تضم محركات السيارات عدد كبير من القطع والأجزاء المتنوعة الثابتة، وإن كان بعضها يختلف حسب نوع وحجم المحرك، وكذلك الشركة المصنعة له، واليوم سنتعرف على واحد من أهم تلك الأجزاء وهي أعمدة موازنة المحرك (Engine Balancer Shafts).
ما هو معنى الموازنة؟
قبل التعرف على أعمدة الموازنة، يجب أن نعرف ما هي الموازنة في الأساس، وهنا يجب معرفة أنه أثناء اشتغال محرك الاحتراق الداخلي فإن آلية دوران عمود المرفق ( الكرنك ) سوف يتولّد عنها اهتزاز داخل كتلة الأسطوانات ( Cylinder Block ).
ولكي يتم تفادي هذا الاهتزاز لأقصى قدر ممكن، فإن تصميم عمود المرفق قد أضيفت له الثقالات والتي يطلق عليها ( ثقل الموازنة ) Counterweight، حيث يكون الغرض منه هو إخماد أو تحييد قوى القصور الذاتي لعمود المرفق والتي سوف ترتفع كنتيجة دوران عمود المرفق.
ولكن رغم وجود هذه المعالجة والتحوير والتطوير لشكل وتصميم عمود المرفق، فأن الاهتزاز يبقى موجود ولكن بنسب متفاوتة ومن محرك إلى آخر، ويدخل هنا جودة التصنيع والإتقان دور مهم في هذه العملية.
بعض مصنعي السيارات اعتمدوا عملية إخماد الإهتزاز في المحرك والاعتماد على آلية عمل كراسي المحرك وارتباطها بشاسيه السيارة والتي من خلالها يتم امتصاص بعض هذا الاهتزاز وتشتيته لكي نضمن أدنى درجة من الاهتزاز سواء للمحرك أو السيارة بشكل عام، بينما بعض الشركات الأخرى توجهت إلى آلية عمود التوازن ( Balance Shaft ).
كما هو الحال في أي محرك يكون التوازن مهماً خصوصا عند الدورات العالية للمحرك ( RPM ).
هناك مفهوم خاطئ شائع مفاده أن عمود التوازن يستخدم لموازنة المحرك بشكل مباشر في حين أنه أي عمود التوازن يخلق في الواقع اهتزاز لمواجهة الاهتزاز الناتج عن دوران عمود المرفق، ينتج عن ذلك موازنة وتعديل في الاهتزاز يؤدي إلى امتصاص الزخم وعكس قوة الاهتزاز وتصفيرها كالذي يحصل عند عمل بلنص ( ترصيص ) للكفرات ( إطارات السيارة ).
في المحرك رباعي الأشواط نلاحظ أن هنالك مكبسين يرتفعان معاً في حين أن هنالك مكبسين آخرين يخفضان معاً وفي نفس التوقيت، أي أن هنالك حركة تعاقبية ما بين المكابس، هذا التصميم في المحركات يتولّد عنه اهتزاز على السرعة الخاملة للمحرك.
الاهتزاز لا يعني بالضرورة أن المحرك غير متوازن، بل إنه كذلك في الواقع، وانما الاهتزاز يأتي في اللحظة التي تغير فيها المكابس اتجاهها صعوداً ونزولاً ينتج عنه صدمة طفيفة تشعر بها على هيئة اهتزاز في المحرك، ومع ارتفاع سرعة المحرك يرتفع تبعاً لذلك تواتر الصدمة ولا يتم الشعور بها بنفس القدر حيث يتم امتصاصه وتشتيته من خلال الحوامل ( كراسي المحرك ) والشاسيه.
أسباب إزالة عمود التوازن
واحد من أهم المشاكل الكبيرة المتعلقة عمود التوازن هي المتعلقة بالموثوقية، لأن أعمدة التوازن تدور بضعف دوران المحرك، وبالتالي فان محامل ( السبائك ) ( Bearings ) أعمدة التوازن سوف تتعرض لضربات شديدة، وكذلك فإنه من السهل نسبياً تجاوز قدرة محامل عمود التوازن على التعامل معها بمجرد أن تبدأ في زيادة حد سرعة الدوران، ناهيك عن أن عمود التوازن يمثل أيضاً حمولة أضافية على المحرك وكذلك يستنزف ضغط زيت المحرك لتغذية وتعزيز عمل شدّاد الجنزير ( Tensioner )، وتغذية محامل عمود التوازن بالزيت المطلوب.
ومن الوارد جدا أن يحصل تهشّم وكسر في مسننات بكرة عمود التوازن ليس لضعف عملية التزييت فحسب ولكن قد يعود الأمر كذلك لتعرّض أعمدة التوازن للضغط والحمل وعوامل الاستهلاك الطبيعية الناتجة عن ظروف الاشتغال الطويلة، لذلك فإن من المهم جداً حينما نسمع صوت طقطقة عالية صادرة من المحرك أن توقف عمل المحرك على الفور وفتح كرتير الزيت لاحتمال سقوط قطع معدنية مهشّمة من عمود التوازن داخل كرتير الزيت، وهذا له أثر مدمّر على المحرك بشكل عام في حال أدى ذلك إلى حصول انسداد في شخال ( مصفي ) مضخة الزيت او مصفي الزيت العام.
