فخر الدين الرازي - منتديات احساس ناي

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت احساس ناي ) ~
                             


عدد مرات النقر : 349
عدد  مرات الظهور : 9,522,944
عدد مرات النقر : 329
عدد  مرات الظهور : 9,522,941
عدد مرات النقر : 223
عدد  مرات الظهور : 9,522,980
عدد مرات النقر : 176
عدد  مرات الظهور : 9,522,980
عدد مرات النقر : 324
عدد  مرات الظهور : 9,522,980

عدد مرات النقر : 23
عدد  مرات الظهور : 3,041,099

عدد مرات النقر : 47
عدد  مرات الظهور : 3,035,688

عدد مرات النقر : 20
عدد  مرات الظهور : 3,036,212


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-26-2023, 11:32 AM
حكاية ناي ♔ متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
Awards Showcase
 
 عضويتي » 16
 جيت فيذا » Sep 2022
 آخر حضور » يوم أمس (08:15 PM)
آبدآعاتي » 3,719,868
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »
 التقييم » حكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond reputeحكاية ناي ♔ has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 2253
الاعجابات المُرسلة » 791
مَزآجِي   :  08
?? ??? ~
لولا سعة الأمل لضاقت بنا الحياة
اللهم أيام كما نُحب و نتمنى ..♥️
?? ??? ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 
افتراضي فخر الدين الرازي

Facebook Twitter


أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي الرازي، الطبرستاني المولد، القرشي، التيمي البكري النسب، الشافعي الأشعري الملقب بفخر الدين الرازي وابن خطيب الري وسلطان المتكلمين وشيخ المعقول والمنقول. هو إمام مفسر فقيه أصولي، عالم موسوعي امتدت بحوثه ودراساته ومؤلفاته من العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم البحتة في: الفيزياء، الرياضيات، الطب، الفلك. ولد في الريّ. قرشي النسب، أصله من طبرستان. رحل إلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان. وأقبل الناس على كتبه يدرسونها، وكان يحسن اللغة الفارسية.

وكان قائمًا على نصرة الأشاعرة، كما اشتهر بردوده على الفلاسفة والمعتزلة، وكان إذا ركب يمشي حوله ثلاث مائة تلميذ من الفقهاء، ولقب بشيخ الإسلام في هراة، له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها: التفسير الكبير الذي سماه «مفاتيح الغيب»، وقد جمع فيه ما لا يوجد في غيره من التفاسير، وله «المحصول» في علم الأصول، و«المطالب العالية» و«تأسيس التقديس» في علم الكلام، «ونهاية الإيجاز في دراية الإعجاز» في البلاغة، و«الأربعين في أصول الدين»، وكتاب الهندسة. وقد اتصل الرازي بالسلطان محمد بن تكشي الملقب بخوارزم شاه ونال الحظوة لديه. توفي الرازي في مدينة هراة سنة 606 هـ.
عصره
عاش الرازي في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، وكانت هذه الفترة حرجة في حياة المسلمين السياسية والاجتماعية والعلمية والعقيدية، فالوهن قد بلغ مداه بالدولة العباسية، وكانت أخبار الحروب الصليبية في الشام، وأخبار التتار في المشرق تهدد مضاجع المسلمين، وتحرك وجدانهم، وتثير مشاعرهم. وكانت الخلافات المذهبية والعقائدية شديدة وفي الري وحدها كانت ثلاث طوائف: الشافعية وهم الأقلية، والأحناف وهم الأكثرية، والشيعة وهم السواد الأعظم، ففي البداية وقع التصادم بين أهل السنة والشيعة، وكانت الغلبة لأهل السنة. ثم بعد ذلك، وقعت حروب بين الشافعية والحنفية، وكانت الغلبة للشافعية مع قلة عددها. وكثرت الفرق وطال الجدل بينها وأشهرها: الشيعة، والمعتزلة، والمرجئة، والباطنية، والكرامية. أما العلوم فقال فيها ابن خلدون: «ويبلغنا عن أهل المشرق أن بضائع هذه العلوم (العلم الطبيعي، والعلم الإلهي، والهندسة، والموسيقى...) لم تزل عندهم موفورة، وخصوصاً في عراق العجم وما بعده فيما وراء النهر، وأنهم على ثبج (نهج) من العلوم العقلية والنقلية، لتوفر عمرانهم واستحكام الحضارة فيهم.»واستفحل شر الباطنية وعمدوا إلى الاغتيالات الفردية التي ذهب ضحيتها نظام الملك وقاضي قضاة أصبهان، يقول ابن العماد في شذرات الذهب: «وعظم الخطب بهؤلاء الملاعين، وخافهم كل أمير وعالم لهجومهم على الناس.» وهم كما وصفهم الإمام الغزالي: «ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض.» وفي هذه الاضطرابات السياسية والعقلية والدينية نشأ الرازي، يقول تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: «وعبر إلى خوارزم بعد ما مهر في العلوم، فجرى بينه وبين المعتزلة مناظرات أدت إلى خروجه منها. ثم قصد ما وراء النهر فجرى له أشياء نحو ما جرى بخوارزم فعاد إلى الري.» ويقول الداوودي في طبقات المفسرين: «وجدت بينه وبين جماعة من الكرامية مخاصمات وفتن، وأوذي بسببهم، وآذاهم وكان ينال منهم في مجلسه، وينالون منه.»وكانت الري موقعًا لعديد من الأحداث التاريخية في ذلك الوقت، لكثرة طرقها إلى الدول، ولذلك لجأ أهلها إلى دور تحت الأرض، فجعلوها في غاية الظلمة ومسالكها وعرة، وتقع الآن في الجنوب الغربي من طهران.

