القاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير
وهي القاعدة الثالثة من القواعد الخمس الكبرى: (المشقة تجلب التيسير)[1].
المشقة: التعب والعَناء.
التيسير: السهولة.
معنى القاعدة: الأحكام التي ينشأ عن تطبيقها حرجٌ على المكلف، ومشقة في نفسه، أو ماله؛ فالشريعة تخفِّف في تلك الأحكام.
دليل القاعدة:
من القرآن:
1 - قوله تعالى: ï´؟ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ï´¾ [البقرة: 185].
2 - قوله تعالى: ï´؟ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ï´¾ [البقرة: 286].
3 - قوله تعالى: ï´؟ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ï´¾ [البقرة: 286].
4 - قوله تعالى: ï´؟ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ï´¾ [النساء: 28].
5 - قوله تعالى: ï´؟ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ï´¾ [الحج: 78].
من الحديث:
1 - أن أبا هريرة، قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعثتم ميسِّرين، ولم تبعثوا معسِّرين))[2].
2 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((ألا إن الله قد فرض فرائض، وسنَّ سننًا، وحدَّ حدودًا، وأحل حلالًا، وحرم حرامًا، وشرَع الدين فجعله سهلًا سمحًا واسعًا، ولم يجعله ضيقًا))[3].
3 - عن عائشة - رضي الله عنها -: ما خُيِّر النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه"[4].
4 - قوله صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرِهوا عليه))[5].
5 - عن أبي أمامة، قال صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثت بالحنيفية السمحة))[6]؛ أي: السهلة.
6 - عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا))[7].
7 - قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء))[8].
القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة:
1 - الأمر إذا ضاق اتسع.
2 - إذا اتسع الأمر ضاق.
3 - الضرورات تبيح المحظورات.
4 - ما أبيح للضرورة يقدَّرُ بقدرها.
5 - ما جاز لعُذر بطَل بزواله.
6 - الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامةً كانت أو خاصةً.
7 - الاضطرار لا يبطل حق الغير.
8 - إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل.
الأمثلة على القاعدة:
تخرج جميع رخص الشرع وتخفيفاته من قاعدة: "المشقة تجلب التيسير"، وقد وضح الشارع للرخص أسبابًا.
وأسباب الرخص سبعة:
1 - السفر 2 - المرض 3 - الإكراه 4 - النسيان 5 - الجهل 6 - العسر وعموم البلوى 7 - النقص.
1 - السفر:
إذا سافر 4/1، 77 كيلو مترًا يجوز له قصر الصلاة، والمسح ثلاثة أيام، والفِطر في نهار رمضان، فإذا خرج عن المِصر، ولم يسافر سفرًا شرعيًّا، يجوز له ترك الجمعة والجماعة، والعيدين، والتنفل على الدابة.
2 - المرض:
يجوز للمريض التيمم، إذا خاف على نفسه، أو على عضوه، أو خاف أن يطول مرضه، واشتداده، والقعود في صلاة الفرض والاضطجاع فيها، والفطر في نهار رمضان.
3 - الإكراه:
يجوز النطق بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب عند الإكراه، ولو لم ينطق فمات فهو مأجور، وكذلك أكل وشرب ما حرم الله عند الإكراه.
4 - النسيان:
لو أكل وشرب ناسيًا في الصوم، فليس عليه القضاء، بل يتم صومه؛ فإنه طعام وشراب أطعمه الله وسقاه.
5 - الجهل:
لا يعتبر عذرًا في حق صاحب الهوى، والباغي، والمخالف في اجتهاده الكتابَ والسنة المشهورة والإجماع، نعم لو كان في دار الحرب ولم يعلم أحكام الشرع يعذر إن شرب الخمر، أو فعل ما حرم الله تعالى.
والجهالة تؤثر فيما بين العبد وربه، أما بين العباد فيخفف، ولا يسقط حق الغير، فلو أطلق رصاصًا ظنًّا منه أنه صيد، وكان إنسانًا، فتلزمه الديَة، وصارت خفيفة؛ لأنه جهل، والجهل عذر.
6 - العُسر وعموم البلوى:
يعتبر العُسر وعموم البلوى في أمر ليس فيه نص من الشرع؛ كمس المصحف للصبيان للتعلم، والصلاة مع النجاسة المعفو عنها، ونجاسة المعذور تصيب ثيابه.
7 - النقص:
المراد به النقص في العقل؛ كالصبي والمجنون، لم يكلف الله تعالى الصبي والمجنون بالعبادات؛ لنقصان عقلهما، وفوض أمر أموالها إلى وليهما، فيجوز تصرفاتهما فيما فيه العرف لمثلهما؛ لأن العادة محكمة، أما الممنوع فهو البيع والشراء والتصرف الذي لا يباشره مثلهما.
كيفية تخفيفات الشرع سبعة:
1 - تخفيف إسقاط 2 - تخفيف تنقيص 3 - تخفيف إبدال 4 - تخفيف تقديم 5 - تخفيف تأخير 6 - تخفيف اضطرار 7 - تخفيف تغيير.
1 - تخفيف إسقاط:
إسقاط الصلاة من الحائض، والنفساء، والمغمى عليه أكثر من يوم وليلة، وعدم وجوب الحج إن لم يكن الطريق آمنًا، وعلى المرأة إن لم يكن معها محرَم.
2 - تخفيف تنقيص:
نقص العبادة: القصر، والقعود، والاضطجاع، والإيماء في الصلاة.
3 - تخفيف إبدال:
التيمم مكان الوضوء والغُسل، والقعود والاضطجاع مكان القيام، والإطعام للصيام عند عدم القدرة للشيخ الفاني.
4 - تخفيف تقديم:
الجمع بعرفات بين الظهر والعصر، وتقديم الزكاة على الحول.
5 - تخفيف تأخير:
تأخير صيام رمضان للمسافر، والحائض، والنفساء، والمريض، وتأخير الصلاة لمن اشتغل بإنقاذ غريق، أو مريض يخشى عليه الموت.
6 - تخفيف اضطرار:
أكل الميتة، والنظر إلى عورة المريض للضرورة.
7 - تخفيف تغيير:
مثل تبدل طريقة أداء الصلاة عند الخوف.
[1] شرح مجلة الأحكام: 18، الأشباه للسيوطي: 76، ابن نجيم: 74، الوجيز: 158، القواعد للندوي: 394.
[2] بخاري: 1/ 89.
[3] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1/ 172).
[4] صحيح البخاري (8/ 160).
[5] صحيح ابن حبان - محققًا (16/ 202).
[6] مسند أحمد: 5/ 366.
[7] البخاري: 1/ 38.
[8] مسلم بشرح النووي: 2/ 143، صحيح البخاري (3/ 31).
.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|