إن الحوار يعد مطلباً أساسياً في العلاقة الزوجية حيث أنه بمثابة اللبنة الأساسية لبناء حياة زوجية مستقرة ، هذا غير أنه يعد من أكثر الطرق فعالية للتواصل مع الطرف الآخر مما ينتج عنه ما تسمى بعملية " التوأمة الفكرية " فيما بين الزوجين ، وبذلك تزيد الألفة والمحبة فيما بينهما .. وهذا بحد ذاته يجعل كل منهما متفهم لطبيعة الآخر وفكره وأحاسيسه وميوله . إن الحوار بين الزوجين ليس مجرد كلام أو محادثة أو دردشة عابرة .. لا !! وإنما هو فن راق يسمو ويرتقي بالزوجين إلى حياة ملؤها الحب والتفاهم والتناغم .. وهنا أتوجه بالسؤال إلى كل زوجين : أين تقع مكانة الحوار في علاقتكما الزوجية ؟؟!!..
إنه لمن المؤسف أن تكون غالبية حالات الطلاق بين المتزوجين بسبب انعدام ثقافة الحوار فيما بينهما ، وبذلك تقع المسؤولية على كل من ( الزوج – الزوجة ) نظراً لعدم اتقانهما فن الحوار مما يسهم ذلك وبشكل مباشر في عدم استقرار الحياة الأسرية بشكل عام . كما يجب على كل زوجة أن - تستوعب عقلية زوجها أولاً !!.. – وذلك حتى تستطيع أن تمسك بزمام أمور الحياة الزوجية _ ولكن للأسف إن هنالك من الزوجات من لا تفقه شيئاً في " فن الإنصات " أصلاً !! فكيف ستخوض حواراً ناجحاً مع زوجها ؟؟!! حيث أنها تجهل كثيراً هذا الفن الراقي الذي يجعلها أكثر قرباً من زوجها .. ولكنها للأسف ( هي في صوب .. وفن الإنصات في صوب آخر تماماً .. ) وبذلك فلن تستطيع استيعاب عقلية زوجها واحتواء أفكاره والسيطرة عليها .. بل إن فئة من الزوجات من يكون جل همها واهتمامها هو أن تتحدث هي - فقط - أثناء حوارها مع زوجها وذلك ليس على سبيل الفضفضة والتعبير عن مشاعرها وإنما على سبيل ( الثرثرة _ والكلام الفاضي اللي لا يودي ولا يجيب !! ) .. وهذا الأمر بدوره يجعلها أكثر عرضة ( للكلام الكثير !! ) والتسرع في الرد على زوجها وعدم إعطاءه فرصة للتحدث معها ، حيث أن لسان حال الزوج في هذه الحالة يقول : ( اللهم طولك يا روح !!.. ) . بل إن من الزوجات من تناقش زوجها من أجل مجادلته ( فقط _ لا أكثر !!!! ) وذلك من أجل أن تظهر له أنها تتمتع بثقافة واسعة وأنها واعية !! ولكن في الحقيقة .. ( هي وين ؟؟.. والثقافة والوعي وين ؟؟!!.. ) حيث أن حوارها في حقيقة الأمر يتسم بخلوه من أي جوهر أو مضمون .. وعلى ما يقال بالعامية .. ( لا درك .. ولا عرك ..!! ) وهذا المثل الشعبي عادة ما يقال للشخص الذي لا يعلم شيئاً عما يتحدث به .. حتى أن بعض هذه الفئة من الزوجات من تلجأ في حوارها مع زوجها إلى إلقاء التهم واللوم عليه مما يولد لديه عدم الرغبة في إكمال الحوار معها .. بل وينظر إليها على أنها امرأة ( نكدية .. ) ، وفي المقابل فإن هنالك من الزوجات ( يا زينهن .. ويا حلاة أسلوبهن !! ) في الحوار مع أزواجهن .. ولكن – انتبهوا – متى يكون ذلك ؟؟!!.. في نهاية الشهر ( موعد تسليم الرواتب .. ) حيث تجدها في غاية الرقة واللطافة والوداعة ( وهات يا دلع وهات يا غنج وهات يا دلال !!!! ) .. ولسان حال الزوج حينها يقول : ( أكيد هذي وراها شي _ الله يستر من تاليها !!.. ) . أما العجب العجاب _ حينما يكون حديث الزوجة