هو صاحب نظرية فصل السلطات الذي تعتمده حالية العديد من الدساتير عبر العالم.
في عام 1748، نشر كتابا عنوانه روح القوانين ولكن بدون الإعلان عن اسمه كاتبا لهذا الكتاب. استقبل هذا الكتاب جيدا في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، حيث أثر في الآباء المؤسسين للولايات المتحدة أثناء كتابتهم للدستور الأمريكي وهو من أَشهر فلاسفة عصر التنوير والحداثة.
سيرته
ولد مونتسكيو في قصر «شاتو دو لا بريد» جنوب غرب فرنسا على بعد 25 كيلومترًا جنوب بوردو. كان والده، جاك دي ريند (1654-1713)، جنديًا من أصل نبيل عريق، وأحد أحفاد ريتشارد دي لابول من أسرة يورك المطالب بالتاج الملكي البريطاني. أما والدته، ماري فرانسواز دي بيسنل (1665-1696)، التي توفيت عندما كان تشارلز في السابعة من عمره، فقد كانت وريثة حملت لقب «بارونة لا بريد» لعائلة سيكوندانت. أرسل بعد وفاة أمه إلى الكلية الكاثوليكية في جويلي، وهي مدرسة شهيرة لأبناء النبلاء الفرنسيين، حيث بقي فيها بين عامي 1700 و1711. توفي والده سنة 1713 وصار تحت وصاية عمه بارون مونتسكيو. أصبح مستشارًا في برلمان بوردو في عام 1714. في السنة التالية، تزوج من البروتستانتية جين دي لارتيغ، التي أنجبت له ثلاثة أبناء. توفي البارون في عام 1716 تاركًا ثروته ولقبه ومنصبه في برلمان بوردو، وهو منصب كان سيشغله لمدة اثنتي عشرة سنة.
كانت الحياة خلال فترة نشوء مونتسكيو تمر بقدر كبير من التغيير الحكومي. أعلنت إنجلترا عن نفسها نظامًا ملكيًا دستوريًا الثورة المجيدة (1688-1689)، وضمت اسكتلندا في قانون الاتحاد مع اسكتلندا لعام 1706 لتشكيل المملكة البريطانية العظمى. في فرنسا، مات لويس الرابع عشر الذي حكم فرنسا فترة طويلة في سنة 1715 وخلفه لويس الخامس عشر البالغ من العمر خمس سنوات. كان لتلك التحولات الوطنية تأثير عظيم على مونتسكيو وأشار إليهم تكرارًا في أعماله.
انسحب مونتسكيو من ممارسة مهنة المحاماة ليكرس نفسه للدراسة والكتابة. حقق نجاحًا أدبيًا روايته الرسائلية «رسائل فارسية» سنة 1721، وهي هجاء يمثل المجتمع كما يرى من خلال أعين اثنين من الزوار الفارسيين الخياليين إلى باريس وأوروبا، وينتقد باقتدار سخافات المجتمع الفرنسي المعاصر. مر العمل بأربع طبعات في غضون سنة، ولكن الرواج الذي لقيه العمل سرعان ما انقضى. في سنة 1722، ذهب إلى باريس ودخل دوائر النشر الملكية بمساعدة دوق بيرويك الذي كان يعرفه عندما كان بيرويك حاكمًا عسكريًا في بوردو. تعرف على السياسي الإنجليزي فيسكونت بولينجبروك، الذي أدرجت آراؤه السياسية في وقت لاحق في تحليل مونتسكيو للدستور الإنجليزي. إلا أنه أعفي من عضويته في الأكاديمية الفرنسية نظرًا لعدم سكنه في فرنسا، وفي عام 1726 باع مكتبه بسبب استيائه نظرًا لكون من هم أدنى منه فكريًا صاروا أعلى شأنًا منه وحصدوا ثروات طائلة، الأمر الذي ساهم في إعادة تشكيل ثروته المتضائلة. في آخر الأمر قدم بعض التنازلات، بما فيها الإقامة في باريس، وقبل في الأكاديمية في يناير سنة 1728.
في أبريل سنة 1728، بدأ مونتسكيو جولة كبيرة في أوروبا برفقة لورد والدغريف، ابن أخ بيرويك، دون خلالها يوميات رحلته. شملت سفرياته النمسا والمجر وقضى سنة في إيطاليا. زار إنجلترا في نهاية شهر أكتوبر سنة 1729 برفقة اللورد تشيسترفيلد، حيث أصبح ماسونيًا، متقدمًا إلى منظمة «هورن تافيرن لودج» في ويستمنستر. بقي في إنجلترا حتى ربيع سنة 1731 عندما على إلى لا بريد. كان يبدو للناظر إليه كأنه سيد إقطاعي، إذ أجرى تعديلات على حديقته على النمط الإنجليزي، وأجرى تحقيقًا حول نسبه، وأكّد على حقوقه السيادية. إلا أنه كان منكبًا على العمل في مكتبه، وأصبحت تأملاته في الجغرافيا والقوانين والأعراف التي جمعها خلال أسفاره، المصادر الأساسية لأعماله الكبرى في الفلسفة السياسية وقتئذ. كان عمله التالي «نظرات في أسباب عظمة الرومان وسقوطهم» سنة 1734 الأكثر شهرة بين كتبه الثلاث. يعتبر بعض المفكرين هذا الكتاب انتقالًا من «رسائل فارسية» إلى كتابه الرئيسي «روح القوانين»، الذي نشر في الأصل دون ذكر اسمه عام 1748 وترجم إلى اللغة الإنكليزية عام 1750. سرعان ما ارتقى الكتاب إلى مستوى التأثير العميق على الفكر السياسي في كل من أوروبا وأميركا. لم يلق الكتاب إقبالًا حسنًا في فرنسًا سواء من معارضي أو داعمي النظام الحاكم. حظرت الكنيسة الكاثوليكية الكتاب، إلى جانب كثير من أعمال مونتسكيو الأخرى، في سنة 1751 وأدرجته في دليل الكتب المحرمة. حظي العمل بقدر كبير من الثناء في بقية أنحاء أوروبا، خصوصًا بريطانيا.