الدروس العامة المستفادة من معركة بدر (1)
أولاً: صدق الصحابة في موالاتهم للمؤمنين، ومعاداتهم للكافرين، وقد ظهر ذلك في غزوة بدر، عندما قتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة، ولم يلتفت إلى قرابته منه، وهَمّ أبو بكر بقتل ابنه عبد الرحمن، وقتل حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث أبناء عمهم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، وذلك في المبارزة، قال تعالى: ﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللّـهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].
ثانياً: نبه الله المؤمنين إلى حقيقة هامة، وهي أن لا يجعلوا حب المال يسيطر عليهم عند النظر في قضاياهم الكبرى التي قامت على أساس النظرة الدينية وحدها، مهما كانت الحال والظروف، ولذا عالج الله تجربة رؤية الغنائم مع الحاجة والفقر، واختلافهم فيها، ومسألة الأسرى بوسائل تربوية دقيقة، كما في قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1].
وقوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 67].
ثالثاً: أن الدعاء من أعظم أسباب النصر على الأعداء، قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9].
وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ربه ويستغيث به كلما نزل به كرب أو شدة، كما حدث في غزوة بدر.
رابعاً: أن الإيمان والعمل الصالح من أعظم أسباب النصر؛ ولذلك وعد الله المؤمنين الصالحين بالنصر في غير آية من كتاب الله، قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].
خامساً: أن التوكل على الله من أعظم أسباب النصر، قال تعالى: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160].
وهذا ما حصل في غزوة بدر، فإن الصحابة على قلة عددهم وعُددهم مقابل عدوهم إلا أنهم توكلوا على الله، وقاتلوا فنصرهم الله، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123].
سادساً: أن الجهاد من أفضل الأعمال، وهو ذروة سنام الدين، لما يترتب عليه من إعلاء كلمة الله، ونصر دينه، وقمع الظالمين والمنافقين الذين يصدون الناس عن سبيله، ويقفون في طريقه، ولما يترتب عليه من إخراج العباد من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد.
سابعاً: أن لزوم طاعة الله ورسوله، والابتعاد عن المعاصي وترك التنازع من أعظم أسباب النصر، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوجه أصحابه بأن لا يفعلوا أمراً حتى يخبروه بذلك، كما في حديث عمير بن الحمام: "لا يقدمن أحدكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه"[1]، وكان الصحابة يمتثلون أوامر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وينفذونها بكل دقة.
ثامنًا: أن لزوم طاعة الأمير أو القائد، وعدم الاختلاف عليه من أعظم أسباب النصر، وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو الرسول، وهو القائد، وكانوا يطيعونه فيما يأمرهم به كما تقدم.
تاسعاً: أن الاختلاف والتنازع من أسباب الفشل والهزيمة أمام العدو، وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن المشركين قبل بدء القتال حصل بين قادتهم خلاف كان سبباً لضعف العزائم والهمم، وبالتالي إلى الهزيمة، قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].
عاشراً: أن العداوة والإحن التي كانت بين الأنصار من الأوس والخزرج قد زالت بوصول النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فصاروا – رضي الله عنهم - يداً واحدة ضد المشركين واليهود، قال تعالى: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 63].
الحادي عشر: إن الإخلاص والصدق من أسباب النصر على الأعداء، قال تعالى: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].
وفي الصحيحن من حديث أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"[2].
وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن المؤمنين لما صدقوا مع الله، وأخلصوا له كان النصر حليفهم.
الثاني عشر: في وقوف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فم القليب ينادي قتلى المشركين، ويكلمهم بعدما ماتوا، وفيما قاله لعمر- رضي الله عنه - إذ ذاك دليل واضح على أن للميت حياة روحية خاصة به، فقد ثبت بالكتاب والسنة عذاب القبر ونعيمه، وأن الميت إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، أنه يسمع قرع نعالهم، غير أن ذلك كله إنما يخضع لموازين لا تنضبط بعقولنا، وإدراكنا الدنيوية هذه، إذ هو ما يسمى بعالم الغيب البعيد عن مشاهداتنا، وتجاربنا العقلية والمادية، فطريق الإيمان بها إنما هو التسليم لها بعد أن وصلتنا بطريق ثابت صحيح[3].
الثالث عشر: أن الله تعالى قد يعين المؤمنين في قتال أعدائهم ببعض الكرامات، إذا صدقوا معه، كما حدث في غزوة بدر من نزول الملائكة، وحدوث النعاس، وإنزال المطر، وقذف الرعب في قلوب عدوهم، وغيرها من المعجزات والكرامات.
الرابع عشر: أن الكرامات التي حصلت لبعض الصحابة في غزوة بدر، كأبي بكر، وعلي، وعمر، وغيرهم، إنما هو دليل على فضلهم ومكانتهم عند الله تعالى.
الخامس عشر: على القائد أن يكون قريباً من جنوده، يحثهم ويشجعهم على القتال، ويكثر من الصلاة والدعاء لهم بالنصر، ويقاتل معهم كأحد الجنود، وهذا هو حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة بدر.
السادس عشر: أن الله تعالى يجيب دعوة المؤمنين إذا استغاثوا به، وهم في كرب مع عدوهم، فإن الله تعالى أمدهم بالملائكة، وأنزل عليهم النعاس، وغير ذلك كما حدث في غزوة بدر. قال تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9].
