تقدم المملكة للعالم تجربة فريدة جديدة تتمثل في استحداث نموذج جديد للتأمين الصحي بالمجان، من خصائصه أنه مدى الحياة، ليس له تجديد سنوي، ولا سقف محدد وبتغطية كاملة، ولا يتطلب موافقات مسبقة، وغير خاضع للمستشفيات الأهلية، ومن أهداف التأمين الذي أطلق عليه (التأمين الوطني)، الحرص على الوقاية و رفع المؤشرات الوطنية لصحة المواطن بالعمل على زيادة عمر الإنسان، وعلى الصحة وليس العلاج، والتأمين الذي أعلنت عنه الحكومة سيكون على مراحل متعددة أولها في منتصف العام المقبل 2024، وذلك من خلال شركة الصحة القابضة المملوكة للدولة، ولا تشمل خدماته مستشفيات القطاع الخاص التي ستقدم خدماتها حصرا على مالكي التأمين التعاوني “الخاص” فقط.
7 سنوات من الدراسة
وهذا القرار لم يكن سهلا واستغرق وقتا وعمقا في عملية التحليل قارب 7 سنوات، ومن مميزاته أنه ممول من الدولة ليس له تجديد سنوي وخدماته مدى الحياة، ولا حد لسقف التغطية التي ستكون مستمرة مهما كانت الإجراءات الموجودة.
ومن أهم مهام هذا النموذج الحرص على الوقاية وعلى المؤشرات الوطنية للصحة، التي من بينها أن يزيد عمر الإنسان من خلال الرعاية الصحية لمكافحة الأمراض.
الاستثمار في الصحة
ومبدأ التأمين الوطني أساسه الاستثمار في الصحة، ومشروع التجمع في الشبكات هدفه الاهتمام بالمواطن منذ بداية حياته إلى آخر المراحل، كما يسعى لزيادة عمر الإنسان من خلال سبل إبعاده عن الأمراض وجعله في صحة أفضل، وهذا لا يتم بالتدخل العلاجي فقط، الذي لا يغطي إلا 20 % من الأثر على الصحة، بينما ٨٠ % يأتي بالتدخل المجتمعي بكافة جهاته.
والصحة السعودية لا تنظر للتأمين في اطار مجرد، بل باعتباره جزءا من سلسلة التحول الصحي للوصول لأعلى مستويات المؤشرات الوطنية في صحة المواطن، وأن لا تتجه حالة المواطن الصحية لمرحلة الطوارئ وبقائه على أجهزة التنفس الصناعي، بل الدفع للصحة وإبقاء الموطن بصحة وسلامة حتى عمر الـ٨٠ عاما كمتوسط لأعمار السعوديين المخطط لها.
80 مليار ريال للصحة
ووفقا للأرقام بلغت ميزانية وزارة الصحة خلال العام الحالي (80,751,6147) ريالا وبما نسبته (7%) عن الميزانية العامة للدولة، وقد شملت الميزانية عدة مناحٍ منها تعويضات العاملين، والسلع والخدمات، والمنافع الاجتماعية، والإنفاق على البرامج، والإنفاق على المشاريع، ومصروفات أخرى.
وتعد مخصصات وزارة الصحة هي الدعامة الأساسية للموارد الصحية السنوية، وقد راعت حكومة خادم الحرمين الشريفين من خلال خطط التنمية الخمسية أن تدعم وزارة الصحة بنسبة من ميزانية الدولة.
وبادرت وزارة الصحة من خلال الخطة الاستراتيجية الحالية إلى الأخذ بالمناهج الحديثة في تقديم خدمات الرعاية الصحية التي تستند إلى أن المريض هو مركز النظام الصحي وليس مجرد جزء فيه، وهذا معناه أن منظومة الخدمات الصحية تتمحور كلها حول تلبية احتياجاته الصحية في الوقت المناسب والمكان المناسب، ابتداءً بالرعاية الصحية الأولية، وانتهاءً بالخدمات العلاجية المتخصصة، وبطريقة مهنية يضمن معها المريض حقوقه كافة، مثل حقه في معرفة طبيعة حالته، وفي معرفة خيارات العلاج المختلفة، وفي اختيار الطبيب المعالج، وحقه كذلك في أن تتم معاملته دائمًا بطريقة تحفظ كرامته، وتلبي تطلعاته وتوقعاته، بلطف واهتمام وعناية، كما تتضمن الاستراتيجية ضرورة إعداد الدراسات المتعلقة بما سوف تكون عليه مستشفيات الوزارة في المستقبل فيما يتعلق بخيارات الخصخصة، والأساليب المثلى في الإدارة والتشغيل، وفق مبادئ اقتصاديات الصحة، وحساب التكلفة، وتنويع مصادر التمويل، والاستخدام الأمثل للموارد.