التوترات الجيوسياسية وقرارات «أوبك +» أكثر العوامل تأثيرا في اتجاهات النفط خلال 2024
توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام مع بداية العام الحالي الجديد 2024، بعدما سجلت الأسعار أكبر انخفاض سنوي منذ 2020 بنحو 10 في المائة.
وبالنسبة لإمدادات النفط العالمية، رجح المحللون أن تكون خمسة عوامل مثل التوترات الإقليمية، وقرارات "أوبك +"، وحجم الطلبين الأمريكي والصيني، واضطرابات طرق الشحن الرئيسة، هي الأكثر أهمية وتأثيرا في تحديد اتجاهات سوق النفط العام الجديد.
وأشار المحللون إلى إنهاء أسعار خام غرب تكساس الوسيط في بورصة نيويورك 2023 بانخفاض نحو 5 في المائة عن مستويات العام الماضي، حيث تتطلع الأسواق إلى فائض العرض العالمي في أوائل 2024، حيث من المتوقع أن يفوق نمو العرض من خارج "أوبك" تباطؤ نمو الطلب العالمي في العام المقبل.
ولفت المحللون إلى أنه حتى مع تمديد "أوبك +" تخفيضات الإنتاج الطوعية إلى العام الجديد، تظهر البيانات أنه لا يزال هناك فائض ضمني في السوائل قدره 2.2 مليون برميل يوميا في الربع الأول.
ونقل المحللون عن بيانات ستاندرد آند بورز جلوبال التي تظهر أن المخزونات العالمية ارتفعت في الأشهر الأخيرة من 2023، ومن المتوقع أن تتسارع عمليات البناء في أوائل 2024، لتصل إلى ذروتها في مايو تقريبا مع إضافة نحو 150 مليون برميل قبل استئناف السحب.
وأضافوا أنه رغم أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع زيادة الإنتاج العالمي بمقدار مليون برميل يوميا في العام المقبل، فإن معظم المحللين يتوقعون أن تنتعش الأسعار من المستويات الحالية.
ويقول لـ"الاقتصادية" روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أيه" لخدمات الطاقة، إن التقلبات ستستمر كصفة رئيسة في سوق النفط الخام في العام الجديد نظرا لتشابك العوامل المؤثرة وتضادها وصعوبة التنبوء بالعوامل الجيوسياسية البعيدة عن أساسيات السوق النفطية.
ورجح أن تكون أسعار البنزين الأمريكية في 2024 عاملا في أي قرار لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتشديد العقوبات المتعلقة بالنفط الخام، خاصة أن العام الجديد هو عام انتخابي لرئاسة الولايات المتحدة، ويشهد تكثيف جهود استقطاب الناخبين، موضحا أن هناك ما يكفي من إمدادات النفط العالمية لمنح الولايات المتحدة بعض الفسحة لاتخاذ إجراءات جديدة بشأن روسيا وإيران وفنزويلا.
من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية، إن زيادة إنتاج النفط الأمريكي عززت الإمدادات العالمية، ما قلص – ولكن لم يقض – من الأخطار الناجمة عن تشديد العقوبات، موضحا أن زيادة المعروض تلقي مزيدا من الأعباء على تحالف "أوبك +" من أجل ضبط المعروض وتخفيض الإنتاج لاستعادة التوازن بين العرض والطلب.
ونقل عن شركة "رابيدان إنرجي" تأكيدها أن معظم المحللين قلقون بشأن مزيد من الأخطار الكلية المحيطة بسوق النفط الخام في العام الجديد، وهو ما يتطلب مزيدا من التعاون بين المنتجين لدعم الصناعة واستقرار السوق مرجحا تمسك "أوبك +" بتمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية لمواجهة الزيادات الواسعة من خارج تحالف المنتجين.
من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن أسعار النفط تستعد للارتفاع في 2024 وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي، موضحا أن الحروب والتوترات العالمية الأخرى تزيد من خطر حدوث صدمات في السوق.
وأشار إلى أن معظم التوقعات ترجح ارتفاع أسعار النفط العالمية في 2024 ومع ذلك، فإن مدى ارتفاع أسعار النفط هو أمر لا يمكن تخمينه وذلك لأن قدرا كبيرا من عدم اليقين الجيوسياسي يمكن أن يتجاوز بسهولة متغيرات السوق العادية، لافتا إلى أن الطاقة الإنتاجية الفائضة تحد من الصدمات المحتملة في أسعار النفط، ولكن يبدو أن احتمال ارتفاع أسعار النفط لا يزال يفوق احتمال حدوث ركود يدفعها إلى الانخفاض.
