الاحتياط في الإسلام
الاحتياط فى الإسلام
الاحتياط هو :
الاستعداد وهو نفسه أخذ الحذر وقد أمر الله المسلمين بإعداد كل مصادر القوة استعدادا لأى كارثة تقع حيث قال سبحانه :
" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "
وقال :
" خذوا حذركم "
وقد عرف أهل الفقه الاحتياط بذلك كما عرفوه بالحذر من الشبهات كما قالت الموسوعة الفقهية فى تعريفه :
"التعريف:
1 - من معاني الاحتياط لغة: الأخذ في الأمور بالأحزم والأوثق، وبمعنى المحاذرة، ومنه القول السائر:
أوسط الرأي الاحتياط، وبمعنى الاحتراز من الخطأ واتقائه
ويستعمل الفقهاء الاحتياط بهذه المعاني كذلك أما الورع فهو اجتناب الشبهات خوفا من الوقوع في المحرمات "
وتناولت الموسوعة أن كثير من الأحكام الفقهية تثبت لأجل الإحتياط حيث قالت:
الحكم الإجمالي:
2 - كثير من الأحكام الفقهية تثبت لأجل الاحتياط، فمن نسي الظهر والعصر من يومين لا يدري أي اليومين أسبق، فإنه يصلي الظهر ثم العصر ثم الظهر في أحد الاحتمالات، والباعث على ذلك الاحتياط. "
والمثال المضروب على الاحتياط وهو ترتيب الصلوات الفائتة المنسية لا علاقة له بالاحتياط وهو الحذر لأن الحذر يكون سابق على الشىء وليس بعده وهنا النسيان كان سببه عدم الحذر وهو عدم أخذ الاحتياط لصلاة كل صلاة فى وقتها
فالاحتياط دوما ما يسبق المحذور منه فعندما نحتاط للعدو فهذا معناه أننا نعد له كل مصادر القوة قبل أن يعتدى علينا وعندما يقع المحذور وهو العدوان يجد رد الفعل فى الوقت المناسب وهو تقليل الخسائر إلى أقل حد ممكن
ونجد ذلك فى الخطة التى وضعها يوسف (ص) استعدادا للمجاعة التى ستضرب مصر مستقبلا عندما أمرهم أن يخزنوا الفائض من المحاصيل بتركه فى سنبله طوال السنوات السبع الخصبة حتى يستعينوا بها على سد جوعهم فى السنوات السبع التى فيها الجفاف والمجاعة
وفى هذا قال سبحانه :
"يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)"
كما نجد ذلك فى قصة ادخار بنى إسرائيل للمال والطعام فى بيوتهم استعدادا للأيام التالية وكانت إحدى معجزات المسيح (ص) هو أنه كان يخبرهم بما يدخرون وهو ما يخزنون من المال والأطعمة فى مخازن البيوت
وفى المعنى قال سبحانه :
"وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)"
كما نجد ذلك فى قصة الأب الصالح الذى جمع مالا لكى ينفع أولاده مستقبلا ودفنه تحت أحد جدران منزله وفى المعنى قال سبحانه :
"وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)"
ومن ثم الاحتياط يكون دوما قبل حدوث الضرر أو قبل حدوث ما نخشاه
وتناولت الموسوعة تعارض الاحتياط مع براءة الذمة ومع التوخى عند الحرج حيث قالت :
"ولتعارض الاحتياط مع أصل براءة الذمة، ومع قاعدة التحري والتوخي عند الحرج، يأتي التردد والخلاف في الأحكام المبنية على الاحتياط. ويذكر الأصوليون ما عبر عنه الأنصاري شارح مسلم الثبوت أنه:
" ليس كل ما كان أحوط يجب، بل إنما هو فيما ثبت وجوبه من قبل، فيجب فيه ما تخرج به عن العهدة يقينا، كالصلاة المنسية، كما إذا فاتت صلاة من يوم فنسيها، فيجب عليه قضاء الصلوات الخمس من ذلك اليوم ليخرج عن عهدة المنسية يقينا ""
وقد تكلمنا أن الصلاة الفائتة ليست من ضمن الاحتياط لأن المحتاط يحتاط قبلا وليس بعدا
وذكرت الموسوعة قول الأنصارى أيضا فى المستحاضة :
" ومنه نسيان المستحاضة أيامها يجب عليها التطهر لكل صلاة أو لوقت كل صلاة " على خلاف تفصيله في " حيض ". "
وكلام الأنصارى عن تطهر المستحاضة لكل صلاة احتياطا من جهلها بموعد الحيض الأصلى هو غلط فدم الاستحاضة ليس هو نفسه دم الحيض الأصلى وعلى المرأة متابعة السوائل النازلة فدم الحيض هو سوائل مختلطة بدم ومن ثم يغلب عليها الدم القانى وهو الغامق وفيه قطع سود بينما دم الاستحاضة يكون دم فاتح اللون ولا يكون مختلطا بسوائل أخرى إلا قليلا
وتناولت الموسوعة كلام أخر وكله بعيد عن الاحتياط وهو الصوم فى يوم الشك حيث قالت :
"ثم ذكر الحالة الثانية التي يجب فيها الفعل احتياطا فقال: " أو كان الوجوب هو الأصل ثم يعرض ما يوجب الشك، كصوم الثلاثين من رمضان، فإن الوجوب فيه الأصل، وعروض عارض الغمام لا يمنعه، فيجب احتياطا، لا كصوم يوم الشك، فلا يثبت الوجوب للاحتياط في صوم يوم الشك؛ لأن الوجوب فيه ليس هو الأصل، ولا هو ثابت يقينا "
وحكاية وجود شك فى يوم الصوم يتعارض مع أن الجو لا يكون كله غائما فى بلاد المسلمين فبعضها يكون فيه غيام والبعض الأخر يكون صافيا يمكن فيه رؤية القمر ومن ثم يمكن لبعضهم إخبار بعض عن طريق الهواتف أو الحواسب حاليا أو عن طريق إرسال إشارات من الأبراج العالية بالنار مثلا على ظهور الهلال من عدمه وكان ممكن عند عدم وجود هواتف حيث كان يتم تبادل الرسائل الحربية عن طريق اشعال نيران بطرق معينة وكذلك عن طريق الحمام الزاجل
ومن ثم لا وجود ليوم الشك الذى اخترعه الرواة فى رواياتهم
وتناولت الموسوعة الأماكن التى يمكن العثور فيها على كلام عن الاحتياط حيث قالت :
"مواطن البحث:
3 - يذكر الأصوليون في باب تعارض الأدلة ترجيح الدليل المقتضي للتحريم على ما يقتضي غيره من الأحكام لاستناد ذلك الترجيح للاحتياط، وفي تعارض العلل ترجيح العلة المقتضية للتحريم على المقتضية لغيره .
