توفي البرازيلي بيليه، أسطورة كرة القدم العالمية والمهاجم العبقري، الذي أحدث ثورة في عالم المستديرة، الخميس، عن 82 عاماً، بحسب ما أعلنت عائلته، حيث كتبت ابنته كيلي ناسيمنتو، على «إنستجرام» موقع التواصل الاجتماعي، من مستشفى ألبرت أنشتاين، حيث كان يعالج بيليه من مرض السرطان: «نشكرك، نحبك بلا حدود، ارقد بسلام».
واختير بيليه، اللاعب الوحيد المتوّج بكأس العالم ثلاث مرات «1958 و1962 و1970»، أفضل رياضي في القرن الماضي من قبل اللجنة الأولمبية الدولية عام 1999، وبعدها بعام كأفضل لاعب في القرن، من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».
تُشكّل وفاته صدمة لعشاق كرة القدم حول العالم، بعد أيام من انتهاء مونديال قطر 2022، حيث ودعت البرازيل من ربع النهائي أمام كرواتيا بركلات الترجيح.. «اجلبوا الكأس إلى البيت!»، هكذا نشر الحساب الرسمي لبيليه على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم المباراة الأولى للبرازيل أمام صربيا «2-0».
وخسر بيليه معركته الأخيرة مع سرطان القولون المُكتشف في سبتمبر 2021 خلال فحوص روتينية، ويعتبره كثر أعظم لاعب كرة قدم في كل العصور، ويُعدّ هذا المراوغ الفتاك الذي ساهم بولادة «كرة السامبا» بمثابة «كنز وطني» في البرازيل، حيث هزّ الشباك بغزارة غير مسبوقة: «1281» هدفاً في «1363» مباراة تحت ألوان نادي سانتوس «1956-1974»، والمنتخب الوطني سيليساو وكوزموس نيويورك الأميركي «1975-1977».
لكن بعيداً عن الأرقام، تبقى ذكرى بيليه خالدة كـ«ملك» أحدث ثورة في رياضته، مع رقم 10 الأبدي على ظهره، وكان رائداً في كرة القدم الحديثة، بتقنية استثنائية مقترنة بقدرات رياضية لا مثيل لها برغم قامته المتواضعة «1.72م».
برغم جلالته، كان بيليه عاطفياً، كما يتضح من مشاهد لا تنسى بالأسود والأبيض ليافع بعمر السابعة عشرة أحرز أوّل ألقابه العالمية عام 1958 في السويد، ووفى بوعد قطعه لوالده، بعد ثماني سنوات من رؤيته يبكي أثناء الاستماع على جهاز الراديو إلى خسارة «ماراكانا» الشهيرة أمام الأوروجواي التي حرمت البرازيل من أوّل ألقابها العالمية عام 1950 على أرضها.
عام 1970، وخلال أوّل بث مباشر لكأس العالم بالألوان، احتفل بيليه بابتسامة مشرقة في ذروة مسيرته، باللقب العالمي الثالث، عندما كان في تشكيلة ذهبية تُعدّ الأكثر موهبة في التاريخ لضمّها أمثال ريفيلينو، توستاو وجايرزينيو.
كلية واحدة وثلاثة قلوب - متأثراً بآلام قوية في وركه، ظهر بيليه على كرسي متحرّك في الأوّل من ديسمبر 2017، خلال سحب قرعة مونديال 2018، محاطاً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وباقي أساطير الكرة، على غرار الأرجنتيني دييجو مارادونا الذي توفي في نهاية 2020، تأثر كثيراً بعد رحيل «الولد الذهبي»، صديقه وغريمه، خسر العالم أسطورة، في يوم من الأيام آمل أن نلعب كرة القدم سوياً في السماء.
وُلد إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو في 23 أكتوبر 1940 في عائلة فقيرة، فاضطر لبيع الفول السوداني في الشارع لمساعدة والديه، وتم اختيار اسمه الأول تكريماً لتوماس إديسون مخترع المصباح الكهربائي، ووقّع أول عقد احترافي بعمر الخامسة عشرة، مع سانتوس الذي أحرز معه إنجازاً تلو الآخر، فرفع لقب كأس الانتركونتيننتال مرتين توالياً ضد بنفيكا البرتغالي «1962» وميلان الإيطالي «1963».
في 19 نوفمبر 1969، ولدى تسجيله الهدف الرقم ألف في مسيرته على ملعب ماراكانا التاريخي في ريو دي جانيرو، توقفت المباراة لنحو ثلث ساعة لغاية انتهاء لفة تكريمية عملاقة، وخلال جولات المباريات التجريبية مع سانتوس أو منتخب بلاده، كان يلقى معاملة رؤساء الدول، ويُروى أنه لدى وصوله عام 1969 إلى نيجيريا، حصلت هدنة لمدة 48 ساعة وسط حرب بيافرا الأهلية الرهيبة.
لم يرضخ بيليه أبداً لعروض الأندية الأوروبية الكبرى، لكنه سمح لنفسه بنهاية مسيرة مترفة مع نيويورك كوزموس، مساهماً بنمو عابر لكرة القدم في الولايات المتحدة، حيث اعتزل اللعبة عام 1977، واستمرت شهرته خارج الملاعب، مع أدوار في السينما، تسجيل أغان وحتى وصوله إلى الحكومة حيث لعب دور وزير الرياضة «1995-1998»، ليصبح أول رجل أسود يصل إلى هذا المنصب في البرازيل.
بيليه، المعتبر أحياناً متغطرساً ومغروراً وصاحب التصريحات الجدلية، لم يكن معشوق الجماهير في بلده، خلافاً لأبطال لقوا مصيراً مأسوياً مثل لاعب كرة القدم جارينشا وبطل العالم في سباقات الفورمولا واحد أيرتون سينا.