الحطابة في دين الله
الحطابة في دين الله
الحطابة إحدى المهن التى عرفت عبر العصور المختلفة وهى تعنى :
جمع الأحطاب من أجل جعلها وقود ومن ثم هى قائمة على النباتات خاصة الأشجار
وقد ارتبط لفظ الحطب في كتاب الله بالنار سواء في الدنيا أو في القيامة ويذكر كتاب الله حمالة الحطب وهى:
المرأة زوجة الرجل المشهور بالكفر أبو لهب والملاحظ ارتباط حمل الحطب وبو لهب
بالطبع أبو لهب سمى بهذا الاسم ليس كما يقول أهل التفسير لأنه كان جميل الوجه يلتهب وجهه جمالا والمقصود :
أن وجهه كان يشع منه الجمال المتقد
السبب الحقيقى للتسمية هو :
أن الرجل مع بعض الكفار الكبار كانوا يحرقون المسلمين بالنار وهى اللهب عن طريق الحطب الذى تجمعه زوجته ومن معها
الحطب هو فروع الأشجار والأوراق الجافة وما جف من عيدان المحاصيل كالقش وسواه
ولذا وصف الله زوجته حيث قال :
"وامرأته حمالة الحطب"
بالطبع الكفار كانوا يحرقون المؤمنين والمؤمنات بالنار وكان قائد عملية الحرق هو أبو لهب وقائدة جمع الحطب زوجته كما قال سبحانه :
"قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود "
وقد بين الله على لسان الجن :
أن القاسطون وهم الكافرون هم حطب جهنم والمقصود :
وقود النار
وفى المعنى قال سبحانه:
"وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا "
وقد فسر الله هذا بأن وقود النار وهو ما تعذبه النار هم الناس والمقصود الكفار العصاة لأحكام الله في الدنيا
"النار التى وقودها الناس"
مهنة الحطابة هى مهنة مباحة إذا كان الغرض من استخدام الحطب هو :
ما يفيد الناس في حياتهم مثل :
استخدامها في ايقاد أفران الخبز
استخدامها في التدفئة
استعمالها كوقود للطهى
استعمالها في تسخين المياه
ولكنها تنقلب إلى مهنة محرمة إذا استخدمت فيما يضر الناس مثل :
استخدامها في حرق الناس أو حرق محاصيلهم أو حرق بيوتهم
استخدامها في التدخين مثل قطع الفحم أو قوالح الذرة التى تستخدم حاليا في تدخين ما أسموه المعسل
وعليه يحرم بيع الوقود على الحطاب لمن يعرف أنه سيستخدمه لاضرار نفسه بالتدخين أو إضرار غيره بحرق أجسادهم أو أموالهم
مهنة الحطابة قديما كانت تقوم في الغالب على قيام الحطاب بالمشى في أماكن وجود الأشجار سواء حدائق أو غابات أو على شواطىء المجارى المائية أو غيرها فيقوم بلم الفروع الساقطة منها أو يقوم بتقطيع الفروع الجافة القريبة من الأرض ويحمل ذلك على وسيلة ركوبه سواء كانت حمارا أو حصانا أو بغلا ثم يقوم ببيعها لمن يرغب من الناس في اشعال المواقد والأفران أو التدفئة
حاليا اختلفت المهنة فأصبح الحطابون في البلاد المنظمة يقومون بعملية شراء الأخشاب من خلال شراء الأشجار من أصحابها أو من خلال شراء خردة الخشب من أماكن نشر الخشب أو من المزادات التى تقيمها مؤسسات عندها كسر خشب كالمدارس وشركات المقاولات وأحيانا يقوم الحطابون الجدد بشراء أرض وزراعتها بأشجار كل فترة فيقطعون القديمة التى نمت ويتركون الجديدة لحين اكتمال نموها
وفى بعض البلاد ما زالت الحطابة القديمة قائمة وفى بلاد أخرى تنظم الدولة العملية من خلال قطع بعض أشجار الغابات السليمة القديمة وتزرع غيرها وأيضا تعطى الإذن بقطع الأشجار القديمة
وقد بين الله في كتابه أن قطع الأشجار لا يكون إلا لفائدة للناس سواء استخدامها كوقود مفيد أو قطعها لأن الأعداء يختبئون خلفها أو في الغابة ولا وسيلة لقتالهم سوى بقطعها وفى هذا قال سبحانه :
"ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسقين"
وقد تناول أهل الفقه مسائل في الحطابة وهى الحطابة غير المنظمة فقالوا :
الحطب العام مباح للحطاب أخذه لأنه ليس ملك أحد وهى وجهة نظر مغلوطة لأن المسلمين ككل يملكون كل ما على الأرض وما في باطنها كما قال سبحانه :
"ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون إن فى هذا لبلاغا لقوم عابدين"
ومن ثم لا يجوز لأحدهم ان يختص بشىء كالحطب وإنما المجتمع ينظم العملية بحيث تكون الحطابة مهنة عليها أجر يأخذه الحطاب ولا يأخذ ثمن الأحطاب لأن ثمنها الكل مشترك في أرباحه
كما تناولوا حرمة أخذ الخشب من الشجر المملوك للغير إلا بإذن مالكه أو أخذ ما يملكه من خشب متهالك أو غيره وهم في ذلك على رأى صحيح
وتناولوا مسألة وردت في رواية تنسب للنبى(ص) زورا وهى :
مسألة خاصة بما ينمو في مكة من أشجار أو نباتات
والرواية تقول :
"قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ، لا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا. وَقالَ يَومَ الفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ، إنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، وإنَّه لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فيه لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لي إلَّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، فَقالَ العَبَّاسُ: يا رَسولَ اللهِ، إلَّا الإذْخِرَ، فإنَّه لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، فَقالَ: إلَّا الإذْخِرَ."
والرواية متعارضة مع بعضها فمكة محرم القتال فيها حتى القيامة بقول القائل وهو ليس النبى(ص) " إنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ" ومع هذا أحل القائل لنفسه مكة ساعة حيث قال" وإنَّه لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فيه لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لي إلَّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ"
الغريب ان القرآن ينفى حدوث قتال في مكة في الساعة المذكورة حيث قال "وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة "
وما يخص الحطابة في الرواية هو :
" لا يعضد شوكه "
"ولا يختلى خلاها"
وأيضا استثناء الإذخر من التعضيد
وبالطبع لو أخذ سكان مكة بهذا الكلام فلن يغرسوا شجرا أو يزرعوا زرعا لأن عمليات القطع المختلفة التى تجرى في الزراعة محرم عملها كلها ففى الأشجار يتم تقضيب فروع الشجر من أسفل لكى ينمو وتنتظم سيقانه من أسفل أو قطعها إذا جفت وماتت
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|