الإخالة فى الإسلام
الإخالة فى الإسلام
الإخالة هى من مادة خال وقد ورد الجذر خال فى كتاب الله من خلال ذكر الأخوال والخالات حيث قال سبحانه :
"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا"
فهنا الخالات وهن :
الأخوات لأم سواء من أم وأب معا أو من أب فقط أو من أم فقط محرمات على أبناء أختها وأبناء أخواتها وعلى كل من فى مستواهم كأبناء زوج أختها من زوجة أخرى وأبناء اخوته وأخواته
وذكر الأخوال وهم اخوة الأم من أم وأب أو أب فقط أو من أم فقط والخالات وهن من أم وأب معا أو من أب فقط أو من أم فقط فى الآية التى تبين أن كل مسلم يأكل من بيوت أقاربه وأصدقائه دون حرج سواء أكل وحده أو مع غيره وهو ما قاله سبحانه حيث قال :
"لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
والكلمة التى تهمنا التخيل وقد وردت فى قوله سبحانه :
"قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى"
فالتخيل هو :
ظن أن شىء موجود وهو غير موجود أو يحدث وهو لا يحدث فالحبال والعصى الحقيقية تخيل جمهور الناس فى يوم الزينة أنها تسعى من ألاعيب السحرة والمقصود تتحرك حيث تحولت فى مخيلتهم إلى حيات وثعابين
والإخالة فى الفقه تشبه هذا ولكن أهل الفقه حولوا الأمر وهو مجرد خيال إلى شىء يترتب عليه أحكام
عرفت الموسوعة الفقهية الإخالة حيث قالت :
"التَّعْريف:
1 - الإْخَالَة مَصْدَر أَخَال الأَْمْر أَي اشْتَبَهَ. وَيقَال: هَذَا الأَْمْر لاَ يخيل عَلَى أَحَدٍ، أَيْ لاَ يَشْكل. وَيَسْتَعْمل الأْصوليّونَ لَفْظَ الإْخَالَة في بَاب الْقيَاس وَبَاب الْمَصْلَحَة الْمرْسَلَة. وَالإْخَالَة كَوْن الْوَصْف بحَيْث تَتَعَيَّن علّيَّته للْحكْم بمجَرَّد إبْدَاء منَاسَبَةٍ بَيْنَه وَبَيْنَ الْحكْم، لاَ بنَصٍّ وَلاَ غَيْره وَإنَّمَا قيل لَه مخَيّلٌ لأنَّه يوقع في النَّفْس خَيَال الْعلَّة."
والإحالة وهى ظن ومع هذا رتب الفقهاء عليها مصيبة وهى قتل مسلم تترس به الكفار والمقصود بكلام عصرنا :
جواز قتل الرهائن المسلمين الذين وضعهم الكفار المحاربون أمامهم أو حولهم ليمنعوا المسلمين من قتلهم هم وهو ما عبرت عنه الموسوعة فى الكلام التالى :
"الْحكْم الإْجْمَاليّ، وَمَوَاطن الْبَحْث:
"2 - يَكون الْوَصْف منَاسبًا فيمَا لَوْ عرضَ عَلَى الْعقول فَتَلَقَّتْه بالْقَبول، وَهوَ الْوَصْف الَّذي يفْضي إلَى مَا يَجْلب للإْنْسَان نَفْعًا أَوْ يَدْفَع عَنْه ضَرَرًا، كَقَتْل مسْلمٍ تَتَرَّسَ به الْكفَّار في حَرْبهمْ مَعَ الْمسْلمينَ، فَإنَّ في قَتْله مَصْلَحَةَ قَهْر الْعَدوّ، وَمَنْعَ قَتْلهمْ للْمسْلمينَ."
