ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فعاليات احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 413
عدد  مرات الظهور : 16,773,350
عدد مرات النقر : 437
عدد  مرات الظهور : 16,773,347
عدد مرات النقر : 301
عدد  مرات الظهور : 16,773,386
عدد مرات النقر : 213
عدد  مرات الظهور : 16,773,386
عدد مرات النقر : 572
عدد  مرات الظهور : 16,773,386

عدد مرات النقر : 63
عدد  مرات الظهور : 10,291,505
عدد مرات النقر : 47
عدد  مرات الظهور : 6,452,7390
عدد مرات النقر : 49
عدد  مرات الظهور : 6,452,7331
عدد مرات النقر : 45
عدد  مرات الظهور : 6,452,7292
عدد مرات النقر : 49
عدد  مرات الظهور : 6,452,7273

عدد مرات النقر : 196
عدد  مرات الظهور : 10,286,094

عدد مرات النقر : 53
عدد  مرات الظهور : 10,286,618


الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-28-2024, 07:29 PM
عاشق الليل متواجد حالياً
Egypt     Male
Awards Showcase
 
 عضويتي » 34
 جيت فيذا » Dec 2022
 آخر حضور » 02-21-2025 (10:11 PM)
آبدآعاتي » 12,896
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
 التقييم » عاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond reputeعاشق الليل has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة » 155
الاعجابات المُرسلة » 238
تم شكري » » 25
شكرت » 86
 
افتراضي الايمان برسل الله (2)

Facebook Twitter




..


بسم الله الرحمن الرحيم

وَقالَ في كتابِ عِصْمَةِ الأنْبياء فِي تَفْسيرِ الآيَةِ الوَجْهُ الثّانِي فِي حَمْلِ الهَمِّ عَلى العَزْمِ أن يُحْمَلَ الكلامُ على التَّقْديمِ وَالتَّأخَيرِ والتَّقْديرُ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَلَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بِها وَيَجْري ذَلِكَ مُجْرى قَوْلِكَ قَدْ كُنْتُ هَلَكْتُ لَوْلا أن تَدارَكْتُهُ ا.هـ. وهذا دَليل على نَفْيِ الهَمّ عَنْ يوسُف بالـمَرَّة. ولِكَي يٌفْهَم ذَلِك يُقال عِنْدَ شَرْحِ الآيَة : نَقول "وَلَقَد هَمَّت بِه" ونَقِفُ هُنا للبَيان فَنَقول أي امْرأة العَزيز واسْمُها زَلِيخَة أرادَت مِن يوسُف عَلَيْهِ السّلام أنْ يَقَعَ بِها هِيَ أرادَت مِنْهُ ذَلِك، ثُمَّ نَقول "وهَمَّ بِها لَوْلا أنْ رأى بَرْهانَ رَبِّه" مَعْناهُ اللهُ أراهُ البُرْهان فَلَم يَحْصُل مِنْهُ هَمٌّ بالـمَرَّة. وتَقْريبُ ذَلِك لَوْ أرادَ شّخْصٌ أنْ يَزورَ صاحبَه فأتى صاحِبُهُ إلَيْه فقالَ لَه "لَوْلا أنَّكَ أتَيْت كُنْتُ زُرْتُكَ أو ذَهَبْتُ إلَيْك" مَعْناهُ جِئْتَ فَلَم أذْهَب.
والتَّفْسير الآخَر لِهَذِهِ الآيَة هَوَ : "وهَمَّ بِها" أي هَمَّ بِدَفْعِها، "لَوْلا أنْ رأى بَرْهانَ رَبِّه" أي اللهُ تَعالى ألْهَمَهُ أنَّكَ إنْ دَفَعْتَها عَنْكَ تُتَّهَمُ في ذَلِكَ فَيَقولون التُّهَمَةُ عَلَيْكَ لأنَّكَ أنْتَ دَفَعْتَها. فَلِذَلِكَ سَيِّدُنا يوسُف عَلَيْهِ السَّلام انْصَرَفَ فَهِيَ قَدَّت قَميصَهُ مِن خَلْف فَكانَت الحُجَّةُ عَلَيْها، لأنَّهُم حينَ قالوا لِنَنْظُر في هذا الأمْر إنْ كانَ قَميصَهُ قَد قُدَّ أي شُقَّ مِن قُبُل أي مِنَ الأمام فَصَدَقَت لأنَّها هِيَ كانَت اتَّهَمَتْهُ بِذَلِك، وإنْ كانَ قَميصَهُ قَد قُدَّ مِن دُبُر أي مِنَ الخَلْف فَكَذَبَت وهِوَ مِنَ الصَّادِقين. فَلَمّا ظَهَرَ الدَّليل اعْتَرَفت وقالَت الآن ظَهَرَ الحَق أنا راوَدْتُّهُ عَن نَفْسِه، أي أنا أرَدْتُ مِنْهُ ذَلِك. الأنْبِياء لا يَخْتَلونَ بِنِساءٍ أجْنَبِيّات لَكِن هِيَ عَمِلَت حيلَة حَتّى صارَت مَعَهُ فَغَلَّقَت الأبْواب فَلَمّا رَفَضَ عَلَيْهِ السَّلام أنْ يَقَعَ فيما هِيَ أرادَت مِنْهُ انْصَرَفَ فَلَحْقَت بِهِ وشَقَّت قَميصَهُ مِن خَلْف. اللهُ تَعالى عَصَمَ يُوسُف وجَميع الأنْبِياء في أنْ يَقَعوا في مِثْلِ هذا الأمْر.
