من ورع النبي صلى الله عليه وسلم
عن أنس رضي الله عنه، قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة في الطريق، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها»[1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأنقلب إلى أهلي، فأجد التمرة ساقطة على فراشي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون من الصدقة فألقيها»[2].
وأخرج أبو داود: أن امرأة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام، فجاء وجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم أيديهم فأكلوا، فنظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه، ثم قال: «أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها» فقالت المرأة: يا رسول الله، إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة، فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة: أن أرسل إلي بها بثمنها، فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته، فأرسلت إليَّ بها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطعميه الأسارى»[3].
تلك نماذج من فعله صلى الله عليه وسلم في بيان الورع.
عندما يُترك الورع:
ما يزال الناس بخير ما دام هذا المعنى قائمًا في حياتهم، ينشأ عليه الصغير ويهرم فيه الكبير. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه: «يا أبا هريرة، كن ورعًا، تكن أعبد الناس»[4].
وأما عندما ينحسر هذا المعنى من حياتهم، وينحسر معه استعمال لفظ «الحلال» و«الحرام» فإنهم عندئذٍ واصلون إلى الزمن الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ليأتين على الناس زمان، لا يبالي المرء بما أخذ المال. أمن حلال أم من حرام»[5].
وإذا وصل الناس إلى هذا الزمن، فكيف يستجاب الدعاء؟.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [6] وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [7]. ثم ذكر الرجل. يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا ربّ، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟!»[8].
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|