فيلسوف يهودي ألماني وناقد ثقافي وكاتب مقالات. يعد مفكرًا انتقائيًا، يجمع بين عناصر المثالية الألمانية، والرومانسية، والماركسية الغربية، والتصوف اليهودي، قدم بنيامين مساهمات دائمة ومؤثرة في النظرية الجمالية، والنقد الأدبي، والمادية التاريخية. كان مرتبطًا بمدرسة فرانكفورت، وحافظ أيضًا على صداقات متينة مع مفكرين مثل الكاتب المسرحي برتولت بريشت وعالم القبالة غرشوم شوليم. كان مرتبطًا أيضًا بالمنظرة السياسية والفيلسوفة الألمانية حنة آرنت من خلال زواجها الأول من ابن عم بنيامين، غونتر أندرس.
من أشهر أعمال بنيامين مقالات «مهمة المترجم» (1923)، و«العمل الفني في عصر إعادة إنتاجه تقنيًا» (1936)، و«أطروحات فلسفة التاريخ» (1940). اشتمل عمله الرئيسي كناقد أدبي على مقالات عن بودلير، غوته، كافكا، كراوس، ليسكوف، بروست، فالسر، ونظرية الترجمة. قدم أيضًا ترجمات رئيسية إلى الألمانية في قسم لوحات باريسية من كتاب أزهار الشر لبودلير، وأجزاء من رواية البحث عن الزمن المفقود لبراوست. في عام 1940، في سن 48، انتحر بنيامين في بورتبو على الحدود الفرنسية الإسبانية أثناء محاولته الهروب من غزو الفيرماخت. على الرغم من أن الإشادة الشعبية استعصت عليه خلال حياته، أكسبت العقود التي تلت وفاته لأعماله شهرة بعد وفاته.
حياته
حياته المبكرة وتعليمه
ولد بنيامين وأشقاؤه الأصغر، جورج (1895–1942) ودورا (1901–1946)، لعائلة تجارية ثرية من اليهود الأشكناز الذين ضمتهم برلين في الإمبراطورية الألمانية (1871–1918). كان بطريرك عائلة والتر بنيامين، إميل بنيامين، مصرفيًا في باريس انتقل من فرنسا إلى ألمانيا، حيث عمل تاجر تحف في برلين؛ تزوج لاحقًا بولين شونفليس. امتلك عددًا من الاستثمارات في برلين، منها حلبات التزلج. كان عم بنيامين المدعو ويليام شتيرن (ولد باسم فيلهلم لويس شتيرن؛ 1871-1938) عالمًا نفسيًا تنمويًا ألمانيًا بارزًا طوّر مفهوم نسبة الذكاء (آي كيو)، وكان ابن عم بنيامين غونثر أندرس (ولد غونثر سيغموند شتيرن، 1902-1992) فيلسوفًا ألمانيًا وناشطًا مناهضًا للأعمال النووية درس على يد إدموند هوسرل ومارتن هايدغر. من ناحية والدته، كان عمه الأكبر عالم الآثار الكلاسيكي غوستاف هيرشفلد. في عام 1902، التحق والتر البالغ من العمر عشر سنوات بمدرسة قيصر فريدريخ في شارلوتنبرغ. أكمل دراسته الثانوية بعد عشر سنوات. كانت صحة والتر ضعيفة، لذا أرسلته العائلة في عام 1905 إلى هيرمان ليتز شول هوبيندا، وهي مدرسة داخلية في ريف تورينغن، لمدة عامين. في عام 1907، بعد أن عاد إلى برلين، استأنف دراسته في مدرسة قيصر فريدريخ.في عام 1912، في سن العشرين، التحق بجامعة فرايبورغ، ولكن عاد في نهاية الفصل الدراسي الصيفي إلى برلين، ثم قُبل في جامعة برلين لمواصلة دراسة الفلسفة. هناك تعرّف بنيامين لأول مرة على الصهيونية، التي لم تكن جزءًا من نشأته الليبرالية. أعطاه هذا الأمر فرصة ليصوغ أفكاره الخاصة حول معنى اليهودية. أبعد بنيامين نفسه عن الصهيونية السياسية والقومية، وبدلًا من ذلك طور في تفكيره ما أسماه نوعًا من «الصهيونية الثقافية»، وهو اتجاه اعترف باليهودية والقيم اليهودية وعززها. في صياغة بنيامين، كان يهوديته تعني الالتزام بتعزيز الثقافة الأوروبية. وكتب: «قادتني تجربتي في الحياة إلى هذه البصيرة: يمثل اليهود النخبة في صفوف الناشطين روحيًا... لأن اليهودية بالنسبة لي ليست غاية في حد ذاتها، بل الحامل والممثل الأكثر تميزًا للروحانية». تبنى بنيامين هذا الموقف بدرجة كبيرة مدى حياته.انتُخب بنيامين رئيسًا لفغاي ستيودينتنشافت (جمعية الطلاب الأحرار)، وكتب مقالات يناقش فيها التغيير التربوي والثقافي العام.
حين لم يُنتخب مجددًا رئيسًا لجمعية الطلاب، عاد إلى جامعة فرايبورغ للدراسة، وأولى اهتمامًا خاصًا إلى محاضرات هاينريخ ريكرت. سافر في ذلك الوقت إلى فرنسا وإيطاليا.
رفض الجيش محاولته للتطوع للخدمة عند اندلاع الحرب العالمية الأولى في أغسطس 1914. تظاهر بنيامين لاحقًا بالمرض لتجنب التجنيد الإلزامي،
ما سمح له بمواصلة دراساته وترجماته لأعمال الشاعر الفرنسي شارل بودلير.
في العام التالي، 1915، انتقل إلى ميونيخ، وواصل دراسته في جامعة ميونيخ، حيث التقى براينر ماريا ريلكه وغرشوم شوليم، وأصبح الأخير صديقًا له. في تلك السنة، كتب بنيامين عن الشاعر الألماني الرومانسي من القرن الثامن عشر فريدرش هولدرلين.
في عام 1917 انتقل بنيامين إلى جامعة برن، التقى فيها بإرنست بلوخ، ودورا صوفي بولاك (قبل الزواج كيلنر)، التي تزوجها. أنجبا طفلًا أسمياه ستيفان رافائيل في عام 1918. في عام 1919 حصل بنيامين على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف بأطروحة مفهوم النقد الفني في الرومانسية الألمانية. في وقت لاحق، أصبح غير قادر على إعالة نفسه وعائلته، وعاد إلى برلين وأقام مع والديه. في عام 1921 نشر مقال كريتيك دير غيفالت (نقد العنف). في ذلك الوقت، تعرّف بنيامين لأول مرة اجتماعيًا على ليو شتراوس، وبقي معجبًا بشتراوس وعمله طوال حياته