الاقتداء بالصحابة رضي الله عنه
اختار الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم صحابة كرامًا عدولًا، عزروه ونصروه وأيدوه، واتبعوا النور الذي أُنزل معه، وبذلوا في سبيل نصرة دين الله عز وجل أنفسهم وأموالهم، ففازوا بكل فضيلة وسبقوا غيرهم بكل مفخرة.
وقد سجل الله عز وجل في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تبيِّن فضل الصحابة الكرام رضي الله عنه، وعِظم مكانتهم، وعُلو قدرهم، ورِفعة درجتهم، وما قاموا به نصرة لدين الله تعالى، ابتداءً من إيمانهم بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن توفاهم الله تعالى، كل ذلك سجله القرآن الكريم؛ ليعلمنا الاقتداء بأعظم صورة لجيل الصحابة رضي الله عنه، في إيمانهم، وصدقهم، وإخلاصهم، وإنفاقهم في سبيل الله على الرغم من قلة ذات أيديهم، وأخبر الله تعالى عن رضاه عنهم ورضاهم عنه.
وتتابعت الأحاديث النبوية في ذكر فضائل الصحابة رضي الله عنه والثناء عليهم وتفضيلهم على غيرهم، "فالأحاديث في فضائل الصحابة والتابعين رضي الله عنه منها عامة، ومنها خاص بالمهاجرين، ومنها خاص بالأنصار، ومنها خاص بالآحاد فردًا فردًا، ومنها القطع لأحدهم بالجنة مطلقًا، ومنها القطع لبعضهم بمجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة"[2].
فمن الواجب على الأمة أن تقتدي بالصحابة رضي الله عنه، وتعرف فضلهم، وتحفظ لهم قدرهم ومكانتهم، فقد تخرَّجوا من مدرسة النبوة، وتعلموا القرآن غضًّا طريًّا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا أشد الخلق هيبة له، وأكثرهم تأدبًا معه، وأفضلهم إجلالًا وتوقيرًا له صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام ابن أبي حاتم - رحمه الله -: "فأما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونُصرته وإقامة دينه، وإظهار حقه، فرضِيهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوة، فحفِظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عز وجل، وما سنَّ وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر ونهى، وحظر وأدب، وعوه وأتْقنوه، ففقِهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقُّفهم منه واستنباطهم عنه، فشرَّفهم الله عز وجل بما منَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز، وسماهم عدول الأمة" [3].
ومن نظر في سيرة الصحابة رضي الله عنه" بعلم وبصيرة، وما منَّ الله به عليهم من الفضائل علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله تعالى"[4].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|