مناقشة لخطبة يأجوج ومأجوج
هذه الخطبة تتناول موضوع اختلط فيه الحابل بالنابل كما يقال وهو :
يأجوج ومأجوج ورغم أن الخطيب قال أنه سيتناول الموضوع من القرآن والسنة الصحيحة إلا أن معظم الخطبة مبنى على الروايات التى تكذب كتاب الله ولم ينطق بها النبى(ص)
بالطبع اختصرنا الخطبة الطويلة حيث ركزنا على الكلام الذى يتحدث عن الموضوع مباشرة دون التطرق للزيادات والتطويلات التى لا علاقة لها بالموضوع
تناول الخطيب معنى اسم القومين في اللغة حيث قال :
"أولاً : تأصيل لغوى شرعى مختصر:
.. وقال المحققون من أهل اللغة نقلا عن ابن منظور فى لسان العرب وغيره قالوا :
يأجوج ومأجوج إسمان أعجميان مشتقان من أجيج النار أى من التهابها ومن الماء الأجاج وهو الشديد الملوحة والحرارة .
فشبَّهوهم بالنار المضطرمة المتأججة وبالمياه الحارة المحرقة المتموجة لكثرة تقلبهم ، واضطرابهم ، وتخريبهم ، وإفسادهم فى الأرض .
هذا هو التأصيل اللغوى الذى لابد منه بداية حتى لا نطلق لخيالنا العنان لنلهث وراء الخرافات والأساطير والأوهام ."
بالطبع ما قاله الخطيب هو مجرد استنتاج بلا دليل من المعنى اللغوى المتصل بلهب النار وملوحة الماء وأسماء الأقوام في كتاب الله إما هى اسماء لكبار القوم مثل فرعون وتبع وإما أسماء لمعبوداتهم مثل أصحاب الأيكة وإما نسبة للرسل كقوم لوط(ص)
وتناول الخطيب ما أسماه بعث النار حيث قال:
"ثانياً : بعث النار ففى الصحيحين من حديث أبى سعيد الخدرى أن النبى (ص)قال : (( يقول الله يوم القيامة يا آدم فيقول آدم لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول الله جل وعلا : أَخْرِج بعث النار فيقول آدم (ص): وما بعث النار يا رب ، فيقول الملك : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى جهنم ، وواحد إلى الجنة )) فشق ذلك على أصحاب النبى المختار ، وفى رواية فيأس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة ، وفى رواية فبكى أصحاب الرسول وقالوا : يا رسول الله وأينا ذلك الواحد فقال المصطفى
( أبشروا ! أبشروا ! فمن يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد )) ثم قال المصطفى (ص):
(( والذى نفسى بيده إنى لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة )) فكبرنا .
قال : (( والذى نفسى بيده إنى لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة )) فكبرنا .
فقال المصطفى (ص)فى الثالثة : (( والله لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة )) .
وذلك قول الله جل وعلا :
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكمْ أمَّةً وَسَطًا لِتَكونوا شهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكونَ الرَّسول عَلَيْكمْ شَهِيدًا } "
والرواية لم يقلها النبى(ص) لتكذيبها كتاب الله فالرواية غلطها خروج ناس من النار بعد دخولهم فيهاوهو يعارض ان من يدخل النار لا يخرج منها أبدا كما قال سبحانه:
"وما هم بخارجين من النار "
وقال أيضا:
"وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم تكذبون "
كما يتعارض مع أن الله أمن المسلمين وهم المؤمنين من أى عذاب في القيامة حيث قال سبحانه :
"لا يحزنهم الفزع الأكبر "
وقال أيضا :
"وهم من فزع يومئذ آمنون "
ثالثاً : ذو القرنين ويأجوج ومأجوج وفى هذه الجزئية ذكر الخطيب الحكاية في القرآن وكل ما تحدث عنه هو إقامة السد وكل ما ذكر في القصة هو فساد القوم حيث قال سبحانه فيهم على لسام القوم المضارين منهم :
" إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض "
وتناول الكذبة الكبرى وهى خروج يأجوج ومأجوج يوم القيامة من وراء السد حيث قال :
رابعاً : خروجهم بين يدى الساعة فى صحيح البخارى من حديث زينب بنت جحش " أن النبى (ص)دخل عليها يوما فزعا وهو يقول (( لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه )) وحلق بأصبعه السبابة والإبهام فقالت زينب بنت جحش : يا رسول الله أَنهلِك وفينا الصالحون فقال المصطفى (ص)
( نعم إذا كَثرَ الخبث )) يهلك الصالح والطالح ويبعث الله الصالحين والطالحين على نياتهم .