أن وجود عمود التوازن من عدمه لا يغيّر في أداء المحرك، أي أنه ليس له علاقة بزيادة كفاءة المحرك او يزيد من القدرة الحصانية، وإنما دوره فقط في تخفيف أو منع اهتزاز المحرك.
ولو قمنا بعمل مقارنة بسيطة ما بين محاسن ومساوئ عمود التوازن فإن كفة الترجيح سوف تكون من نصيب إلغاء عمل عمود التوازن نظراً التعقيد الحاصل في مكونات المحرك و تكلفة الصيانة الإضافية له والمشاكل الضرر المتوقع حدوثه عند فشله في أداء وظيفته.
ومن أجل جميع هذه العيوب فإننا نلاحظ أن شركات تصنيع السيارات و المحركات التي تعتمد عمل أعمدة التوازن قد وفرت قطع غيار بديلة عن عامود التوازن لكي يتم إلغاء وإزالة عمود التوازن من المحرك، وهذا ما أشرت إليه في بداية الموضوع في عبارة ( الموثوقية ).
هل جميع المحركات تتوفر فيها عمود التوازن ؟
أعمدة التوازن هي الأكثر شيوعا في الحركات المستقيمة ذات الأربع اسطوانات، وألتي نظراً لعدم تناسق تصميمها، فان لها اهتزاز متأصّل من الدرجة الثانية ( يهتز المحرك بمعدل ضعف عدد دورات المحرك في الدقيقة ).
هذا الاهتزاز لا يمكن التخلّص منه وبغض النظر عن مدى توازن المكونات الداخلية، ومع ذلك فإنه توجد محركات ذات الأربع أسطوانات ولا تحتاج إلى عمود التوازن مثل :
المحركات المسطّحة ذات الأربع أسطوانات ( الأفقية المتقابلة ) كما في الصورة أعلاه يميناً، والتي تشبه ( قبضة الملاكم )، مثل محركات فولكس فاجن و سوبارو، وكذلك المحركات ذات ألست أو الثمان أسطوانات والتي لا تحتاج كذلك إلى عمود التوازن لأنها متوازنة في الأصل ولا تحتاج إلى التعقيد الإضافي أو التكلفة أو فقدان الطاقة المرتبطة بأعمدة التوازن، حيث أن أعمدة التوازن تكلّف المحرك عدد من الأحصنة الضائعة.
سؤال: لماذا لا يحتاج محرك 6 – 8 أسطوانات أعمدة التوازن عكس بعض محركات 4 أسطوانات ؟؟
الجواب: مربط الفرس هو في حدوث خاصية التداخل ( Overlap ) ما بين حركة مكبس المحرك.
كيف:
في لمحرك ذو 4 أسطوانات ( دورة رباعية الأشواط ) فإن شوط القدرة للمكابس لا يحصل فيها التداخل، وهذا يعني أن، لإكمال دورة رباعية الأشواط يتوجّب أن يكمل كل مكبس شوط قدرته ويتوقف تماماً عن الحركة قبل أن يبدأ المكبس التالي بشوت قدرة جديد مما يؤدي إلى توقف مؤقّت لحظي بين كل شوط قدرة ونبضة تجهيز الطاقة اللازمة لحركة عمود المرفق.
في المحركات ذات المكابس المتعددة فإن أشواط القدرة تتداخل فيما بينها مما يساعدها على تجهيز طاقة أكثر سلاسة مع اهتزاز أقل مما لو كان المحرك ذو أربع أسطوانات.
ويشرح الفيديو التالي تفاصيل ذلك:
أعراض التدهور المبكر عمود التوازن:
1- خشونة واضطراب في السرعة الخاملة للمحرك
2- صوت قعقعة ( طقطقة ) وضجيج مكثّف خارج من المحرك
3- حصول ظاهرة فقد الإشعال ( Misfiring ) ( تفتفه ) وكذلك حصول خشونة في دوران المحرك قد يؤدي إلى انطفاء المحرك خصوصاً أثناء القيادة
4- إضاءة لمبة التحذير في الطبلون
ملاحظات مهمة:
1- فقد الإشعاع الناجم عن وجود خلل في عمود التوازن يحدث بسبب عدم ضبط التوقيتات بالشكل الصحيح كنتيجة انزلاق السير المتصل بكرة عمود التوازن بسبب الحمل الكبير الذي يتعرض له عمود التوازن
2- يتم استبدال عمود التوازن بعد كل ( 50000 ) ميل من الخدمة لأن تروس مسننات عمود التوازن تبدأ في هذه المرحلة بالتآكل
3- عامود التوازن على نوعين:
– عمود توازن يعمل بواسطة سير او جنزير
– عمود توازن يعمل بواسطة تعشيق ترس ( بكرة مسننة ) في عمود المرفق مع ترس أحد أعمدة التوازن