الاختضاب فى الإسلام
الاختضاب فى الإسلام
الاختصاب هو تلوين الجلد والشعر بمادة ما من المواد ومن الألفاظ التى تطلق عليه :
الصبغ والتطريف والوشم
والاختضاب لغير مرض وهو الضرورة محرم لأنه استجابة لقول الشيطان الذى قصه الله علينا :
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
فالاختضاب تغيير لخلقة الله التى خلق الناس عليها
واختلف أهل الفقه تبعا للروايات التى نسبت للنبى(ص) فى حكمه فالبعض قالوا أن ترك الاختضاب أفضل من الخضاب وكل فريق اعتمد على الروايات فى إثبات رأيه فمن طلبوا تركه اعتمدوا على رواية :
"لا تنتفوا الشيب فإنه نور يوم القيامة من شاب شيبة في الإسلام كانت له بكل شيبة حسنة ورفع بها درجة" رواه ابن حبان
ورواية :
"يكون أقوام يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة" رواه أبو داود
والبعض الأخر اعتمدوا فى تفضيلهم الخضاب على روايات مثل :
"إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " رواه البخاري ( 3275 ) ومسلم ( 2103 )
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال :
يا معشر الأنصار حمِّروا وصفِّروا وخالفوا الأعاجم رواه أحمد ( 21780 )
وكما تناقضت الروايات فى حكمه تناقضوا فى فعل النبى(ص) فالبعض روى أنه خضب نفسه حيث تقول الرواية:
" أن ابن عمر كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تملأ ثيابه، فقيل له في ذلك، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، ولم يكن شيء أحب إليه منها، وكان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته" رواه أبو داود
وفى رواية مناقضة عن أنس أنه لم يخضب وهى قول أنس: ما خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لم يبلغ منه الشيب إلا قليلا، ولو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه لفعلت "روى فى جمع الوسائل فى شرح الشمائل
وأيضا قول أبي جحيفة:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه منه بيضاء يعني عنفقته "متفق عليه
والفقهاء بدلا من كل هذا التعارض بين الروايات كان واجبهم اللجوء للقرآن الذى يقول أن تغيير خلقة الله محرم لأنه شريعة الشيطان
ومن الشائع طبقا للروايات أن الخضاب يكون بالحناء والكتم ففى رواية عن أنس قال:
اختضب أبو بكر بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتا " رواه مسلم
كما يكون بالورس والزعفران كما فى رواية أبى مالك الأشجعي، عن أبيه، قال: كان خضابنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الورس والزعفران " رواه أحمد
بالطبع مواد الصباغة كثيرة وهى مواد محرم استخدامها فى تغيير خلقة الله ومباح استخدامها فى الملابس وأمثالها
وهناك صبغات البياض فالبعض يتعمد اظهار كبر سنه بالصبغ بالبياض وهو أمر محرم كغيره
وتناول الفقهاء الصباغة بخليط نجس والنجاسات عندهم كثيرة كالبول والخمر والدم وحكموا دون وجود نص بأن من اختضب بخليط نجس أو نجاسة صافية أن يغسلها ثلاث مرات
والواجب فى كل الخضابات هو غسلها وإزالتها بالمزيلات المختلفة ولا يطهر الإنسان منها حتى يتم إزالة كل أثر للون
والاختضاب بالوشم سواء كانت المادة كحل أو حناء أو كتم أو غيره لابد من إزالته هو الأخر من الجسم فمن تحمل ألم الخضاب عليه أن يتحمل آلام الإزالة طاعة لله
وكما اختلفوا فى حكم الاختضاب واختضاب النبى(ص) اختلفوا فى الاختضاب بالسواد ففى رواية تم تحريم الخضاب بالسواد حيث نسبوا للنبي صلى الله عليه وسلم فى شأن أبي قحافة والد أبي بكر لما جيء إليه عام الفتح، ورأسه يشتعل شيبا:
"اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره، وجنبوه السواد" رواه مسلم
وفى رواية أخرى أبيح الاختضاب بالسواد كما فى القول المروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد، أرغب لنسائكم فيكم، وأهيب لكم في صدور أعدائكم "رواه الترمذى والنسائى وابن ماجه
بالطبع كل الروايات متعارضة لا يمكن التوفيق بينها
واتفق القوم على أن الخضاب مستحب للنساء ورووا فى ذلك الروايات مثل :
عن ابن ضمرة بن سعيد عن جدته عن امرأة من نسائه قال: وقد كانت صلت القبلتين مع رسول الله (ص)قالت: دخل علي رسول الله (ص)فقال لي:
اختضبي، تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل
قالت: فما تركت الخضاب حتى لقيت الله عز وجل، وإن كانت لتختضب وإنها لابنة ثمانين " رواه احمد
