محللون: التفاهمات السعودية - الروسية تضمن للسوق النفطية مزيدا من التوازن والاستقرار
استمرت تقلبات أسعار النفط الخام، حيث تقيم الأسواق المخاوف حيال آفاق الطلب المتدهورة في الصين.
وكثفت وزارة الطاقة الأمريكية جهودها لإعادة ملء مخزونها بعد انسحاب قياسي العام الماضي للسيطرة على التضخم، ومن المقرر الآن أن تستقبل وزارة الطاقة أربعة ملايين برميل مرة أخرى إلى احتياطياتها بحلول فبراير بدلا من الصيف، ويبدو أنها تظهر حاجة ملحة جديدة للاستفادة من انخفاض أسعار النفط. ويقول لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون، “إن أسواق النفط ظلت هبوطية رغم إعلان تخفيضات العرض من جانب تحالف أوبك +”، مشيرين الى أن تباطؤ النمو العالمي لا يساعد السوق النفطية، حيث يأخذ المشاركون في السوق في الحسبان احتمالات انخفاض الطلب على النفط في المستقبل، وعلاوة على ذلك حققت الولايات المتحدة مستويات قياسية من الإنتاج للشهر الثاني على التوالي، ما يزيد من إمدادات النفط العالمية، ويقاوم بدوره تحرك “أوبك” الأخير لخفض الإنتاج بشكل أكبر. وأوضح المحللون أن تحالف “أوبك +” يحاول دفع المعايير إلى الأعلى من خلال اعتماد تخفيضات أعمق في الإنتاج، لكن بعض ظروف السوق الأخرى تقاوم هذه الجهود وفي مقدمتها نمو الإنتاج الأمريكي، حيث ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي أن متوسط الإنتاج اليومي في سبتمبر ظل دون تغيير عن أغسطس عندما وصل إلى معدل قياسي بلغ 13.24 مليون برميل.
واضافوا أن “هذا يحدث رغم تضخم التكاليف وانخفاض أسعار النفط العالمية، حيث لا يوجد لدى حفارات النفط الصخري الزيتي الأمريكي أي خطط لحفر أقل”.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة، “إن أغلب شركات الطاقة تعتمد حاليا على سياسات الانضباط والحذر في نمو الإنتاج، وهي من الموضوعات الرائدة الجديدة في الصناعة”، لافتا إلى تقارير دولية تؤكد أن كثيرا من الزيادة في الإنتاج هذا العام يرجع إلى تحسن إنتاجية الآبار وعدم إجراء مزيد من عمليات الحفر.
أما سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، فيرى أن السوق بحاجة إلى كل موارد الطاقة ولن يحل مورد محل آخر، مشيرا إلى أن “الصخري” الأمريكي لن يحل محل أي منتج آخر، لأن السوق تريد الكل، ولا تزال تريد كثيرا من الإمدادات الوفيرة من كليهما.
ونوه بأهمية انضمام البرازيل عضو “أوبك +” رغم أن الجانب البرازيلي حرص على الإشارة إلى أنه لن يكون عضوا كامل العضوية ولن يشارك في تخفيضات الإنتاج وربما ليس الآن ولكن في وقت لاحق، عادا “أوبك” نجحت في السعي إلى مزيد من النفوذ في أسواق النفط العالمية من خلال التوسع بين الدول المنتجة.
من ناحيته، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة “إن التفاهمات السعودية - الروسية تضمن للسوق مزيدا من التوازن والاستقرار”، لافتا إلى قول ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي “إن الإجراءات التي اتخذتها “أوبك +” جاءت في الوقت المناسب، التي بفضلها سيتم حجب 2.2 مليون برميل يوميا عن السوق في الربع الأول من العام المقبل، ما سيسمح لفترة انخفاض الطلب بالمرور دون ألم في الربع الأول من 2024”. ورجح أن يؤدي قرار “أوبك +” بشأن الإمدادات إلى محو العجز المتوقع في أوائل العام المقبل. وتتفق ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام مع أن السياسة النفطية في السعودية تتسم بالمرونة والرشد وقراءة تطورات السوق المستقبلية جيدا، لافتة إلى تخفيض السعودية سعر البيع الرسمي لخامها الرئيس بمقدار 0.50 دولار للبرميل للمشترين الآسيويين في يناير، وهذا في أول انخفاض في الأسعار منذ سبعة أشهر. وأشارت إلى أن هذه الخطوة جاءت استجابة للمنافسة الدولية المكثفة بعد أن أدت تخفيضات إنتاج “أوبك” إلى ارتفاع أسعار النفط في الشرق الأوسط، منوهة بأهمية اتفاق “أوبك +” على تعميق تخفيضات الإنتاج مع انضمام مزيد من الأعضاء إلى التخفيضات. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تباينت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية أمس بعد أن سجلت خسائر على مدى أربع جلسات، فيما تقيم الأسواق فاعلية تخفيضات إنتاج “أوبك +” والمخاوف حيال آفاق الطلب المتدهورة في الصين.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت سنتا واحدا إلى 77.21 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أربعة سنتات إلى 72.28 دولار للبرميل. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 80.01 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 79.69 دولار للبرميل فى اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب تراجعات سابقة على التوالي، وإن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 83.89 دولار للبرميل”.