معنى كلمة ظلم
قال قتيبة في حديث ابن زمل الجهني، وقد قص رؤيا رآها للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل، وفيه: (... فكأني بالرعلة الأولى، وحين أشفوا على المرج كبروا، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق، فلم يظلموه يميناً ولا شمالاً..).[1]
وأصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، ومنه يقال: من أشبه أباه فما ظلم.[2]
أي: ما وضع الشبه غير موضعه، ومنه: ظُلْم السِّقَاء، وهو: أن تشربه قبل أن يدرك.
قال الشاعر[3]: (الوافر)
وقائلةٍ: ظلمت لكم سقائي ♦♦♦ وهل يَخْفَى على العُكَدِ الظَّلِيمُ
والعكد: جمع عكدة وهي أصلُ اللِّسان، والظليم: المظلوم. يقول: لا يخفى مذاقه ما شرب من اللبن قبل الإدراك.[4]
صَرَّح الشارح بالدلالة الأصلية لمادة (ظلم) ونص على أنها: (وضع الشيء في غير موضعه). وقد شاركه في النص على هذه الدلالة كثير من اللغويين، وابن فارس وغيره.[5]
قال الراغب: والظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء: وضع الشيء في غير موضعه المختص به، إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه.[6]
وقد أرجع الشارح إلى هذه الدلالة دلالات بعض فروع مادة (ظلم)، وهي:
أ) ظلم: وذلك في المثل: من أشبه أباه فما ظلم. وقد فسره. ويجوز أن يراد به: فما ظلم الأب، أي: لم يظلم حين وضع زرعه حيث أدى إليه الشبه.[7]
ب) ظَلَمَ السَّقَاءَ: شَرِبَ لَبَنَه قبل الرَّوْبِ.[8] ويقال لهذا اللبن ظليم ومظلوم.[9]
ويمكن إضافة فرع آخر:
ج) المظلومة: التي لم تحفر قط، ثم حفرت.[10] أو التي لم تكن موضعاً للحفر.[11] فكأن ذلك كله ظلما لها، لأن الحفر قد وقع في غير موضعه.
وأما الدلالة المجردة للظلم فهي ظاهرة الارتباط بدلالته الأصلية، قال ابن قتيبة: (كأن الظالم هو الذي أزال الحق عن جهته وأخذ ما ليس له).[12]
وهكذا، فقد صلحت هذه الدلالة لتفسير دلالات فروع هذه المادة، ولعل ذلك يشير إلى صحة عدها دلالة أصلية لها، كما نص الشارح، وغيره.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|