يُعرَّف مصطلح تطوير الذات بأنه مجهود الشخص وسعيه ليكون أفضل ممّا هو عليه عن طريق تحسين قدراته وإمكانياته ومؤهلاته، ويكون ذلك بمعرفة نقاط القوة في شخصيته وتطويرها، ويشمل هذا التطوير القدرات العقليّة، ومهارات التواصل مع الآخرين، وتحسين القدرة على السيطرة على النفس والمشاعر وردود الأفعال، وإكسابها مهاراتٍ عديدةً وسلوكاً إيجابياً.
حيث إن لتطوير الذات أهميّة كبيرة سواءً للفرد أو للمجتمع، وتختلف أهميّته من شخص لآخر في الدرجة أو المستوى، وكلّما زاد الإنسان من تطويره لنفسه علا مركزه في المجتمع وأصبح أفضل، ويعود تطوير الذات إلى المُدرّبين والعاملين عليه؛ حيث إنّ لكلٍّ منهجه الخاص به، ولكن الأكثريّة يبدؤون بتطوير الثقة بالنفس أولاً كمدخل لتطوير الذات.
ويمكن القول إنّ تقدير الذات واحترامها يعبّران عن شعور الفرد بقيمته وقدراته التي تُعدّ أساسيّةً لهويته، وتُعدّ العلاقات الأسريّة الباني الأكبر لتقدير الفرد لذاته؛ خاصّةً أثناء مرحلة الطفولة التي تلعب دوراً كبيراً في تطويرها؛ حيث يمكن للوالدين تعزيز احترام أبنائهم لذواتهم، ويكون ذلك بتعبيرهم المتواصل عن حبّهم لهم، وعن طريق إظهار المودة والاحترام، ومساعدة أبنائهم على وضع أهداف واقعيّة يسيرون على نهج تحقيقها بدلاً من فرض معايير غير واقعيّة عليهم وطلب تحقيقها، لكن هناك ما هو أهم هو تدخل الانسان في تطوير ذاته.
لذا يحتاج الانسان إلى تطوير نفسهُ والارتقاء بها والتغيير إلى الأفضل وجعل النّفس والرّوح والعقل والقلب تندفع لأمور إيجابيّة في حياة الشخص، والجميع يبحث عن الأفضل سواء كان في العمل أو في الحياة الاجتماعية وفن التعامل مع الناس وكل هذا لا يتحقّق سوى بالتغيير والاجتهاد على النّفس للوصول إلى ذات تَحْلُم بها وجعلها أفضل من غيرها.
أقسام تطوير الذات:
إن عملية تطوير الذات تقسم إلى ثلاثة أقسام وهي:
1- التطوير النفسي: حيث يعنى بفهم الظواهر، والعمليات النفسية التي تحدث في النفس، بالإضافة لمعرفة طريقة التعامل معها، مثل السيطرة على الغضب، والتحكّم في الأعصاب، ومعرفة ما يجعل النفس في أحسن حالة.
2- التطوير العقلي: حيث يعتمد على معرفة القدرات العقليّة، وتحديدها كمهارات، لاستخدامها في مختلف جوانب حياتنا العمليّة، والاجتماعيّة، والدراسيّة، بالإضافة لمهارة التفكير السليم.
3- التطوير الجسمي: يهتم بالصحة والعافية، من خلال الالتزام بالرياضة، مثل الجري، وتعلّم فنون القتال، وتطوير الجسم، والعقل، أو من خلال تناول الأطعمة المفيدة للجسم، مثل الخضار، والفواكه.
نأتي الآن إلى بعض الصفات التي اتّصفَ بها من استطاعوا تحقيق ذاتهم أهمها ما يلي:
1- يتقبّلون شخصيتهم كما هي ويتقبّلون شخصيات الآخرين كما هي: فهو يتقبّل شخصيّتهُ بما فيها من مزايا وسيّئات ويحاولون الاجتهاد على أنفسهم لا على غيرهم .
2- يهتمون بالمشاكل أكثر من تركيزهم على ذاتهم: هم يعلمون أن الحياة خلقت وفي جيوبها مشاكل فهم يسعون لحل مشاكلهم وإيجاد الحلول، دون النظر إلى ما يرغبون بهِ.
3- يسعون دائماً لإسعاد الآخرين: فهم أناس يعتمدون بشكل كبير على حسّهم الفكاهي، ويحاولون إسعاد غيرهم، لأنّهم يعلمون أن الجميع لديهِ مشاكل فهم يحاولون التخفيف عن الناس .
4- العفويّةِ في سلوكهم والتلقائيّة في كلامهم: فهم لا يتصنّعون أو يفعلون أشياء لهدف أو إتباع سياسة العيش للأقوى، بل العيش للأفضل .
5- يقيمون علاقات قليلة من الناس وليست بكثرة: الصحبة من أحد أهم الأسباب التي تؤثّر على الشخص فهم لا يصاحبون إلاّ الأشخاص الذين يزيدون من تطوّرهِ وجعل حياتهِ للأفضل .
6- يدركون الحقيقة بشكل كامل، ويتحملون التأقلم بتأرجحها بين الشك واليقين: يعلمون الحقيقة بشكل كامل ولا يحاولون إنكارها أبداً، ويتقبّلون تقلّبات الحياة بين الشك واليقين .
7- ينظرون إلى الحياه نظرة موضوعيّة: ليست الحياة شاغلهم الوحيد، هم ناس يبحثون عن تحقيق ذاتهم فهم يعيشون ويموتون لأجل هذا الهدف وليست لمادة أو أي شيء آخر.
