ثلاث دعوات مستجابات
أما بعد:
فموعدنا اليوم وكماهي العادة، وفي نصفِ ساعةٍ تقريبًا مع ثلاثة أصنافٍ من النَّاس ضمن سلسلةِ ثلاثيات، وممَّا لا شك فيه أنَّ المخلوق في حاجةٍ ملحة، بل في ضرورةٍ ماسَّةٍ إلى ربه، لا يستغني عنه طرفةَ عين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
وإنَّ مِن أجَلِّ العبادات وأفضل القربات: الإقبال على اللهِ بالدعاءِ، والتضرع بين يديه سبحانه وتعالى، وتحرِّي الأحوال التي تُرجى فيها إجابةُ الدعوات.
وقد جاء في السنَّةِ النبوية المطهرة على صاحبها أفضلُ الصلاة وأتمُ التسليم - بيانٌ لثلاثِ دعواتٍ مستجابات، ولأجْل ذلكم سنحطُ رحالنا اليوم ضمن سلسلةِ ثلاثيات عند هذه الثلاث الدعوات المستجابة، ففي الحديث الذي رواه أبو داود عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ".
نعم، يذكرُ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثُ دعوات، وتأملوا شدةَ الوصف حين وصفهنَّ بقوله: (بأنهنَّ مستجابات)، ثم أكَّد ذلك بقوله: لا شك فيهن!
وهذه الأوصاف من النبي صلى الله عليه وسلم تدل على جلالةِ هذه الدعوات وعظيمِ شأنها، فيا تُرى ما هذه الثلاثُ الدعوات المستجابات؟!
ولماذا استحق هؤلاء أن تُجاب دعواتهم؟!
تعالوا معي سريعًا أحبتي الكرام لنتعرف سويًّا على هذه الثلاث الدعوات، ونتعرف كذلك على أصحابها، أمَّا أولُ الدعوات التي وصفها رسـول الله بأنَّها مستجابةٌ لا شك فيها، فهي (دعوةُ الوالد)، فهي من الدعواتِ المستجابات سواء أدعا عليه أم دعا له.
الأمرُ الذي يُوجبُ الحرصَ على برِّ الوالدين والحذرِ من عقوقهما؛ إذ حقُّهما أعظمُ الحقوق بعد حقِّ اللهِ عز وجل، قال تعالى في آيةِ الحقوقِ العشرة: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].
فجعل الله حقَّ الوالدين بعد حقِّه سبحانه؛ لأنهما السببُ المباشرُ في وجودنا، بل إنَّ كان الوالدان يأمران بالشركِ الذي هو أكبر الذنوب، فإنَّ الله يأمر بالإحسان إليهما؛ يقول تعالى: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15].
ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين مقدمًا على الجهادِ في سبيلِ الله، ففي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله، قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله).
وفي صحيح مسلم أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله، قال: فهل من والديك أحدٌ حي؟! قال: نعم بل كلاهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فتبتغي الأجر من الله؟! قال الرجل: نعم، قال: فارجِع إلى والديك، فأحسن صحبتهما، وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد، ولهذا أولُ الدعوات المستجابات التي لا شك فيهنَّ دعوةُ الوالد، وكم عاش أولادٌ في شقاءٍ وضنك بسبب دعوةٍ والدهم عليهم، وكم افتقر أولاد بعد غنى بسبب دعوة والدهم عليهم، وكم عاش أبناء همومًا ومشاكلَ ومصائبَ وويلات بسبب دعوة والدهم عليهم، وكم من أبناءٍ انقلبت حياتهم رأسًا على عقب من الفقر إلى الغنى، ومن الذل إلى العز، ومن الضعف إلى القوة بسبب دعوةٍ سرت لهم في الضياء من والدهم نسوها لكن لم ينساها الواحد الديَّان..
ولهذا من مات عنه والده وهو راضٍ عنه، فليبشر بالخير، فليبشر بالحياة السعيدة الهانئة الرغيدة، فليُبشر بما يسرُّه في دنياه وآخرته، أما من مات عنه والده وهو ساخطٌ عنه، فليرجع إلى ربه وليطلب العفو منه أولًا، ثمَّ ليقُم بحق والديه بعد مماتهم، لعله يكفِّر عن تقصيره بحقهم عند حياتهم.