وذكروا أيضا مسألة جريان الاحتياط في الوجوب والندب والتحريم، في الباب نفسه أيضا. ومحل ذلك الملحق الأصولي."
بالطبع لا يوجد شىء اسمه تعارض الأدلة فى الإسلام فالله بين كل شىء حيث قال :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "
ومن ثم لا يوجد تعارض فى الوحى وإنما التعارض هو بسبب الفهم الخاطىء لمعانى الآيات أو بسبب الروايات التى تنسب للنبى (ص) والمؤمنون فى عهده وهم المعروفون باسم الصحابة
وفى هذا قال سبحانه نافيا اختلاف وهو تعارض والمقصود :
تناقض الوحى :
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا"
إذا أسباب تعارض الأدلة عند أهل الفقه فى الموجود بين أيدينا من كتب التراث هى:
الأول :
الروايات المنسوبة زورا للنبى (ص) ومن اتبعوه فقد ألفها الكفار لتضليل الناس وجعلهم لا يعرفون الحلال من الحرام وعليها معظم اعتماد الفقهاء حيث غالبهم استغنوا عن القرآن بالروايات وتجد أبواب كتب الحديث فيها مئات أو آلاف من المسائل كلها تذكر الحديث وعكسه مرة أو اثنين أو أكثر وكل خلف بعضه
الثانى الفهم الخطأ لمعانى آيات القرآن
وتناولت الموسوعة القواعد الفقهية المبنية على الاحتياط حيث قالت :
"ويذكر الفقهاء القواعد المبنية على الاحتياط، ومنها قاعدة تغليب الحرام عند اجتماع الحرام والحلال، وما يدخل في هذه القاعدة وما يخرج عنها، في كتب القواعد الفقهية "
والحلال والحرام ليسوا مبنيين على قواعد وإنما مبنيين على أحكام وهى آيات القرآن لأن القواعد الفقهية غالبا ما تعارض القرآن فقاعدة كقاعدة سد الذرائع إذا طبقناها فى الفتنة الجسدية فمطلوب أن يلبس النساء والرجال والأطفال النقاب أو يقعد كل واحد فى بيته وحده ولا يخرج منه حتى لا يفتن الأخرين
بالطبع الفتنة تقع حتى من الرضع كما هو فى الفتوى الشهيرة المنسوبة للشيعة بإباحة مفاخدة الرضيعة والمقصود :
أن يضع الرجل عضوه بين وركى الطفلة الرضيعة تلذذا بها
وحتى تقع من المحارم بدليل وقوع زنى المحارم وهم الأقارب المحرم زواجهم كالأمهات والأخوات
طبقا لقاعدة سد الذرائع يلبس الكل النقاب أو يسكن كل إنسان بمفرده فى بيت ولا يخرج منها
وسدا لباب الفتنة الجسدية يجب ترك أحكام الله بجواز انكشاف العورة أمام ناس محددين كما قال سبحانه :
"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ"
كما يجب ارتداء النقاب للرجال والنساء والأطفال بينما أباح الله كشف الوجه والكفين بقوله فى الآية السابقة :
" وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"
وقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب توجب على المسلم ما لم يفرضه والمقصود لم يوجبه الله كمن أعتق الجزء الخاص به فى عبد مشترك بينه وبين غيره يكلف بعتق ما بقى من العبد سواء كان معه مال او ليس معه فعليه أن بذهل للشركاء ويظل يذل نفسه لهم حتى يرضوا بعتق بقية العبد ومثل من يجد محتاجا لشىء وليس معه ما يشترى به هذا الشىء فيذهب ويستدين لكى يكمل ثمن الشىء ليعطيه من احتاجه فالواجب هو المساعدة بالموجود وليس بالاستدانة
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|