وتدبر معى هذا الحديث :الذى رواه أحمد والترمذى وابن ماجة وابن حبان والحاكم فى المستدرك وصحح الحاكم الحديث على شرط الشيخين وأقر الحاكم الذهبى والألبانى فى السلسلة من حديث أبى هريرة أن الصادق المصدوق الذى لا ينطق عن الهوى قال : (( إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قالوا : ارجعوا فستحفرونه غداً فيرجعون فيعد الله السد أشد مما كان ، حتى إذا أراد الله أن يبعثهم خرجوا يحفرون السد فقال الذى عليهم إذا ما رأوا شعاع الشمس ارجعوا وستحفروه غدا إن شاء الله تعالى فيعودون فيرون السد كهيئته التى تركوه عليها فيحفرونه ويخرجون )) وفى رواية مسلم فى حديث النواس بن سمعان (( فيمرون على بحيرة طبرية فإذا مَرَّ أوائل يأجوج ومأجوج شربوا ماء البحيرة كله فإذا مر آخرهم قال : لقد كان فى هذه البحيره ماء )) . فيخرجون فيخاف الناس ويتحصنون منهم فى الحصون ، يتركون لهم الشوارع والطرقات لا قدرة لأحد بقتالهم كما سأذكر فى رواية النواس بن سمعان قال المصطفى (ص): (( يا عيسى إنى قد بعثت قوما ( أى يأجوج ومأجوج ) لا يدان لأحد بقتالهم ( أى لا طاقة لأحد بقتالهم ) فحرز عبادى إلى الطور أى اجمع عبادى من المؤمنين إلى جبل الطور فى سيناء )) ويتحصن الناس منهم فى حصونهم فيقول يأجوج ومأجوج لقد قتلنا أهل الأرض تعالوا لنقتل أهل السماء . خامساً: عيسى بن مريم والدعاء المستجاب
ينزل الله تعالى عيسى (ص)كما فى حديث النَّواس بن سمعان الذى رواه مسلم قال المصطفى : (( فبينما هو كذلك ( أى الدجال) إذ أنزل الله عز وجل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين أى ثوبين مصبوغين واضعاً كَفَّيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ )) إذا رفع نبى الله عيسى رأسه تقطر منها الماء كحبات اللؤلؤ الأبيض . يقول المصطفى (ص)(( فيطلب عيسى بن مريم الدجال حتى يدركه بباب لدّ (مدينة بفلسطين) )) فيقتل عيسى بن مريم الدجال عليه لعنة الله
(( ثم يأتى عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويبشرهم بدرجاتهم فى الجنة فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إنى قد أخرجت عباداً لى لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادى إلى الطور )) ( أى لا طاقة ولا قدرة لأحد بقتالهم ) يقول المصطقى (ص): (( ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون )) ينتشرون ، يغطون وجه الأرض من فوق المرتفعات والجبال .
فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مَّرةً ماء ويحصر نبى الله عيسى (ص)وأصحابه فيرغب نبى الله عيسى وأصحابه أن يتضرعوا إلى الله عز وجل أن يهلك يأجوج ومأجوج فيستجيب الله دعاء عيسى وأصحابه من أمة النبى محمد (ص).
اسمع ماذا قال المصطفى (ص): (( فيرسل الله على يأجوج ومأجوج النغف )) النغف : هو الدود الصغير .
تدبر قدرة الملك وعظمة الملك ، والله ما أحوج الأمة إلى أن تمتلئ قلوبها يقينا بقدرة الملك جل جلاله .