فائدة: العَزْم التَّصْميمُ على فِعْلِ فِعْلٍ. إذا صَمَّمَ الشَّخْص على فِعْلٍ يُقال عَنْهُ عَزْم. الهَمُّ هُوَ شَيْءٌ يَكونُ قَبْلَ العَزْم. الهَم أن يَكون مُتَرَدِّداً أفْعَلُ أو لا أفْعَل حتى لَو غَلَبَ جانِبُ أفْعَل. مَنْ عَزَمَ على الـمَعْصِيَةِ عَصى، وَمَن هَمَّ بِفِعْلِ الـمَعْصِيَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ مَعْصِيَة، هذا في غَيْرِ الأمور الّتي تُؤَدِّي إلى الكُفْرِ، أمّا إذا هَمَّ بِفِعْلِ الكُفْرِ أي تَردَّدَ فقال في نفسه أكُفْرُ أم لا ؟ يكون قد كَفَرَ فَوْراً. الرَّسول صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال "مَن هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ فَلَم يَعْمَلْها كَتَبَ اللهُ لَهُ حَسَنَة"، لأنَّهُ تَرَكَ الإمْتِثالَ لِهذا التَّرَدُّد الذي حَصَلَ في نَفْسِهِ للإقْدامِ على الـمَعْصِيَة. وقالَ رَسولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم "وَمَن هَمَّ بِفِعْلِ حَسَنَةٍ فَلَم يَفْعَلْها كُتِبَ لَهُ حَسَنَة ومَنْ هَمَّ بِفِعْلِ حَسَنَةٍ فَعَمِلَها كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنات" وهذا مِن فَضْلِ الله تَبارَكَ وتَعالى. وقال "وَمَن هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَعَمِلَها كُتِبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ واحِدَة". الحَسَنَة الواحِدَة تُكَفِّر عَشْرَ سَيِّئات على الأقَل.
كَذَلِكَ لَيْسَ صَحيحاً ما يَرْويهِ بَعْض الكَذَابين في بَعْضِ الكُتُب وجَرى على بَعْضِ الألْسُن حَيثُ يَقولون إنَّ نَبِيَّ الله داوود عَلَيْهِ السَّلام أعْجَبْتْهُ امْرأة قائِد الجَيْش لأنَّهُ كانَ يَنْظُرُ إلَيْها مِن شَقِّ الباب وهِيَ تَغْتَسِل والعِياذُ بالله مِن هَذا الافْتِراء، فأرْسَلَ زَوْجَها للحَرْب لِيَخْلُصَ مِنْهُ لِيأخُذَ هَذِهِ الـمَرْأة، فَهذا كَذِبٌ لا يَجوزُ على داوود ولا على غَيْرِهِ مِنَ الأنْبِياء.
وَلَيْسَ فِيهِم من يَسْرِقُ وَلَو حَبَّةَ عِنَب وَلَيْسَ فِي الأنْبِياءِ مَنْ هُوَ سَفِيهٌ يَقولُ ألْفاظًا شَنِيعَة تَسْتَقْبِحُهَا النَّفْسُ الشَّخْص الذي يَقول الألْفاظَ البَذيئَة الشَّنيعَةَ التي تَستَقْبِحُها نُفوسُ يُقال عَنْهُ سَفيه، وهذا لا يَحْصل مِنَ الأنْبِياء. وَلَيْسَ في الأنْبِياءِ مَن هُوَ بَلِيدُ الذِّهْنِ عاجِزٌ عن إقامَةِ الحُجَّةِ على مَن يُعارِضُهُ بالبَيانِ وَلا ضَعِيفُ الفَهْمِ لا يَفْهَمُ الكلامَ مِنَ الـمَرَّةِ الأوْلَى إلّا بَعْدَ أن يُكرَّرَ عَلَيْهِ عِدَّة مَراتٍ، إذا واحد يُلْقى عَليْهِ الكَلامُ الواضِح ولا يَفْهَم إلّا بَعْدَ أنْ يُكَرَّر عَلَيْهِ عِدَّة مَرَّات فَهذا يُقالُ عَنْهُ ضَعِيفُ الفَهْمِ، والأنْبِياء عَلَيْهِم الصَّلاة والسَّلام مَحْفوظونَ مِن هذا.
