العمر فى كتاب الله
العمر فى كتاب الله
معنى العمر:
العمر هو الحياة إلى أجل مسمى والمقصود :
إن كل مخلوق يعيش فترة ثم يموت فى الموعد المحدد وهو الأجل المسمى كما قال سبحانه :
"اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى"
لكل مخلوق أجل :
بين الله أن كل المخلوقات لها عمر محدود والمقصود حياة تنتهى فى موعد معروف له وحده حيث قال :
" لكل أجل كتاب"
وقال فى وجود أعمار للمخلوقات كالشمس والقمر :
"وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"
منع الخلود عن البشر :
منع الله عن البشر الخلود وهو الحياة المستمرة بلا انقطاع ومن ثم لا يوجد أحد حى من الأزمنة القديمة كما يشاع عن الخضر وإلياس وغيرهم فكل الرسل(ص) وغيرهم ممن زعم الناس بقاءهم قبل عهد الرسول الخاتم (ص) ماتوا قبل وجوده كما قال سبحانه :
" وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون"
خلود إبليس :
خلد الله إبليس والمقصود وعده ألا يموت قبل يوم القيامة وهذا بالطبع ليس بناء على طلبه الذى حكاه الله فى العديد من السور ومنها قوله سبحانه :
"قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ"
وقال أيضا:
" قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ"
ولكن لأن الله قضى فى كتابه المبين أن إبليس لا يموت إلا يوم البعث ومن ثم تطابق الطلب مع المكتوب ومن ثم أخبره الله أنه باق إلى يوم البعث
وتحديد موته فى يوم القيامة هو تحديد ليس قاطع بمعنى :
أن لم يخبره بالساعة والدقيقة التى يموت فيها ويوم القيامة ليس يوم بمقاييس الخلق وإنما يوم مقداره خمسين ألف سنة حيث قال سبحانه :
"مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)"
ومن ثم هذا ليس تعريف بزمن الموت لأن لا أحد يعرف مقدار عمره ولا يغرنك روايات كاذبة كرواية طول عمر آدم(ص) وعمر داود (ص) وهو رواية لم ينطق بها النبى الخاتم(ص) لتعارضها مع عدم العلم بالغيب واتهامها آدم(ص)بتهم شنيعة
عجيبة العمر:
العمر هو الشىء الوحيد تقريبا الذى ينقص ولا يزداد بينما الأشياء الأخرى تزيد وتنقص بينما العمر ينقص وفى المعنى قال سبحانه :
" وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ"
تسجيل العمر :
بين الله أن العمر وهو حياة الإنسان بما فيها من أعمال قولية أو فعليه كلها مسجلة فى كتاب صاحب العمر الذى يتسلمه فى القيامة كدليل على ايمانه أو كفره وفى المعنى قال سبحانه :
" وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ"
طول الأعمار :
بين الله أن الأقوام السابقة على عهد خاتم النبيين(ص) أعمارها كانت طويلة بمعنى أنهم بلغوا مئات السنين
وفى المعنى قال سبحانه :
"بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ"
وقال أيضا:
"وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ "
وعليه وجدنا أن عمر دعوة نوح(ص)كان ألف سنة إلا خمسين سنة = 950 سنة وهو ما يعنى أن عمره زاد عن الألف سنة فهناك فترة ما قبل الدعوة وفترة ما بعد غرق قومه حيث أنشأ مع المؤمنين دول العدل فى عهده
وفى هذا قال سبحانه :
"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ"
تقسيم العمر :
قسم الله عمر من يطول بهم العمر إلى مراحل هى :
الأجنة فى الأرحام وهى مرحلة الحمل
الطفولة
الأشد وهو الشباب
الشيخوخة وهى مرحلة العجز
أرذل العمر وهو ما اسماه الله نكس العمر بمعنى :
اعادة الإنسان فى كبره إلى مرحلة الطفولة عكسيا وهى عملية رد للطفولة حيث لا يقدر على التحكم فى البول والبراز ولا يقدر على تغطية نفسه أو اللبس أو الأكل أو الشرب دون أن يسقيه أحد أو يطعمه وبالتدريج يفقد القدرة على الكلام حتى لا ينطق أى شىء فى أواخر أيامه كالطفل الوليد وهو ما أسموه حاليا :
الزهايمر
وهو ليس مرض كما يزعم الناس وإنما حالة يمر بها البعض ليس اختبارا لهم لأنهم لا يعلمون شيئا وإنما اختبار لأهلهم هل يصبرون عليهم كما صبروا هم عليهم فى طفولتهم أم يدعونهم فى حالة سوء ويعصون أمر الله ببر الوالدين
وفى هذا قال سبحانه :
" ومن نعمره ننكسه فى الخلق "
وقد ذكرت المراحل حيث قال سبحانه :
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا"
وقال أيضا :
"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ"
تأخير الأجل :
هناك فهم لتأخير الأجل بأن الله يطيل عمر الإنسان ولكن معناه الحقيقى :
الموت فى اللحظة وهى الموعد الذى حدده الله من قبل دون تقديم أو تأخير ونجد فى هذا كثير من الآيات مثل :
قوله سبحانه :
"قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى "
وأيضا قوله :
"وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ"
وقال أيضا:
"وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا"
وقال أيضا:
"يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"
وقد بين الله سبب إماتة الناس فى آجالهم وليس قبلها وهو تنفيذ كلمته السابقة وهى ما نسميه القدر أو القضاء والقدر حيث قال سبحانه :
"وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُم"
أعمار ما قبل خاتم النبيين(ص) وأعمار من بعده :
اختلفت أعمار الناس قبل وجود خاتم النبيين(ص) فى الطول عن أعمار الناس فيما بعده فقد طالت أعمار الأقوام قبله فقد أعطى الله الأقوام السابقة الآيات وهى المعجزات الظاهرة لكى يؤمنوا برسلهم مثل الناقة والعصا وشق البحر واحياء الموتى ولكنهم كذبوا بها ثم منعها فى عهد خاتم النبيين(ص) وما بعده حيث قال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ومن ثم طول العمر أو قصره يؤدى إلى نفس النتيجة وهى تكذيب أكثر الناس لرسالات الرسل(ص)وإيمان القلة
طول العمر لا يمنع العذاب :
بين الله أن اليهود وبعض الكفار يحبون أن تطول أعمارهم والمقصود :
أن يزيد الله سنى حياتهم عن الأجل المحدد
والسبب هو :
ظنهم أن زيادة العمر تجعل الله ينسى تعالى عن ذلك علوا كبير :
أن يعذبهم على ذنوبهم
ولكن الله سبحانه لا ينسى وسوف يحاسبهم على ما عملوا سواء كانت أعمارهم بلغت الألف أم لم تبلغ
وفى المعنى قال سبحانه :
"وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ "
الأعمار لا تطول بأعمال البر:
من الخرافات التى حرصت بعض الروايات على تضليل الناس فيها :
أن العمر يطول ببر الوالدين وغيره من الأعمال الصالحة وهو كلام كما سبق القول يتعارض مع الموت فى نفس الأجل وهو الموعد المحدد كما قال نوح (ص)لقومه :
" إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"
فالعمر لا يتقدم موعد الموت ولا يتأخر عنه كما قال سبحانه :
"فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ"
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|