متحف الآثار بجامعة الملك سعود أحد المتاحف التاريخية الموجودة في مدينة الرياض. تأسس في العام 1387 هـ 1967 من قبل جامعة الملك سعود.
تاريخ المتحف
تأسس هذا المتحف في داخل جامعة الملك سعود عام 1378 هـ وكان في بداية انشائه لا تُعرض به سوي المقتنيات القديمة والتي تُجمع خلال الرحلات العليمة التي تُنظم إلى المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، وهو جزء من نشاط جمعية الآثار والتاريخ بقسم التاريخ، وفي فترة من الفترات صار المتحف تابع لقسم الآثار عندما أنشأوا قسم الآثار والمتاحف بكلية الآداب عام 139-1398هـ. وتكونت بعد ذلك المجموعة المعروضة في المتحف التي تتمثل في القطع الآثرية التي تجمع من خلال الرحلات العلمية للمواقع الأثرية والمكتشفات الأثرية التي تمت بواسطة منسوبي القسم في موقعي الفاو والربذة، وأيضاً من خلال بعض التبرعات للقطع الأثرية.
وقد اعتمد في بداية افتتاحه على بعض القطع الأثرية التي تم جمعها خلال الرحلات العلمية لبعض المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، كما كانت مقتنياته في ذلك الوقت أيضاً تضم مجموعات أخرى كان يتم الحصول عليها عن طريق الشراء أو الإهداء والتبرعات من بعض الأشخاص ذوي الاهتمام بالآثار. وهو يقع في مدينة الرياض في الدور الآرضي لمبنى كلية الآداب بطريق الأمير عبد الله، ويعتبر المتحف تابعاً للقسم الحديث من حيث إدارته وتطويره والإشراف عليه.
ويوجد داخل القسم قاعة تبلغ مساحتها حوالي 18× 20م، كما زود المتحف بكوادر فنية مجهزه علي أعلي مستوي ومتخصصة في مجالات علم الآثار، والصيانة والمتاحف والعرض المتحفي.
وفي عام 1398 هـ أنشيء قسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود فأصبح المتحف تابعا للقسم من حيث إدارته، وتطويره والإشراف عليه، وقد أعدت له داخل القسم قاعة مساحتها 360 متر في ضوء الحيز المكاني المتاح، وزود المتحف بكوادر فنية مؤهلة ومتخصصة في مجالات علم الآثار والمتاحف، والصيانة والعرض المتحفي، وتضم مقتنياته في الوقت الحالي مجموعات كثيرة من المعثورات التي قام قسم الآثار والمتاحف بالكشف عنها خلال العقدين الماضيين من موقعي قرية الفاو وموقع الربذة العائد للفترة الإسلامية المبكرة، بالإضافة إلى مجموعات قيمة ونادرة من المسكوكات القديمة والإسلامية التي قام بإهدائها إلى الجامعة الأمير سلطان بن عبد العزيز.
أقسام المتحف
الهدف الرئيسي من إنشاء هذا المتحف هو تدريب طلاب قسم الآثار علي مختلف الفروع الآثار والعرض والتنظيم المتحفي بالإضافة إلي ترميم وصيانة المقتنيات الأثرية. بينما ينقسم المتحف إلي قسمين؛ القسم الأول وهو قسم معروضات الفاو: تتميز المعروضات التي تنعرض في هذا القسم بأنها من آثار قرية الفاو التي تم العثور عليها أثناء مواسم الحفر المتعددة، وهي تتمثل في النقوش والرسوم الصخرية والأواني الفخارية والمعادن والحلي وغيرها. أما القسم الثاني الذي يسمي قسم معروضات الربذهة فهو يضم مقتنيات آثرية من مواقع الربذة الإسلامي مثل قطع العملة والأواني الفخارية وغيره.
