الاتحاد الأوروبي يوافق على تشريع "غير مسبوق عالميا" لتنظيم "الذكاء الاصطناعي"
وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة، على تشريع غير مسبوق على المستوى العالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي بعد مفاوضات مكثفة حول التوازن بين حرية الابتكار والحفاظ على الأمن.
وكانت المفوضية الأوروبية قدمت مشروعها الذي يحمل عنوان "قانون الذكاء الاصطناعي" في أبريل 2021. وقد أعطاها ظهور برنامج "شات جي بي تي" من شركة "أوبن إيه آي" الناشئة في كاليفورنيا، في نهاية عام 2022، بعدا جديدا، ما ساهم في تسريع المناقشات.
وكشف هذا النظام، على غرار أنظمة أخرى قادرة على إنشاء الأصوات أو الصور، أمام عموم المستخدمين عن الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي. لكن هذه التكنولوجيا تترافق أيضا مع مخاطر مختلفة، تشمل نشر صور زائفة تبدو واقعية للغاية، ما يثير مخاوف من الإمكانات الكبيرة للتلاعب بالرأي العام.
وفيما ثمة قواعد تستهدف الذكاء الاصطناعي في بلدان عدة، بينها الصين على سبيل المثال، فإن الإطار القانوني الأوروبي يتمايز لناحية نطاقه.
ورحب تييري بريتون المفوض الأوروبي المسؤول عن هذا الملف، بالتشريع التاريخي غير المسبوق على مستوى العالم.
الحفاظ على القدرة التنافسية
أبدت باريس وبرلين حرصا حتى النهاية على أن يحمي التشريع الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، حتى لا يمنع ظهور "أبطال أوروبيين" في هذا المجال في المستقبل.
وقال دبلوماسيون إن المخاوف تم أخذها في الاعتبار قبل وضع اللمسات النهائية على النص. وبذلك حصل البلدان على توضيحات بشأن تطبيقه.
يوم الثلاثاء، أعرب فولكر فيسينغ وزير التكنولوجيا الرقمية الألماني عن سروره قائلا،"حققنا تحسينات للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتجنبنا المتطلبات غير المتناسبة، وتمكنا من أن نضمن الحفاظ على القدرة التنافسية على المستوى الدولي".
من جانبه أعرب روبرت هابيك وزير الاقتصاد الألماني، أن هذا التشريع يتيح إمكان استغلال الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، مع أخذ المخاطر في الاعتبار. وفي تطبيقه، سنؤكد على سهولة الابتكار والوضوح القانوني للشركات والحاجة إلى هياكل غير بيروقراطية.
غير أن أوساط عالم التكنولوجيا بدت أكثر حذرا. فقد قال بونيفاس دو شامبري المسؤول عن شؤون أوروبا في مجموعة الضغط "سي سي آي إيه" الناشطة في القطاع، "إن الكثير من هذه القواعد الجديدة لا تزال غامضة ويمكن أن تبطئ تطوير التطبيقات المبتكرة ونشرها".
وحذر من أن تنفيذ التشريع بشكل جيد سيكون أمرا حاسما حتى لا يفرض عبئا على القدرة التنافسية.
حواجز تنظيمية
سيتم فرض قواعد على الجميع في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي التوليدي لضمان جودة البيانات المستخدمة في تطوير الخوارزميات والتحقق من أنها لا تنتهك تشريعات حقوق النشر. وتفرض القواعد الأوروبية على المطورين التأكد من أن الأصوات والصور والنصوص المنتجة محددة بوضوح على أنها من نتاج الذكاء الاصطناعي.
وستطبق قيود معززة على الأنظمة عالية المخاطر، إذ ستخضع لسلسلة من الالتزامات مثل توفير التحكم البشري في الآلة، أو التوثيق الفني للمؤسسة، أو تنفيذ المخاطر النظام الإداري.
وينص التشريع على إشراف محدد على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتفاعل مع البشر، مع واجب إعلام المستخدمين بذلك.
وكما الحال في القواعد الأوروبية الحالية بشأن سلامة المنتجات، يفرض النص ضوابط تعتمد في المقام الأول على الشركات.
ويتضمن التشريع محظورات قليلة، تتعلق بالتطبيقات المخالفة للقيم الأوروبية مثل تصنيف المواطنين أو أنظمة المراقبة الجماعية المستخدمة في الصين، أو تحديد الهوية البيومترية عن بعد للأشخاص في الأماكن العامة.