بريطانيا "بلد المليون حفرة" تتكبد فاتورة باهظة تتجاوز 17.6 مليار دولار لإصلاح الطرق
تنتشر حفر من مختلف الأشكال والأحجام على طرق بريطانيا، في مشكلة مزمنة تكلّف كثيرا من المال وحتى الأرواح، وسط تقاعس رسمي عن الحلّ بسبب نقص الاستثمارات.
وبحسب تقرير صادر عن هيئة "أسفالت إنداستري ألاينس" للمتخصصين في القطاع، سيتطلب الأمر 14 مليار جنيه إسترليني (17.64 مليار دولار) لإجراء الإصلاحات المتراكمة في الطرق.
ويُقدّر عدد هذه الفتحات في الطرق، التي تتشكل في فصل الشتاء عندما تتسرب المياه إلى الشقوق ثم تتجمد وتفجّر الغطاء الاسفلتي، بنحو مليون حفرة، بحسب شركة الإصلاح والمساعدة على الطرق "آر أيه سي" rac.
هذه الحفر التي ترمز إلى تدهور البنية التحتية في المملكة المتحدة، تثير غضب سائقي السيارات مثل مارك موريل. هذا الناشط المتحمس البالغ 63 عاماً جعل من هذه المسألة قضيته، إلى درجة أنه بات يُلقّب بـ"مستر بوتهول" "السيد حُفر" واكتسب شهرة من خلال خطوات دعائية مثيرة.
وقد وضع موريل، البارع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بطات مطاطية في حفرة لإظهار الحاجة إلى التدخل، وملأ أخرى بالمعكرونة سريعة التحضير، وركِب دبابة برتقالية إلى البرلمان في لندن.
ويعزو موريل الحالة "المروعة" للطرق البريطانية إلى "نقص الاستثمار من جانب الحكومات المتعاقبة".
ويدعو إلى اتباع سياسة طويلة الأمد لتجديد الطرق وصيانتها، لتجنب عودة الحفر عند أدنى موجة صقيع.
ودفع العدد الكبير من أنواع الحفر بمنظمة "آر أيه سي" إلى إطلاق تسميات عليها: بدءا بالـ"الكاتراز"، وهي حفر كبيرة جداً لدرجة أنه من المستحيل الإفلات منها، أو الـ"سنايبر" "القناص" التي لا يمكن رؤيتها وتتشكل في نقاط لا يتوقعها السائقون، مروراً بالـ"أليغيتور" "التمساح"، أو الـ"كانيون" "الوادي".
وقد أحصى "أوتوموبايل أسوسييشن" (اتحاد السيارات البريطاني - أيه أيه)، اللاعب الرئيس في مجال إصلاح الطرق، ما يقرب من 632 ألف حادث مرتبط بالحفر في 2023، في أعلى مستوى منذ خمسة أعوام.
وفي المجمل، كلفت الأضرار المتأتية عن الحفر سائقي السيارات البريطانيين 474 مليون جنيه إسترليني (597 مليون دولار) العام الماضي، بحسب تقديرات "أيه أيه".
وبعد التخلي عن مشروع مكلف لسكك الحديد، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الخريف الماضي أن الحكومة ستخصص 8.3 مليار جنيه إسترليني (10.46 مليار دولار) للسلطات المحلية التي يناط بها إجراء عمليات صيانة الطرق، لكنها تواجه في كثير من الأحيان أوضاعا مالية صعبة للغاية.
لكن "التمويل يمتد على أكثر من 10 أعوام، ويقولون إنه يكفي لتجديد 8000 كيلومتر من الطرق، فيما لا يمثل ذلك سوى 2 % من الشبكة"، في حين أن 20 % من الطرق تحتاج إلى تجديد أو أعمال كبيرة، وفق مارك موريل.
وخاض هذا الفني السابق هذه المعركة قبل 11 عاماً حول حفرة خطيرة في الطريق قرب قريته حينما كانت ابنته تتعلم القيادة.
ويتوقع موريل أن تكون الحفر من بين القضايا الخمس الكبرى في انتخابات هذا العام.
مارك موريل ليس الوحيد الذي كرّس إبداعه في العمل من أجل القضية: ففي إسيكس (جنوب شرق)، أنشأ أحد السكان مشروع صور باستخدام ألعاب وشخصيات "بلايموبيل"، وحتى وحش بحيرة لوخ نيس.
قبل عامين، تم تصوير المغني رود ستيوارت، حاملاً مجرفة بيده، وهو يسد بنفسه حفراً في الطريق قال إنها تسببت في ثقب سيارة إسعاف ومنع سيارته من نوع "فيراري" من المرور.
وفي 2015 في مانشستر، عمد شخص يدعى "وانكسي" - في إشارة إلى فنان الشارع بانكسي - إلى رسم خطوط على الطريق حول الحفر لإجبار السلطات المحلية على القيام بالإصلاحات اللازمة.