وَيَسْتَحيلُ عَلى الأنْبِياءِ سَبْقُ اللِّسانِ فِي الشَّرْعِيّاتِ وَالعَادِيّاتِ لأنَّهُ لَوْ جازَ عَلَيْهِم لارْتَفَعَتِ الثِّقَةُ فِي صِحَّةِ ما يَقولونَهُ وَلَقالَ قائِلٌ عِنْدَما يَبْلُغُهُ كلامٌ عَنِ النَّبِيِّ ما يُدْرِينا أنْ يَكونَ قَالَهُ عَلى وَجْهِ سَبْقِ اللِّسانِ لِذَلِكَ لا يَصْدُرُ مِنْ نَبِيٍّ كلامٌ غَيْرُ الذي يُريدُ قَوْلَهُ وَلا يَصْدُرُ مِنْهُ كَلامٌ وَهُوَ لا يُرِيدُ الكَلامَ بالـمَرَّة كما يَحْصُلُ لِمَن يَتَكَلَّمُ وُهُو نائِمٌ. الشَّخْصُ أحْياناً يَجْري على لِسانِهِ كَلِمَة هُوَ لا يُريدُ قَوْلَها بالـمَرَّة فَهذا يُسَمّى سَبْقَ لِسان، مِثالُ ذَلِك شَخْصٌ جالِس لا يُريد أنْ يَقولَ شَيْء بالـمَرَّة فَجَرى على لِسانِهِ قَوْل "بسيطة" وهُوَ لا يُريد أن يَقولَها بالـمَرَّة وهذا اسمهُ سَبْقُ لِسان. وأحْياناً يَجْري على لِسانِهِ كَلِمَة يُريدُ غَيْرَها وهذا أيْضاً قَوْلَ يُسَمّى سَبْقَ لِسان. مِثالُ ذَلِكَ امْرأة عِنْدها أولاد اسمهم أحْمَد ومَحمود ومحمَّد تَريدُ أنْ تُنادي أحْمَد مَثَلاً فيَجْري على لِسانَها اسم مَحْمود أو محَمَّد إلى أنْ تَقول الإسم الصَّحيح فَهذا اسمُهُ سَبْقُ لِسان، أي سَبَقَ لِسانُها ما أرادَت أن تَقولَهُ. سَبْقُ اللِّسانِ مُسْتَحيلٌ على الأنْبِياء لا في الأمور التي تَتَعَلَّق بالشَّريعَة ولا في الأمور التي لا تَتَعَلَّق بأمْرٍ تَشْريعِيّ، الأنْبِياء إذا أرادوا قَوْ لاً قالوه وإذا لَم يُريدوا أنْ يَقولوا قَوْلاً لا يَجْري على لِسانِهِم بِدونِ إرادَتِهِم. حتّى الكَلام الذي يَجْري على لِسانِ النَّائِم لا يَجوزُ على الأنْبِياء أنْ يَحْصُل مِنْهُم لأنَّهُ كلامٌ يَجْري بِلا إرادَة فالأنْبِياء مَحفوظونَ ومَعْصومون مِن هذا.
وَكَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِم الأمْراضُ الـمُنَفِّرَةُ كَخُروجِ الدُّودِ مِنَ الجِسْمِ لا يَحْصُل لِنَبِيٍّ مِنَ الأنْبِياءِ مَرَضٌ يَنْفِرُ مِنْهُ أصْحابُ الطِّباعُ السَّليمَة كالجُزام والبَرَص والطَّاعون وخُروجِ الدّودِ مِنَ الجِسْمِ.
قال رسول الله صلى الله عليهه وسلم : « مَا بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلاَّ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ وَإِنَّ نَبِيَّكُم أَحسَنُهُمْ وَجْهًا وَأَحْسَنُهُمْ صَوْتًا » رواه التِّرميذي، فالأنبياء ﻻ تصيبهم اﻷمراض المنفِّرَةُ كالبَرَصِ و خُروج الدُّودِ ، فغير صحيح أنّ سيِّدنا أيُّوب خرج منه الدُّود وغير صحيح أنّه كان يأخذ الدُّود ويقول كلي ممّا رزقك اللّه ، فمن قال ذلك فقد كذّب الدِّين.
كذلك كل الأنبياء يتكلمون بكلام مفهم حسن، فلا يجوز أن يعتقد أن سيدنا موسى كان كلامه غير مفهم ولا يطاوعه لسانه، ونسبة ذلك للأنبياء مخرج من الإسلام.