وفي سنة 543 هـ قامت الدولة الغورية، وهي السنة التي ولد فيها الرازي. وكانت في بداية فترة الضعف والانحطاط للدولتين السلجوقية والغزنوية، وهما الدولتان اللتان عاش تحت ظلالهما، وفي أيام ازدهارهما، ولقد زالتا بعد موته ببضع سنين، عندما خرج المغول من بلاد الصين.

وإن كان القرن السادس الهجري عصرا اجتمعت فيه متناقضات كثيرة، فإن عوامل القوة لاستمرار الحضارة الإسلامية كانت موجودة أَيْضًا، ولهذا فلا تكاد دولة ما تسقط، حتى تظهر دولة أخرى، تكون كبيرة أَيْضًا، لتواصل المسيرة التاريخية، وقد استطاعت الدولتان الخوارزمية والغورية مقاومة فتن الغز (شعب من شعوب الترك، ومنهم كان السلاجقة، وقد انتقلوا من أقاصي الترك إلى ما وراء النهر، وأسلموا ولكن كانت أفعالهم قبيحة، وخربوا بلاداً كثيرة وأشعلوا الفتن، وقتلوا العلماء والصالحين وأحرقوا خزائن الكتب) المتكررة، ورد هجمات الخطإ (قوم من الترك الكفار، خرجوا من أطراف الصين وتمركزوا فيما وراء النهر، وقد استنجد بهم بعض سلاطين وأمراء المسلمين)، وقاومتا التتار لبعض الوقت، وقد حلتا محل الدولة الغورية، والدولة السلجوقية في فارس. أما الدولة الأيوبية فقد حلت محل الدولة السلجوقية في غرب فارس، لما ضعفت وعجزت عن رد الحملات الصليبية في الشرق الأوسط، كما قاومت الدولة الموحدية الحملات الصليبية في شمال أفريقيا والأندلس، وقد حلت محل ثلات دول: الدولة الفاطمية والدولة الحمادية والدولة المرابطية.