ما أحوجنا إلى أن نتعرف على عظمة الله وعلى جلال الله ، وعلى قوة الله ، وعلى قدرة الله ، فإن أمر الله بين الكاف والنون . فيرسل الله عليهم النغف أى الدود الصغير فى رقابهم فيهلكهم الحق جل وعلا فيقول المصطفى (ص): (( فيصبحون فرسى ( أى قتلى ) كموت نفس واحدة )) فى رواية (( يطلب نبى الله عيسى واحداً من هؤلاء المتحصنين الخائفين أن يخرج وأن يبذل نفسه ليرى ماذا فعل يأجوج ومأجوج فى الأرض فيخرج وهو مستعد للقتل والهلاك فيرى هذه الكرامة والمعجزة والآية فيرجع لنبى الله عيسى وينادى عليه وعلى أصحابه : أبشروا لقد أهلك الله يأجوج ومأجوج )) يقول المصطفى (ص): (( ثم يهبط نبى الله عيسى مع أصحابه فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم ( الزهم : الدهن والشحم ) لا يقوى الناس على هذه الرائحة الكريهة النتنة . فيرغب نبى الله عيسى وأصحابه إلى الله أن يطهر الأرض من هذه النتن ، فيرسل الله عز وجل طيراً كأعناق البخت (أى كرقاب الإبل) فتحملهم فتطرحهم حيثما شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلَقَة (أى تصبح الأرض كالمرآة فى صفائها ونقائها ) وحينئذ يقال للأرض أنبتى ثمرتك وردِّى بركتك )). يقول المصطفى (ص): (( فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة تأخذ الناس تحت آباطهم فتقبض هذه الريح روح كل مؤمن ومسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فى الأرض تهارج الحمر (أى الحمير) وعليهم تقوم الساعة )) ."
وكل هذه الروايات لم يقل منها النبى اى شىء لأنها تعارض وتكذب كتاب الله في التالى :
أولا أن كل من عاش قبل الرسول الخاتم(ص) مات قبله وهو معنى قوله سبحانه :
" وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد "
فكل الرواية معناها خلود يأجوج ومأجوج حتى القيامة
ثانيا أن من نجوا من الهلاك الإلهى شعب واحد فقط هم قوم يونس (ص)كما قال سبحانه :
""فلولا كانت قرية أمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين"
وفى هلاك وهو انتقام الله من كل الأقوام السابقة قال سبحانه :
"ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا"
ثالثا أن النبى(ص) لا يعلم الغيب ومن هذه الأمور التى هى أحداث مستقبلية مع انها غير موجودة وفى هذا قال سبحانه على لسانه :
" ولا أعلم الغيب "
وأما الخروج المذكور ليأجوج ومأجوج فهو خروج دنيوى قبل اهلاكهم حيث استمروا في فسادهم وخرجوا من وراء السد فاهلكهم الله بعقاب من عنده كما فعل الله مع الذين من قبلهم حيث قال :
"كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب"
وأما كونهم من علامات القيامة فكلام لم يقله النبى(ص) ومن ذلك ما نسبوه إليه وهو رواية حذيفة بن أُسَيد الغفارى حيث قال : اطلع علينا النبى صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
( ما تذاكرون )) ؟ فقالوا : نذكر الساعة ، قال المصطفى : (( إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ))
بالطبع وجود علامات قبل القيامة تكذيب لمجيئها بغتة والمقصود فجأة فما له علامات لا يكون مفاجئا وفى هذا قال سبحانه :
" يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت فى السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة"
ضف على هذا أن الدخان حدث في ايام الرسول(ص) كما قال سبحانه :
"بل هم فى شك يلعبون فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون"
فالرسول الخاتم(ص) مرتقب للدخان بينما هو أساسا قبل يوم القيامة ميت لأنه مات قبلنا فكيف ينتظر شىء يحدث بعده موته؟
المنتظر ينتظر شىء يحدث في حياته
عضويتي 
مناقشة لخطبة يأجوج ومأجوج
العرض العادي
