الحواريون
الحواريون
الحواريون هم أنصار الله كما وصفوا أنفسهم وهم :
من آمنوا بعيسى(ص) في عصره
ورغم وضوح معنى التسمية في القرآن وهو :
الناصرون للمسيح(ص) من خلال قوله سبحانه :
"فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"
وقوله أيضا :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ"
إلا أن المفسرين أبوا إلا أن يحيرونا من خلال أقوالهم حيث ذكروا في سبب التسمية الأقوال التالية :
"قال ابن عباس:
سموا بذلك؛ لبياض ثيابهم.
وقيل:
سموا بذلك؛ لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس، بإفادتهم الدين والعلم، المشار إليه، فى قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (الأحزاب: 33)
وقال قتادة والضحاك:
سموا بذلك؛ لأنهم كانوا خاصة الأنبياء؛ لصفاء ونقاء قلوبهم."
وكل هذا التفاسير لا تفيدنا بأى شىء في المعنى لأنها تدخلنا في باب الاختلاف البغيض بينما المعنى الحقيقة موجود في كتاب الله وهو :
من آمنوا بالمسيح(ص) ودافعوا عن رسالته
والبعض منها قال :
"الحواريون: جمع حوارى، والحوارى:
الناصر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إن لكل نبى حواريا، وإن حوارىّ: الزبير بن العوام» "
والاستدلال برواية كاذبة لا يفيد المسلم لا في علم ولا في واقع لأن الحديث يعلن أن الوحيد الناصر لخاتم النبيين(ص) هو :
الزبير بن العوام
وينفى عن بقية الصحابة نصرهم لرسوله (ص) وهى بذلك تكذب قول الله سبحانه في كتابه :
"لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"
فهنا المهاجرون نصروا الله ورسوله (ص) والأنصار نصروا الله ورسوله(ص) في قوله :
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ"
وقال في نصر الاثنين :
" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ"
وقد تناول المفسرون مسائل لا علاقة لها بالقرآن في الحواريين مثل :
المسألة ألأولى :
عدد الحواريين
وقالوا أن عددهم :
اثنا عشر رجلا
الغريب أنه لا يوجد في كتاب الله عددهم ولا أى إشارة إليه
بالطبع القول منقول عن أهل الكتاب فرغم أن كتابهم يقول :
أن المؤمنين به كانوا كثرة إلا أنهم اختاروا اثنى عشر رجلا فقط هم الذين كانوا معه في العشاء الأخير وهم من سموهم :
الرسل
وفيهم قالوا :
" الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ عِنْدَمَا يَجْلِسُ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى عَرْشِ مَجْدِهِ فِي زَمَنِ التَّجْدِيدِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ عَرْشاً لِتَدِينُوا أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ."
وهذا التحديد يخالف ايمان كثرة به في أقوال مثل أقوالهم في العهد الجديد :
23وَبَيْنَمَا كَانَ فِي أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ، آمَنَ بِاسْمِهِ كَثِيرُونَ إِذْ شَهِدُوا الآيَاتِ الَّتِي أَجْرَاهَا. 24"
ومثل:
" فَآمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ السَّامِرِيِّينَ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ بِسَبَبِ كَلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ قَائِلَةً: «كَشَفَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ». 40
المسألة الثانية : مهنة الحواريين :
وكالعادة وجدت أقوال عدة في مهن أولئك منها :
الأول:
صيادون
وكعادة المفسرين واللغويين اعتبروا صيادين قلوب وليسوا صيادين سمك وفى المعنى قال الراغب في مفرداته:
" وإنما كانوا كذلك لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة، وقودهم إلى الحق."
وفى العهد الجديد كانوا صيادين سمك في البحيرة كما في القول :
" 18وَبَيْنَمَا كَانَ يَسُوعُ يَمْشِي عَلَى شَاطِيءِ بُحَيْرَةِ الْجَلِيلِ، رَأَى أَخَوَيْنِ، هُمَا سِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ، يُلْقِيَانِ الشَّبَكَةَ فِي الْبُحَيْرَةِ، إِذْ كَانَا صَيَّادَيْنِ. 19فَقَالَ لَهُمَا: «هَيَّا اتْبَعَانِي، فَأَجْعَلَكُمَا صَيَّادَيْنِ لِلنَّاسِ!» 20فَتَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ حَالاً. 21وَسَارَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ، هُمَا يَعْقُوبُ بْنُ زَبَدِي وَيُوحَنَّا أَخُوهُ، فِي الْقَارِبِ مَعَ أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا لِيَتْبَعَاهُ. 22فَتَركَا الْقَارِبَ وَأَبَاهُمَا، وَتَبِعَاهُ حَالاً."
الثانى قصارين والمقصود صباغين للثياب وذكروا في هذا رواية طبقا ليست في كتب النصارى وهى :
"وأراد معلّم عيسى السفر، فقال لعيسى:
عندى ثياب كثيرة، مختلفة الألوان، وقد علمتك الصبغة فاصبغها، فطبخ عيسى وعاء واحدا، وأدخل فيه جميع الثياب، وقال: كونى بإذن الله على ما أريد منك فقدم الحوارى:
هو معلم الصباغة، والثياب كلها فى هذا الوعاء الواحد، فقال لعيسى: قد أفسدتها، فأخرج عيسى ثوبا أحمر، وثوبا أصفر، وأخضر، إلى غير ذلك، مما كان على كل ثوب مكتوب عليه صبغه، فعجب الحوارى، وعلم أن ذلك من الله، ودعا الناس إليه، فآمنوا به."
هذه الرواية وردت في سفر وهو إنجيل الطفولة الذى يكذبه النصارى ولكنه بألفاظ مخالفة وكانت الحادثة أن الطفل دخل دكان الصباغ فوضع كل الملابس في النيلة وهى الصبغة الزرقاء فلامه فأخرج منها الثياب الملونة وهى :
"وكان سالم يستعد لصبغها بألوان متنوّعة ولما دخل يسوع ذلك الدكان، تناول كلّ تلك ورماها في حوض ممتلئ بالنيلة (صبغة زرقاء) ولما رأى سالم الأقمشة تالفةً اخذ يصرخ، ويُطلق صيحات ويوبَّخ يسوع، قائلًا: "ماذا فعلت، يا ابن السيدة مريم؟ لقد آذيتني أنا ومواطنيّ؛ فقد كان كلّ واحد يطلب لونًا مختلفًا، وأنت جئت بغتةً، وأتلفت كلّ شيء" فأجاب الربّ يسوع: "أي قطعة قماش تريد تغيير لونها، أغيَّره" وراح على الفور يسحب الأقمشة من حوض النيلة، وكان كلّ منها مصبوغًا باللون الذي يرغب فيه الصبَّاغ فعظَّم اليهود، شهود هذه المعجزة، قدرة الله"
الثالث أن معنى الحواريين الملوك وذكروا في ذلك رواية هى :
"وقيل: كانوا ملوكا، وذلك أن الملك صنع طعاما، ودعا الناس إليه، وكان عيسى على قصعة، فكانت لا تنقص، فقال الملك له: من أنت؟ قال: عيسى ابن مريم، قال: إنى أترك ملكى هذا، واتبعك، وانطلق بمن اتبعه مع عيسى عليه السّلام."
بالطبع لا يوجد نص في كتاب الله في مهنهم ولا غيرها فكل ما في القرآن هو كونهم :
أنصار الله وأنهم أمنوا برسالة المسيح(ص) وكانوا معه حتى وفاته وأنهم طلبوا معجزة المائدة كما قال سبحانه :
"وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)"
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|