بدورها، تقول أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية، إن غياب الاستقرار وتصاعد الحروب في بقاع عديدة في العالم، ينال من استقرار الأسواق خاصة النفط الخام، مشيرة إلى أن الحرب في أوكرانيا تدخل شتاءها الثاني وسط مؤشرات على طريق مسدود طويل الأمد، كما يستمر التوتر الواضح بين الولايات المتحدة والصين، وأضيف إلى ذلك الحرب في غزة.
وأوضحت أن صندوق النقد الدولي يتوقع حاليا أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.9 في المائة في 2024، وقد تجمعت معظم توقعات أسعار النفط لـ2024 في نطاق 90 دولارا للبرميل، حيث تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 93 دولارا للبرميل ارتفاعا من المتوسط العالمي المتوقع لـ2023 البالغ 84 دولارا للبرميل.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، أنهت أسعار النفط 2023 مسجلة أكبر انخفاض سنوي منذ 2020، بنحو 10 في المائة، وذلك مع سيطرة المخاوف المرتبطة بزيادة المعروض في السوق من الإنتاج القياسي خارج "أوبك".
ورغم تصاعد التوترات الجيوسياسية خلال 2023، إلا أن أسعار النفط سجلت تراجعا على أساس سنوي، لينهي الخام الأمريكي تعاملات العام عند 71.65 دولار للبرميل، ليخسر نحو 10.73 في المائة خلال العام في أول انخفاض سنوي له منذ 2020. كما أنهت العقود الآجلة لمزيج برنت العام عند مستوى 77.04 دولار للبرميل، لتخسر 10.32 في المائة خلال عام.
وفي نهاية تعاملات العام، الجمعة 29 ديسمبر تراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي بنحو 0.17 في المائة، لتفقد 12 سنتا، وتبلغ عند التسوية 71.65 دولار للبرميل. كذلك تراجعت العقود الآجلة لمزيج برنت بنحو 11 سنتا أو 0.14 في المائة لتبلغ عند التسوية 77.04 دولار للبرميل، وذلك وسط نشاط ضعيف في يوم التداول الأخير.
شهد 2023 تقلبات حادة في أسعار النفط، على وقع التوترات الجيوسياسية التي حفل بها العام، ومع التطورات المرتبطة بالإنتاج، سواء فيما يتعلق بقرارات "أوبك" وحلفائها، وكذلك فيما يخص الإنتاج خارج "أوبك".
وفيما يخص تقديرات العام الجاري 2024، قال رئيس شركة Lipo Oil Associates، أندرو ليبو، سنشهد استمرار التقلبات مع دخول 2024 مع الأحداث الجيوسياسية والخوف من احتمال انتشار الصراع في المنطقة. وتخفض "أوبك +" حاليا الإنتاج بنحو ستة ملايين برميل يوميا، وهو ما يمثل نحو 6 في المائة من العرض العالمي.
وتواجه "أوبك" ضعف الطلب على خامها في النصف الأول من 2024 مع تراجع حصتها في السوق العالمية إلى أدنى مستوى منذ الوباء بسبب تخفيضات الإنتاج وخروج أنجولا من المجموعة.
وتوقع مسح أجرته "رويترز" لآراء 34 اقتصاديا ومحللا أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 82.56 دولار في 2024، انخفاضا من متوسط نوفمبر عند 84.43 دولار، حيث توقعوا أن يؤدي ضعف النمو العالمي إلى الحد من الطلب، في حين يمكن أن توفر التوترات الجيوسياسية الدعم.
من جانب آخر، ارتفع إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع بمقدار منصتين.
وذكر تقرير شركة بيكر هيوز الجمعة أن إجمالي عدد منصات الحفر ارتفع إلى 622 منصة هذا الأسبوع وفي هذا الوقت من العام الماضي قدرت شركة بيكر هيوز خسارة 157 منصة حفر نشطة كما يقل عدد منصات الحفر هذا الأسبوع بمقدار 452 منصة عن عدد منصات الحفر في بداية 2019، قبل الوباء.
ولفت التقرير إلى زيادة إنتاج الولايات المتحدة بمقدار 1.377 مليون برميل يوميا وفقا لأحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد منصات النفط بمقدار منصتين إلى 500. وانخفض عدد منصات النفط الآن بمقدار 121 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي بينما بقي عدد منصات الغاز على حاله هذا الأسبوع عند 120، بخسارة 36 منصة غاز نشطة عن هذا الوقت من العام الماضي في حين بقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند حفارتين.