الآية: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ..)
♦ الآية: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: الفرقان (20).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ... الآية ﴾ هذا جواب لقولهم: ﴿ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ ﴾ الآية [الفرقان: 7]؛ أخبَرَ الله سبحانه أن كل من خلا من الرسل كان بهذه الصفة، ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾ الصحيح للمريض، والغني للفقير، فيقول الفقير: لو شاء الله لأَغْناني كما أغنى فلانًا، ويقول المريض: لو شاء الله لعافاني كما عافى فلانًا، وكذلك كلُّ الناس مبتلًى بعضهم ببعض، فقال الله تعالى: ﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾ على البلاء؟ فقد عرفتم ما وُعِد الصابرون، ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ بمن يصبر وبمن يجزع.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ يا محمد، ﴿ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ﴾ روى الضحاك عن ابن عباسٍ قال: لما عيَّر المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ أنزل الله عز وجل هذه الآية. يعني ما أنا إلا رسولٌ، وما كنت بدعًا من الرسل، وهم كانوا بشرًا يأكُلون الطعام، ويمشون في الأسواق. وقيل: معناه وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا قيل لهم مثل هذا؛ أنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، كما قال في موضعٍ آخر: ﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [فصلت: 43]، ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾؛ أي بليةً، فالغنيُّ فتنة للفقير، يقول الفقير: ما لي لم أكن مثله؟! والصحيح فتنة للمريض، والشريف فتنة للوضيع.
وقال ابن عباسٍ: أي جعلت بعضكم بلاءً لبعضٍ؛ لتصبروا على ما تسمعون منهم وترون من خلافهم، وتتبعوا الهدى.
وقيل: نزلت في ابتلاء الشريف بالوضيع؛ وذلك أن الشريف إذا أراد أن يُسلِمَ فرأى الوضيع قد أسلَمَ قبله، أَنِفَ وقال: أُسلِمُ بعده فيكون له عليَّ السابقة والفضل؟! فيقيم على كفره ويمتنع من الإسلام، فذلك افتتان بعضهم ببعضٍ، وهذا قول الكلبي.
وقال مقاتلٌ: نزلت في أبي جهلٍ، والوليد بن عقبة، والعاص بن وائلٍ، والنضر بن الحارث؛ وذلك أنهم لما رأوا أبا ذرٍّ وابن مسعودٍ وعمارًا وبلالًا وصهيبًا وعامر بن فهيرة وذويهم، قالوا: نُسلِمُ فنكون مثل هؤلاء؟!
وقال مقاتل: نزلت في ابتلاء فقراء المؤمنين بالمستهزئين من قريشٍ، كانوا يقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبَعوا محمدًا من موالينا وأراذلنا، فقال الله تعالى لهؤلاء المؤمنين: ﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾؛ يعني على هذه الحال من الفقر والشدة والأذى، ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ بمن صبر وبمن جزع.
أخبرنا أحمد بن عبدالله الصالحي، أنا أبو بكرٍ أحمد بن الحسن الحيري، أنا أبو العباس الأصم، ثنا زكريا بن يحيى المروزي، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة يبلُغُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا نظر أحدكم إلى من فُضِّل عليه في المال والجسم، فلينظر إلى من هو دونه في المال والجسم)).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|