حديث: الناس شركاء في ثلاثة: في الكلأ والماء والنار
عن رجل من الصحابة رضي الله عنه قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: ((الناس شركاء في ثلاثة: في الكلأ والماء والنار))؛ رواه أحمد وأبو داود، ورجاله ثقات.
المفردات:
غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: سافرت معه صلى الله عليه وسلم للقتال في سبيل الله.
شركاء في ثلاثة؛ أي: خلطاء في ثلاثة ليس لأحدٍ منهم امتياز على أحد فيها ولا اختصاص.
الكلأ: هو العُشب رطبه ويابسه.
البحث:
قال أبو داود: حدثنا علي بن الجعد اللؤلؤي، أخبرنا حريز بن عثمان، عن حبان بن زيد الشرعبي، عن رجل من قرن، ح/ وثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس، ثنا حريز بن عثمان، ثنا أبو خداش - وهذا لفظ علي - عن رجل من المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: غزوتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، أسمعه يقول: ((المسلمون شركاء في ثلاث: في الكلأ والماء والنار)).
قال الحافظ في تلخيص الحبير: وروى أبو داود في السنن، وأحمد في المسند من حديث أبي خداش أنه سمع رجلًا من المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا أسمعه يقول: ((المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار)).
ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة في ترجمة أبي خداش ولم يذكر الرجل، وقد سُئل أبو حاتم عنه، فقال: أبو خداش لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كما قال، فقد سمَّاه أبو داود في روايته حبان بن زيد، وهو الشرعبي، وهو تابعي معروف؛ اهـ.
وقد أشار في التقريب إلى أنه أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود، وقال: ثقة من الثالثة، أخطأ مَن زعم أن له صحبة.
وقال في تهذيب التهذيب: حبان بن زيد الشرعبي، أبو خداش الحمصي، روى عن عبدالله بن عمرو ورجل من المهاجرين، وروى عنه حريز بن عثمان، قلت: وذكره ابن حبان في الثقات، وقد تقدَّم أن أبا داود قال: شيوخ حريز كلهم ثقات؛ اهـ.
وقال ابن ماجه حدثنا عبدالله بن سعيد، ثنا عبدالله بن خداش بن حوشب الشيباني، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار، وثمنه حرام)).
قال في الزوائد: عبدالله بن خداش قد ضعَّفه أبو زرعة والبخاري وغيرهما، وقال محمد بن عمَّار الموصلي: كذاب.
وقال ابن ماجه: حدثنا محمد بن عبدالله بن يزيد، ثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث لا يمنعن: الماء والكلأ والنار)).
قال في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله موثقون؛ لأن محمد بن عبدالله بن يزيد أبا يحيى المكي وثَّقه النسائي وابن أبي حاتم وغيرهما، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين؛ اهـ.
وقد حاول دعاة بعض المذاهب المنحرفة أن يستدلُّوا بهذا الحديث على صحة مذهب "الاشتراكية"، وهذا الحديث دليلٌ عليهم وليس دليلًا لهم؛ لأنه إن صحَّ قَصَر الاشتراك في هذه الثلاثة، وهم لم يقولوا بذلك؛ علمًا بأن المراد بالكلأ هنا هو الكلأ المباح الذي لا يختصُّ بأحد، وبالماء: ماء السماء والعُيُون والأنهار التي لا مالك لها، وبالنار: الشجر الذي يحتَطِبُه الناس من المباح فيوقدونه، قال الخطابي: الكلأ هو الذي ينبت في موات الأرض يرعاه الناس، وليس لأحد أن يختص به؛ اهـ.
على أن في نظام الإسلام وشرائعه ما يُغنِي عن كل مذهب مستورد من أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم وأعداء أنفسهم، وقد مضى على نزول القرآن أكثرُ من أربعةَ عشرَ قرنًا لم يدوِّن واحد من أهل العلم بشريعة الإسلام كلمةً واحدة عن الاشتراكية، وقد خلَت كتب التفسير والحديث والفقه منها، ولم يعرِفها العرب ولا المسلمون، إلا بعد ظهور عدو الله اليهودي الملحد المتنصِّر كارل ماركس في القرن التاسع عشر الميلادي، ولم يستفحِل شرُّها ويستطِرْ ضررُها إلا بعد الانقلاب الشيوعي في روسيا سنة 1917م، وهم لا يُفرِّقون بين الشيوعية والاشتراكية، فجميع البلاد التي ابتليت بها يطلق عليها اسمُ البلاد الاشتراكية والبلاد الشيوعية؛ شتت الله شملهم وفرَّق كلمتهم، وجعل دائرةَ السَّوء عليهم، وطهَّر بلاد المسلمين منهم ومن أنصارهم، ومن السائرين في رِكابهم، إنه على كل شيء قدير.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|