حدث في السنة الأولى من الهجرة (3)
الأحداث (من الحدث الثامن إلى الثالث عشر)
• وفيها: هاجر آل أبي بكر الصديق - رضى الله عنه.
الشرح:
ولما رجع عبد الله بن أريقط الديلي إلى مكة بعث معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، زيد بن حارثه وأبا رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ليأتوا بأهاليهم من مكة، وبعثا معهم بحملين وخمسمائة درهم ليشتروا بها إبلاً من قُدَيْد، فذهبوا فجاءوا ببنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة وأم كلثوم، وزوجتيه سودة وعائشة، وأمها أم رومان وأهل النبي - صلى الله عليه وسلم - وآل أبي بكر، صحبة عبد الله بن أبي بكر[1].
• وفي ربيع الآخر من هذه السنة: زِيْدَ في صلاة الحضر ركعتان وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين.
الشرح:
عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: فَرَضَ الله الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ[2].
قال ابن جرير:
وفي هذه السنة - يعني: السنة الأولى من الهجرة - زِيْدَ في صلاة الحضر - فيما قيل- ركعتان، وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين، وذلك بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة بشهر ربيع الآخر لمضيِّ اثنتيْ عشرة ليلة منه[3].
• وفيها: ولد عبد الله بن الزبير - رضى الله عنها - وهو أول مولود للمهاجرين في الإسلام.
الشرح:
عَنْ أَسْمَاءَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعبد الله بن الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ[4] فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ بِقُبَاءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعْتُهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ حَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ[5].
وعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ عبد الله بن الزُّبَيْرِ، أَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَمْرَةً فَلَاكَهَا[6]، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا دَخَلَ بَطْنَهُ رِيقُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - [7].
• وفيها: ولد النعمان بن بشير - رضى الله عنه - وهو أول مولد للأنصار بعد الهجرة.
الشرح:
قال ابن كثير:
فكان أول مولود ولد في الإسلام - يعني: عبد الله بن الزبير - من المهاجرين، كما أن النعمان بن بشير أول مولود ولد للأنصار بعد الهجرة [8].
وفيها: تُوفِّي من الصحابة كُلْثوم بن الهدم، وأسعد بن زرارة.
الشرح:
قال ابن جرير:
كان أول من توفي بعد مقدمه - عليه الصلاة والسلام - المدينة من المسلمين - فيما ذُكر- صاحب منزلهِ كلثوم بن الهدم، لم يلبث بعد مقدمه إلا يسيرًا حتى مات، ثم توفي بعده أسعد بن زرارة، وكانت وفاته في سنة مقدمه، قبل أن يَفْرَغَ بناءُ المسجد، بالذُّبحة أو الشهقة[9].
• وفيها: شرع الأذان.
الشرح:
فلما اطمأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، واجتمع إليه إخوانه من المهاجرين، واجتمع أمر الأنصار، استحكم أمر الإسلام، فقامت الصلاة، وفرضت الزكاة والصيام، وقامت الحدود، وفرض الحلال والحرام، وتبوأ الإسلام بين أظهرهم، وكان هذا الحي من الأنصار هم الذين تبوؤوا الدار والإيمان، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدمها - إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها، بغير دعوة، فهمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدمها - أن يجعل بوقًا كبوق يهود الذي يدعون به لصلاتهم، ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس، فنُحت يُضرب به للمسلمين للصلاة، فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه، أخو بلحارث ابن الخزرج، النداء[10].
عن عبد الله بن زيد - رضى الله عنه - قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس يُعْمل ليُضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي - وأنا نائم - رجل يحمل ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعوا به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أنَّ محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
فلما أصبحتُ، أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا حقٍ إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذنْ به فإنه أندى صوتًا منك".
فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - وهو في بيته، فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أُريَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فلله الحمد"[11].
المصدر: (الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|