سَيِّدنا أيَّوب عَلَيْهِ السَّلام لم يخْرُجْ مِنْهُ الدُّود، بَعْضُ الجُهّال مِنَ العَوام يَقولون صارَت الدّودَة تَخْرُج مِنهُ فَتَقَع فَيُرْجِعُها فَيَقول لَها يا دودَة كُلي مِن رِزْقِ الله، فنَبِيّ الله أيَّوب لا يَفْعَلُ هذا. الذي وَرَدَ عَنْ رَسولِ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَم أنَّ سَيّدنا أيَّوب مَرِضَ ثَمانِيَة عَشَرَ عاماً، ولَم يُسَمّي الرَسول مَرَضَهُ فلا يَنْبَغي أنْ يَشْغُلَ الشَّخْصَ بالَهُ في مَعْرِفَة ذاكَ الـمَرَض. لَكِن نَجْزُم أنَّهُ لَيْسَ مَرَضاً مُنَفِّراً. بَعْضُ النّاسِ يَشغَلونَ بالَهُم لِمَعْرِفَة نَوْع الشَجَرَة التي أكَلَ مِنْها آدَم وحَوّاء، ويَسْتَرْسِلونَ فيَقولون تفّاح أو تين أو توت، فَلَم يَرِد نَص في القُرْءان ولا في الحَديث عَن تَسْمِيَة هَذِهِ الشَّجَرَة. قالَ بَعْضُ العُلَماء هِيَ الحِنْطَة، أي القَمْح، لَكَن هذا لَيْسَ شَيءً لَهُ ثُبوت وإِسْناد إلى الرَّسول صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
الأنْبِياء كما قالَ الرَّسول صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم "أشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأنْبِياء ثُمَّ الأمْثَلُ فالأمْثَل"، يُبْتَلى الرَّجُلُ على حَسَبِ دينِه كُلَّما كانَ في دينِهِ صُلْباً كُلّما كانَ بلاؤهُ أشَد، ولَيْسَ كما يَقول بَعْض النّاس أنَّ التَّقِيَّ لا يُبْتَلى بالـمَرَّة وإذا وَقَعَ على الشَّخْصِ بَلاء فَمَعْنى هذا أنَّهُ لَيْسَ تَقِي فَهذا غَيْرُ صَحيح. الجُزام هُوَ مَرَض تَتَناثَر مِنهُ الأطْراف، فَتَقَع أصابِع الشَّخْص أو أنْفُهُ وتَتَساقَط أطْرافُهُ حَتّى يَهْلك. أمّا البَرَص فهُوَ مَرَض يَبْيَضُّ مِنْهُ الجِلْد فَلا يَعود الجِلْد على طَبيعَتِهِ الـمَعْروفَة بَل يَتَخَلَّله بُقَع بَيْضاء يَنْفِرُ مِنْها النَّاس. أحْياناً يَكون الشَّخْصُ مِنَ الأوْلِياء ويَنْزِلُ عَلَيْهِ بلاءٌ كَثير وهَذِهِ هِيَ العادَة. قالَ العُلَماءُ هذا مِن أمورِ العَقيدَة التي هِيَ منَ الفُروع، أي مِن فُروعِ العَقيدَة، ولَيْسَت مِنَ الأصول "أنَّ الـمَرْءَ كُلَّما زادَ في التَّقْوى كُلَّما زادَ بلاؤُهُ". قالَ بَعْضُ الـمُحَقِّقينَ "وُرُودُ الفاقات أعْيادُ الـمُريدين" مَعْناهُ الـمُريدُ الصّادِقُ الذي يَسْلُكُ على يَدِ عالمٍ يُريدُ الوصولَ إلى الدرجات العليا هذا إذا نَزَلَ عَلَيْهِ البَلاء يَفْرَحُ كَفَرَحِ الإنْسانِ العادِيّ بالعيد لِعِلْمِهِ ولِثَقَتِهِ أنَّ هذا البَلاء إذا نَزَلَ على الـمُؤمِن فَصَبَرَ ولَم يَعْصِ رَبَّهُ بِسَبَبِهِ يَزْدادُ رِفْعَةً ودَرَجَةً عِنْدَ اللهِ تَعالى بِنُزولِ هذا البَلاء عَلَيْه. الرَّسولُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ شَديدَ البَلاء وهَكَذا كُلُّ الأنْبِياء وهَكَذا أوْلِياء الله يَنْزِلُ عَلَيْهِم بلاءٌ كَثير فَيَصْبِرونَ فَتَرْتَفِعُ دَرَجاتُهُم. الأنْبِياء لَيْسوا هَيِّنينَ على الله بَل هُم كُرَماءُ على الله والأوْلِياء لَيْسوا هَيِّنينَ على الله بَل هُم كُرَماءُ على الله، الأنْبِياء والأوْلِياء اللهُ يُحِبُّهُم واللهُ يُكْرِمُهُم فَنُزول البَلاء لَيْسَ علامَة السُّخْط ولَيْسَ علامَة الغَضَب. بَعْضُ الجُهّال إذا نَزَلَ بلاءٌ على شَخْصٍ يَقولونَ "الله أعْلَم بِما عَمِلَ حتّى نَزَلَ عَلَيْهِ هذا البَلاء، اللهُ غاضِبٌ عَلَيْه"، إذا نزَلَ بَلاء على مُؤمِن لا يُقال لِمُجَرَّدِ هذا "اللهُ غاضِبٌ عَلَيه"، البَلاء الذي يَنْزِل عَلى الـمُؤْمِن إذا كانَ مِن أهْلِ الـمَعاصي فَلِتَكْفير الـمَعاصي وإذا كانَ مِنَ الأتْقِياء فَلِرَفْعِ الدَّرَجات.
