من مواقف الصدق والطاعة في غزوة أحد
الصدق مع الله:
من مواقف الصدق مع الله في هذه الغزوة:
• عن أنس بن مالك قال: "غاب عمي أنسُ بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبتُ عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن الله أشهدني قتالَ المشركين لَيَرَيَنَّ الله ما أصنع، فلما كان يوم أُحُد، وانكشف المسلمون، قال: اللهم إني أَعتذِر إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني المشركين، ثم تقدَّم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعدُ بنَ معاذ، الجنةَ ورَبِّ النضر، إني أَجِد ريحَها من دون أُحُد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قُتِل وقد مَثَّل به المشركون، فما عرَفه أحد إلا أخته ببَنانه، قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ إلى آخر الآية [الأحزاب: 23]"[1].
• ورُوي عن عبدالله بن جحش أن رجلاً سمِعه قبل يوم أُحُد بيوم يقول: اللهمَّ إنا ملاقو هؤلاء غدًا، أقسم عليك لما يقتلوني ويبقروا بطني ويجدعوني، فإذا لقيتك غدًا قلتَ: يا عبدالله، مَن جدع أنفك وأُذُنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقتَ.
فلقي العدو ففعل به ما أراد، فوُجد بين الشهداء مقتولاً جُدِعت أنفه ومثِّل بجثته[2].
الطاعة:
ما انهزم المسلمون في هذه الغزوة وحدث لهم ما حدث من الكرب والبلاء، إلا بسبب معصية معظم الرماة لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان درسًا قاسيًا لهم في وجوب الطاعة المُطلَقة؛ فقد كان النصر حليفهم، وذاقوا منه ما أحبوا في أول الأمر، حتى حدثت المعصية، فانقلب الموقف رأسًا على عَقِب وذاقوا ما كَرِهوا، ولقد سجَّل القرآنُ الكريم ذلك؛ حيث قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 152].
• ومن مواقف الطاعة المشرِقة: موقف الذين ثبتوا من الرماة بقيادة عبدالله بن جبير، وكانوا قلة قليلة، ولكنهم لم يبرحوا أماكنهم حتى قُتِلوا؛ حفاظًا على طاعتهم للنبي والتزامًا بأمره.
• ومن مواقف الطاعة أيضًا: ما حدث في أول الغزوة من مُشاورة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في البقاء في المدينة والتحصُّن فيها، ثم نزوله على رغبة الأغلبية الذين فضَّلوا الخروج لملاقاة الأعداء.
ثم إن القوم تلاوموا بعد ذلك وقالوا: عرض النبي صلى الله عليه وسلم بأمر وعرضتم بغيره، فاذهب يا حمزة فقل للنبي صلى الله عليه وسلم: أمرُنا لأمرك تَبَع، فأتى حمزة فقال: يا نبي الله، إن القوم تلاوموا فقالوا: أمرُنا لأمرك تَبَع، فقال رسول الله: ((إنه ليس لنبي إذا لبس لأْمَتَهُ أن يضعها حتى ينُاجز))[3].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|