خطبة عيد الأضحى 1444 هـ
الحمد لله الكريم المنان، ذي الجود والإحسان، ذي الطول لا إله إلا هو الرحيم المتعال، وأشهد أن لا إله إلا لله الواحد الأحد الفرد الصمد، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، عليه أفصل الصلاة وأتمُّ السلام، وعلى آله وصبحه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
يا عباد الله:
اليوم عيدنا فأفرحوا به، وأظهروا الفرح والسرور والسعادة على محياكم، والابتسامة والبشر على وجوهكم واستشعروه بوجدانكم، تواصلوا فيما بينكم محبةً وودًا وطاعةً وبرًا.
إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»؛ رواه مسلم.
والفرحةُ لا تكتمل إلا بصفاء النفس على الإخوان، فاليوم عيد نصل فيه كل قريب ونجدد العهد بكل صديق، نصلح أنفسنا ونردها عن غيها، فالبدار البدار بالاتصال، وقدِّم العذرَ واقبل الاعتذارَ، فالكريم هو من يقبل العذر ويعفو عن الزلل، ولا يعتذرُ إلا عظيم.
اليوم عيدُ وفرح وسرور، لا مكان فيه للشحناء والبغضاء، إنما هو بر بالوالدين وصلة الأرحام وإحسان للجيران، وذكر للرحمن في أيام معدودات.
وأحقُّ الناس بك أهل بيتك فكن لهم أحبَّ حبيّب وأقربَ قريب قال عليه الصلاة والسلام: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»؛ رواه الترمذي حديث صحيح.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
خير أعمالكم اليوم ذبحُ الأضحية فهي سُنَّة وقال بعض أهل العلم واجبة على القادر، فهي قربة لله عز وجل القائل: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 36-37] وَوقت الذّبْحِ بعد صَلَاة الْعِيد إلى آخر أيام التَّشْرِيق.
وما لا يجزئ من الأضاحي أربعٌ ذكرهن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَرْبَعٌ لَا يُجْزِئْنَ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي"؛رواه الدارمي وإسناده صحيح.
ويُسنُّ لمن كان اليوم مضحيًا أنَّ أول ما يأكل من أضحيته، ويسنُّ أن يأكل ويهدي ويتصدق، وقال عليه الصلاة والسلام: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ لِيَتَّسِعَ ذُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لَا طَوْلَ لَهُ، فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا»؛ رواه الترمذي، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
إنَّ الحلال بيّن والحرام بيّن، فأفرحوا بعيدكم فيما شُرِعَ لكم، وأكثروا من ذكر ربكم في هذه الأيام، فهي أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله عز وجل، واتقوا الله تفلحوا، وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد للهرب العالمين، فله الحمد على نعمائه، وله الشكر على آلائه، وصلى الله وسلم على نبيه محمد خير الورى، ورسوله المجتبى وعلى أصحابه ومن تبعهم واقتفى أثرهم.
أما بعدُ:
فاتقوا الله تعالى فتقواه فيها الفلاح وبها تنال رحمته، وقابلوا النعم بالشكر تدوم.
أيها المسلمون:
إن من أجل العبادات لهذا اليوم ذبح الأضاحي ولكل عبادة شروط لا تتحقق إلا بها وللذكاة شروط وهي:
أولًا: التسمية، وهي واجبة عند إرادة الذبح وهي أن يوجه البهيمة للقبلة ثم يقول: بسم الله، والأكمل أن يقول: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك.
ثانيًا: إنهار الدم، ولا يتحقق إلا بقطع الودجين، وأن يذبحَ الذابحُ باليد اليمنى، فيضجعها على الجنب الأيسر، ثم يضع رجله على رقبتها، ثم يمسك برأسها ويذبح، وإن كان الذابحُ أعسر فيضجعها على الجنب الأيمن، ثم إن الأفضل أن تبقى قوائمها مطلقة لا تقيد ولا يمسك بها، وذلك أريح للبهيمة، وأشد في إخراج الدم من البدن.
ثالثًا: لا بد أن يكون الذابح عاقلًا، فإن المجنون لا تصح تذكيتُه ولو سمى لأنه لا قصد له.
رابعًا: أن يكون مسلمًا، والأفضل أن يتولاها صاحبها أو يُوكل مسلمًا ويشهدها.
عباد الله:
افرحوا بالعيد، فإن الفرح يجلو الأحزان، وينشط الأبدان لعبادة الرحمن.
أُهنأكم جميعًا بالعيد، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|