الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فهذه طائفة من أقوال السلف في فوائد مُتفرِّقة، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
فائدة الإيمان بمعية الله سبحانه تعالى:
قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: إذا آمَن بأنَّ
الله معه؛ أي: عالمٌ به ومطَّلِع عليه، ورقيب على أعماله، فإنَّ ذلك يحمله على مراقبة الله، وعلى خوفِه، وعدم الخروج عن طاعته، وعدم ارتكاب شيء من معاصيه، ويحمله هذا على إصلاح الأعمال وعدم إفسادها، وعلى الإكثار من الحسنات والبُعْد عن السيئات، هذه فائدةُ الإيمان بالمعيَّة.
فائدة الإيمان بعظمة الله وقدرته وعلوِّه وفوقيته:
قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: والعبد إذا آمن بعظمة الله وقدرته وعلوِّه وفوقيته...أورثه ذلك فائدة عظيمة، وهي تعظيمه، والخوف منه، فإنه متى عظم قدْرَ ربِّه في قلبه خافه أشد الخوف، وراقبه واستحضر أنه يراه في كل وقت، فحمى نفسَه عن أن يقدم على معصيته؛ لأنه يراه، فيقول: كيف أُقْدِم على معصيته وهو يراني؟ كيف أفعل ما نهاني عنه؟ كيف أترك ما أمرني به؟ هذا من ثمرات الإيمان بهذه الصفات.
فوائد إفشاء السلام:
قال النووي رحمه الله: السلام أول أسباب التآلف، ومِفْتاح استجلاب المودَّة، وفي إفشائه تكمن أُلْفةُ المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميَّز لهم من غيرهم من أهل المِلَل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضُع، وإعظام حرمات المسلمين.
فوائد محبة المساكين:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: اعلم أن محبة المساكين لها فوائد كثيرة:
منها: أنها تُوجِب إخلاص العمل لله عز وجل؛ لأن الإحسان إليهم لمحبَّتِهم لا يكون إلا لله عز وجل؛ لأن نفعهم لا يُرجى غالبًا، فأمَّا من أحسن إليهم ليمدح بذلك، فما أحسن إليهم حبًّا لهم؛ بل حبًّا للدنيا، وطلبًا لمدحهم له بحب المساكين.
ومنها: أنها تزيل الكِبْر، فإن المستكبر لا يرضى مجالسة المساكين...ويمتنع بسبب هذا الكبر خير كثير جدًّا، فإن مجالس الذكر والعلم يقع فيها كثيرًا مجالسة المساكين، فإنهم أكثر هذه المجالس، فيمتنع المتكبِّر من هذه المجالس بتكبُّره.
ومنها: أن مجالسة المساكين تُوجِب رضا مَن يُجالسهم برزق الله عز وجل -وتعظم عنده نعمة الله عز وجل- عليه بنظره في الدنيا إلى مَن دونه، ومجالسة الأغنياء تُوجِب التسخُّط بالرِّزْق، ومدة العين إلى زينتهم وما هم فيه، وقد نهى الله عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال تعالى: ﴿
وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾
[طه: 131]، وكان عون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود يُجالِس الأغنياء فلا يزال في غمٍّ؛ لأنه يرى مَن هو أحسن منه لباسًا ومركبًا ومسكنًا ومطعمًا، فتركهم وجالَسَ المساكين فاستراح من ذلك.
ومنها: أنه يوجب صلاح القلب وخشوعه.
فوائد العبادات:
قال العلَّامة السعدي رحمه الله: مما أمر الله به الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج التي من فوائدها: انشراح الصدر ونوره، وزوال همومه وغمومه، ونشاط البدن وخِفَّته، ونور الوجه، وسعة الرزق، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفي الزكاة والصدقة ووجوه الإحسان: زكاة النفس، وتطهيرها، وزوال الوسخ والدرن عنها، ودفع حاجة أخيه المسلم، وزيادة بركة ماله ونماؤه، مع ما في هذه الأعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه، ومن حصول رضاه الذي هو أكبر من كل شيءٍ، وزوال سخطه.
فوائد أداء النوافل في البيوت:
قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: النوافل: الأفضل أن تكون في البيت،
وذلك فيه فوائد:
أولًا:أن يعمر البيت بذكر الله، ولا يخلو البيت من ذكر الله.