أهداف المتحف
المساهمة في إبراز جوانب من آثار المملكة العربية السعودية وتاريخها من أقدم العصور، وتدريب كافة الطلاب علمياً ونظرياً علي أحدث أساليب العرض المتحفي، بالإضافة إلي انه يهيئ المجال للدارسين والباحثين لإجراء المزيد من الدراسات الأثرية والتاريخية، يعمل علي تعميق مفهوم الارتباط بالجذور ونشر المعرفة والوعي الثقافي، وتعريف المواطنين والزوار بإسهامات جامعة الملك سعود الرائدة في مجال الآثار وكيفية المحافظة عليها، والمساهمة في الارتقاء بالفن والإحساس بالجمال والتربية الوطنية للنشء. وهو مصمم لكي ينمي مجال الاذدهار الثقافي، بالإضافة إلي توسيع قنوات اتصاله بالمواطنين، ويعتبر المتحف أكثر اتساقاً مع مقومات ثقافتنا عن المتاحف الأخرى لأنه يحظي علي مراجعة في فلسفته وأهدافه بين الحين والآخر.
مصادر المقتنيات
جاءت مقتنيات المتحف التي تنتمي للفترة السابقة على الإسلام من نتاج حفائر “الفاو”، وهي مدينة قديمة كانت تعرف باسم قرية تقع على بعد 700 كيلو متر جنوب غرب الرياض، ومن المعروف أنها كانت حاضرة لمملكة كندة فيما بين منتصف القرن الأول قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي.أما منتجات الفنون الإسلامية فقد جاءت مما عثر عليه في حفائر قسم الآثار والمتاحف بموقع “الربذة” على بعد 200كم شرق المدينة المنورة. وكانت الربذة مدينة مهمة ومحطة رئيسة على طريق الحج من الكوفة إلى مكة، وسكنها وتوفي بها الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري وقد ظلت عامرة بالقصور والمساجد والمنشآت حتى هاجمها القرامطة في القرن الرابع الهجري وقضوا على دورها كمحطة وسوق لقوافل الحج. وتشهد مقتنيات المتحف تزايدا سنويا في أعدادها بفضل الحفائر التي يقوم بها قسم الآثار بكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود في موقعين بمنطقة العلا شمال المملكة، وهما موقع “الخريبة” أو “دادان” القديمة وموقع المابيات المدينة التجارية، التي ازدهرت في العصر الإسلامي قبل أن تهجر كليا في أوائل القرن السادس الهجري.
ويحتفظ المتحف بعدد هائل من المقتنيات بمخازنه حيث تشكل مصدرا مهما لأبحاث طلاب وطالبات الدراسات العليا كما يقصده سنويا عدد كبير من علماء الآثار الأجانب لأغراض البحث والدراسة، ويشارك المتحف ببعض روائع مقتنياته في معرض آثار المملكة الذي يتنقل بين الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية. وقد دعمت مقتنيات المتحف من الآثار القديمة والإسلامية بهدية ثمينة من الأمير سلطان بن عبد العزيز عبارة عن مجموعة نقوده الخاصة المعروفة عالميا باسمه، وهي تتكون من 873 قطعة من الذهب والفضة والبرونز والنحاس منها قطع قديمة تعود للعصور الرومانية والنبطية والساسانية، وقطع تغطي معظم الممالك الإسلامية وهي الأموية والعباسية والفاطمية والبويهية والسلجوقية والأيوبية والصفوية والعثمانية وصولا للدولة السعودية.
مجموعات مهمة
من المجموعات المهمة بالمتحف قطع وكسر من الخزف الإسلامي تنتمي في أغلبها للعصر العباسي، ومنها ما هو من إنتاج العراق وإيران ومصر ومدينة الربذة أيضا.وتتميز منتجات الخزف المحلي بأنها صنعت من عجينة طينية سميكة لتشكل جراراً ضخمة متسعة الفوهة، وهو ما يؤكد أنها كانت تستخدم بشكل رئيسي في تخزين الحبوب والغلال، فضلا عن بعض قطع فخارية تشكل أجزاء من أواني الاستخدام اليومي للطعام والشراب.
