حديث: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة
عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها فَأْمُره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعطها إياه بنخلة في الجنة. فأبى! فأتاه أبو الدحداح فقال: بعني نخلتك بحائطي. ففعل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له. فقد أعطيتكها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة. قالها مرارا قال: فأتى امرأته فقال: يا أم الدحداح اخرجي من الحائط، فإني قد بعته بنخلة في الجنة. فقالت: ربح البيع. أو كلمة تشبهها. [1]
من فوائد الحديث:
1- بسبب إيثار أبي الدحداح رضي الله عنه الباقي على الفاني جوزي في الآخرة بما هومن جنس فعله. [2]
2- العَذق بِفَتْح الْعين: النَّخْلَة، وبكسرها: الغصن، وهو الشمراخ. والرَّدَاح: الثقيل بِحمْلِهِ، وَمِنْه امْرَأَة رداح: إِذا كَانَت ثَقيلَة الْأَوْرَاك. [3]
3- المسارعة إلى الخيرات دليل على حب الله تعالى لعبده.
4- علوّ الهمة لدى هذا الصحابي. [4]
5- الله سبحانه يعطي الكثير، على العمل القليل. [5]
6- إجبارُه على المعاوضة حيث كان على شريكه أوجاره ضررٌ في تركه، وهذا مثلُ إيجاب الشُّفعة لدفع ضررِ الشَّريك الطَّارئ.
ويُستدلُّ بذلك أيضاً على وجوب العمارة على الشَّريك الممتنع مِنَ العمارة، وعلى إيجاب البيع إذا تعذَّرَت القسمة. [6]
7- كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصحابي على سبيل الشفاعة الحسنة، ولم يكن على سبيل الإلزام، وإلاّ لوجب عليه قبوله، والحكم بعصيانه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
8- استحباب المصالحة بين المتخاصمين.
9- بيان كمال حلمه صلى الله عليه وسلم على أصحابه.
10- لعل الرجل كان من جفاة الأعراب، أو وقع له المقال في كمال غضبه من الحال حتى غفل عن مقام الأدب وفاته ما كان صريحا له في حسن المآل. [7]
11- كم من الأغصان الكثيرة، المُحمّلة بالثمار، مُدلاّةً، أي: قريبة المنال لأبي الدحداح رضي الله عنه.
12- منقبة عظيمة، وفضيلة كبيرة لأبي الدحداح رضي الله عنه. [8]
13- لا يلزم الإنسان في قبول الشفاعة الحسنة، فالأمر باختيار الشخص.
14- أنّ ثمار الجنّة، مُذلّلة لأهلها، سهلة التناول للواقف، والقاعد، والمضطجع.
15- تفاضل الصحابة رضي الله عنهم، وأنّهم ليسوا على درجة واحدة في الفضل.
16- على المسلم أن يكون هيّنا لينا، سمْحا.
17- فضل الإيثار.
18- الناس تتفاوت في الفهم، والإدراك، والتطلع إلى المستقبل.
19- الأهداف العالية تسمو بصاحبها.
20- حُبّ الصحابة لنبيهم صلى الله عليه وسلم.
21- أنّ مردّ الخلاف، والتحاكم إلى الله سبحانه، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
22- إنّ هذه النخلة الوحيدة، كانت في طريق إقامة حائط بستان الصحابي، فلا يستطيع أن يُصلح بستانه إلاّ بأن تكون هذه النخلة داخل بستانه. فهو لا يريد أن يتسبب في الإضرار بجاره.
23- النهي عن الإضرار بالغير.
24- أنّه لا يحلّ أخذ مال المسلم إلاّ بطيب نفس منه، ورضاه.
25- الحرص على الجار، ومراعاة شعوره، وترك أذيّته.
26- محبة الأنصار للنخل، والشجر، والزراعة.
27- استثمار الأرض، بما يُصلِحُها، وبما يعود على الإنسان بالخير.
28- تدارك فعل الخير، والمبادرة إليه، بدون تردد، أو تأخير.
29- اغتنام الفرص، قبل فواتها.
30- الجنّة تحتاج منّا إلى التضحية.
31- تقرّب إلى الله بكل عمل يُرضيه.
32- بادر أنت، ولا تنتظر أحدا يَنْتَشِلُك.
33- قدّم ما لديك، ولا تنتظر النتائج، فإن علمت بالنتيجة فبها ونِعْمَت، وإلاّ فامض قُدُماً. " وماتقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله "[9].
34- لم يكنْ عند النبي صلى الله عليه وسلم مال يُقدّمه لأصحابه، إنما الثمن الجنّة.
35- امتثال المرأة الصالحة لأمر زوجها، وطاعتها له، دون استفصال عن الحال.
36- صدق التوكل على الله، واليقين بما عنده.
37- حقارة الدنيا، وأنها لا شيء أمام الآخرة.
38- تأكيد المرأة على صنيع زوجها، وتصديقه في الصفقة الرابحة التي تبايع عليها.
39- لم تجادل هذه المرأة التقيّة زوجها، ولم تقل له: أين عقلك، أتبيع بستانا كبيرا مليء بمئات النخيل، بنخلة واحدة فقط، أي إنسان أنت، ونحو هذا الكلام، لم يحصل شيء من هذا البتّة.
40- مشهد رائع، وصورة حيّة ماثلة أمامنا، قدّمت شيئا إيجابيا، وصنعت مجدا خلّده التأريخ، بصبرها ورضاها وتميزها عن غيرها من بنات جنسها.
41- التشجيع والتحفيز لفعل الخير.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|