بالطبع فى الحرب لا يمكن أن يعرف المسلم من الكافر خاصة أن من يتخذ رهائن يلبسهم مثل لبسه ويغطى وجوه الكل حتى لا يمكن معرفتهم
بالطبع حرم قتل مسلم عمدا حيث قال :
" وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا "
وعلى السابق لا يجوز قتل مسلم ظنا أن قتله سيهزم الكفار لأن الظن كما قال سبحانه لا يبنى عليه شىء كما قال سبحانه :
" إن الظن لا يغنى من الحق شيئا"
ظن الهزيمة هو احتمال من احتمالين وكلاهما متساويين :
الأول تحقق هزيمة الكفار
الثانى عدم هزيمتهم وغلبتهم كما حدث فى أحد فى وسط المعركة وكما حدث فى حنين فى أول المعركة حيث اغتر المسلمون بكثرتهم فهزموا فى البداية ثم انتصروا وفى المعنى قال سبحانه :
"لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ"
وعليه الهزيمة والنصر ليس أيا منهما مؤكد فى المسلمين أو فى الكفار وغير اليقينى لا يبنى عليه حكم
وعليه لا يتم اللجوء لقتل المسلمين المتترس بهم الكفار إلا إذا انعدمت الحيلة فى انقاذهم أو مبادلتهم بأسرى من الكفار
وتناولت الموسوعة كون الوصف الطردى ليس تخيلا حيث تحدثت عن لون الخمر والاسكار حيث قالت :
"وَالْوَصْف الطَّرْديّ لَيْسَ مخَيّلاً، كَلَوْن الْخَمْر وَقوَامهَا، فَلاَ يَقَع في الْقَلْب علّيَّته للتَّحْريم، لعَدَم تَضَمّنه ضَرَرًا يَسْتَدْعي تَحْريمَهَا وَأَمَّا الإْسْكَار في الْخَمْر، فَإنَّه مَعَ تَضَمّنه مَفْسَدَةَ تَغْطيَة الْعَقْل، لَيْسَ وَصْفًا مخَيّلاً كَذَلكَ، لورود النَّصّ بالتَّعْليل به. وَالنَّصّ هوَ قَوْل النَّبيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ:
كل مسْكرٍ حَرَامٌ.
وَلَو افْتَرَضَ عَدَمَ ورود هَذَا النَّصّ وَأَمْثَاله لَكَانَ وَصْف الإْسْكَار مخَيّلاً وَمنْ هَذَا يَتَبَيَّن أَنَّ الْمنَاسبَ أَعَمّ منَ الْمخَيّل."
وتناولت تعليل الحكم واختلاف الفقهاء فيه حيث قالت :
"وَفي جَوَاز تَعْليل حكْم الأْصْل بالْوَصْف الْمخَيّل لأجْل الْقيَاس، خلاَفٌ. وَكَذَلكَ في إثْبَات الْحكْم به عَلَى أَنَّه مَصْلَحَةٌ مرْسَلَةٌ. "
بالطبع لا يبنى على التخيل أى أحكام لكون التخيل ظن والظن حكمه عند الله فى قوله :
" إن الظن لا يغنى من الحق شيئا"
والمقصود :
أن التخيل وهو الظن لا يغير من الحكم الحقيقى للواقع فالحكم يبنى على واقع وليس على تخيل
ومن يراجع الذنوب ومن أمثلتها :
أولا :
أن امرأة العزيز تخيلت أن يوسف (ص) سيقبل الزنى بها ولذا هى من قامت بغلق الأبواب وهى من ابتدأت الكلام بالقول :
هيت لك
داعية إياه إلى الزنى
فقد صور لها خيالها أنه يحبها كما تحبه ولذا لن يرفض طلبها
وفى هذا قال سبحانه :
"وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ"
إذا حكمها المبنى على التخيل وهو الظن فشل وترتبت عليه الفضيحة
ثانيا :
ظن فرعون أن موسى(ص) كاذبا فى قوله بوجود الله وبنى على ظنه الخائب مصيبة طلب بناء صرح وهو سلم عالى لكى يصعد للسماء لقتل إله موسى (ص) وكانت نهاية السلم هى تدمير الله له
وفى المعنى قال سبحانه :
" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ"
وقال فى التدمير :
" وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ"
ثالثا :
تصور والمقصود تخيل وبلفظ أخر ظن الملك فى عهد إبراهيم (ص) أنه إله من دون الله فادعى قدرته على الاحياء باطلاق سراح محكوم عليه بالاعدام وقدرته على الإماتة بقتل واحد من الناس ولكن إبراهيم(ص) خيب ظنه عندما طلب منه أن يأتى بالشمس من الغرب لأن الله يأتى بها من الشرق
وفى هذا قال سبحانه :
"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"
رابعا :
تخيل المسلمون فى حادثة الإفك تخيل سوء وهو صحة الاتهام الموجه بالزنى لجماعة منهم وكان ظن سوء فطالبهم الله بالظن الحسن حيث قال :
" إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ"
ولذلك عاتبهم الله على أنهم كرروا الكلام السوء حيث قال :
" إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ"
خامسا :
الكافر صاحب الجنتين تخيل أنه طالما كان أكثر أموالا وأولادا فى الدنيا فإنه فى الأخرة إن كان لها وجود لأنه لا يعتقد بحدوثها فسيكون هم المرحوم صاحب النعم أيضا
وفى هذا قال سبحانه :
" وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا"
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|