والملاحظ أن القرن السادس الهجري شهد تحولات كبيرة في جميع الميادين، من أهمها بداية اضمحلال الخلافة العباسية، بتفككها إلى دول صغيرة كثيرة، تعمل كل دولة على السيطرة على جميع نواحي الحياة في إقليمها، وكان هذا الوضع سببًا في ظهور بوادر الفساد والتخلف في شؤون الحياة الاجتماعية. ما عدا الحركة الفكرية والعلمية، فقد تواصلت بفضل وجود علماء كبار في هذا العصر، واستقلال المدارس التعليمية عن السلطة السياسية. لقد كتب لهذه الحركة أن تواصل مسارها بثبات، وأن تعوض النكوص الذي أصاب جسم الأمة الإسلامية. ومن المعلوم أن المرض عندما يصيب الجسم لا يؤدي في الحين إلى التأثير في العقل إلا بعد انهيار الجسم، لذلك يتميز عصر الرازي بما يأتي:
ضعف الخلافة العباسية
الدولة السلجوقية في أقصى اتساعها عام 1092م، بعد وفاة السلطان جلال الدولة ملك شاه

ويرجع هذا الضعف والاضمحلال إلى أسباب كثيرة، منها: التناحر على السلطة، واستنزاف طاقات كبيرة بين الخلافتين العباسية والفاطمية من أجل السيطرة على العالم الإسلامي والانفراد بالحكم وقيادته. ومنها أَيْضًا التعارض بين السلطة واتساع الرقعة الجغرافية لدولة الخلافة، لأن الخليفة يضطر إلى تعيين ولاة على البلاد البعيدة، وإلى أن يمنحهم سلطات عسكرية ودينية إلى جانب السلطة المدنية، فيغري ذلك هؤلاء الولاة بالانفصال والاستقلال، وقد حصل ذلك للخلافتين أكثر من مرة، وأدى هذا التصرف إلى الانحطاط السياسي ثم الحضاري، وكان هذا حال القرن السادس الهجري، حيث انهارت الخلافتان العباسية والفاطمية أمام سلاطين الأقاليم، وعلى الخصوص في الفترات التي كان فيها الخليفة ليس حاكما عظيما، لأن عظمة الدولة من عظمة الرجل الذي يقودها.
ومن الشواهد التاريخية على قيام حروب بين الخلفاء والسلاطين، الحرب التي وقعت سنة 529 هـ بين الخليفة المسترشد بالله (توفي في نفس السنة) والسلطان مسعود السلجوقي (ت 547 هـ). والحرب التي نشبت في السنة التالية أي سنة 530 هـ بين الخليفة الراشد (ت 532 هـ) وعسكر السلطان مسعود. وفد ذكر المؤرخون حروبا كثيرة من هذا النوع، طوال القرن السادس الهجري، حين تجرأ فيها السلاطين على الخلفاء، لا سياسيا وعسكريا فحسب بل حتى دينيا، إذ كانوا يطلبون الخطبة لأنفسهم ويسلبونهم رموز الخلافة، منها سلب السلطان سنجر (ت 552 هـ) بردة النبي محمد والقضيب من الخليفة المسترشد بالله (ت 529 هـ)، ثم أعادها إلى الخليفة المقتفي لأمر الله (ت 555 هـ) في سنة 535 هـ. وهذه الظاهرة تدل على ضعف الخلافة وتصدعها. ولما كثرت الإمارات والملوك كثرت الفتن، وتأججت الرغبات في التناحر على السلطة، وأحيانا بالاستعانة بالكفار، وذلك مذكور ومشهور في كتب التاريخ، مثل فتنة جماعة أصحاب الخلفاء العلويين بمصر، الذين أرادوا الوثوب على صلاح الدين (ت 589 هـ) باستدعاء الإفرنج من صقلية ومن ساحل الشام إلى مصر مقابل مال وبلاد.وأما قدوم التتار إلى بلاد المسلمين، فيقول ابن الأثير (ت 630 هـ): أن الخليفة الناصر لدين الله (ت 662 هـ) راسل التتار يُطمعهم في البلاد، وتلك هي الطامة الكبرى. هذا وكانت البلاد الإسلامية مسرحا للحروب الصليبية طوال هذا القرن، وقد أدت هذه الحروب إلى مزيد من الضعف للخلافة، وإلى العجز الكلي أحيانا عن المقاومة والدفاع عن البلاد الواسعة التي طرقتها الحملات الصليبية، وغزوات أقوام من كل ناحية، ولا سيما خروج التتار في العشرية الثانية من القرن السابع الهجري، وبالتحديد في سنة 617 هـ إلى بلاد الإسلام.
الأحوال الاجتماعية