مع زوجها نافداً وأوامرها مطاعة أثناء تحاورهما .. لدرجة أنها لا تلقى منه أدنى اعتراض على كلامها .. - وما يثير العجب هنا - أن مثل هذه الزوجة سرعان ما تمل الحوار مع زوجها وذلك بسبب طاعته العمياء لها !!.. ( والله عجايب !! ) ولكن لا يخفى عليكم أن الزوج في هذه الحالة ( يبي الفكة منها !!!! ) .. علماً أن مللها ناتج من أنها تفتقد مشاركة زوجها لها بآرائه وأفكاره ومقترحاته وذلك على أساس أن الحياة الزوجية عبارة عن مشاركة بين شريكين ( هذا إذا كانت هنالك حياة زوجية صحيحة فيما بينهما أصلاً !! ) وبالتالي هي بذلك لن تشعر بأهمية وجود الزوج في حياتها بشكل عام . إن من الملاحظ على بعض الزوجات إذا فاض بها الكيل أثناء حوارها مع زوجها فإنها تسارع بطلب الطلاق منه مباشرة وذلك تعبيراً منها عن عدم تحملها له !!.. والأغرب من هذا وذاك أن أمثال هذه الزوجات ترى نفسها وكأنها ( ملاك طاهر !! ) لا يصدر منها أي خطأ أو زلل !! بل وتسارع بأن تحمل الحق على زوجها المغلوب على أمره – أحياناً !! - وهنا نقطة هامة جداً يجب أن نتنبه إليها جميعاً _ بصراحة .. إن من الأزواج الحوار معه لا يطاق أبداً لما يتسم به اسلوبه من الهمجية والغلظة والدفاشة ( وقلة الأدب .. ) .. ولكن ورغم كل ذلك يجب على الزوجة أن تستمع إليه وتمنحه فرصة للتعبير .. حتى ولو عن ( همجيته ..!! ) وذلك حتى ( يطلع اللي في قلبه ويرتاح !! ) وهنا يأتي دور الزوجة - الذكية - في استيعاب مدى أفكاره حتى وإن كانت همجية ومن ثم التعديل من أسلوبه وطريقة تفكيره تدريجياً علماً أن هذه المسألة تتطلب شيئاً من الوقت حتى تؤتي ثمارها .. ولكن أين الزوجات اللاتي يعين ذلك ( إلا ما رحم ربي !! ) ..
كلمة حق تقال وبكل أمانة _ إذا كان حال بعضاً من الزوجات كذلك فهذا الأمر لا يخلو من أخطاء فئة كبيرة من الأزواج .. حيث أن من الأزواج أثناء حواره مع زوجته – خاصة – حينما ( ترفع ضغطه _ وتنكد عليه !!.. ) بكلامها .. فإنه لا يتمالك نفسه آنذاك ومن ثم يقوم مباشرة بمد يده عليها ( آفا عليك .. تمد يدك على مره _ والله كبيرة !!!! ) ، والأغرب من ذلك أن بعض الزوجات – أثناء هذه اللحظة تحديداً – لا تكتفي برفع صوتها على زوجها فحسب .. بل إنها لا تتردد في أن تمد يدها على زوجها ( المحترم ..!! ) .. - بالله عليكم أهذا حال ؟؟؟؟ - أين ثقافة الحوار في مثل هذه المواقف ؟؟!!.. ومما ( يزيد الطين بلّه .. ) أن بعض الأزواج أثناء حواره مع زوجته عادة ما تجده مصراً على رأيه ويتمسك به حتى ولو كان على خطأ وذلك من أجل أن ( لا يصغر في عينها ..!! ) - وذلك على حد قوله - مما ينتج عن ذلك مجادلة زوجته له .. وبذلك ينشأ فيما بينهما " سوء التفاهم " وهذا الأمر بدوره يولد شعوراً بالندية تجاه كل طرف من قبل الآخر .. حتى يصلان إلى مرحلة " الخصام" _ وبالتالي فمن الطبيعي أن يسهم ذلك في توتر العلاقة فيما بينهما . تخيلوا .. أن هنالك فئة – ليست بالقليلة – من الأزواج من ينتهي حوارهما بالطلاق وفي هذه الحالة أتساءل متعجباً : هل الحوار وجد من أجل الطلاق أم لإيجاد حلول واتفاق ؟؟!!.. ( حقاً _ شر البلية ما يضحك !!.. ) .