عن جابر مرفوعا: يا معشر النساء اختضبن، فإن المرأة تختضب لزوجها، وإن الأيم تختضب تعرض للرزق من الله عز وجل أي لتخطب وتتزوج" رواه أبو موسى المدينى
وكل الروايات مخالفة لكون تغيير خلقة الله أمر شيطانى والرسول(ص) لم يقل شىء من تلك الروايات
ومن المتعلقات بالخضاب الوضوء والغسل والغريب أن القوم اتفقوا على أن وجود مادة على أعضاء الوضوء أو الغسل تمنع وصول الماء إلى البشرة - حائل بين صحة الوضوء وصحة الغسل
ومع هذا الاتفاق اعتبروا أن اللون الباقى بعد الغسل ليس حائلا وهو كلام متناقض لأنه طالما ظل اللون فالخضاب لم يزل وإنما الزوال يكون بزوال كل لون وعودة اللون الأصلى للجلد أو الشعر
والآن هناك مزيلات لتلك الصبغات تزيلها فى دقائق ومن ثم لا يصح وضوء ولا غسل المختضب حتى يزول اللون من جسمه وبالتالى صلاته باطلة إذا صلاها واللون ما زال باقيا على جلده أو شعره لم يجتهد فى إزالته فإن اجتهد فى إزالته وبقى شيئا لم يستطع إزالته فصلاته مقبولة
وأما الاختضاب المباح فهو :
الاختضاب العلاجى والمعروف أن الموروث الشعبى يستخدم الحناء بعلاج تشققات الرجل واليد وفى الطب الحالى تستخدم فى نفس الشىء وفى علاج وجع المفاص لوأحيانا يشرب منقوعها لعلاج الضغط العالى
وقد وردت بعض الروايات فى الأمر مثل :
عن سلمى - مولاة النبي صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا اشتكى أحد رأسه قال: اذهب فاحتجم، وإذا اشتكى رجله قال: اذهب فاخضبها بالحناء " رواه أبو داود
وفي لفظ لأحمد: قالت: كنت أخدم النبي (ص)فما كانت تصيبه قرحة ولا نكتة إلا أمرني أن أضع عليها الحناء "رواه أحمد
وتناول الفقهاء اختضابات لأنواع من النساء وهى :
الحائض فأباحوا على الرواية التالية الخضاب لهن :
"أن امرأة سألت عائشة - رضي الله عنها - قالت:
تختضب الحائض؟
فقالت:
قد كنا عند النبي (ص)ونحن نختضب فلم يكن ينهانا عنه " رواه ابن ماجة
وأما المحدة ولا حداد فى الإسلام على أحد فقد حرموا عليها الخضاب طبقا لرواية
سلمة قالت:
دخل علي رسول الله (ص)حين توفي أبو سلمة فقال لي:
لا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب
قالت: قلت: بأي شيء أمتشط؟
قال: بالسدر تغلفين به رأسك " رواه أبو داود
وتناولوا أيضا خضاب رأس المولود بدم العقيقة واعتبروا أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى"رواه النسائى
محرم لذلك
كما ذكروا الرواية التالية:
عن يزيد بن عبد المزني عن أبيه أن النبي (ص)قال:
يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم " رواه الطبرانى
والغريب أنهم منعوا خضب رأسه بالدم وأباحوا خضابه الزعفران والخلوق كما فى الروايات التالية:
قال بريدة: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران "رواه أبو داود
قالت عائشة :
كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس المولود وضعوها على رأسه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا مكان الدم خلوقا " رواه ابن حبان
كما تناولوا اختضاب المحرم للحج والعمرة فأباح البعض اختضابه فى كل الجسم عدا الرأس لوجود عن النبي (ص) تقول:
إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها " رواه الدارقطنى والبيهقى
وكذلك أباح الحنابلة والشافعية اختضاب المرأة المعتمرة والحاجة للرواية التالية:
عن عكرمة أنه قال: كانت عائشة وأزواج النبي (ص)يختضبن بالحناء وهن حرم
وحرم البعض الأخر وهم الأحناف والمالكية اختضاب الحجاج والحاجات والمعتمرين والمعتمرات حيث قالوا :
"لا يجوز للمحرم أن يختضب بالحناء ونحوه في أي جزء من البدن سواء أكان رجلا أم امرأة؛ لأنه طيب والمحرم ممنوع من الطيب"
واعتمدوا فى ذلك على رواية تقول :
" أن النبي (ص)قال لأم سلمة: لا تطيبي وأنت محرمة ولا تَمَسِّي الْحِنَّاءَ فَإِنَّهُ طِيبٌ"رواه الطبرانى والبيهقى
بالطبع لا يمكن أن يقول النبى(ص) فى كل مسألة القول وضده وهو عكسه وإنما من ألفوا الروايات هم من أرادوا أن يجعلوا رجلا مخبولا لكى يكفر الناس بالإسلام
والفيصل فى المسألة كلها هو كتاب الله الذى ذكر أن الشيطان هو من يأمر الناس بتغيير خلقة الله فى أنفسهم وفى غيرهم فقال على لسان الشيطان :
" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
والتغيير يكون بالصباغة والاختضاب وأدوات الزينة والعمليات الجراحية التجميلية لغير المرضى والمصابين وتعليق أشياء على الأعضاء كألأجراس والقلادات فى الحيوانات أو قطع أعضاء ....
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|