لقد تدهورت الحياة الاجتماعية في القرن السادس الهجري بسبب الفساد السياسي الذي استنزف القدرات الاجتماعية والمادية والمعنوية، كما يرجع الأمر إلى الفتن المختلفة وإلى الأزمات الاقتصادية وانتشار الأوبئة، وهذه العوامل كلها ساهمت في تدمير البنيات الاجتماعية المادية والمعنوية التي كانت من مقومات القوة والنماء، لذلك خربت المدن وانقطعت الطرق وانتشرت السرقة، ولم تسلم منها حتى قوافل الحجاج، حيث يغار عليها جهارا نهارا، لذلك ساءت العلاقات الاجتماعية المختلفة. ويشهد على ذلك ما وقع خلال هذه السنوات:

ففي سنة 538 هـ زاد أمر العيّارين

بسبب ابن الوزير وابن قاروت اللذين كان لهما نصيب مما يأخذه العيارون.وفي سنة 552 هـ أغار الجنود الخراسانية على الحجاج الخراسانية وقتلوا منهم نفرًا، وسلبوهم أموالهم وأمتعتهم، ولما تقدموا في المسير قليلًا، هاجمتهم الإسماعيلية، فقتلوهم إلا من هرب، وقتل منهم كثير من العلماء والزهاد، وتلك مصيبة عظيمة حلت بالحجاج وبالأمن العام في ذلك الزمان.وفي سنة 556 هـ اندلعت فتنة أخرى ببغداد بسبب ابن هبيرة والغلمان والفقهاء، حيث أمر الخليفة بضرب الفقهاء وتأديبهم، فمضى إليهم أستاذ الدار وعاقبهم.وفي سنة 581 هـ وقعت فتنة بين التركمان والأكراد في بديار الجزيرة والموصل، قتل فيها خلق كثير، ونهبت الأموال ودامت سنين عديدة، حيث انقطعت فيها الطرق بين بلاد كثيرة، من الشام إلى أذربيجان.وفي مطلع القرن السابع الهجري، تواصلت الفتن بين أهل البلاد المختلفة، وكذلك بين أهل الأحياء في المدينة الواحدة، مثل فتنة ببغداد بين أهل باب الأزج وأهل المأمونية، وفتنة بهراة بين أهل السوقين الحدادين والصفارين. وأما الأزمات الاقتصادية فهي لا تعد ولا تحصى، وقد أدت إلى الغلاء الشديد في البلاد الإسلامية كافة، ولم يسلم منها بلد، وقد أدت إلى المجاعة في أحيان كثيرة، فعمت هذه الأزمات البلاد الإسلامية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، مثل الذي وقع سنة 543 هـ، وهي سنة ولادة الرازي، حيث عم الغلاء جميع البلاد من خراسان إلى العراق وإلى الشام وإلى بلاد أفريقيا.وفي سنة 574 هـ اشتد الغلاء أَيْضًا وعم سائر البلاد ودام إلى السنة التالية. وقد دفعت هذه الأزمات الناس إلى أكل الدواب المحرمة والمكروهة، وهناك روايات كثيرة في كتب التاريخ تتحدث عن أكل الآدميين!
الأحوال الطبيعية
ومن الكوارث الطبيعية التي شهدها هذا القرن الزلازل والجفاف والفيضانات، فالزلال لم تتوقف طوال هذا القرن، وقم اهتم المؤرخون بذكرها ووصف أحوالها وآثارها، وكانت تضرب البلاد الكثيرة وتحدث أضرارا كبيرة في البنايات سواء كانت منازل أو مرافق عامة كالجسور وغيرها. وكذلك كارثة الجفاف التي كانت آثارها وخيمة على معيشة الناس واستقرارهم، لأن انقطاع الأمطار إلى قلة الغلة والمحاصيل ثم إلى الغلاء وإلى ارتحال الناس عن الديار والبلاد، وإلى موت الحيوانات التي هي من المصادر الأساسية لمعاش الإنسان، وقد أسهم ذلك كله في إضعاف المسيرة الحضارية للمسلمين.
الخلافات الفكرية
تمثال لابن رشد الحفيد في قرطبة، إسبانيا.