أحبتي .. يجب أن يعلم كلاً من الزوجين أنه من الطبيعي جداً أن يكون هنالك اختلافاً في وجهات النظر فيما بينهما أثناء الحوار وذلك من أجل أن يتداركان هذا الأمر جيداً وأن لا يتطور هذا - الإختلاف إلى خلاف - ، وهنا – تحديداً – يا أحبتي لا ننسى أهمية " المقدمات السحرية " للحوار فيما بين الزوجين وهي على الرغم من عظم أهميتها فإنها لا تتعدى بعض الكلمات والجمل والمجاملات الرقيقة التي ( ترقق .. ) قلب كلٍ من الزوجين على بعضهما _ إلا أنه غالباً ما يكون لها مفعولاً ( سحرياً .. ) على نفسية الزوجين أثناء الحوار فيما بينهما ( خاصة على الزوجة .. ) .. ولا مانع هنا من إضفاء بعض الهمسات واللمسات العاطفية والتي غالباً ما يكون لها مفعولاً فعالاً في .. ( تليين عقلية الزوجة !! – والزوج أحياناً - ) . إن " فن الإنصات " يعد سبباً .. بل حلاً جذرياً لإنجاح الحوار فيما بين الزوجين ، وهنا أهمس في أذن كل زوج أو زوجة وأقول ( بالفم المليان .. ) : إن لم تحسن الإنصات إلى شريك حياتك .. فإن هنالك من لديه استعداداً لأن ينصت إليه علماً أن شياطين الإنس كثيرة في هذا الزمان ( والشاطر يفهم ..!! ) وهنا – أحدد – الإنصات وليس الاستماع أو حتى الإصغاء حيث أن درجة الإنصات تفوق درجة الإصغاء والاستماع . يجب على الزوجين أن يعملان معاً على خلق جوٍ مناسب للحوار فيما بينهما .. وذلك بأن يكون الحوار مثلاً في ( حفلة عشاء – أو رحلة تنزه – أو حينما يكون مزاج الطرفين معتدلاً .. إلخ .. ) فإن ذلك يساعد وبشكل كبير على إضفاء روح المودة والاحترام على مشاعر الزوجين أثناء الحوار . إن من الأمور التي يجب مراعاة أهميتها أثناء الحوار بين الزوجين هو تحديد النقاط الرئيسية للحوار ( حتى لا يخرج أحد الزوجين عن صلب الموضوع .. ) ومن ثم الانتقال من نقطة إلى أخرى تدريجياً ( حبة .. حبة .. ) حيث أن ذلك يساعد كثيراً في تنظيم أفكار الزوجين ومن ثم انسجامهما وتقبل بعضهما البعض أثناء الحوار ، حتى وإن وصل الحوار إلى طريق مسدود فهذا لا يعني انتهاء الحوار عند هذا الحد مع الطرف الآخر .. بل يمكن لأحد الزوجين أن يراضي الآخر ( بكلمتين حلوين على ذوقه .. ) لكي يلين قلب الآخر ومن ثم يحصل الهدف المنشود .. ألا وهو إنجاح هذا الحوار ، علماً أنه لا عيب في أن يلجأ أحد الزوجين إلى مرحلة " الاستعطاف " _ ( ولكن لا يكثر منها !! ) .. وذلك باستحضار الذكريات الجميلة فيما بينهما أو باستحضار الموقف الطريفة في حياتهما معاً . وهنا نحذر كل زوج أو زوجة من الحوار في الأماكن التي تشهد ذكريات جميلة أو لحظات حميمية فيما بينهما كغرفة النوم مثلاً .. حيث أن توقيت زمان ومكان الحوار هنا ( غلط !!!! ) لماذا ؟؟.. لكي لا تختلط مشاعر السكن والمودة والرحمة بمشاكلهما الزوجية ومن ثم تفسدها . يتحتم على كل من الزوجين أن يضع نفسه مكان الآخر أثناء تحاورهما وذلك من أجل أن يتفهمه ومن ثم يستطيع التفاهم معه لكي يخرجان بالفائدة المرجوة من هذا الحوار .. وهنا