ثانيًا: أنه متى عمَّر البيت بالذكر فإنه يكون مطردة للشياطين ومأوًى للملائكة والخير.
ثالثًا:أنه يكون قدوةً حسنةً للزوجة، والصغار، ولأهله إذا رأوه يُكثِر من النوافل، اقتدوا به في هذه النوافل فأكثروا منها.
رابعًا:تعليم الأهل كيفية الصلاة، فقد يكون بعض الأولاد أو بعض النساء لا يحسن الصلاة...فإذا صلَّى وليُّ أمْرِهم أمامهم في البيت اقتدوا به، وتعلَّموا صفة الصلاة.
خامسًا: أن يكون أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء.
فوائد العزلة:
• قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: العزلة راحة من خلطاء السوء.
• قال طلحة بن عبيدالله: أقل عيب الرجل لزوم بيته.
• قال إسماعيل بن محمد: سمعت ابن إبراهيم يقول: "لو لم يكن في العزلة أكثر من أنك لا تجد أعوانًا على الغيبة لكفى.
• قال الفضيل بن عياض: مَن خالَطَ الناس لم يسلم من أحد اثنين: إمَّا أن يخوض معهم إذا خاضوا في الباطل، أو يسكت إن رأى منكرًا؛ فيأثم، وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوعيد وسوَّى في العقوبة بين مَنْ أتى المنكر، وبين مَنْ رآه، فلا يُغيِّره ولا يَأْباهُ.
• قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: الناس...مَن نأى عنهم سلموا منه، وسلم منهم؛ لما في مجالستهم من الخوض في الغيبة واللغو وأنواع اللغط.
• قال الإمام الخطابي رحمه الله:
من مناقب العزلة: أنها خالعة عنك ربقة ذل الآمال، وقاطعة رق الأطماع، ومعيدة عز اليأس من الناس، فإن من صحبهم وكان فيهم ومعهم، لم يكد يخلو من أن يُحدِّث نفسَه بنوع من الطمع فيهم، إمَّا في مال، أو جاه، والطمع فقر حاضر، وذل صاغر.
في العزلة السلامة من المأثم في المنكر يراه الإنسان فلا يُغيِّره، والأمان من غوائل أهله ومن عاديتهم إذا غيَّره، فقد أبى أكثر هذا الزمان قبول النصائح، ونصبوا العداوة لمن دعاهم إلى هدى، أو نهاهم عن ردى، فلو لم يكن في الوحدة والتباعُد منهم إلَّا السلامة من إثم المداهنة وخطر المكافحة، لكان في ذلك الربح الرابح والغنيمة الباردة.
فوائد المخالطة:
• قال الإمام الغزالي رحمه الله:
الفائدة الأولى: التعليم والتعلُّم وهما أعظم العبادات في الدنيا، ولا يُتصوَّر ذلك إلا بالمخالطة.
الفائدة الثانية: النفع والانتفاع، أما الانتفاع بالناس فبالكسب والمعاملة، وذلك لا يتأتَّى إلا بالمخالطة، وأما النفع فهو أن ينفع الناس إمَّا بماله، أو ببدنه فيقوم بحاجتهم على سبيل الحسبة، ففي النهوض بحوائج المسلمين ثواب، وذلك لا ينال إلا بالمخالطة.
الفائدة الثالثة: التأديب والتأدُّب، ونعني به الارتياض بمقاساة الناس، والمجاهدة في تحمُّل أذاهم كسرًا للنفس، وقهرًا للشهوات، وهي من الفوائد التي تستفاد بالمخالطة، وهي أفضل من العزلة في حق من لم تتهذَّب أخلاقه، ولم تذعن لحدود الشرع شهواته.
الفائدة الرابعة: الاستئناس والإيناس، وهو غرض من يحضر الولائم والدعوات ومواضع العشرة والإنس، وقد يكون ذلك على وجه حرام...أو على وجه مباح.
ويُستحَبُّ ذلك إذا كان الغرض منه ترويح القلب لتهيُّج دواعي النشاط في العبادة.