كان الصراع الفكري على أشده في هذا القرن بين الفرق الكلامية وبينها وبين المذاهب الفقهية، وما وقع في هذا القرن إنما هو استمرار للاختلاف القديم في مسائل السياسة والعقائد، مع العلم أن الاختلاف الفكري في حد ذاته ليس نقمة بكامله، ولا هو ميزة خاصة بالثقافة الإسلامية، لأن جميع الديانات الأخرى عرفت أشكالًا وأنواعًا من الاختلافات في الأصول والفروع معًا. وقد نشأ علم الكلام من الاختلاف في الأصول، ونشأ علم الفقه من الاختلاف في الفروع، وكان الاختلاف في الأصول في أربع مسائل كبرى: أولًا: الصفات والتوحيد، ثانيًا: القضاء والقدر، ثالثًا: الوعد والوعيد، ورابعًا: النبوة والإمامة.

ويتميز القرن السادس الهجري من الناحية الفكرية باتساع موضوع التفكير في العلوم الشرعية، وكذلك الحال في العلوم الأخرى، كالعلوم العقلية والطبيعية والاجتماعية، كما تتميز بكثرة الإنتاج في جميع تلك العلوم، وبنمو سلطة الفرق والمذاهب في ضم وتجنيد الناس في صفوفها.

