محمد الأمين العمودي (1891 في وادي سوف - 10 أكتوبر 1957 في البويرة)، كان مصلحًا وشاعرًا وأول أمين عام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
نبذة
نشأ وسط عائلة فقيرة تلقى تعليمه الأول بمسقط رأسه بالمدرسة القرآنية، ثم بالمدرسة الأهلية وبعد نجاحه انتقل إلى بسكرة لمواصلة دراسته الثانوية لكنه سرعان ما طرد من الثانوية كما طرد مرّة أخرى من المدرسة الرسمية بقسنطينة، لكن هذا لم يمنعه من الحصول على مستوى ثقافي جيد باللغتين العربية والفرنسية أهّله ليستغل وظيفة وكيل شرعي بمدينة بسكرة، أين ربط علاقات متشعبة مع مثقفي المنطقة من أدباء وشعراء.
النشاط الإصلاحي
كانت بداية نشاطه في مجال الدعوة إلى إصلاح أوضاع المجتمع الجزائري من خلال الصحافة، حيث كان ينشر مقالاته في جريدة الإقدام التي كان يصدرها الأمير خالد، ثم بجريدة المنتقد التي كان يصدرها عبد الحميد ابن باديس وجريدة الإصلاح التي كان يصدرها الطيب العقبي، كما اظهرنشاطا سياسيا بمساندته للأمير خالد في حملته الانتخابية ثم مع الدكتور سعدان حين ترشح ببسكرة.
مع تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931 اتضح دوره الإصلاحي، إذ كان من المؤسسين للجمعية وعين أمينا عاما لها، واستطاع بناءعلاقه مع ابن باديس والأمير خالد من قبل أن يوجه مطالب جمعية العلماء بعيدا عن تعنت الإدارة الاستعمارية وتحرشاتها، وحتى يتمكن من تبليغ أهداف الجمعية أصدر جريدة الدفاع "la defense" باللغة الفرنسية حتى تصل إلى المتعلمين بلغة الاستعمار.
برز دورالعمودي السياسي في الجهود التي بذلها لتنظيم المؤتمرالإسلامي، وكان أحد الموفدين إلى باريس لتقديم مطالب المؤتمرالإسلامي إلى الحكومة الفرنسية كما قام بحملة شرح وتوعية لنتائج المؤتمربعد عودته من باريس ،أنشأعام 1937 جمعية شباب المؤتمرالإسلامي. وظل العمودي على نشاطه إلى غاية الحرب العالمية الثانية أين فضل اعتزال السياسة إلى غاية اندلاع الثورة التحريرية
نماذج من شعره
خير خصال الفتى حزم واقتداء
وشرها عن قضاء الوطر إحجام
نفسي تريد العلى والدهر يعكسها
بالقهر والزجر، إن الدهر ظلام
إن الزمان سطا عني بسطوته
كما سطى عن ضعيف الوحش ضرغام
إن حا عام جديد قمت أسأله:
قل لي بما أتيت: أيها العام؟
هذا القضاء على من خصمه ملك
لا يعتري فاه وقت الحكم تبسام
قل للذين تمادوا في غوايتهم
هل في قلوبكم ، يا قوم إسلام؟
إني وإن حط سوء الحظ منزلتي
وقد علا شرفا بالظلم أقوام
في خلقي رجل بر، وفي أدبي
فحل لأثمن در الشعر صنع ونظام
اتخذت خليج البحر محبرة
لي من يراع ضاقت علي أقلام
وكان لي الجو قرطاسا أمهمده
ولم تهب لهم ، ذكر ما قاسيت أعوام
قصيدة أخرى بعنوان: «نار عصيبة التلهاب»:
في قسنطينة قضيت شبابي
في عناء ومحنة وعـذاب
وخطوب تحل بعد خطـوب
ومصاب يجيء بعد مصاب
حزني دائم بها مستمر
وسروري يمر مر السحاب
كعروض الطويل قد طال قبضي
وكبعض البحور دام اقتضابي
فرمتني نواجذ الدهر وانقضت
حياتي وما أخذت منا بي
كأسة ملؤها الحوادث شربي
وهموم تجيء من كل باب
ذاك أكلي لا حبذا الأكل أكلي
لا ولا حبذا الشراب شرابي
دارَ عني دهري وما عصمتني
من زماني وأهله آدابي
إنما الدهر كربة وصروف الد
هر نار عصيبة التلهاب
قبح الله أهل هذا الزمان
كل من ساد اسْـوَدَّ مثل الغراب
عفت أحوال كل مدرسة مذ
قلَّ مالي وخانني أصحابي
ورماني مشايخي بدنايا
وأمور يجل عنها انتسابي
كان للإمتحان قبـلا ، دخولي
كدخـول الإمام للمحراب
صـار الامتحان أصعب من يو
م لقاء العدا ويوم الحساب
لا أرى فيه منصفا يظهر الحق
جليا أو يهتدي للصواب
يا إلاهي نكـَّث قواهم وأفسـد
سعيهم وارم ما بنو بالخراب
وأحاشي من قد حماني إذ لـســ
ــت مكن الظالمين، ما الظـلم دابي
كل شكري لمن يواتيه شكري
وعتابي لمستـحق العتاب
قلت للشامتـين بعرضي إني
هَبْرَزِيّ مهند الأنيابٌ
ويَـراعي في الضرب والفتك ماضا
هاه سيف البطل الشجاع المهاب
وقصارى قولي لمن لا يهابني
لا يضر السباع نبح الكلاب
وفاته
رغم أنه لم يظهرأي نشاط ثوري مباشر إلا أن السلطات الاستعمارية لم تغفله بل اختطفته يوم 10 أكتوبر 1957، وبعد عدة أيام وجدت جثته بنواحي العجيبة شرق مدينة البويرة.