أحبتي الكرام، أمَّا الدعوةُ الثانية من الدعواتِ المستجابات التي لا شك فيها فهي:
(دعوةُ المسافر):
المسافر هو الذي فارَق وطنه، فيكون مسافرًا حتى يرجع إليه، ودعوة المسافر دعوة محتاج في الغالب، والإنسان إذا احتاج ودعا ربه، أوشك أن يُستجاب له؛ لأن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المضطر ودعوة المحتاج أكثر مما يستجيب لغيرهما.
فالمسافر إذا دعا الله عز وجل أن ييسر سفره، أو يعينه عليه، أو غير ذلك من الدعوات، فإن الله تعالى يستجيب له، ولذا ينبغي للمسافر أن يغتنم فرصة الدعاء في السفر، وإذا كان السفر سفر طاعة كعمرة وحج، فإنه يزداد ذلك قوةً في إجابة الدعاء، ففي مسند أحمد وغيره: عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ: «يَا أَخِي لاَ تَنْسَنَا مِنْ دُعَائِكَ».
وَقَالَ بَعْدُ فِي الْمَدِينَةِ: «يَا أَخِي أَشْرِكْنَا فِي دُعَائِكَ»، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أُحَبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ: «يَا أَخِي».
والمسافر في سفره تُرجى إجابة دعوته، وكلما كان السفر أطولَ وأشقَّ، كانت الإجابة أرجى؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51].
وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ».
وفي هذا الحديث من الفوائد أنَّ استعمال المال الحرام مانعٌ من موانعِ إجابة الدعاء.
الدعوةُ الثالثة من الدعواتِ المستجابات: (دعوةُ المظلوم):
دعوةُ المظلوم وما أدراك ما دعوةُ المظلوم؟ ليس بينها وبين الله حجاب! الظلمُ ذنبٌ عظيم ومرتع وخيم، وكم من دعوةِ مظلوم ارتفعت إلى الله والظالم في غفلةٍ عنها، فاستجاب اللهُ لها، وكما روى مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِى صَوْتًا: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ».
فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ"، وفي المتفق عليه عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].
وفي صحيح البخاري أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولى له على عملٍ من أعمال المسلمين، فقال له: اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ.
بل إن الله تكفَّل بنُصرة المظلوم، وإجابة دعوته، ولو طال الزمن؛ قال صلى الله عليه وسلم كما أخرج ذلك الترمذي: دعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتُفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنَّك ولو بعد حين.
فسبحان الله كم بكت في تنعُّم الظالم عينُ أرملة، وكم احترق كبدُ يتيم، وكم جرت دمعةُ مسكين، وقد يستهزئ البعض من كثرة دعواتِ المظلوم على الظالم واستبطاء الإجابة.
ولهؤلاء نقول:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه
وما تدري ما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ
ولكن لها أمدٌ وللأمد انقضاء
فدعوة المظلوم سلاحٌ على الظالمِ لا يُبقِي وإن طالَ الدهرُ؛ قال صلى الله عليه وسلم لمُعاذ بن جبلٍ رضي الله عنه حين بعثَه إلى اليمن: (واتَّقِ دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ).
بنى جبار من الجبابرة قصرًا وشيَّده، فجاءت عجوز فقيرة، فبنت إلى جانبه كوخًا تأوي إليه فركِب الجبار يومًا وطاف حول القصر، فرأى الكوخ فقال: لمن هذا؟ قيل: لامرأةٍ فقيرة تأوي إليه، فأمر به فهُدم، فجاءت العجوز فرأته مهدومًا، فقالت: مَن هدَمه، فقيل: الملك رآه فهدَمه، فرفعت العجوز رأسها إلى السماء، وقالت: يا رب، إذا لم أكُن أنا حاضرة، فأين كنت أنت؟ قال: فأمر الله جبريل أن يقلِّب القصر على مَن فيه، فقلَب عاليه سافله.
أقول ما سمعتم، واستغفروا الله لي ولكم ويا فوز المستغفرين...