يجدر بنا أن نشير إلى أنه في حالة وجود سلوكيات خاطئة لأحد الزوجين ( وهذا أمر وارد وطبيعي .. ) فيجب على الآخر حينها إرشاده وتوجيهه لا زجره وتعنيفه كما يجب عند توجيه الانتقاد أن يوجه انتقاده لسلوكياته – تحديداً – لا أن يوجه الانتقاد لشخصه أو لذاته – حتى لا تؤخذ المسألة بطابع شخصي ، كما أنه من رفيع الذوق وسمو الأخلاق أن يكون الانتقاد موجهاً على شكل ملاحظة – وليس انتقاداً !! - .. - هذا إلى جانب أهمية توجيه النقد بشكل مهذب ومؤدب ورقيق حتى يتقبله الطرف الآخر ومن ثم يعمل به ( جربوها _ والله لها مفعول السحر على الآخر .. ) . كما يتحتم على كل من الزوجين التعجيل بحل نقاط الخلاف العالقة فيما بينهما ومن الخطأ الفادح تأجيلها إلى وقت آخر حيث أن ذلك يعمل على اتساع الفجوة فيما بينهما مما يصعب السيطرة عليها فيما بعد ، يجب مراعاة أهمية تجنب الحوار في حال كان أحد الزوجين أو كلاهما يمر بضغوطات نفسية مثل ( الضغوطات العملية للزوج – فترة الدورة الشهرية للزوجة .. إلخ .. ) وذلك نظراً لحتمية فشل الحوار في هذه الحالات .
من الواجب على كل زوج أن ( يطول باله .. ) على زوجته أثناء الحوار معها .. بل ويستقبل وجهة نظرها بصدر رحب ( مهما كانت وكيفما كانت .. ) وأن يتفاعل مع وجهة نظرها بحكمته لا بعاطفتها (- واحذر هنا أيها الزوج العزيز !! من أن تستصغر عقلية زوجتك أياً كانت عقليتها ومستوى تفكيرها !! – سُأل حكيم عن المرأة فأجاب قائلاً : قلب فيه صفاء وعقل رغم نقصه فيه دهاء إن وضعتك في قلبها رفعتك إلى السماء وإن وضعتك في عقلها فلن يحل عليك مساء .. ) . كما أود الإشارة هنا إلى أن بعضاً من الزوجات حينما تتحدث مع زوجها تبدوا وكأنها ( تهاوش عليه !!.. ) وهي بالطبع لا تقصد ذلك أبداً حيث أن صوتها المرتفع هنا نابع من إحساسها العميق أصلاً .. ولكن غالباً ما يفسر الزوج ذلك بعدم احترامها له . كما يجب أن يتعرف كلاً من الزوج أو الزوجة على إشارات لغة الجسد ومعانيها لدى الطرف الآخر سواء كانت ( إيجابية أم سلبية ) حيث أن ذلك يسهم كثيراً في تفهم كلاً منهما الآخر ..
ختاماً أحبتي .. إنه لمن المهم جداً لإنجاح عملية الحوار بين الزوجين أن يدرك كلاً منهما بأن الزوج عادة ما يميل إلى تفسير الأمور من حوله ( بعقله لا بعاطفته ) وذلك على عكس الزوجة التي عادة ما تميل إلى تفسير الأمور ( بعاطفتها لا بعقلها ) .. وتكمن أهمية إدراك هذا الأمر فيما بين الزوجين في تفهم كل طرف لطبيعة الآخر ومن ثم كيفية التعامل معه .. سواء كان ذلك في إحساسه أو طريقة تفكيره أو حتى في تصرفاته أو كلماته التي ينطق بها علماً أن هذا الأمر نابع من وجود بعض الاختلافات بين شخصية الرجل وشخصية المرأة في ذلك ، ونتيجة لذلك يجب على كل زوج أن يخاطب عاطفة زوجته أكثر من عقليتها أثناء الحوار معها .. وفي المقابل يجب على الزوجة أيضاً أن تخاطب عقلية زوجها أكثر من عاطفته أثناء الحوار وذلك من أجل الوصول إلى حوار أسري هادئ مثمر وبناء