النفط مرشح لارتفاع مشابه لقفزة مايو .. طلب قياسي صيني وتراجعات مبالغ فيها
استمرت تقلبات أسعار النفط الخام مع ميلها إلى الهبوط جراء مخاوف من تراجع الطلب بعد بيانات عن زيادة الإمدادات من الولايات المتحدة وتسجيل زيادة قوية في مخزونات النفط الأمريكية.
وتستمر السوق في ترقب الاجتماع الوزاري الموسع لتحالف "أوبك +" يوم 26 نوفمبر الجاري لتحديد سياسات الإنتاج في الربع الأول من العام المقبل بعد مراجعة أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات وتقييم المخاوف المتعلقة بالتباطؤ الاقتصادي وأيضا المخاطر الجيوسياسية.
ويقول لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن المعنويات الصعودية هيمنت على السوق منذ شهر سبتمبر الماضي، حيث كانت السوق تركز على تخفيضات إمدادات "أوبك +"، وأعقب ذلك معنويات هبوطية في الجزء الأخير من أكتوبر الماضي، مشيرين إلى أن "أوبك" تثق بشدة في أن الطلب لا يزال قويا، كما أن الأساسيات لا تزال داعمة أيضا مع احتمال أن تشهد السوق عجزا في العرض خلال الفترة المتبقية من هذا العام.
وذكروا أن الوضع الهبوطي لتجار النفط في الأسابيع الأخيرة أدى إلى عمليات بيع واسعة في السوق، حيث قلل المضاربون من رهاناتهم الصعودية وسط تجدد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي والطلب على النفط.
ولفتوا إلى تراجع المراكز الصعودية لمديري الصناديق في العقود الآجلة للنفط الخام الأكثر تداولا، برنت وغرب تكساس الوسيط، إلى أدنى مستوى لها منذ أربعة أشهر الأسبوع الماضي متوقعين تمديد خفض الإنتاج السعودي الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا - أو على الأقل جزء منه - إلى 2024.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا، المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن تمديد التخفيضات مطروح بقوة على مائدة البحث في الاجتماع المقبل لوزراء الطاقة في تحالف "أوبك +"، وذلك بالنظر إلى الانخفاض الموسمي في الطلب على النفط في الربع الأول من أي عام بسبب صيانة المصافي، لذا قد يكون من الممكن تمديد التخفيضات الإضافية في العرض.
ونوه إلى تأكيد "أوبك" أن تحرك السوق للأسفل في الأيام الماضية كان مبالغا فيه، وأن الطلب قوي بما في ذلك الطلب القياسي المرتفع في الصين، مشيرا إلى تأكيد هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة "أوبك" الأسبوع الماضي أن الاقتصاد "لا يزال في حالة جيدة" على الرغم من التحديات وأنه متفائل بشأن الطلب العالمي على النفط قبل أيام من اجتماع وزراء منتجي النفط في تحالف "أوبك+" يوم 26 نوفمبر لاتخاذ قرار رئيس بشأن سياسة الإنتاج.
من جهته، يرى أندرو موريس، مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات أن التقلبات السعرية مستمرة كصفة رئيسة في السوق، موضحا أن بنك ستاندرد تشارترد أوضح أن أسواق النفط قد تسجل قريبا ارتفاعا كبيرا مشابها للارتفاع الذي حدث في مايو الماضي.
وذكر أنه في الأسبوع الماضي سجلت أسعار النفط تراجعها الأسبوعي الثالث على التوالي لتنخفض إلى أدنى مستوى لها منذ منتصف يوليو الماضي مع استمرار المخاوف بشأن الطلب لتحل محل المخاوف من انقطاع الإنتاج المرتبط بالصراع في الشرق الأوسط، كما شهدت أسواق النفط تحولا في المعنويات مع انخفاض كبير في عمليات الشراء للمضاربة، ما أدى أيضا إلى الضغط على الأسعار.
بدوره، ذكر أندريه يانييف، المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة أن أسعار النفط الخام استقرت نسبيا مع تبدد المخاوف بشأن انقطاع الإمدادات في الشرق الأوسط، وكذلك تقلص المخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي كبير، خاصة في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن تحسن بيانات التضخم الأمريكي دعم أسعار النفط الخام، حيث سجلت إحصائيات أكتوبر الماضي أول انخفاض خلال أربعة أشهر إلى 3.2 في المائة.
وأشار إلى أن وكالة الطاقة الدولية سعت إلى تهدئة المخاوف بشأن الإمدادات بالقول إن سوق النفط ستكون أقل شحا مما كانت تخشى في وقت سابق في الربع الرابع بفضل ارتفاع الإنتاج العالمي، كما نشرت الوكالة أيضا أخبارا متفائلة بشأن الطلب على النفط في تقريرها الأخير عن سوق النفط، قائلة إنه سينمو هذا العام والعام المقبل على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي على نطاق واسع.
من ناحيتها، تقول ويني اكيللو، المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج" الدولية إنه مع استمرار تجاوز الطلب للإمدادات المتاحة مع اقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، ستظل مخزونات السوق عرضة للمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة ولمزيد من التقلبات في المستقبل.
وأشارت إلى تحول أسعار النفط الخام (العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط) نحو الانخفاض الأربعاء، حيث انخفضت بأكثر من 2 في المائة، وقد تشتد ضغوط البيع في الأيام المقبلة، لافتة إلى تقارير دولية تتوقع أن يتباطأ نمو الطلب على المنتجات النفطية في الصين إلى 516 ألف برميل يوميا في 2024 من 819 ألف برميل يوميا في 2023، نتيجة انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.8 في المائة في 2024 (من 5.4 في المائة إلى 2023).
من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط، خلال تعاملات أمس، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الثانية على التوالي، وسط مخاوف من تراجع الطلب.
ويأتي ذلك بعد أن أسهمت إشارات إلى زيادة الإمدادات من الولايات المتحدة في مواجهة مخاوف بشأن الطلب الضعيف على الطاقة من الصين، إذ قفزت مخزونات النفط الأمريكية بمقدار 17.5 مليون برميل في الأسبوعين الماضيين (حتى 10 نوفمبر)، ليصل الإجمالي إلى 439.4 مليون برميل.
وبحلول الساعة 06:49 صباحا بتوقيت جرينتش (09:49 صباحا بتوقيت مكة المكرمة)، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم يناير 2024، بنسبة 0.37 في المائة، إلى 80.88 دولار للبرميل. وفي الوقت نفسه، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، تسليم ديسمبر 2023، بنسبة 0.50 في المائة، إلى 76.28 دولار للبرميل.
يجري تداول عقد خام غرب تكساس الوسيط للشهر الأول دون سعر الشهر الثاني، وهو ما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون ارتفاع أسعار النفط، إذ تم تداول خصم الشهر الأول للشهر الثاني بسعر ناقص 17 سنتا الخميس.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 84.86 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 85.47 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب عدة ارتفاعات سابقة، وأن السلة خسرت أقل من دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 84.27 دولار للبرميل.