الخطبة الثانية أمَّا بعد، فأحدثكم اليوم عن سلاحٍ لا يجاريه أيُّ سلاح، إنَّه سلاحُ الدعاء، وعن ثلاثِ دعواتٍ مستجابات لا شك فيهنَّ دعوةُ الوالد ودعوةُ المسافر ودعوةُ المظلوم، وقد يسأل سائلٌ عن العلاقة التي جمعت بين الوالد والمسافر والمظلوم في هذا الحديث بأنَّهم من مجابي الدعوة؟ والجواب هو لأن نفوس هؤلاء الثلاثة:
الوالد والمسافرُ والمظلوم، نجدها منكسرةٌ لله، فالوالدُ قد يَكسرُ قلبه ولدٌ عاق وقد يوجع فؤاده ابنٌ ناكرٌ للجميل، ناكرٌ للمعروف والفضل، قد نسي حق والديه وأنكر أُبوَّتهم، أمَّا المسافر فقد كسرته الغربةُ والبعدُ عن الأهلِ والوطن، والمظلوم كسره الظلمُ الذي وقع عليه، فهو ضعيفٌ مستضعفٌ وحقه ذاهب، إذًا الله يستجيب في أحوالِ الانكسار، وفي أحوالِ الضعف، وفي أحوالِ إظهار الافتقار، وفي أحوالِ الشدة، والدعاء ليس مجرد عبادة لإشباعِ الروح فقط، بل هو وسيلةٌ للتغييِر من حالٍ إلى حال، وسيلة للتغيير من البلاءِ إلى العافية، ومن الهزيمةِ إلى النصر، ومن الفقر إلى الغنى، ومن المنعِ إلى العطاء، ومن السخطِ إلى الرضا، ومن اليأسِ إلى الأمل، ومن العجزِ إلى النشاط، ومن الفشلِ إلى النجاح، ومن الفوائد والعبر التي يمكن أن نستلهمها ونستخلصها من هذا الحديث النبوي: أنَّ على المسلم أن يسعى لتحققِ دعائه وإجابته من الله تعالى، وأن يبتعد عن ظلمِ الآخرين حتى لا تُصيبه دعوتهم، كما على المسلم أن يعلم أنَّ برَّ الوالدين فريضة، وعقوقهما من الكبائر، ودعاؤهما على أولادهما الكبار مستجاب، وليحذر الأبناء غضب الوالدين، وعلى المسافر أن يدعو ربَّه؛ لأنه قد يفارق الأحباب، وقد لا يعود إليهم، وأن يدعو لمن خلَّفهم بالخير، فسفره الظاهري شبيه بالسفر من هذه الدنيا، وتعميمًا للفائدةِ واستجلابًا للخير، فقد بيَّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الدعوات المستجابات، التي يجبُ على المسلمِ أن يَفطنَ إليها، ويدعو بها، ليَجنيَ ثمارها، ومن هذه الدعوات المستجابات:
دعوةُ الصائم عند فطره، ودعوةُ الإمامَ العادل، ففي الحديث الذي رواة الترمذي وصححه الألباني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ».
• ومن الدعوات المستجابات دعوةُ المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، ففي الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ».
ومن الدعوات المستجابات دعوةُ الولد الصالح؛ للحديث الذي رواه مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ، فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ».
ومن الدعوات المستجابات دعوةُ المضطر؛ لقول الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62].
ومن الدعوات المستجابات عند نزول المطر والتقاء الجيوش وإقامةِ الصلاة، ففي الحديث الذي حسَّنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة يقول علية الصلاة والسلام: (اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة ونزول المطر)..
ومن الدعوات المستجابات دعاءُ آخرِ ساعةٍ من يوم الجمعة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: (فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه الله إياه).
وكما أخرج أبو داود من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يوم الجمعة ثنتا عشرة يريد ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله شيئًا إلا أتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر).
• ومن الدعوات المستجابات دعوةُ من بات طاهرًا على ذكر الله؛ للحديث الذي رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا، فَيَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
• ومن الدعوات المستجابات دعوةُ من دعا بدعوة ذي النون نبيُّ الله يونس عليه السلام؛ للحديث رواه الترمذي وصحَّحه الألباني عَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ»..
• ومن الدعوات المستجابات دعوةُ الحاج والمعتمر والغازي في سبيل الله؛ لحديث الذي رواه ابن ماجه وحسَّنه الألباني عن ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ، وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ»..
هذا غيضٌ من فيضٍ، وقطرةٌ من بحر لبعضٍ يسيرٍ من الدعوات المستجابات، والمقام لا يكفي لذكرها وسردها وشرحها جميعًا..
أترك لكم البحث عنها في بطون المجلدات والكتب، أو البحث عنها في شبكات التوصل الاجتماعي ممَّا ثَبَتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم...
اللهم انفَعنا بما علَّمتنا، وعلِّمنا ما ينفعنا، وزِدنا علمًا، وأدخِلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|