الوَحْي في اللغَة العَرَبِيَّة يُسْتَعْمَل بِمَعْنى الوَحْيِ الـمَعْروف الذي يَنْزِل على الأنْبِياء، ويُسْتَعْمَل بِمَعْنى الإلْهام كما في الآيَة أي ألْهَمِنا أم مُوسى، كما يُسْتَعْمَل بِمَعْنى الإشارَة. إذا قيلَ أصْدِقاؤهُ يُوحونَ إلَيْهِ فَهذا لَيْسَ بِمَعْنى الوَحْيِ الذي يَنْزِل عَلى الأنْبِياء بَل مَعْناهُ يُشيرونَ إلَيْهِ. كَما أنَّ بَعْض النّاس يُشْغِلونَ بالَهُم لِمَعْرِفَة كَم حَمَلَت مَرْيَم بِعيسى، ويَبْدؤونَ بالسُّؤال عَن هذا الأمْر. لَم يَرِد لا في القُرْءان ولا في الحَديث، فلا يَتَكَلَّف الشَّخْص بالبَحْثِ عَن هذا. الذي وَرَدَ أنَّ الله خَلَقَهُ في جَوْفِها مَن غَيْرِ نُطْفَة امْرَأة ومَن غَيْر رَجُل بَل خَلَقَهُ اللهُ خَلْقاً كما خَلَقَ آدَم عَلَيْهِ السَّلام، فَهَذِهِ مَعْلومات يُسْتَفاد مِنْها وَوَرَدت في القُرْءانِ الكَريم قالَ الله تَعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59﴾ [سورة آل عمران]
وَكَذَلِكَ يَسْتَحيلُ على الأنْبِياءِ الجُبْنُ أمّا الخَوْفُ الطَّبِيعِيُّ فَلا يَسْتَحيلُ عَلَيْهِم بَل الخَوْفُ الطَبِيعِيُّ مَوْجودٌ فِيهِم وَذَلِكَ مِثْلُ النُّفورِ مِنَ الحَيَّةِ فإنَ طَبِيعَةَ الإنْسانِ تَقْتَضِي النُّفورَ مِنَ الحَيَّةِ وَمَا أشْبَهَ ذَلِك. الله سُبْحانَهُ وتَعالى جَبَلَ النَّاس أي جَعَلَ مِن طَبيعَة بني آدَم أنَّهُم يَخافونَ مِنَ الـمَوْت فَهُم يَخافونَ مِمّا يَعْرِفونَ أنَّهُ يُؤدّي بِهِم إلى الـمَوْت، الإنْسان يَنْفُر مِنَ الحَيَّة لأنَّهُ اسْتَقَرَّ في نَفْسِهِ أنَّ الحَيَّة فيها سُم وأنَّها تَقْتُلُ بِسُمِّها، وكَذَلِكَ يَنْفُر مِنَ العَقْرَب لأنَّهُ اسْتَقَرَّ في نُفوسِ النّاس أنَّ هذا العَقْرَب فيهِ سُم يُهْلِكُهُم عادَةً إذا أصابَهُم. فَهذا الخَوْف الطَّبيعي لا ضَرَرَ فيه أنْ يَكون مَوْجود في الأنْبِياء. قالَ اللهُ تَعالى حِكايَةً عَنْ مُوسى {وأخافُ أن يَقْتُلُون} أي الخَوْف الطَّبيعي مِنَ الـمَوْت، ولَيْسَ خَوْف الجُبْن. وَلا يُقالُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هَرَبَ لأنَّ هَرَبَ يُشْعِرُ بالجُبْنِ أمّا فَرَّ مِنَ الأذَى مَثَلاً فَلا يُشْعِرُ بالجُبْنِ يُقال هاجَرَ فِراراً مِنَ الكُفّارِ أيْ مِنْ أذَى الكُفّارِ هَذا جائِزٌ مَا فِيهِ نَقْصٌ وَعَلى هَذا الـمَعْنَى قَوْلُ اللهِ تَعالى إخْباراً عَنْ مُوسَى أنَّه قال "فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُم"، الجُبْنُ مُسْتِحيل عَلى الأنْبِياء، فالأنْبِياء عَلَيْهِم الصَّلاةُ والسَّلام ما فيهِم رَجُل جَبان. بَعْضُ النَاس يَقولون أنا لا أخاف الـمَوْت وهذا غَيْر صَحيح لأنَّ الناس مَجْبولون على الخَوْفِ مِنَ الـمَوت، أي مِن طَبيعَة الإنْسان أنَّهُ يَخافُ مِنَ الـمَوْت، وهذا لَيْسَ نُقْصان بَل هذا شَيْء طَبيعي. الرَّسول صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حينَ هاجَرَ، هاجَرَ بِوَحْيٍ مِنَ الله ولَيْسَ عَن جُبْن، وهذا كانَ فيهِ مَصْلَحَة للدّين قَوِيَ بِذَلِكَ أمْرُ الدّين ثُمَّ رَجَعَ الرَّسول مَعَ الصَّحابَة وفَتَحوا مَكَّة، فَهذا ما فيهِ نُقْصان ولَيْسَ فيهِ جُبْن. مرةً خَطيبٍ على الـمِنْبَر قال مُحَمَّد شُجاع أمّا مُوسى جَبان، فَقام شخص من المصلين وقال أعوذُ بالله هذا لا يَجوز الذي يَصِف موسى بالجُبْن كُفْرٌ، فلَم يَقُم أحَد مِنَ الـمُصَلّين بَل قالَ له أحَدُهُم اجْلِس عِنْدَما يَنْتَهي الخَطيب تَتَكَلَّم مَعَهُ، فانْظُروا إلى هذا الجَهْل، لَم يَقُم سِوى هذا الإنْسان الذي تعلم علم العَقيدَة والعلم عَن صِفات الأنْبِياء الواجِبَة وماذا يَسْتَحيل على الأنْبِياء. ذاكَ الخَطيب سَبَّ موسى لأنَّهُ نَعَتَهُ بالجُبْن ومَن سَبَّ نَبِيّاً كَفَر، ومَع ذَلِكَ لَم يَقُم إلّا هذا الإنْسان الـمُتَعَلِّم، وبَدَل أنْ يَنْصُرُهُ النّاس ويُؤيِّدوه يَطْلبونَ مِنهُ السُّكوت والجُلوس. وهَذِهِ القِصَّة مِنذُ أكثر من ثلاثين سَنَة حَصَلَت، فالجَهْل انْتَشَرَ مِن زَمانٍ طَويل.
