انضمام رومانيا وبلغاريا جزئيا لمنطقة شينجن يثير غضب الشركات وتفاؤل مجتمع الأعمال
بعد ما يربو على عشر أعوام من الانتظار والترقب، تلقت رومانيا وبلغاريا الضوء الأخضر للانضمام لمنطقة شينجن الأوروبية للتنقل الحر، "جوا وبحرا"، لكن تظل هناك بعض القيود.
وأعلنت الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الماضي أنه سيتم جزئيا، بدءا من نهاية مارس المقبل، ضم رومانيا وبلغاريا لمنطقة شينجن، وجرى العام الماضي رفض انضمام الدولتين للمنطقة الشاسعة، التي يستطيع أكثر من 400 مليون شخص السفر داخل حدودها في حرية تامة، ودون أي ضوابط حدودية داخلية. ورومانيا وبلغاريا عضوان في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2007، رغم أن المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي أكدا على مدار أعوام أن البلدين مستعدان للانضمام لشينجن، حالت النمسا وهولندا دون حصولهما على عضوية المنطقة حتى الآن. وفي أعقاب مفاوضات معقدة، توصلت بلغاريا ورومانيا إلى اتفاق مع النمسا يتعلق بالانضمام لشينجن، على نحو مبدئي، جوا وبحرا فحسب، دون البر. واستخدمت فيينا لأعوام حق النقض "الفيتو" ضد مساعي انضمام البلدين لشينجن، حيث قالت: إن النمسا اضطرت إلى استضافة عدد غير موثق من المهاجرين غير الشرعيين بسبب ضعف إجراءات الحماية على الحدود الخارجية للمنطقة. ومن المقرر أن تتفق الدول الثلاث في وقت آخر على موعد لإنهاء الضوابط على الحدود البرية لرومانيا وبلغاريا.
كما حالت هولندا لأكثر من عشر أعوام دون انضمام بلغاريا لشينجن، بسبب مخاوف تتعلق بالفساد والجريمة وسيادة القانون، لكن البرلمان الهولندي وافق في 21 ديسمبر الماضي على موقف الحكومة المؤيد لانضمام بلغاريا للمنطقة.
وأثار رفض النمسا منح بلغاريا الضوء الأخضر كي تنضم لشينجن فيما يتعلق بالحدود البرية غضب بعض الشركات البلغارية، وطالب فاسيل فيليف رئيس جمعية رأس المال الصناعي في بلغاريا، برد فعل قوي من الشعب والحكومة في البلاد.
وقال فيليف عبر شاشة التلفزيون الوطني: "بعد كل الجهود التي بذلناها، وعقب استيفاء جميع متطلبات الانضمام لمنطقة شينجن، لماذا لا نتساوى مع الباقين؟"، مضيفا أنه يتعين البحث عن أدوات من شأنها أن تمنح اللاعبين السياسيين في النمسا دافعا لتغيير مواقفهم.
يشار إلى أن الشركات النمساوية العاملة في بلغاريا تخضع حاليا لعمليات تدقيق ضريبي.
وأكد أسين فاسيليف وزير المالية البلغاري عدم وجود علاقة بين التحقيقات التي تجريها حاليا سلطات الضرائب في البلاد ضد سلسلة المتاجر النمساوية "بيلا" ومحطات البنزين "أو إم في"، وبين موقف النمسا من انضمام البلاد لمنطقة شينجن.
وقال الوزير: "يقوم محققو الضرائب في الوقت الحالي بفحص أوضاع ما لا يقل عن 500 إلى 700 شركة". ورحب الائتلاف الحاكم في رومانيا، وأيضا مجتمع الأعمال، بقرار الانضمام "الجزئي" لشينجن، في حين انتقدته المعارضة. ورأى مارسيل سيولاكو رئيس وزراء رومانيا في القرار خطوة كبيرة إلى الأمام، وأكد أن حكومته ستواصل العمل على الصعيدين السياسي والفني لاستكمال العملية خلال العام الجاري.
وقال المجلس الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في رومانيا: إن من شأن هذا الإجراء تيسير التجارة عبر خفض تكاليف النقل للصادرات والسلع الأساسية الرومانية، كما أنه سيسهم في إيجاد مناخ من الثقة، إلى جانب تعظيم صورة رومانيا كدولة مستقرة داخل الاتحاد الأوروبي.
وعلى النقيض من ذلك، أعرب عديد من النواب الرومانيين في البرلمان الأوروبي عن عدم الرضا إزاء انضمام بلادهم "جزئيا" لمنطقة شينجن.
ويعتقد يوجين توماك النائب الروماني الأوروبي، أن المفوضية الأوروبية والرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي لعبتا بـ"بطاقة التسوية" مع النمسا، وقال زميله النائب البرلماني داسيان سيولو وهو مفوض سابق بالتكتل الأوروبي: إن مواطني رومانيا يعاملون على أنهم أوروبيون من الدرجة الثانية.
وقال سيولو: "الطريقة التي ننضم بها الآن لمنطقة شينجن جزئيا، وبشروط عبثية، من شأنها أن تؤدي تعميق الشعور بأننا لا نعد أوروبيين بشكل تام"، كما انتقد عدم وضع جدول زمني واضح لاستكمال الانضمام إلى شينجن.
وأشار ممثلو أوساط الأعمال في النمسا إلى انضمام بلغاريا ورومانيا جزئيا لمنطقة شينجن على أنه "خطوة مهمة"، حيث إن من شأنه أن يسهل الأمور بالنسبة للشركات. والشركات النمساوية ضمن أهم المستثمرين في رومانيا، بقيمة تصل إلى 11.2 مليار يورو (12.3 مليار دولار)، بما يشكل أكثر من 61 ألف وظيفة محلية، وبلغاريا بقيمة 2.8 مليار يورو، وأكثر من 21 ألف وظيفة محلية، وفقا للاتحاد الصناعي.