مواقف لبعض الصحابة رضوان الله عليهم في قوة إيمانهم واعتمادهم على الله (1 - 2)
تُعد مواقف الصحابة رضوان الله عليهم نماذجَ سامقة في قوة إيمانهم، واعتمادهم على الله، وكم نحن اليوم بحاجة ماسَّة للاقتداء بسيرتهم، وترسُّم خطاهم، وسوف أعرض جملةً من هذه المواقف على النحو الآتي:
1- موقف للصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه قال: كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: اجتمع يومًا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يُسمعهموه؟ فقال عبدالله بن مسعود: أنا، قالوا: إنَّا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلًا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإن الله سيمنعني، قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ: [بسم الله الرحمن الرحيم]، رافعًا بها صوته: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2]، قال: ثم استقبلها يقرؤها، قال: فتأملوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد؟ قال: ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه، وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدًا، قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون[1].
2- موقف للصحابي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه:
عندما سأله النجاشي عن الدين الذي اعتنقوه، فقال له جعفر رضي الله عنه: أيها الملك، كنا قومًا على الشرك: نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء، وغيرها لا نحل شيئًا ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه، وصدقه، وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي، ونصوم، ولا نعبد غيره[2].
3- موقف للصحابي عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه:
في غزوة بدر قال الصحابي الجليل: عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض، قال: نعم، قال: بخ، بخ، فقـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك: بخ، بخ، قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهنَّ، ثم قـال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هـذه، إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتِل[3].
4- موقف للصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سُمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر، فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون، وألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد وأتاهم على ما أرادوا، إلا بلالًا، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهـو يقول: أحد أحد[4].
5- موقف للصحابي كعب بن مالك رضي الله عنه:
حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ فقلت: بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلًا، ولكني والله لقـد علـمت، لئن حدثتك اليـوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك عليَّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجـد عليَّ فيه إني لأرجـو فيه عفـو الله[5].
6- موقف للصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
أنه قال: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8][6].
7- موقف للصحابي حنظلة الأسيدي رضي الله عنه:
عن حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، وكـان مـن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقيني أبو بكـر رضي الله عنه، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت نافق حنظلة، قال: سبحان الله، ما تقول؟ قـال: قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكـرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأيَ عينٍ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرًا[7].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|