أما كثرة العلماء المناصرين للفرق والمذاهب فقد عمقت مجال الصراع الفكري وأعطته حماسًا كبيرًا، ولم يكن الهدف عندهم إلا الانتصار على الخصم. ويتميز هذا القرن أَيْضًا بوجود كثرة الزهاد والمتصوفة، وهذا يعني أن المسلمين صاروا يندفعون إلى البحث عن الخلاص الفردي لا الجماعي، اندفاعًا جعل الحياة الاجتماعية مشلولة، وفتحوا بذلك بابًا على مصراعيه أمام اليهود والنصارى، الذين تغلغلوا في وظائف الدولة، وشؤون الحياة المختلفة، وهذا من الأمور التي ساهمت في انتشار الأهواء والبدع. ويشعر الخلفاء والأمراء في بعض الأحيان بهذا التغلغل، فيأمرون بعزل اليهود والنصارى من دواوين الدولة، مثلما أمر الخليفة العباسي الناصر لدين الله أن لا يستخدم في الديوان يهودي أو نصراني، وأن لا يستعان بهم مهما كانت الحاجة ملحة. مع العلم أن هذه الأوامر الناهية عن استخدام اليهود قليلة وتعد على الأصابع.
ونتيجة لسوء الأحوال الاجتماعية سياسيًّا واقتصاديًّا مال الناس إلى التقليد ورفضوا الاجتهاد والتجديد، لأن أفهامهم صماء وعقولهم جدباء في بعض العهود كهذا العهد، وكان ذلك كله من علامات بداية الانحطاط. وأدى الصراع الفكري بدوره إلى إثارة فتن دموية في بعض الأحيان، مثل الفتنة التي نشبت بين العلويين الشيعة والشافعية في سنة 554 هـ بأستراباذ وفتنة أخرى سنة 560 هـ في أصفهان بسبب التعصب للمذاهب وهي فتنة قتل فيها كثير من الناس. وذلك إما محاكمة العلماء تعسفا وطردهم من البلاد، أو حملهم على الخروج منها، أو تحريض العامة عليهم، أو حرق كتبهم فلم يسلم منها إلا القليل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، محاكمة الركن عبد السلام بن عبد الوهاب الكيلاني (548-611 هـ) الذي كان حنبلياً، عارفا بالمنطق والفلسفة، وقد اتهم بأقوال الفلاسفة، لذلك وقعت له محنة في عهد الوزير ابن يونس فأحرقت مكتبته في رحبة ببغداد، وخرجت مدرسة جده من يده ويد أبيه عبد الوهاب، وفوضت إلى أبي الفرج ابن الجوزي (ت 597 هـ)، وأدخل السجن مدة ثم أفرج عنه سنة 589 هـ لما قبض على الوزير ابن يونس فرد إليه ما سلب منه.وهناك محاكمة أخرى عقدت بواسط للشيخ ابن الجوزي بسعي الركن عبد السلام إذ ادعى عليه بتصرف في وقف مدرسة جده لما تولى إدارتها، فحكم عليه بالسجن ثم أفرج عنه سنة 595 هـ وقد بقي في المطمورة بسجن واسط خمس سنين. وكانت نقمة الفقهاء وأنصار الفرق شديدة على كل من يحاول الاجتهاد أو يشتغل بعلوم الأوائل، وقد يتواطؤ هؤلاء الفقهاء مع السلطة السياسية التي كانت تقوم بتسليط العقوبات أو الطرد من البلاد، ومن ذلك خروج سيف الدين الآمدي (551-631 هـ) من العراق إلى الشام ثم إلى مصر سنة 592 هـ لأنه متهم بفساد العقيدة ومذهب الفلاسفة لما أظهر من علوم الأوائل، ومرة أخرى انتقل خفية من مصر إلى الشام ولم يكن حظه سعيدًا هنالك، حيث عزل عن التدريس وأقام مختفيا في بيته حتى توفي.هذا في المشرق وأما في المغرب فقد عاش ابن رشد (520-595 هـ) محنة شديدة فأحرقت كتبه وأخرج من قرطبة. وأما فخر الدين الرازي فطرد من بلاد كثيرة بسبب آرائه الفلسفية والدينية لأنها ليست متحجرة ولا مقلدة، كما كان حال الفقهاء وأشباه العلماء في عصره، وإنما كان مجتهدا ومجددا في العلوم العقلية والنقلية معا، وكان جريئا ومدافعا بقوة عن آرائه. يذكر المؤرخين أن أعظم فتنة وقعت له سنة 595 هـ بهراة، وقد قيل: لما بنى ابن أخت غياث الدين مدرسة له، نزل ذلك كالصاعقة على الكرامية، وفي راوية أخرى: أن الفتنة حصلت بسبب مناظرة الرازي لابن القدوة، وهو مقدم الكرامية ولم تخمد إلا بإخراج الرازي من هراة.وقد استدل المؤرخون على شجاعة الرازي، وجرأته في الوعظ بما يلي: قيل كان الرازي يعظ في داره، وقد زاره السلطان شهاب الدين الغوري فقال له: «يا سلطان لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي فبكى شهاب الدين حتى رحمه الناس».

وقد انتشر شرور العامة عندما وجدت لنفسها قوة بالاعتماد على سلطة الساسة وسلطة الفقهاء، وهي قوة كانت في بعض الأحيان تستخدمها للتمرد على السلطتين معا، كما هو الشأن حين عجز غياث الدين الغوري (ت 599 هـ) على تسكين الكرامية، إلا بعد أن وعدهم بإخراج الرازي، وأَيْضًا حين انقلب الناس كشهود والفقهاء كقضاه على ابن الجوزي.

هكذا شاع اضطهاد العلماء في هذا العصر، أمثال الرازي والسهروردي (ت 587 هـ) وابن رشد والسيف الآمدي (ت 631 هـ) وغيرهم، وهذا يدل على سيطرة النزعة التقليدية على الحياة الاجتماعية، وعدم احترام قواعد الحوار وحرية التفكير السائدة في القرون السابقة، ولقد ظل أهل الفرق وأصحاب المذاهب يحرضون العامة على العلماء، عند محاورتهم في المسائل الخلافية، كما كان بعض الحكام مستبدا ومنحازا إلى حد التعصب الأعمى. فالاختلاف واضح بين هذا القرن والقرون التي قبله، ولو كان الأمر نسبيًّا، إلا أن تبادل الآراء كان مباحا من قبل والاختلاف متفشيا، والتأمل العقلي ناظرا في مسائل العقيدة والشريعة معا، فأنتج ذلك كله ثقافة متنوعة وظهرت مؤلفات جليلة، ولما بدأ التعصب وقبض على الحرية وسجن العقل فاضمحل الفكر وتحولت سلطة الدولة إلى أداة قهر وقمع، ما عدا بعض الحكام في بعض الأحيان. هكذا يكون التشتت والتمزق قد عم جميع ميادين الحياة الاجتماعية في هذا القرن، والرازي عاش في هذا العصر في ظل إيجابياته وسلبياته عالما مقارعا للجهل وأنواع الضلالات المختلفة، وعلى الرغم من عدم رضى العامة عنه وكثرة الحساد والمتعصبين عليه، فقد ظل متمسكا بالمطالب العالية وبذل جهدا كبيرا في سبيل تعريف الناس بها.

