آداب الضيافة فى كتاب الله
الضيافة فى كتاب الله
وردت الضيافة فى كتاب الله فى ثلاث قصص فى كتاب الله ومن تلك القصص نستخلص أحكام وهى آداب الضيافة :
الأول:
أن يلقى الضيوف السلام على أهل البيت
ونجد هذا فى قوله سبحانه :
" وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا"
كما نجده فى قوله أيضا :
"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا"
الثانى:
رد السلام من أهل البيت ونجد هذا فى رد إبراهيم (ص)على ضيفه فى قوله سبحانه :
"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ"
الثالث :
فى حالة خوف أهل من البيت من الضيوف المجهولين لهم وهم الأغراب عليهم أن يخبروهم بخوفهم وهو إنكارهم لهم كما قال إبراهيم(ص) :
" إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ"
وأما تفسيره فهو قوله سبحانه :
"قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ"
الرابع :
أن على الضيف أن يطمئنوا أهل البيت انهم لم يجيئوا لشر ومن ثم نجد الضيوف نهوا إبراهيم(ص) عن الوجل وهو الخوف منهم حيث قال سبحانه على لسانهم :
"قَالُوا لَا تَوْجَلْ"
وفسرها الله بقوله :
"قَالُوا لَا تَخَفْ"
الخامس :
أصل الضيافة هو :
اطعام الضيوف
ومن ثم نجد أن إبراهيم (ص) قام إلى داخل البيت حيث أهله وهى زوجته فقام بذبح عجل حنيذ والمراد ضخم
وفى هذا قال سبحانه :
" فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ"
وفسر الله العجل الحنيذ بأنه السمين حيث قال سبحانه:
"فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ"
وكلمة العجل تطلق فى المعنى العام المتعارف عليه حاليا على ابن البقرة أو ابن الجاموسة وهى نوع من البقر ولكن فيما يبدو أن الكلمة تطلق على كل أولاد الأنعام الأربعة :
إبل وبقر وغنم وماعز
ومن ثم قد يكون معنى العجل هنا والله أعلم من الغنم
السادس :
من حق الغريب طلب الضيافة وهى الطعام إذا كان جائع وهو ما طلبه العبد الصالح (ص) وموسى (ص) كما قال سبحانه :
"فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا"
وفى القصة نجد أن الاثنان قد دارا على كل بيت فى القرية وكل بيت يقوم برفض اطعامهم
وفى هذا قال سبحانه :
" فأبوا أن يضيفوهما "
السابع :
أن يقدم الضيف وأهله والمقصود زوجته الطعام للضيوف ويطلب منهم الأكل كما صنع إبراهيم(ص) فى قوله سبحانه :
" فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ"
وقال أيضا :
" وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ"
فالمرأة كانت قائمة على خدمة الضيوف وهى :
وضع أطباق الطعام أمامهم والذهاب للمجىء ببقيتها
الثامن :
الضيف الرسول واجبه ابلاغ الرسالة إلى أهل البيت كما فعل ضيف إبراهيم (ص)وهم الملاك أو الملائكة عندما بشروه بأن امرأته ستلد ابنا يسمى إسحق (ص)الذى سيرزق هو الأخر بابن اسمه يعقوب(ص)وفى المعنى قال سبحانه :
"قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ"
وهو ما فسره بقوله :
"وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ"
كما أخبروه :
أنهم ذاهبون إلى لوط(ص) للقضاء على قومه الكفرة
وفى المعنى قال سبحانه :
"قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ "
التاسع :
دفاع أهل البيت عن ضيوفهم قدر استطاعتهم وهو ما فعله لوط(ص) عندما تصدى لرجال قومه الذين أتوا من أجل أن يعتدوا على الضيوف باغتصابهم وهو :
جماعهم
وقد قام لوط (ص)بالدفاع الكلامى طالبا منهم ألا يخزوه والمقصود ألا يذلوه وبلفظ أخر لا يفضحوه بأنه لم يقدر على حماية ضيوفه بعمل المنكر مع الضيوف كما قال سبحانه :
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ"
كما قدم للرجال الحل العملى وهو :
زواج بناته لجماعهم حيث قال :
"قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ"
وهو ما فسره سبحانه بقوله :
"وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ"
كما أنه أعلن أن يريد قوة أى ركن شديد سحميه من شرهم حيث قال :
" قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ"
ووقف الرجل بين الرجال وبين ضيفه فأقفل فى وجوههم الأبواب وقد حمى الله لوط(ص)ومن معه فى البيت باعماء رجال القرية الذين أتوا للاغتصاب حيث قال سبحانه :
" وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ"
فأخبره الضيوف أنهم رسل من عند الله أتوا لإهلاك القوم وطلبوا منه الخروج من البلدة مع المؤمنين به
وفى المعنى قال سبحانه :
"قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ "
ونجد فى قصة لوط(ص) تضايق من مجىء الضيوف وهذا التضايق عبر عنه بقوله :
هذا يوم عصيب
والمقصود :
هذا يوم أذاه ظاهر
بالطبع لم يكن سببه ضيقه هو :
أنه بخيل
وإنما كان السبب هو :
معرفته أن قومه الزناة يريدون جماع أى رجل جديد يشاهدونه فى القرية وهم كثرة كاثرة بينما هو رجل واحد لن يقدر طبقا للمقاييس البشرية أن يمنعهم من عمل ما يريدون
وفى المعنى قال سبحانه :
"وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ "
بالطبع نجد فى قصة لوط(ص) :
أن القوم كانوا مجمعون على عمل المنكر وهو :
الزنى أو الاغتصاب لمن يرفض مشاركتهم جريمتهم
كما نجد أن القرية التى ذهب إليها العبد الصالح (ص)وموسى (ص) أهلها أجمعوا على منكر أخر وهو :
البخل
ممثلا فى منع واجب الضيافة وهو :
الطعام عن الضيوف
وفى المعنى قال سبحانه :
"فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا"
من القصص السابقة نجد أن الضيف هو:
القادم من بلد أخر أو من مكان أخر غير البلدة
ومن ثم لا يسمى المقيم فى البلدة ضيفا حتى ولو أكل فى بيت غير بيته لأنه يقدر على الذهاب إلى بيته أو إلى بيت أحد اقاربه أو صديقه ليأكل فيها كما قال سبحانه فى أن من حق القريب أن يأكل عند قريبه أو صديقه :
" لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|