وَتَجِبُ لَهُم العِصْمَةُ مِنَ الكُفْرِ وَالكَبائِرِ وَصَغائِرِ الخِسَّةِ قَبْلَ النُّبُوَّة وبعدها. الشَّرْح: الأنْبِياء مَعْصومُونَ أيْ مَحْفُوظونَ مِنَ الكُفْرِ قَبْلَ أن يُوحَى إلَيْهَم بالنُّبُوَّةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أيضًا العِصْمَة مَعْناها الحِفْظ. اللهُ حَفِظَ الأنْبِياء مِنَ الكُفْرِ قَبْلَ أنْ يوحَى إلَيْهِم وبَعْدَ أنْ يَنْزِل إلَيْهِم الوحي فلا يَحْصُل مِنْهُم كُفْرٌ الـمَرَّة. فإذا سألَكُم سائِل كَيْفَ يَعْرِفونَ الإيمانَ قَبْلَ نُزولِ الوَحْيِ، فَيُقال اللهُ يُلْهِمُهُم الإيمانَ في قُلوبِهِم إلْهاماً، أي يوقِعُ ذَلِكَ في قُلوبِهِم. الإلْهام مَعْناهُ إيقاعُ شَيْءٍ في القَلْبِ.
وأمّا قَولُ سَيِّدِنا إبْراهِيمَ عَنِ الكَوْكَبِ حِينَ رَءاهُ "هَذا رَبِّي" سورة الأنعام. فَهُوَ عَلى تَقْديرِ الاسْتِفْهَامِ الإنْكارِيّ فَكَأنَّهُ قال أهَذا رَبِي كَمَا تَزعُمُون؟ ثُمَّ لمّا غابَ قال "لا أُحِبُّ الآفِلِين" سورة الأنعام. أي لا أحب عبادة الآفلين أيْ لا يَصْلُحُ أن يَكونَ هَذا رَبّاً فَكَيْفَ تَعْتَقِدونَ ذَلِك. قَوْل سَيِّدنا إبْراهيم {هذا رَبِّي} هذا على تَقْديرِ الاسْتِفْهام، مِثالُ ذَلِك واحِد وَجَد كِتاب فأتى لِشّخْصٍ وقالَ لَهُ خُذ هذا كِتابك، وذلكَ يَعْلَم أنَّ الكِتاب لَيْسَ لَهُ فَيَقول "هذا كِتابي!" كأنَّهُ يَقول "أهذا كِتابي" أي أتّدَّعي أنَّ هذا كِتابي، أي هذا لَيْسَ كِتابي.
الكَوْكَب في اللغَة مَعْناهُ النَّجْم. لُغَةً لا يُقال كَوْكَب لا عَن الشَّمْس ولا عَن القَمَر ولا عَن الأرْض. بَعْضُ قَوْمِ إبْراهيم عَلَيْهِ السَّلام كانوا يَعْبدونَ كَوْكَبًا أي نَجْمَاً، فَلَمّا أرادَ إبْراهيم عَلَيْهِ السَّلام أن يُفَهِّمَهُم أنَّ هذا لا يَسْتَحِقُ الإلوهِيَّة اسْتَعْمَلَ مَعَهُم أسْلوباً سَهْلاً بَسيطاً، فَعِنْدَما ظَهَرَ النَّجْم قالَ {هَذا رَبِّي}؟ أي تَزْعُمون أنَ هذا رَبّي؟، أي هذا شَيْء كانَ مُخْتَفِياً والآنَ ظَهَرَ كَيْفَ يَكون إلهً؟، ثُمَّ انْتَظَرَ حَتّى أفِلَ أي غابَ أظْهَرَ لَهُم أنَّ هذا لا يَسْتَحِق أنْ يُعْبَد قالَ لَهُم {لا أحِبُّ الآفِلِين}، أي ما كانَ غائِباً ثُمَّ ظَهَرَ هَذِهِ علامَة التَّغَيُّر ثُمَّ بَعْدَ ظُهورِهِ غابَ وهَذِهِ علامَة التَّغَيُّر فلا يَصْلِح هذا أنْ يكونَ رَبّاً ولا يَسْتَحِقُّ العِبادَة، هذا جِرْمٌ حَجْمٌ يَتَغَيَّر مَن حالٍ إلى حال وحتى لَو كانَ مُضيءً، وأقْوى علامات الحُدوث التَّغَيُّر والحادِث لا يَكونُ إلهً. وَلَمّا لَمْ يَفْهَموا مَقْصودَهُ بَل بَقُوا عَلى مَا كانوا عَلَيْهِ قالَ حِينَما رَأى القَمَرَ مِثْلَ ذَلِك فَلَمّا لَمْ يَجِد مِنهُم بُغْيَتَهُ أظْهَرَ لَهُم أنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ عِبادَتِهِ وَأنَّهُ لا يَصْلُحُ للرُّبُوبِيَّةِ ثُمَّ لَمّا لَمْ يَرَ مِنْهُم بُغْيَتَهُ قالَ حِينَما ظَهَرَتِ الشَّمْسُ "هَذا رَبّي هَذا أكْبَر" ؟ أيْ عَلَى زَعْمِكُم، فَلَم يَرَ مِنْهُمْ بُغْيَتَهُ أيْضًا فأَيِسَ مِنْهُم مِنْ عَدَمِ انْتِباهِهِم وَفَهْمِهِم لِلْمُرادِ أيْ أنَّ هَذِهِ الثَّلاثَةَ لا تَصْلُح لِلألُوهِيَّةِ فَتَبَرَّأ مِمّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ ثُمَّ لَمْ يَمْكُث فِيهِم بَلْ ذَهَبَ إلى فِلَسْطِين فأقامَ هُناك وَتُوُفِّيَ فِيها وَأمّا إبْراهِيمُ فِي حَدِّ ذاتِهِ فَكانَ يَعْلَمُ قَبْلَ ذَلِكَ أنَّ الرُّبوبِيَّةَ لا تَكونُ إلا لله بِدليلِ قَوْلِهِ تعالى ﴿وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا إبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْل﴾ سَيّدنا إبْراهيم كانَ عَلى الإيمان قَبْلَ أنْ يَنْزِل عَلَيْهِ الوَحْي وثَبَتَ وبَقِيَ على الإيمان إلى أن ماتَ عَلَيْهِ السَّلام. شخصٌ ألَّفَ كِتاباً في التفسير قالَ فيه عَن إبْراهيم عَلَيْهِ السَّلام إنَّهُ كانَ يَمُرُّ في مَراحِل الشَّك فَلَمّا رأى الكَوْكَب قالَ "هذا رَبّي" ظَنَّ أنْ هذا الكَوْكَب هُوَ الإله، والعِياذُ بالله. وقال عَن إبْراهيم عَلَيْهِ السَّلام فَلّما أفَلَ خَيَّبَ ظَنَّهُ، والعِياذُ بالله، وقال ثُمَ عادَ واعْتَقَد أنَّ القَمَر هُوَ الإله فَلَمّاَ أفَلَ خَيَّبَ ظَنَّهُ هُوَ الآخَر، وقال لَمّا رأى الشَّمْس ظَنَّ هِيَ الإله لأنَّها أكْبَر والعِياذُ بالله، قالَ ثُمَّ خَيَّبَت ظَنَّهُ هِيَ الأخْرى. هذا المؤلف الكافِر جَعَلَ إبْراهيم كَواحِد مِن أهْلِ الضَّلال يَنْتَقِل مِن عِبادَةِ شَيْءٍ إلى عِبادَةْ شَيْءٍ آخَر لا يَسْتِحِق الألوهِيَّة والعِياذُ بالله، أي زَعَمَ أنَّ إبْراهِيم انْتَقَلَ مِن عِبادَة الكَوكَب إلى عِبادَة القَمَر ثُمَّ الشَّمْس ثَمَّ تَوَصَّلَ إلى الحَقيقَة. وفي ذات الكِتاب قالَ هذا المؤلف عَنْ سَيّدنا موسى "إنَّهُ فَتى مُنْدَفَع عَصَبِيُّ الـمِزاج" والعِياذُ بالله. ويَقول عَنْهُ أيْضاً "ولْنَعُد إلَيْهِ مَرَّة أخْرى لَعَلَّهُ قَد هَدأ، لا إنَّهُ ذاكَ الفَتى العَصَبِيّ الـمُنْدَفَع" والعِياذُ بالله. وفي مَوْضِعِ آخَر يَقول عَن يوسف عَلَيْهِ السَّلام لَما حَصَلَت تِلْكَ القِصَّة بَيْنَهُ وبَيْنَ زَليخَة، إنَّهُ ظَهَرَ لَهُ يَعْقوب لأنَّهُ كانَت قَد حَلَّ تِكَّة السِّرْوال أي أرادَ أنْ يَقَعَ بالزِّنى على زَعْمِهِ، فَضَرَبَهُ في صَدْرِهِ حَتّى خَرَجَت شَهْوتهُ مِن أنامِلِهِ، والعِياذُ بالله مِن هذا الكَلام. فَسَبَّ إبْراهِيم وسَبَّ موسى وسَبَّ يوسفَ، وللأسف يَعْتَبِرهُ بعض الناس أنه كان يُعَلَّم النّاس الدّين.