نلاحظ مما سبق أن عصر الرازي يتميز باضمحلال الخلافة العباسية، وتفكك السلطة المركزية إلى دول كثيرة، حيث تتناحر هذه الدول على استقطاب الخلفاء، ويدخلون في حروب فيما بينهم وبين الخليفة، مما أثر سلبا على جميع ميادين الحياة. بالإضافة إلى ذلك فهذا العصر لم ينج من الكوارث الطبيعية الكثيرة كزلازل والجفاف التي اهتم المؤرخون بذكرها وإحصاء الخسائر المترتبة عنها وآثارها على المسيرة الحضارية. كما يتميز أَيْضًا بظهور العلماء الأعلام في كل علم وفن، ويمكن الإشارة إلى أهم الظواهر التي سادت هذا العصر، وإلى العوامل التي كانت سببًا في الاضمحلال والتقوقع، وهي بإيجاز:

هذا العصر مليء بالأحداث المثيرة والعجيبة في الميادين المختلفة.
هو عصر الاضطرابات السياسية والفكرية والدينية.
المغول يطرقون الحدود الشرقية، لضعف ملوك وسلاطين المسلمين بسبب تناحرهم فيما بينهم.
الحروب الصليبية تهدد البلاد الإسلامية غربا وكانت المراكز الحضارية مسرحا لها.
ملوك المسلمين يستعينون بالأجانب - أي هؤلاء الأعداء من كل جنس ولون - في الحروب التي تقع بينهم.
البناء الاجتماعي هش وضعيف.
الفرق الكلامية والمذاهب الفقهية يشتد الصراع بينها جميعا.
الفكر يزدهر ويتنوع بظهور العلماء الأعلام كالرازي وابن الجوزي.

نسبه
Ray is located in Iran
Ray is located in Iran
الري
موقع مدينة الري في إيران حيث ولد الرازي

هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق التيمي القرشي البكري،
الملقب بفخر الدين ويقال له ابن خطيب الري لأن والده الإمام ضياء الدين عمر كان خطيب مسجد الري كما لقب في هراة بشيخ الإسلام، يكنى بأبي عبد الله وأبي المعالي وأبي الفضل، الرازي نسبة إلي مدينة الري، الطبرستاني الأصل نسبة إلي طبرستان حيث كانت أسرته فيها ثم رحلت إلى الري، القرشي التيمي البكري نسبة إلي ابي بكر الصديق الشافعي مذهباً والاشعري عقيدة.
نشأته وتعليمه
فخر الدين الرازي is located in Iran
سمنان
سمنان
مراغة
مراغة
رحلات الرازي في طلب العلم

ولد الرازي في عام 544 هـ الموافق 1149م بمدينة الري وقيل بأنّه وُلد عام عام 543هـ،
ونشأ في بيت علم، إذ كان والده الإمام ضياء الدين عمر بن الحسن فقيها أصوليا متكلما صوفيا، وكان خطيب الري وعالمها وله تصانيف كثيرة في الأصول والوعظ وغيرهما من أهمها غاية المرام في علم الكلام، حيث اعتبره إبن السبكي من أنفس كتب أهم السنة وأشدها تحقيقاً.
وعلى يدي والده ابتدأ فخر الدين طلبه للعلم في صباه، فتعلم العلوم الأولية فأغناه عن طلب العلم على يد سواه حتى وفاته عام 559هــ، وقد كان الرازي شديد الإعجاب بوالده فيذكر اسمه بإجلال واحترام ويدعوه «بالإمام السعيد»، ويجعله شيخه وأستاذه ويذكر السلسلة العلمية التي تلقاها عنه بكل اعتزاز،