وقال تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
السابع عشر: أن الله تعالى يقدر الأمور وييسرها من غير ترتيب مسبق بين المؤمنين وأعدائهم، وهذا كله من أجل نصرة دينه، وخذلان أعدائه بالقتل والأسر، وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن الله تعالى جمع المؤمنين بأعدائهم الكافرين من غير موعد لذلك، ليهلك من هلك من الكافرين عن بينة وحجة، ويعيش من يعيش منهم وقد أقيمت عليه الحجة.
الثامن عشر: أن الشيطان يحسن للإنسان المعاصي، ويزينها له، فإذا وقع فيما يريد تخلى عنه، وهذا ما حدث في غزوة بدر، فإن الشيطان زين لكفرة قريش الخروج لحرب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم تولى عنهم، قال تعالى:﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 48].
التاسع عشر: أن المنافقين في كل زمان ومكان يكيدون للإسلام وأهله، ويدبرون المكائد، ويسخرون من المؤمنين، ويستهزئون بدينهم، قال تعالى: ﴿ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49].
العشرون: أن الله تعالى يعوض المؤمن ويخلف عليه في ماله، إذا علم منه الصدق وحب الخير، فهذا ما حدث في قضية العباس ومن معه من الأسرى في غزوة بدر، فإن الله أخلف على العباس فيما دفعه من الفداء كما تقدم، ووعدهم سبحانه بالمغفرة في الآخرة. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 70].
الحادي والعشرون: أن الكفر والمعاصي سبب لزوال النعم، وحصول النقم، فإن قريشاً لما كفروا نعمة الله بإرسال هذا النبي الكريم إليهم فكذبوه وعادوه، عاقبهم الله في غزوة بدر بالقتل والأسر، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ [إبراهيم: 28].
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس- رضي الله عنه - قال: ﴿ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً ﴾، قال: هم والله كفار قريش، قال عمرو: هم قريش، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- نعمة الله، ﴿ وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ قال النار، يوم بدر"[4].
الثاني والعشرون: أن قريشاً قد أصيبت بعقوبات كثيرة قبل غزوة بدر، فأصابهم قحط، وجهد، حتى أكلوا العظام، لكن ذلك لم يجد فيهم شيئاً، فاستمروا على شركهم وضلالهم، حتى كانت وقعة بدر، فبطش الله بهم البطشة الكبرى.
الثالث والعشرون: أن أعداء الإسلام من المشركين والمنافقين وغيرهم، لا يألون جهداً في قتال المسلمين وسحقهم، ووضع الخطط والمكائد لضرب الإسلام وأهله، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله: ﴿ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217].
الرابع والعشرون: أن الصحابة رضي الله عنهما قدموا أنفسهم وأموالهم فداء لهذا الدين، ولا أدل على ذلك من المهاجرين الذين تركوا أموالهم في مكة، وهاجروا بدينهم إلى المدينة، وبذلوا نفوسهم رخيصة في معركة بدر، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما رأى حالة فقرهم الشديدة قال: "اللهم إنهم جياع فأطعمهم، وعراة فاكسهم، وحفاة فاحملهم...الحديث"[5].
وصدق الله إذ يقول: ﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 23].
الخامس والعشرون: الوفاء بالعهد من صفات المؤمنين، وقد حث الله ورسوله عليهما، وقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلاً لأصحابه عندما قال حذيفة ابن اليمان وأبوه للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أخذنا كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمداً؟ فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرناه الخبر، فقال: "انصرفا، نَفِي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم"[6].
السادس والعشرون: حرص الكفار على الحياة، وحبهم لها، قال تعالى: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 96].
ولذلك لما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتل بعض الكفار في غزوة بدر، كأُمية ابن خلف، وعقبة بن أبي معيط، خافوا على أنفسهم من القتل، فلم يخرجوا إلا بحيلة من أصحابهم.
السابع والعشرون: أن بعض الكفار لهم مواقف عظيمة نصروا فيها الإسلام والمسلمين، كحال البختري بن هشام، فإنه كان أكف القوم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة، وكان لا يؤذيه، ولا يبلغه عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام بنقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم، وبني المطلب. وكحال المطعم بن عدي، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل بجواره عند رجوعه من الطائف.
الثامن والعشرون: إرسال البشير ليخبر بالخبر السار، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد انتصاره في غزوة بدر أرسل عبد الله بن رواحة، وزيد بن حارثة ليبشرا الناس بالنصر.
التاسع والعشرون: أن من حكمة الله تعالى أنه قد يذل الكفار بالقتل أو الأسر على أيدي المسلمين، وذلك ما حصل في غزوة بدر، فقد قتل سبعون من المشركين، وأسر سبعون، قال تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 14].
الثلاثون: أن الغدر والخيانة من صفات الكفار، وذلك كما جاء في قصة بئر معونة، فإن هؤلاء الكفار أعطوا الأمان للصحابة رضي الله عنهم فلما تمكنوا منهم غدروا بهم، وباعوا زيداً وخبيباً؛ لأنهما قتلا بعضاً من قادة قريش في غزوة بدر.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|