فائِدَة: المؤمن من شأنه أنه يُحَذِّر النّاس مِنَ الضَّلال وهذا ما يَجْب عَلَيْنا فِعْلُهُ أي التَّحْذير مِن أهْلِ الضّلال، والعِبْرَة مِنَ التَّحْذيرِ مِنْهُم أنَّهُ لَو كانَ ذاكَ الضّال حَيّاً لَعَلَّهُ يَرْجِع عَن ضَلالِهِ، وإنْ كانَ مَيِّتاً حَتى يَحْذَرَ النّاس مِن ضَلالِهِ، وإنْ كانَ حَيَاً ولا يَرْجِع عَن ضَلالِهِ حَتّى يَعْرِف النّاس أنَّهُ على ضَلال ويَخِفُّ اعْتِقاد النّاس وإقْبالُهُم عَليْه. قالَ رَسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وسَلّم "حَتَّى مَتَى تَرِعُونَ عَن ذِكْرِ الفاجِرِ، اذْكُروهُ بِما فيهِ حَتّى يَحْذَرَهُ النّاس" فالحِكْمَة والعِبْرَة والفائِدَة العَظيمَة مِنَ التَّحْذير مِن أهْلِ الضَّلال حَتى يَحْذَرَهُم النّاس ولا تَقَع فيهِ. أمّا إذا تُرِكَ الأمْرُ هَكذا فالنَاس تَعْتَقِد ما يَقولُهُ هذا الإنْسان. كَثيرٌ مِنَ النّاس يُطالِعون في الكُتُب من غير تعلم عند عالم ثقة فيعتقدون ما يخالف الشرع مما يجدوه في الكتب، يوجد كتاب تفسير مشهور بين الناس يكاد لا يخلو من البيوت فيهِ الكَثير مِنَ الضَّلال، ففي تَفْسير سورَة الحَديد فَسَّرَ المؤلف قَوْل الله {وهُوَ مَعَكُم أيْنَمَا كُنْتُم} بِقَوْلِهِ هَذِهِ الكَلِمَة لَيْسَت على الكِنايَة والـمَجاز بَل هِيَ عَلى الحَقيقَة، ويَقول فالله مَع كُلِّ أحَد في كُلِّ مَكان، وهذا خِلاف قَوْل كُلِّ الـمُسْلِمين، المسلمون يعتقدون أن الله تعالى لا يحتاج إلى مكان وليس متحيزاً بجهة. كُل الـمُفَسِّرين قالوا في قَوْلِهِ تَعالى {وهُوَ مَعَكُم أيْنَمَا كُنْتُم} مَجازٌ عَن إحاطَةِ عِلْمِ اللهِ بِكُلِّ شَيْء، أي مَعْناها أنَّ اللهَ عالِمٌ بِكُم أيْنِما كُنْتُم.
وَالأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَّلام مَعْصومُونَ مِنَ الوُقوعِ فِي الـمَعاصِي الكَبِيرَة وَكَذَلِكَ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنَ التَلَبُّسِ بالذِّنوبِ الصَّغِيرَةِ الّتِي فِيها خِسَّةٌ وَدَنَاءَةٌ كَسَرِقَةِ حَبَّةِ عِنَبٍ فإنَّ هَذِهِ صَغِيرَةٌ لَكِنَّها تَدُلُّ عَلَى دَناءَةِ نَفْسٍ.
الأنْبِياء مَعْصومون مِنَ الـمَعاصي الكَبيرَة كالزِّنى وشُرْبِ الخَمْرِ واللِّواطِ والسَّرِقَةِ. الصَّغائِر التي تَدُل على خِسَّة النَّفْسِ ودَناءَة النَّفْس هَذِهِ مُسْتَحيلَة على الأنْبِياء، وقَد يَحْصُل مِنَ الأنْبِياء مَعْصِيَة صَغيرَة لَيْسَ فيها خِسَّة ولا دَناءَة ويَتوبونَ مِنْها فَوْراً قَبْلَ أنْ يَتَّبِعَهُم غَيْرُهُم فلا يَحْصُل أنْ يُتَّبَعوا في ذَلِك. مِثالُ ذَلِكَ ما حَصَل من آدَم عَلَيْهِ السَّلام حينَ أكَلَ مِنَ الشَّجَرَة التي في الجَنَّة حَيْثُ جاءَهُ الـمَلَك وقالَ لَهُ ولِحَوّاء "إنَّ اللهَ يَنْهاكُما عَن أن تأكُلا مِن هَذِهِ الشَّجَرَة" فَحَصَلَ أن أكَلَ آدَم وحَوّاء مِن هَذِهِ الشَّجَرَة وأهْبِطا إلى الأرْض، لا نَقول طُرِدا مِنَ الجَنَّة لأنَّ فيه سوء أدَب مَع النَّبِيَ بَل نَقول أهْبِطا أو أخْرِجا مِنَ الجَنَّة، الذي طُرِد منَ الجَنَّة هُوَ إبْليس الذي كفَرَ بالله باعْتِراضِهِ على الله.
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾. وقال رسول الله: « طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ ».

والحمد لله رب العالمين.











 توقيع : عاشق الليل

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عاشق الليل على المشاركة المفيدة:
 (12-28-2024)
 

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.