نساء رائدات
من حجرة إلى حجرة:
بدأ صلى الله عليه وسلم مهمته في الدعوة إلى الله من حجرة خديجة وانتهت مهمته في حجرة عائشة، في حجرة خديجة رضي الله عنها قال: زمِّلوني، دثِّروني، وفي حجرة عائشة قال صلى الله عليه وسلم: بل الرفيق الأعلى، في حجرة خديجة قال: لا راحة بعد اليوم، وهناك في حجرة عائشة قال لفاطمة: لا كرب على أبيك بعد اليوم.
إن الله يُقرئك السلام:
خديجة يُقرئها الله جل في علاه السلام وهي امرأة رضي الله عنها وأرضاها، كم من الرجال لم ينالوا شرف ما نالت، ترى كيف حازت هذه المرأة هذا الشرف العظيم؟ إنه بسبب جهدها لخدمة هذا الدين، كم خدمت هذه المرأة دينها؟ وكم لاقت في سبيل هذا الدين من البلاء؟ كم نصرت هذه المرأة هذا الدين؟ أنفقت ما تملِك لخدمة هذا الدين العظيم، فقد آزَرت النبي صلى الله عليه وسلم وواسته ودخلت الشِّعب معه صلى الله عليه وسلم زمن الحصار، فصارت عند الله عظيمة.
ضرب الله مثلًا:
بالمرأة ضرب الله مثلًا للذين آمنوا وبالمرأة أيضًا ضرب الله مثلًا للذين كفروا، هذه آسية بنت مزاحم زوجة حامل لواء أهل النار فرعون، ترى منزلها من الجنة، ويضرب الله بها المثل للذين آمنوا، ومريم بنت عمران البتول العذراء التي أحصنت فرجها، فأنجبت عيسى الوجيه في الدنيا والآخرة.
وزوجتا نوح ولوط لما خانتا زوجيهما في رسالتهما، ولم يكونا عونًا لهما، ضرب الله بهما مثلًا للذين كفروا.
أول شهداء الإسلام:
سُمية بنت خياط أم عمار وزوجة ياسر بن عامر، هي أول من نال شرف الشهادة في سبيل الله تعالى، نالت ذلك الشرف قبل أن يناله الرجال، قدمت أغلى ما تملِك، قدمت حياتها لهذا الدين ونصرته.
أم عمارة:
"من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة"، هكذا خاطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رأى بسالتها وشجاعتها وهو تذود عن حياض الدين، وتفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسها حينما فرَّ الكثير من الرجال، وانهزم المنافقون بثُلث الجيش، فمرة تكون عن يمينه ومرة تكون عن شماله، فمن يطيق من تطيقين يا أم عمارة.
أم حرام بنت ملحان:
أم حرام بنت ملحان أول غازية في البحر، وأول شهيدة على أرض قبرص، ولا يزال قبرها شاهدًا على ذلك إلى يومنا هذا، ترى ما الذي أخرج هذه المرأة تركب البحر وتخوض أهواله وأخطاره، وتتجشم المصاعب وتتحمل المشاق وهي امرأة كبيرة السن؟
إنه همُّ الدين ونُصرته، فقد كانوا رضي الله عنهم رجالًا ونساءً وصبيانًا يحملون هذا الهم وهذا الفكر؛ نصرةً لله ودينه، كيف لا وهم الذين تربَّوا على يد محمد صلى الله عليه وسلم، فحملوا الهمَّ الذي يحمله.
ما الذي يبكيها:
ترى ما الذي يبكي أم أيمن تلك المرأة العجوز التي كانت يومًا من الأيام جارية تباع وتُشترى؟
أبكتها تلك الآيات العطرات التي كانت تتنزل عليهم، فتُوجههم وتصحِّح مساراتهم، وتنير لهم الدروب، أبكاها انقطاع الوحي من السماء، كيف لا وكان ذلك الوحي بينهم يُبين ما يأمرهم به الرب، وما يحب أن يأتوه أو يذروه؟! كيف لا تبكي وقد مات محمد صلى الله عليه وسلم الذي انقطعت بموته تلك الحياة الطيبة المحفوفة بإطار الوحي؟! حُقَّ لها أن تبكي انقطاعَ الوحي من السماء!
الخنساء:
رغم بكائها على أخيها صخر في جاهليتها الذي استمر حتى بعد إسلامها، فإنها قد قابلتْ هذا البكاء بالفرح والحمد حين بلَغها نبأُ استشهاد أبنائها الأربعة يوم القادسية؛ لأنها أعدتهم لذلك اليوم، فقد أرادت نصر دينها بأغلى ما تملِك بفلذات كبدها، فهي تعلَم قيمة هذا الدين، وأنه لا يقدَّر بثمن، فقدَّمت مُهَجَها لنُصرته.
إنهنَّ تلك النسوة اللاتي ضربنَ أروع الأمثلة ليس للنساء فحسب، بل للرجال أيضًا.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|