يقول ابن خلكان متحدثاً عن السلسلة العلمية للرازي:

«...وذكر فخر الدين في كتابه الذي سماه تحصيل الحق أنه اشتغل في علم الأصول على والده ضياء الدين عمر، ووالده على أبي القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري، وهو على إمام الحرمين أبي المعالي، وهو على الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني، وهو على الشيخ أبي الحسين الباهلي، وهو على شيخ السنة أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وهو على أبي علي الجبائي أولا ثم رجع عن مذهبه ونصر مذهب أهل السنة والجماعة. وأما اشتغاله في المذهب -يعني الفقه- فإنه اشتغل على والده، ووالده على أبي محمد الحسين ابن مسعود الفراءالبغوي، وهو على القاضي حسين المروزي، وهو على القفال المروزي، وهو على أبي زيد المروزي، وهو على أبي إسحاق المروزي، وهو على أبي العباس بن سريج، وهو على أبي القاسم الأنماطي، وهو على أبي إبراهيم المزني، وهو على الإمام الشافعي رضي الله عنه

»

وبعد أن توفي والده، رحل الرازي إلى سمنان ليشتغل على كمال الدين أحمد بن زيد (الكمال السمناني) واشتغل عليه مدة ثم عاد إلى الري واشتغل على المجد الجيلي ولما طلب المجد مراغة للتدريس بها صحبه الرازي وقرأ عليه مدة طويلة الكلام والفلسفة.
وهكذا وجد الرازي نفسه منذ نعومة أظافره في بيت علم، وبين يدي عالم من أعلام العلماء قضى الفترة الأولى من حياته ينهل من معين علومه، ولذلك شغف بالعلم وأكب على الدرس والتحصيل، وحرص على أن لا يضيع من حياته وقتاً إلا في تعلم أو تعليم حتى أنه ليتمنى لو اسْتَطاعَ أن يستغني عن كثير من الحاجات الطبيعية ليجعل وقته المصروف فيها في طلب العلم فيقول «والله إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل فإن الوقت والزمان عزيز »، ونتيجة لحبه للعلم واستعداده له مع ذكاءه وذاكرته القوية اسْتَطاعَ في فترة وجيزة اسْتيعَاب الكثير من كتب المتقدمين كالشامل في علم الكلام لإمام الحرمين والمستصفي للغزالي والمعتمد لأبي الحسين البصري وأمثالها ولذلك قال «ما أذن لي في تدريس علم الكلام حتى حفظت اثني عشر ألف ورقة

»
علومه
كان الرازي يرى أن تعلم العلوم جميعا فرض من الفرائض الشرعية ولذلك أحب العلوم كلها وأقبل عليها بدون تفريق إلا ما يكون من فرق بين الفاضل والمفضول، والعلوم كلها في نظره لا تخرج عن كونها واجباً أو مما لا يتم الواجب إلا به أو مما لابد منه لتحقيق مصلحة من المصالح الدنيوية أو مما لا بد من تعلمه لمعرفة أضراره وأخطاره والدعوة إلى اجتنابها.




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حمد الراشد - ثالث والديني (حصرياً) حكاية ناي ♔ › صوتيات - مرئيات أدبية 1 02-12-2024 12:52 PM
قطب الدين الرازي حكاية ناي ♔ الشخصيات التاريخية والشعوب 1 12-26-2023 11:36 AM
أبو بكر الرازي حكاية ناي ♔ الشخصيات التاريخية والشعوب 1 12-07-2023 02:38 PM
لحظات العمر · حمد الراشد حكاية ناي ♔ › صوتيات - مرئيات أدبية 2 01-10-2023 01:33 PM
خالد الراشد حكاية ناي ♔ الشخصيات التاريخية والشعوب 2 12-29-2022 06:44 PM


الساعة الآن 03:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.