أسرع وتيرة توظيف في الاقتصاد الأمريكي منذ أشهر .. يعرقل احتواء التضخم
تسارعت وتيرة التوظيف في الولايات المتحدة بشكل مفاجئ في سبتمبر، فيما بقي معدل البطالة على حاله، وفق ما بينت أرقام حكومية أمس، في تطور يزيد الضغوط على صناع القرار الساعين لاحتواء التضخم.
في الشهر الماضي أضاف الاقتصاد الأمريكي 336 ألف وظيفة، في أكبر زيادة منذ يناير، فيما بقي معدل البطالة على حاله عند 3.8 في المائة، وفق وزارة العمل.
يأتي ذلك في توقيت تبين فيه المؤشرات الاقتصادية أن سوق العمل الأمريكية لا تزال متينة على الرغم من جهود الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لخفض التضخم بشكل مستدام، بحسب "الفرنسية".
فعندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة الرئيسة وتكلفة الاقتراض، من شأن ذلك أن يبطئ وتيرة التوظيف المرتبطة بتوسع الأعمال مع زيادة متوقعة في أعداد العاطلين عن العمل.
لكن إلى الآن، لا تزال وتيرة التوظيف أسرع من مستويات ما قبل الجائحة، كما أن البطالة لا تزال تناهز أدنى مستوياتها تاريخيا، ما قد يشجع مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ مزيد من التدابير.
لكن محللين يحذرون من أن سوق العمل قد تعاني الضعف في المستقبل، نظرا إلى أن انعكاس التغييرات على الاقتصاد يستغرق وقتا.
في سبتمبر، سجلت قطاعات عدة بينها الترفيه والضيافة والحكومة والرعاية الصحية زيادات في التوظيف، وفق وزارة العمل.
ومن بين العوامل، التي ساهمت في الزيادة الأخيرة، قطاع التعليم، وتوقع محللون في مركز "بانثيون للاقتصاد الكلي" في تقرير صدر أخيرا قفزة في التعليم الحكومي والمحلي بعد بيانات ضعيفة سجلت في الصيف.
وزيادة نمو الوظائف الأمريكية في سبتمبر يشير إلى أن سوق العمل تظل قوية بما يكفي لدفع مجلس الاحتياطي لرفع سعر الفائدة مجددا هذا العام رغم أن نمو الأجور يتجه للاعتدال.
وتم تعديل بيانات أغسطس بالزيادة لتظهر إضافة 227 ألف وظيفة بدلا من 187 ألفا سابقا.
وكان خبراء اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم قد توقعوا أن تزيد الوظائف بمقدار 170 ألفا، وراوحت التقديرات بين 90 ألفا و256 ألفا.
وجاءت الزيادة بمقدار أكثر من المتوقع رغم ميل بيانات الوظائف المبدئية لسبتمبر عادة للمستوى الأقل بسبب مسائل تتعلق بالتعديل، وفقا للعوامل الموسمية المرتبطة بعودة العاملين في قطاع التعليم لوظائفهم بعد عطلة الصيف.
وقوة سوق العمل الحالية بعد مرور 18 شهرا على بدء المركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة تشير إلى أن السياسة النقدية قد تظل مشددة لبعض من الوقت.
وظل معدل البطالة دون تغيير عند أعلى مستوى في 18 شهرا وهو 3.8 في المائة.
ولا يعتقد أغلب خبراء الاقتصاد أن المركزي الأمريكي سيرفع سعر الفائدة مجددا هذا العام.
وظل نمو الأجور الشهري معتدلا، إذ زاد متوسط الأجر في الساعة 0.2 في المائة بعد أن حقق زيادة مماثلة في أغسطس. وفي 12 شهرا حتى سبتمبر، زادت الأجور 4.2 في المائة بعد أن سجلت زيادة نسبتها 4.3 في المائة في أغسطس.
ولا تزال الأجور تنمو بوتيرة أسرع من معدل 3.5 في المائة الذي يقول اقتصاديون إنه يتسق مع هدف المركزي الأمريكي بالوصول إلى تضخم 2 في المائة.
يشار إلى أن الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة ارتفع خلال أغسطس، إلا أن الزيادة السنوية -التي تستثني الغذاء والطاقة- تباطأت إلى أقل من 4 في المائة.
وذكرت وزارة التجارة أخيرا أن الإنفاق الاستهلاكي -الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأمريكي- ارتفع 0.4 في المائة خلال أغسطس. وتم تعديل بيانات شهر يوليو بالزيادة لتظهر ارتفاع الإنفاق 0.9 في المائة بدلا من القراءة السابقة البالغة 0.8 في المائة.
إلا أن ضغوط التضخم الأساسي بدأت تتراجع، وهو أمر سيكون محل ترحيب من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وباستثناء عناصر الغذاء والطاقة متقلبة الأسعار، يكون إنفاق الاستهلاك الشخصي قد ارتفع 0.1 في المائة بعد زيادة 0.2 في المائة في الشهر السابق. وعلى أساس سنوي يكون ما يسمى مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي زاد 3.9 في المائة في أغسطس بعد ارتفاع 4.3 في المائة في يوليو.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قد أبقى أسعار الفائدة عند أعلى مستوى في 22 عاما دون تغيير، بينما توقع رفعا إضافيا قبل نهاية العام لخفض التضخم، منوها بأن بدء تخفيضها سيكون بعيدا.
وقال الفيدرالي في بيان الشهر الماضي إن قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على سعر الإقراض الرئيس بين 5.25 و5.50 في المائة يمنح صناع القرار الوقت "لتقييم المعلومات الإضافية وتداعياتها على السياسة النقدية".
وجاء القرار متوافقا مع توقعات معظم المحللين والمتداولين، إذ تعد هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تثبيت أسعار الفائدة خلال 13 اجتماعا منذ أوائل 2022، بعد تثبيتها في يونيو الماضي.
وبعد 11 رفعا لأسعار الفائدة منذ مارس من العام الماضي، انخفض التضخم بشكل حاد لكنه ظل عالقا فوق هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي على المدى الطويل وهو 2 في المائة سنويا، ما يبقي الضغط على المسؤولين للنظر في مزيد من الإجراءات السياسية. وقال الفيدرالي إن النشاط الاقتصادي يتوسع بوتيرة قوية، في حين أشار إلى مكاسب قوية وانخفاض معدل البطالة.
وأثارت السلسلة الأخيرة من البيانات الاقتصادية الإيجابية الآمال في أن يتمكن بنك الاحتياطي الفيدرالي من إبطاء زيادات الأسعار دون التسبب في ركود.
وقامت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، التي تحدد سعر الفائدة أيضا بتحديث توقعات الأعضاء لمجموعة من المؤشرات الاقتصادية، من التضخم إلى النمو، إضافة إلى توقعات سياسة سعر الفائدة المستقبلية.
وترك أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التوقعات المتوسطة لأسعار الفائدة في نهاية هذا العام بين 5.50 و5.75 في المائة، مع إبقاء احتمال رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى قبل نهاية العام لمعالجة التضخم.
وفي الوقت نفسه، رفعوا توقعاتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل بمقدار نصف نقطة مئوية، ما يشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتوقع أن تظل أسعار الفائدة أعلى بكثير لفترة أطول.