبات الأسعار.
من المعروف أن أسواق السلع الأساسية متقلبة، لكن سرعة وشدة الارتفاع في أسعار الكاكاو لفتا انتباه حتى اللاعبين المخضرمين في السوق وأثارا الفوضى عبر سلسلة التوريد العالمية الخاصة بالمحصول.
وصل تداول العقود الآجلة للكاكاو إلى مستويات منخفضة تاريخيا، مع تراجع مقياس العقود القائمة إلى أدنى مستوى منذ 12 عاما. والسوق عالقة الآن بين نقص حاد في المحاصيل وانخفاض خطير في السيولة.
من المتوقع حدوث انخفاض كبير في إنتاج الكاكاو في ساحل العاج وغانا، اللتان تمثلان 50 % تقريبا من الإمدادات. وتتوقع المنظمة الدولية للكاكاو أن يتخلف الإنتاج عن الطلب بمقدار 374 ألف طن متري في موسم 2023-2024، وهو العجز الثالث على التوالي. وتتوقع شركة باري كاليبو لصناعة الشوكولاتة عجزا يبلغ 500 ألف طن، أي ما يعادل عُشر السوق العالمية تقريبا.
ويتركز الإنتاج بدرجة كبيرة في ساحل العاج وغانا، ما يجعل السوق عرضة لما يحدث للمحاصيل في هذين البلدين. وما يحدث في الكاكاو الآن يعد صيحة تنبيه لصناعة القهوة، التي يتركز إنتاجها هي الأخرى في بلدين هما البرازيل وفيتنام.
لا يستفيد من الري أو تقنيات الزراعة الحديثة سوى عدد قليل من المنتجين، ما يجعلهم عرضة للتأثر بالطقس. أيضا لم يكن لديهم ما يكفي من المال للاستثمار في الأسمدة والمواد الكيميائية الأخرى للمحاصيل بعد ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة.
في الوقت نفسه، هناك نقص في تطوير المحصول. ونظرا لأن الكاكاو محصول شجري يمكن أن يستمر لمدة 25 عاما ولا تتم زراعته لكل حصاده مثل الذرة، فليس هناك حافز كبير لبعض الشركات للاستثمار في إنتاج بذور أفضل. في 2018، عندما كان العالم يواجه فائضا، أوقفت ساحل العاج توزيع شتلات جديدة يمكن أن تنمو لتصبح أشجارا ذات إنتاجية أعلى وأكثر مقاومة.
لم يشهد المستهلكون بعد التأثير الكامل للأزمة. سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصل أي إنتاج جديد إلى السوق. ويمكن أن تستغرق أشجار الكاكاو ما بين ثلاث إلى خمس سنوات قبل أن تبدأ في إنتاج المحاصيل. عندئذ قد يكون وقت التعافي قد فات أمام بعض صانعي الشوكولاتة