الفائدة الخامسة: في نيل الثواب وإنالته، أما النيل فبحضور الجنائز وعيادة المريض وحضور العيدين، وأما إنالته فهو أن يفتح الباب لتعوده الناس، أو ليُعزُّوه في المصائب، أو يُهنِّئوه على النِّعَم، فإنهم ينالون بذلك ثوابًا.
الفائدة السادسة: التواضُع، من أفضل المقامات، ولا يقدر عليه في الوحدة، وقد يكون الكبر سببًا في اختيار العزلة.
الفائدة السابعة: التجارب، فإنها تستفاد من المخالطة للخلق ومجاراة أحوالهم، والعقل الغريزي ليس كافيًا في تفهُّم مصالح الدين والدنيا، وإنما تفيدها التجربة والممارسة، ولا خير في عزلة من لم تُحنِّكْه التجارب.
فوائد تغطية الإناء:
قال الإمام النووي رحمه الله: ذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد،
منها: صيانته من الشيطان؛ فإن الشيطان لا يكشف غطاء.
الثانية: صيانته من الوباء الذي ينزل ليلة من السنة.
الثالثة: صيانته من النجاسة، والمقذرات.
الرابعة: صيانته من الحشرات، والهوامِّ.
فوائد التشميت:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن دقيق العيد: ومن فوائد التشميت: تحصيل المودَّة والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكِبْر، والحمل على التواضُع؛ لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلَّفين.
فائدة إيهام ساعة الاستجابة يوم الجمعة، وليلة القدر:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ليلة القدر،... وساعة الجمعة،...اشتركا في إخفاء كل منهما، ليقع الجد في طلبهما؛ قال ابن المنير في الحاشية: إذا علم أن فائدة الإيهام لهذه الساعة، ولليلة القدر، بعث الداعي على الإكثار من الصلاة، والدعاء، ولو بيَّن لاتَّكَل الناس على ذلك، وتركوا ما عداها، فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلبها.
فائدة الاستعاذة بالله تعالى:
قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الحاصل أن الاستعاذة بالله تعالى فيها الخير، وفيها الفائدة العظيمة؛ وذلك لأن الله تعالى إذا علم من عبده صدق اللجوء إليه، وعلم أنه ما استعاذ به إلا وقد عظم قدر ربِّه في قلبه، فعند ذلك يُعيذه، ويحميه، وينصره من المخاوف، وهذه فائدة كبيرة يحصلها العبد من آثار هذه الاستعاذة، فإذا أكثر من الاستعاذة من كل الشرور، سواء: أخلاق، أو أعمال، أو شرور المخلوقات المستقلة، فإن الله تعالى يُنجينا منها.
فضائل للصف الأول:
قال ابن حجر في الحضِّ على الصف الأول: المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق إلى دخول المسجد والقُرْب من الإمام واستماع قراءته والتعلُّم منه، والفتح عليه، والتبليغ عنه، والسلامة من اختراق المارَّة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكون قدامه.
منافع المرض:
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: المرض يصاب به العبد ليس شرًّا محضًا؛ بل فيه مصالح ومنافع أعظم،
ومن تلك المنافع:
الأمر الأول: تكفير الذنوب والسيئات: قال صلى الله عليه وسلم: ((ما يُصيبُ المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍّ ولا هَمٍّ ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّرَ اللهُ بها من خطاياه)).
الأمر الثاني: ظهور عبادة الصبر، وعبادة الصبر عبادة عظيمة الشأن، كما قال تعالى: ﴿
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
[الزمر: 10].
الأمر الثالث: ظهور عبودية الرِّضا بالله ربًّا، فنرضى عن الله أن قدَّر لنا المرض، ونعلم أنه لم يقدره علينا إلا لمصلحتنا، وأنه لا يريد بنا إعناتًا ولا سوءًا، ولا شرًّا، وإنما يريد بنا الخير والإحسان.
الأمر الرابع: أن تظهر عبودية فعل الأسباب لجلب التداوي بإذن الله إلى غير ذلك من العبادات في هذا.
منافع السِّواك:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: في السواك عدة منافع...يُطيبُ الفم، ويشدُّ اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويصح المعدة، ويُصفي الصوت، ويُعين على هضم الطعام، ويُسهِّل مجاري الكلام، ويُنشِّطُ للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويُرضي الربَّ، ويُعجبُ الملائكة، ويُكثِر الحسنات.
فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الالوكة