أهمية تطوير الذات
سبقت الإشارة إلى تعريف تطوير الذات، وستركّز هذه الفقرة على أهمية تطوير الذات، فتطوير الذات يُنمّي الدافعية نحو الإنجاز، ويكسر الكسل والجمود اللذين يخلقان الإحباط في النفس البشرية، إضافة إلى النقاط الآتية:
1- إرضاء الله تعالى وتحقيق معنى الخلافة: وتخص هذه النقطة الذين يحملون عقائد إيمانية، ويؤمنون بأن العمل والتطوّر يُحقّقان معنى الخلافة على الأرض، ويُساعدان الإنسان في رحلة سعيه في الحياة الدنيا من أجل إرضاء الله تعالى.
2- قتل المشاعر السلبية وبعث الإيجابية والتفاؤل في النفوس: إن تطوير الذات يعني اعتناء الإنسان بنفسه ومراقبة أهدافه فما إن يُحقّق هدفًا حتى يبدأ الآخر يلوح بالأُفق، والتفكير الدائم بالأهداف، وتطوير الذات يقتل المشاعر السلبية مثل مشاعر القلق، والخوف والإحباط، والكسل ويبعث الإيجابية والتفاؤل داخل الإنسان.
3- المُساهمة في تقدُّم المجتمع ورفعته: إن أهمية تطوير الذات لا ترتبط بذات الإنسان وحده، وإنما تنعكس أيضًا على المجتمع، فلو اعتنى كل فرد بتطوير ذاته لكانت النتيجة مجتمعًا متطوّرًا متقدّمًا.
4- تحسين المستوى المعيشي: إن تطوير الذات الدائم يؤدي إلى تحسين المستوى المعيشي للفرد، بسبب التطوّر العلمي والمعرفي واكتساب الخبرات المختلفة.
زيادة ثقة الإنسان في نفسه: إن رؤية الإنسان لأهدافه مُحقّقَة بعد أن كانت مجرد أحلام تزيد من ثقة الإنسان في نفسه وقدراته، مما يُعزّز من إقدامه على اتخاذ القرارات.
5- التطوّر على المستوى الشخصي: حيث يُساعد تطوير الذات على اتساع مساحات التفكير، وتحسين الصحة عبر ممارسة الرياضة وتطوير المهارات، للشعور بالسعادة والغبطة.
6- كسر الروتين: من النقاط التي تُضاف إلى أهمية تطوير الذات كسر الروتين، فتطوير الذات يطرد شعور الملل والرتابة.
7- تحفيز الآخرين والعيش في بيئة إيجابية مُنتِجَة: إن تطوير الإنسان لذاته ينعكس أيضًا على المجتمع والبيئة المحيطة به، فالإنسان الإيجابي تنعكس طاقته الإيجابية على من حوله، فإيجابيته تنعكس على أهله ومحيطه وأصدقائه.
وهناك بعض الخطوات والنصائح التي يجب اتباعها عند المضي في تطوير الذات:
1- تنويع وتجديد أسلوب الحياة والابتعاد عن الروتين والرتابة التي تحد من قدرة الإنسان على العمل والنجاح وتسبب التراجع في المعنويات والنفسية.
2- الإيمان بالقضاء والقدر والتقرب من الله سبحانه وتعالى والحرص على القيام بالعبادات فهي تساهم في تعزيز المعنويات ورفعها ومنح طاقة إيجابية.
3 - تحسين العلاقة مع الآخرين واتخاذ قدوة والتعلم من سلوكه ونجاحه فملازمة الناجحين تجعلك ناجحا.
4- السعي جاهدا لتطوير النفس والقدرات في العمل وتعزيز القدرات المهنية التي تميز الشخص عن غيره.
5- الابتعاد عن الأشخاص السلبيين والمحبطين فلهم تأثير قوي على النجاح والقدرة على التقدم والعكس الأشخاص الإيجابيين يعززون التطور العقلي والنفسي.
6- التسامح والتعامل مع الناس بعقلانية والبعد عن الحقد وأخذ الثأر فهو يعيق التفكير بشكل سليم.
7- ممارسة الرياضة والمواظبة عليها فهي تنشط الدورة الدموية وتزيد القدرات الإبداعية والتفكيرية للإنسان.
8- تجنب كل المخاوف والشكوك المثبطة التي تعيق التقدم والتطور والنجاح في الحياة فالثقة والشجاعة تولد الإقدام.
9- وضع الأهداف الواضحة المحددة في الحياة والتركيز عليها حيث يسهل الحصول على الدافع ، والابتعاد عن الفوضى التي تؤدي إلى الفشل.
10- وضع خطة لتطوير الذات التي تشمل المدة الزمنية والمراحل التي تتطور بها وتدوينها لتمنح الشخص مرجعا يمكن العودة إليه ومراجعة وتنقيح هذه الخطط وتطويرها.
11- معرفة أساليب تطوير الذات التي تساعد على التعلم والتطور بسرعة وفعالية وأيها أفضل للشخص.
12- أن يكون الشخص مبادرا ومستقلا وليس معتمدا على الآخرين.
13- كن صبورا مثابرا وطموحا حتى لو قابلت الصعوبات، فلا تتخلى عن حلمك وهدفك. فكلما زادت صعوبة الرحلة زادت متعة الوصول.
وأخيرًا.. وللتأكيد على ما تقدم أن عملية تطوير الذات وبناء الشخصية هي عملية تنمية واكتساب المعلومات والسلوك والمهارات والقدرات، وهي تجعل الإنسان يشعر بالرضا عن نفسه، من خلال اتباعه وسائل ومناهج تساعده على التركيز على أهداف حياته، والسعي لتحقيقها، مع استعداده للتعامل مع أي عائق يؤثر على تطويره وبناء شخصيته في المستقبل.
من خلال أشخاصنا نصنع نجاحنا..