القىء في دين الله
القىء في دين الله
القىء هو :
اخراج ما في البطن وهو على نوعين :
الأول القىء المرضى نتيجة مرض ما كالبرد أو نتيجة دخول شىء غريب في مجرى التنفس أو تناول مادة ما
الثانى القىء نتيجة الاسراف في الأكل بحيث لا يكون هناك مكان داخل الجهاز الهضمى
وأما الاستقاءة عند أهل الفقه :
اخراج ما في الجوف عمدا وبالطبع في القىء المرضى يستقيىء الفرد بإرادته ودون إرادته
وقد استعمل أهل الفقه اللفظ في موضوع الصوم حيث اعتبروا التالى :
المستقيىء عمدا والمقصود :
محدث القىء بإرادته مفطر في نهار رمضان
ونقلوا رواية كاذبة وهى :
ما نسب للنَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وهو :
2382 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ ذَرَعَهُ قَىْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِنِ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ أَيْضًا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ هِشَامٍ مِثْلَهُ.
720- حَدثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أَخبَرنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَليه وسَلم قَالَ: مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ.
وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَثَوْبَانَ وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيدٍ.
قال أَبُو عيسَى: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ.
وقَالَ مُحَمَّدٌ: لاَ أُرَاهُ مَحْفُوظًا.
قال أَبو عيسى: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم وَلاَ يَصِحُّ إِسْنَادُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَثَوْبَانَ وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَليه وسَلم قَاءَ فَأَفْطَرَ.
وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَليه وسَلم كَانَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا فَقَاءَ فَضَعُفَ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ.
هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الحَدِيثِ مُفَسَّرًا وَالعَمَلُ عِندَ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَليه وسَلم؛ أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِذَا اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ.
وَبِهِ يَقُولُ الشافعيّ وسُفيان الثوريّ وأَحمَد وإسحاقُ"
ومما مضى يتبين أن الروايات ضعيفة عند أهل الحديث والنتيجة المفترضة هى :
رفض عمل حكم بناء عليها
ولكن الحادث هو :
انهم بنوا حكما ليس عليه دليل وهو :
فطر من استقاء بإرادته
بالطبع المستقيىء عمدا أو غير عمد لا يمكن أن يكون مفطرا لأنه يخرج الطعام والشراب من فمه بينما المفطر هو من يدخل الطعام والشراب فمه وبالتالى بقية جهازه الهضمى
فالأكل والشرب يدخلان بينما القىء والاستقاءة خروج
ومن ثم لا يمكن أن يكون المستقيىء أو المقيىء مفطرا لعدم دخول شىء لجوفه
وهناك رواية أخرى تبين أن الأكل ادخال بينما الاستقاءة اخراج ما في البطن وهى :
3770 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا عِيسَى - يَعْنِى ابْنَ يُونُسَ - حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِىُّ عَنْ عَمِّهِ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِىٍّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسًا وَرَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلاَّ لُقْمَةٌ فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَضَحِكَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ « مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَقَاءَ مَا فِى بَطْنِهِ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ جَدُّ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ." رواه أبو داود"
والرواية هى الأخرى كاذبة فالشيطان والمقصود إبليس لا يأكل مع احد من الناس لأنه فى تلك الحالة مطلوبة منه أن ينقسم إلى عدد يساوى عدد البشر والجن الموجودين وهم حاليا بالمليارات فكيف سينقسم لهذا العدد ؟
إبليس فى جهنم منذ طرد من الجنة كما قال سبحانه :
" اخرج منها مذؤوما مدحورا "
والذأم والدحر يعنى كونه المعذب المسخوط عليه فى النار
وإنما شيطان الناس كل واحد فى نفسه كما قال سبحانه :
" ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه "
والموضوع الثانى الذى ربطه أهل الفقه بالقىء هو :
الوضوء
فالبعض منهم اعتبر القىء من نواقض الوضوء وهو كلام يعارض منطوق آية الوضوء والتى قال سبحانه فيها :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"
ولا يوجد فى الآية شىء يقول أن القىء أو ما يخرج من الفم ينقض الوضوء أو بتعبير البعض :
نجاسة
لأن الطعام الذى يأكله المسلم وكذلك الشراب الذى يشربه هو :
طعام حلال وشراب طهور
كما أن اعادة الوضوء للمريض بمرض يجعله متضايق نفسيا وجسديا خاصة فى الأمراض التى يرتعش الإنسان من وضع الماء على جسده
ومن ثم اعادة الوضوء حرج والمقصود:
أذى للمريض المستقىء أو المقيىء وهو ما يعارض قوله الله سبحانه :
"ليْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ"
وهنا حرم الله كل ما يؤذى وهو ما يضايق المريض
وأهل الفقه يفترضون افتراضا ليس له أساس وهو :
أن هناك أناس يرغبون فى القىء بإرادتهم وكأن الاستقاءة لذة بينما لا يمكن أن تكون لذة وإنما هى :
وجع وألم سواء كانت برغبة أو بدون رغبة
والنتيجة :
القىء لا يفطر
ولكن المفترض أن من يتقيأ بسبب المرض عليه أن يفطر كما قال سبحانه :
" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر "
وأما المتقيأ بسبب أخر نتيجة خلل فى بلع ريقه وهو ما نسميه الشرقة أو دخول ذبابة او ناموسة أو ما شابه فهو ليس مريضا ولا ينبغى له أن يفطر وإن دخل الذباب أو الناموس جوفه لأنه حصل دون إرادته فهو صائم
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|