وبالمتحف بعض أواني الخزف ذي البريق المعدني واستوردت للربذة من سامراء العراقية المهد الأول لهذا النوع المبتكر من الخزف الإسلامي. ومن أجمل هذه القطع طبق صغير بوسطه رسم لأرنب بري وسط نقاط متناثرة رسمت جميعها بالبريق المعدني، بينما ازدانت حافة الطبق بشريط عريض من البريق المعدني، ويؤرخ هذا الطبق بالنصف الأول من القرن الثالث الهجري. ويعرض هذا الطبق حاليا بمعرض روائع آثار المملكة الذي يجوب عدة مدن أميركية. ومن نفس هذا النوع نجد أيضا كسرة تمثل قاع إناء به رسم لطاووس تحيط به نقاط مطموسة رسمت بالبريق المعدني، وهي أيضا من منتجات سامراء في القرن الثالث الهجري. وكذلك بقايا إناء لعله كان إبريقا، ويزدان بدنه الكروي برسوم نباتية نفذت بالبريق المعدني الذهبي. ومن الفخار المحلي جرة هائلة من الفخار الأحمر والتي عثر عليها بحالة سيئة ونجح فريق الترميم بالمتحف في إعادة تجميع كسرها لتعرض كنموذج لجرار كانت تستخدم في حفظ الغلال. وثمة جرة صغيرة أيضا لكنها بحالة جيدة من الحفظ وقد صنعت من عجينة فخارية نقية وتامة الحرق، وهي ذات مقبضين بينما تزدان المنطقة تحت الفوهة المتسعة بزخارف محزوزه. ومن الجرار الخزفية أيضا جرة من الخزف العباسي المرسوم تحت الطلاء الزجاجي، وهي تزدان برسوم دوائر متداخلة باللون البني الداكن على أرضية من اللون البني الفاتح، وهي من القطع النادرة التي تفصح عن خطة زخرفية غير تقليدية.
ونجح فريق الترميم بالمتحف في استكمال زبدية صغيرة رائعة التصميم ليس فقط من جهة تناسق شكلها ولكن أيضا من ناحية زخارفها التي نفذت بأسلوب الحفر، وهي ذات زخارف هندسية متنوعة. وبالمتحف عدد كبير من الأواني والأدوات التي نحتت في الحجر الصابوني، وهي تتوزع بين مجامر وأدوات طحن صغيرة ولعلها كانت تستخدم لإعداد مواد عطرية أو صيدلانية. وثمة تحف معدنية عثر عليها بموقع الربذة منها أقراط وأجزاء من صناديق كانت تستخدم كحليات وأهمها مجمرة من البرونز ذات مقبض طويل. ومن التحف العاجية التي يعرضها المتحف قطعة كانت ضمن شطرنج وقطعة من عاج رسمت عليها ملامح إنسان ولعلها كانت دمية لطفل.
تحف وخامات
التحف الزجاجية في المتحف تتنوع بين أوان مشكلة بالنفخ وأخرى بالقالب، ومن أهمها قنينات صغيرة بعضها كان يزدان بأشكال تشبه الرخام وبعضها الآخر له لون واحد شفاف مثلما نرى في قنينة ذات هيئة مربعة وفوهة ضيقة وهي باللون الأخضر الفاتح. ومن التحف الخشبية النادرة محبرة وأقلام تعود للعصر العباسي، وهي تعطي فكرة واضحة عن تطور أدوات الكتابة في تلك الفترة المبكرة من التاريخ الإسلامي. أما التحف الحجرية بالمتحف فأهمها بعض شواهد القبور التي نقشت بالخط الكوفي وتعتبر من الأمثلة النادرة التي توضح ما طرأ على الكتابة العربية من تطور زخرفي في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة.
ويستطيع زائر المتحف أن يتابع تطور الكتابات والنقوش على النقود الإسلامية من خلال الدنانير الذهبية والدراهم الفضية المتنوعة التي تحفل بها مجموعة الأمير سلطان، ولاسيما التي ضربت خلال العصر العباسي منذ القرن الثاني الهجري وحتى القرن الخامس الهجري، وتحظى المجموعة باهتمام عدد من الباحثين العرب والأجانب.
مواعيد زيارة المتحف
يفتح المتحف أبوابه من يوم السبت حتي يوم الأربعاء من الساعة الثامنة صباحاً حتي الساعة الثانية ظهراً؛ والعنوان بالتفصيل يقع في المملكة العربية السعودية بمدينة الرياض في جامعة الملك سعود بكلية السياحة والآثار.